الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


2الحركة الأمازيغية: أسس المرجعية الفكرية والخطاب

محمد انعيسى

2006 / 12 / 11
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


ج ـ الحركة الأمازيغية وسؤال المرجعية الفكرية:
بداية نسمي المرجعية مجموعة من المبادىء والثوابت التي تنطلق منها حركة ما،وبالتالي فالمرجعية مفتوحة للتطور والاضافات والتجاوزان اقتضى الحال ذلك.ومادام هدف الحركة الامازيغية عموما هو تحرير الانسان المغربي من كل أشكال التبعية والاستلاب، فطبيعي ان تكون منظومة القيم الأمازيغية (قيم ثموزغا) هي المنطلق، بالاضافة طبعا الى مجموعة من القيم الأخرى التي راكمتها الانسانية ،وهذه القيم ما هي الا نتاج لتراكم وتطور الفكر الانساني عبر التاريخ .وعموما يمكن القول ان الحركة الامازيغية تجعل من الذات الامازيغية محورا ومنطلقا ،في حين تجعل من العالم موضوعا للدرس والتحليل، وهذا ما يجعلها تستفيد من عصارة الفكر البشري.
عكس مانجده عند الحركات الأخرى التي تنطلق من المطلق،فان الحركة الامازيغية لا تقدس أية منظومة فكرية ،باعتبار أن الفكر في تطور دائم،وبالتالي لا توجد اديولوجية صالحة لكل زمان ومكان،كاعتبار الماركسيين مثلا أن الفكر الماركسي هو قمة الفكر البشري، ليذهبوا الى تقديس الفكر المادي رغم أن الماركسية نفسها تؤمن بالتطور .كما يذهب الاسلامويون الى تقديس مرحلة من مراحل التاريخ،ليتبلور مفهوم العصر الذهبي عندهم.فالحركة الامازيغية تستند بالاساس الى معطيات الواقع وما يعيشه المجتمع مع الأخذ بعين الاعتبار مبادىء لها صلة مباشرة بالواقع.
ومن بين أهم المبادىء التي تؤطر فكر الحركة الأمازيغية نجد:مبدأ النسبية،العقلانية،الديموقراطية،الحداثة،المرجعية الكونية لحقوق الانسان... وسنحاول ماامكن أن نقف عند كل مبدأ بتفصيل.
ـ مبدأ النسبية:
النسبية عكس الاطلاقية،مصطلح يشير الى التعدد والاختلاف وبالتالي الى التغير والتطور،فما هو حق في نظرك قد يكون باطلا في نظر غيرك،وما يشير الى الحقيقة اليوم قد يكون في المستقبل عرضة للسخرية،ومبدأ النسبية هو المبدأ الذي يقر أن المقاييس والمعلومات السابقة تدخل بالضرورة في اعطاء حكمنا على الأمور،ومن الصعب أن يخرج عقل الانسان عن اطاره الفكري،اذ ان المعارف الموروثة تقف كعائق يحول دون تحرر الفكر.فاذا أردت مثلا أن تشرح لانسان ما ظاهرة معينة او فكرة ما عليك الا أن تعتمد في تفسيرك له على معطيات اعتاد عليها هذا الانسان والا ستكون عرضة للسخرية والاستهزاء نظرا لعدم الفهم لدى هذا الانسان،فكيف سيقبل عقل عادي مثلا أن العلماء قد توصلوا الى معرفة كتلة الأرض؟
فبمجرد ذكر الكتلة يذهب العقل مباشرة الى مكيال أو ميزان ويبدأ العقل في البحث والتنقيب عن هذا الميزان الذي يمكن أن توضع فيه الكرة الارضية من أجل معرفة كتلتها ،والحقيقة ان الانسان العادي بتفكيره هذا يعتمد على المعارف الموروثة لديه،ومن الصعب جدا ان توضح له العلاقات الفيزيائية التي اوصلت العلماء الى معرفة كتلة الارض.
والنسبية غالبا عندما تذكر ،يتم ربطها بألبير اينشتين،والحقيقة ان أينشتين ليس بمبدع النسبية بل انه يعتبر من بين الذين وضعوا قواعد دقيقة للنسبية خاصة اانسبية العامة والنسبية الخاصة في ميدان الفيزياء.أما النسبية كفكر عام كانت قد تبلورت قبل اينشتين بكثير ،ويكفي أن نذكر السفسطائيين ،سقراط، بالاضافة الى المفكرين والفلاسفة الذين شككوا في المعارف الموروثة،فسقراط مثلا قام بثورة كبرى عندما شكك في ألهة الاثينيين ،واعتبر الاثينيين سذجا لانهم يؤمنون بالاحجار كآلهة،كما ان السفسطائيين عندما رفعوا شعار الانسان هو معيار الحقيقة كانوا مؤمنين بمبدأ النسبية .
هكذا نصل الى ان النسبية هي المبدأ الذي يجعلنا لا نؤمن بالمطلق،بل تفتح فضاءا واسعا للعقل من اجل اكتشاف المجهول وفسح المجال للآخر المختلف عنا ن اجل الابداء بآرائه.
يقول اينشتين:(ان مشكلة العقل البشري هي انه يريد ان يخضع الكون كله للمقاييس التي اعتاد عليها في دنياه والمصيبة ان الانسان مؤمن بأن هذه المقاييس النسبية مطلقة وخالدة ويعدها من البديهيات التي لا يجوز الشك فيها.)
ومن المفاهيم التي كانت غامضة وكان للنسبية دور مهم في فهمها، نجد مفهوم الزمن الذي كان يعني تعاقب اللحظات،لياتي انشتين ليؤكد ان الزمن لم يكن غامضا بل ان المشكلة تكمن في عقول المفكرين الذين تناولوا مفهوم الزمن،وبالتالي كانوا عاجزين على الاجابة على سؤال جد مهم ألا وهو:متى بدأ الزمن ومتى ينتهي؟لان هولاء الفلاسفة والمفكرين اعتادوا على عدم طرح مثل هذه الاسئلة،ويذهب أينشتين الى ان الزمن يعتبر بعدا رابعا للكون ،ولا يقل اهمية عن الابعاد الثلاث التي تزودنا بفهم الكون،ويشير انشتين بوضوح الى ان الأب الحقيقي للنسبية هو نيوتن رغم ان فيزياء نيوتن انتقدها انشتين بشدة.
هكذا نخلص الى ان النسبية كان لها دور كبير في تقدم العلوم ،وانتقل مفهوم النسبية الى الحقول الاخرى ليشمل كافة العلوم فظهرت النسبية الثقافية بقيادة هيرسكوفيتش مثلا ،كما ظهرت علوم أخرى انسانية بالاساس تستند على مبدا النسبية .والنسبية اذن هي تقبل الرأي الآخر في حدود معقوليته ،وفتح المجال للتعدد والاحتلاف والتطور. والحركة الامازيغية باعتبارها حركة تؤمن بقيم النسبية افادت كثيرا المجتمع المغربي عندما رفعت شعارات من قبيل اعادة كتابة تاريخ المغرب، اعادة صياغة مفهوم الهوية، بالاضافة الى مجموعة من المطالب الأخرى التي كانت مطلقة لدى ما يسمى بالنخبة لتاتي الحركة الامازيغية وتشكك في وهذه الامور ،خاصة ما يتعلق بانتماء شمال افريقيا الى ما يسمى بالوطن العربي.ومبدأ النسبية يتمظهر بالاساس في فكر الحركة الامازيغية اذ أن هذه الاخيرة لا تقدس أية منظومة فكرية بل أعادت النظر في مجموعة من المفاهيم التي كانت بمثابة بديهيات ومطلقات لا يجوز الشك فيها.
الخلاصة ان النسبية عند الحركة الأمازيغية تعني اننا قادرون على فهم واقعنا بانفسنا ،كما اننا قادرون على طرح أفكار جديدة ربما قد تتجاوز الافكار القديمة التي يقدسها البعض،ومن سبقنا في التفكير ليس بالضرورة أفضل منا ،والنسبية هي الكفيلة بتطوير فكر مجتمعنا ،ومرجعيتنا مفتوحة للاضافات والتطور والتقدم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب