الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطير في خطاب نصر الله الاخير

درويش محمى

2006 / 12 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


المألوف والمعروف عن رجال الدين امتلاكهم لأدوات فن البلاغة والخطابة, والسيد حسن نصر الله لا يشكل استثناء من القاعدة, ويشهد للرجل القدرة الفائقة في التأثير على مستمعيه ومشاهديه, وشحذ هممهم واستنهاض طاقاتهم, الا انه لم يوفق في خطابه الاخير, لا شكلاً ولا مضموناً, وكان خطاباً مشوشاً مرتبكاً هشاً وغير مقنع, احتاج فيه الى لغة التخوين والتخويف والتبعية واتهام المخلصين من الوطنيين اللبنانين من قوى الاكثرية النيابية, وقوى »14 اذار«, الذين يشكلون مشاريعاً حية للشهادة في سبيل حرية لبنان واستقلاله, لجأ السيد حسن نصر الله الى تخوينهم, ليكون اكثر اقناعاً لسامعيه وجاذبية لمشاهديه.
ما استوقفني ولفت انتباهي في خطاب السيد الاخير, امران اثنان, قد لا يكون لهما القوة التفجيرية المباشرة نفسها كالتخوين والتهديد والوعيد, ولكن لهما دلالات وابعاد خطيرة جداً على مستقبل لبنان وأمنه وسلامته واستقراره وحتى وحدته.
الامر الاول الملفت للنظر في هذا الخطاب, الغياب التام لذكر المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري, وهو المطلب العادل الذي لا خلاف عليه ويحظى باجماع الاغلبية باستثناء القلة القليلة من اللبنانيين, ممن كان وما يزال ولاؤهم للجيران وليس للبنان, الذين يعتبرون النظام السوري مصدراً لرزقهم وقوتهم, كما ان مطلب المحكمة الدولية الذي يشكل مصدر قلق للمتهمين وخاصة النظام السوري, يشكل كذلك مصدر قلق حقيقي للحريصين على احقاق الحق ومعرفة الحقيقة, حتى اصبح هذا المطلب هدفاً محورياً للقوى الوطنية اللبنانية والمتمثلة بقوى »14 اذار« وحكومة السيد فؤاد السنيورة, وسبباً للخلاف القائم اليوم في لبنان والازمة السياسية والدستورية التي تعصف بالبلاد, تجاهل مثل هذا المطلب في هذا الخطاب المهم وفي هذه الفترة الحرجة, يعتبر بالاضافة الى كونه سبباً في رفع وتيرة عملية التصعيد ودفع الازمة اللبنانية الى الاسوأ, تأكيداً على الرأي القائل ان تحرك حزب الله وحلفائه, بالنزول الى الشارع هو لانقاذ الحليف السوري, عن طريق اسقاط حكومة السيد فؤاد السنيورة واسقاط المحكمة الدولية او تحسين شروطها واثارها على شكل يضمن البقاء للحليف المتهم"النظام السوري", كما ان التجاهل المتعمد لعدم ذكر المحكمة الدولية في خطابه لا يعتبر قطعاً مجرد هفوة عادية, لان السيد حسن لو صرح علناً وعلى الملأ بأنه يوافق على المحكمة الدولية, لأختصر الطريق ورد على قوى الاكثرية واثبت حسن نواياه, واثبت في الوقت نفسه حرصه على الحوار والوحدة والتضامن التي كررها اكثر من مرة في خطابه غير المؤثر والفضفاض, ولو فعلها السيد حسن نصر الله ونطق بالحق, لأخرج لبنان من المأزق الخطير الذي هو فيه, ولكن كما يبدو وما دام السيد فؤاد السنيورة يعتبر خائناً في قاموس السيد حسن نصر الله, فمن الممكن جداً ان يكون صديقه الرئيس رفيق الحريري خائناً ايضاً, ولما لا? وكما ان اسقاط الاول حلال وواجب, فلما لا يكون قتل الاخير له مبرراته ودوافعه المشروعة, ولما لا?
الامر الثاني والخطير جداً, هو اعلان السيد نصر الله, ان حزب الله سيتنازل لحلفائه في المعارضة عن مقاعده الوزارية في الحكومة المقبلة, في حال سقوط الحكومة الحالية او تشكيل حكومة وحدة "وطنية", والتي حشد من اجلها حزب الله كل الطاقات والامكانات "والقدرات البشرية" التي ملأت بيروت وساحاتها, لا اعتقد ان مثل هذا الموقف بعدم المشاركة في وزارة الحكومة القادمة, وسيلة دعائية ناجعة لحزب الله وامينه العام لكسب الرأي العام اللبناني والعربي وحسب, باظهار نفسه وحزبه من القوم الزاهدين, وهم يترفعون عن المناصب والمنافع, ولا هم لهم سوى النضال والجهاد من اجل اعلاء راية الامة والاسلام والعروبة فقط لاغير, ترفع حزب الله عن المشاركة في الحياة السياسية اللبنانية والتنازل عن المقاعد الوزارية لصالح حلفائه, ليس لوجه الله, ولكن لغاية في نفس يعقوب, ونفس السيد حسن نصر الله, فهي بداية وقبل كل شيء, تكتيك ناجح جداً من اجل جذب الكثير من الوصوليين لطرف المعارضة, طمعاً بالمقاعد الوزارية الوثيرة, ثم ان مثل هذا الموقف اشارة فاضحة لخطط حزب الله المستقبلية القادمة, على اساس القاعدة "لا اشارككم لبنان ولن اقبل ان تشاركوني جنوب لبنان", لكم الحكومة ووزاراتها ولي صواريخي وسيادتي على الجنوب, واذا خرجتم عن سلاح المقاومة سأنزل الى ساحات بيروت وأقلب الحكومة فوق رؤوسكم واحولها الى حكومة حليفة.
لبنان في محنة كبيرة, هوية لبنان البلد الديمقراطي العلماني الحر في خطر, لبنان واهل لبنان على المحك, والخطر على اشده, بأن يتحول الى دولة يملك فيها حزب الله الديني الثوروي مفاصل السياسة والقرار, ويجعل من لبنان منطلقاً لثورته العربية والاسلامية على غرار الثورة الاسلامية في ايران, وما يعني ذلك من احباط ويأس لطموحات شعوب المنطقة بأسرها في التحرر والديمقراطية والازدهار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ..هل يستجيب نتنياهو لدعوة غانتس تحديد رؤية واضحة للحرب و


.. وزارة الدفاع الروسية: الجيش يواصل تقدمه ويسيطر على بلدة ستار




.. -الناس جعانة-.. وسط الدمار وتحت وابل القصف.. فلسطيني يصنع ال


.. لقاء أميركي إيراني غير مباشر لتجنب التصعيد.. فهل يمكن إقناع




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - نحو 40 شهيدا في قصف إسرائيلي على غ