الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التوظيف السياسي للعلويين وأي مستقبل ينتظرهم ؟

كامل عباس

2024 / 5 / 26
مواضيع وابحاث سياسية



مقدمة
كل الوثائق تقريبا تصدر عن جهات معينة في زمان ومكان محددين , ولكن مع مرور الزمن تتكشف بعض الحقائق الجديدة لتجعل جوانب من هذه الوثائق غير صالحة لمقاربة الواقع الذي أفرزه التطور الاجتماعي , لذا يلزم أن يراجع أصحاب تلك الوثائق وثائقهم ويطوروها لتكون أقرب إلى التكيف مع الواقع الجديد .
إن وثيقة التوظيف السياسي للعلويين صدرت بتاريخ كانون أول 2013 عن لجنة اعلان دمشق في اللاذقية وتبنتها هيئة العمل الليبرالي في اللاذقية ونشرتها في كتابها الاستراتيجي (كيف نفهم الليبرالية) الصادر عام 2022 من الصفحة 68 حتى 84 مع ثلاثة وثائق غيرها .
تعتقد الهيئة وهي تعيد قراءة ماضيها من جديد ان تلك الوثيقة ما زالت صالحة للأخذ بها كما جاءت عن محنة العلويين في اللاذقية ولذا سننشرها كوثيقة إستراتيجية لنا كما أننا سنجري تعديلات عليها مستقبلا .
نرحب بأي مداخلة من القراء حول الموضوع كله علّه يفيدنا في صياغتها من جديد
هيئة العمل اللبرالي في اللاذقية أواخر أيار 2024
الوثيقة
ظهر الدين على مسرح التاريخ كمسألة روحية تقوم على تطهير الانسان من الداخل والانحياز الى الخير ضد الشر وللمظلومين ضد الظالمين, في زمن لم يكن عقل الانسان قادرا على تفسير الظواهر الطبيعية والاجتماعية, ومع تقدم العلم والمعرفة حل العقل محل الوحي, وهذا ما يفسر لنا لماذا كان محمدا آخر الأنبياء .
لقد جمع النبي محمد بحكمة بين الجانبين الديني والسياسي عندما أشرف على تنظيم أول عقد اجتماعي بين المسلمين واليهود والمشركين في وثيقة المدينة التي ضمت سبع وأربعين بندا مكتوبا كانت بمثابة دستور تعايشي ينظم الحياة بين المسلمين وغيرهم. لكن الصراع على السلطة ظهر بعد وفاته وقد أخذ شكلا عنيفا تسّبب بازهاق ارواح آلاف المسلمين بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان , وانتهى الصراع السياسي بين علي ومعاوية الى انتصار الثاني وتحّول أنصار الأول الى معارضة , وهكذا تبلور على اثر ذلك الصراع طائفتين سنية حاكمة وشيعية تطالب بحق مسلوب .
لم تسلك الدول الاسلامية التي قامت بعد ذلك الصراع سلوك نبيها في تنظيم حياة الناس استنادا الى وثائق تُنظم على الأرض , بل استند حكامها جميعا على حقهم الإلهي في تنظيم حياة الناس بمعزل عنهم, وقمعوا معارضيهم بشدة, مما دفع المقموعين الى طريق القلب بدلا من طريق العقل في تمثل الدين الاسلامي, فأنتج ذلك الطريق التصوف وتأويل المعتقدات بين باطن وظاهر , وولدت من رحم الاسلام طوائف لها عادات وتقاليد وطقوس مختلفة .
من هنا يجب النظر الى الطائفة العلوية كفرقة باطنية تتبع المذهب الجعفري الامامي في الاسلام وما فيها من عادات وطقوس وتعاليم باطنية تحجب عن المرأة وغير الراشدين , وتعاليم ظاهرية للجميع من أبناء الطائفة, اضافة الى مغالاتهم في حب إمامهم علي بن ابي طالب ورفعه الى مستوى القداسة وتفضيله على غيره من العالمين .
ان الطائفة العلوية في سوريا هي الطائفة الوحيدة التي لا تمتلك تشريعا مذهبيا خاصا بها, فكل المعاملات الخاصة بالزواج والملكية والارث تخضع للمذهب السني في سوريا , فهي ليست طائفة بالمعنى القانوني وليس فيها سلطة دينية جامعة وليس لمشايخها نفوذ سياسي على شبابها بل نفوذا روحيا فقط .
ا- العلويون تاريخيا واجتماعيا في سوريا :
أطلقت تسمية النصيرية على العلويين نسبة الى أكبر مرجع ديني اتبعوه بعد غيبة الامام الثاني عشر (المهدي) وهو ابو شعيب محمد بن نصير البصري النميري , وعندما هاجروا من أماكنهم في اليمن والعراق وسنجار الى جبال اللاذقية سميت هذه الجبال جبال النصيرية, وجبال اللاذقية ممتدة من عكار جنوبا الى طوروس شمالا, وكانت تعتبر بعرف الدول أنذاك منطقة نائية وعرة المسالك وفقيرة زراعيا وإنتاجها من الحبوب محدود قياسا بالسهول الداخلية مثل سهل حوران والجزيرة , والحبوب كانت ضرورية لتموين المدن والجيوش وما يرافقها من اعلاف لرواحلها من الجمال والخيل والبغال والحمير .
وفي القرن الثالث عشر قدم اليها عشائر من الغساسنة والتنوخيين وشاركوا في الصراع الى جانب العلويين في المنطقة ضد الاسماعليين . بعد الحرب العالمية الاولى وتقاسم تركة الرجل المريض بين الدول المنتصرة اعتمدت فرنسا في احتلالها لسوريا على الأقليات من اجل السيطرة عليها , ودخل قسم كبير من أبناء العلويين الى الجيش الفرنسي بحثا عن لقمة العيش كغيرهم , لكن ذلك لم يمنعهم من المشاركة في الثورة على الفرنسيين, فتعاون العلويون بقيادة المغفور له الشيخ صالح العلي مع ابراهيم هنانو وبقية الثوار السوريين حتى استقلت سوريا عام1946, ومن ثم شارك العلويون في نهضة بلادهم ولم يعرف أبدا عن أي مضايقة لهم بسبب معتقداتهم وطقوسهم الدينية, وان كانت قراهم قد تعرضت للتهميش تلك الفترة , فقد كان ذلك جزءا من تهميش الاقطاع للريف واستغلاله للفلاحين وكان بين العلويين اقطاعيين ايضا كسائر خلق الله أنذاك .
تجدر الاشارة هنا الى ان سكان تلك الجبال في الساحل لم يرتاحوا يوما لتسميتهم بالنصيرية , ورأوا فيها ظلما لهم ولتاريخهم, فالأولى بهم ان ينسبوا الى إمامهم الكبير الامام علي وليس الى امام آخر استلم زمام قيادتهم السياسية فترة معينة كالنصيري , وهم يرون فيها محاولة من خصومهم للنيل منهم واخراجهم من الدين الاسلامي, وقد كان وما يزال العلوي ينفر من هذه التسمية ويجد بها شتيمة وقد زالت تلك التسمية عنهم مع تسمية الدويلة بالعلوية ايام فرنسا واطلاق اسم جبال العلويين رسميا على جبال الساحل بدلا من جبال النصيرية , ولكنها تعود جزئيا الآن بسبب الشحن الطائفي في المنطقة .
عاش العلويون في سوريا منذ الاستقلال كجزء من النسيج السوري سياسيا واجتماعيا , ولم تحدث تلك الفترة أي حادثة طائفية بينهم وبين أخوتهم السنة , وقد وصل الكثير منهم الى أعلى مناصب في الدولة والبرلمان استنادا الى كفاءته وليس الى طائفته. اما حياتهم الدينية والاجتماعية فقد كان فيها الكثير من التعاون والتحرر ضمن قراهم حتى كاد شبابها ان ينسى اسم عشيرته, ولم يكن مشايخهم يتدخلون بالسياسة , وكانوا يحتفلون بأعيادهم الدينية مثل عيد الغدير وعيد الرابع بشكل طبيعي , وظل الأمر كذلك حتى استلام حزب البعث السلطة في سوريا
2- العلويون وحزب البعث :
لا تختلف مسيرة حزب البعث في السلطة عن مسيرة كل أحزاب المعسكر الاشتراكي وحركات التحرر, جميعها اعتمدت الانقلاب في الوصول الى السلطة بالاستناد الى مصلحة الطبقات الشعبية وليس الى وعيها ’ بل اكتفت بوعي نخبة المجتمع المتفهم للانقلاب لصالح التقدم, ومن هنا التقت مع النخبة في المجتمع واعتمدت عليها كأقلية بوجه الأكثرية , ومن خلال السلطة كان لها مسار عام واحد فيه صعود بداية الأمر انتهى الى الهبوط بسبب إفساد السلطة لرموز تلك الأحزاب وغياب الديمقراطية . ان اعتماد تلك الأحزاب على النخبة جعلها بالنهاية تواجه أكثرية المجتمع .
ثلاثة عوامل رئيسية أدت بأبناء الطائفة العلوية للانتساب الى حزب البعث وغيره من الأحزاب اليسارية .
أ‌- سكنهم في جبال فقيرة بتربتها ومياهها غنية بهوائها العليل:
ب‌- الاضطهاد التاريخي الذي تعرضوا له وحرمانهم الطويل من الاستفادة من مؤسسات الدولة , وهاهي الأحزاب العلمانية تطرح قيم التحرر والمساواة وحقهم مثل غيرهم في الوصول الى اعلى قيادة في الدولة .
ج‌- تعاليم طائفتهم الدينية التي هي اقرب الى تعاليم فيها الكثير من الجهل والتخلف والاغراق في الطرق الصوفية التي لا تصمد أمام العقل في عصرنا الحالي .
أبعدَ حزب البعث شركاؤه في "الثورة"بين آذار وتموز 1963 واستفرد في السلطة وأصدر جملة قرارات قطعت التطور الاقتصادي اللبرالي كالاصلاح الزراعي والتأميم وحتى انقلاب عام 1970 لم تكن السلطة مصدرا للثروة ولم يعرف عنهم بشكل عام تفشي ظاهرة الفساد وجمع المال. وبعد ان تخلص حافظ الأسد من رفاقه ومنافسيه في انقلاب عام 1970أصبح همه الحفاظ على السلطة مهما كان الثمن وقد ظهر ذلك في سياسته الداخلية والاقلمية والدولية فتحولت سوريا في عهده الى بقرة حلوب لأهل النظام , ومن أجل استقرار السلطة بين يديه لم يتورع عن تدمير خصومه والمختلفين معه . وظّف الأيديولوجيا والدين والطائفية لاستقراره واستمراره في السلطة, وكان من الطبيعي أن يعتمد على حاضنته الأهلية ومن هنا جاء توظيفه السياسي للطائفة العلوية, فأعادها الى عشائرها الأولى ووزع المناصب والمواقع الأمنية بينها مستغلا فقرها الاقتصادي وبحث أبناءها عن مصدر رزق, خاصة ان مناطق الجبال لم تكن قادرة على توفير الكفاف لأبنائها , ترافق ذلك مع تشكيلات عسكرية طائفية البنية مثل الحرس الجمهوري وسرايا الدفاع وسرايا الصراع وإطلاق يدها في المس برقاب البشر والاقتصاد, وتم الاستيلاء على مناطق محيطة بالعاصمة سواء كانت مشاعية أو أملاك دولة أو لسكان ريف دمشق مثل عش الورور وحي الورود والمزة 86 والسومرية ...الخ لتقوم فيها كتل اسمنتية عشوائية معزولة تضم فئات لم تستطع ان تتمدن وحافظت على بنيتها الريفية المتخلفة, فكانت تلك العسكرة مصيبة حلت بأبناء الطائفة . ان دخول أبناء الطائفة الى الجيش كغيرهم ليس حبا بالجيش او آل الأسد , بل كان مصدر رزق وعمل من لا عمل له, في وقت أحجم غالبية سكان المدن عن الانخراط في الجيش لتوفر المهن على عكس الريف الذي يفتقر الى المهنة والتجارة وتقاليدها .
لقد تحّول الجيش لأبناء الطائفة من مصدر عيش الى مصدر ثروة , ففي كل قرية قامت امارة اقطاعية عسكرية وقصور وخدم مارس فيها الضباط السطوة والعبودية على أبناء جلدتهم وتحولوا الى شركاء في دورة الاقتصاد والمال وإعادة توزيع الثروة الوطنية, خاصة بعد أن افرغ الأسد الأب البعث من دوره السياسي وحّول السلطة الى سلطة أمنية مرتبطة مباشرة به وبعائلته, مما جعل الطائفة حطبا ووقودا في محرك السلطة وضرورة لاستمرارها وخدمتها للأسد الابن بعد توريثه السلطة.
كانت تلك المرحلة وبالا على الطائفة بسبب سياسة الأسد الأب والابن تحّولت فيها من نسيج اجتماعي سوري يحوي الكثير من قيم التحرر والتضامن والتعاضد والتسامح والانفتاح على الآخر الذي يسير ضمن الاتجاه الايجابي لحركة التاريخ , لتصل الى الزمن الحالي الذي اصبحت فيه أسيرة ومعادلا عاما عفوية عن انتهازية عصرنا ولهاثه وراء المال على حساب القيم والوطن . وهكذا عندما جاءت الثورة السورية , لم يكن في هذه الطائفة أي قيم تمجد الثورات والتضحية , كانت قيمها هو الحفاظ على مكاسبها الجديدة فاستمات رموزها بالدفاع عن مصالحهم وامتيازاتهم السلطوية الكريهة.
3- العلويون والتشيع الايراني الحديث
بعد محنة العلويين مع النظام الحالي وما آل اليه وضعهم بسبب سياسته القائمة على الاستمرار في السلطة بأي ثمن جاء دور الايرانيين ليزيد تلك المحنة :
ركب رجال الدين المتزمتين الثورة في ايران وفّصلوا دستورا للدولة الايرانية مستوحى من القرون الوسطى قائم على الولي الفقيه – ليحل محل الامام الغائب الذي
سيعود لامحالة ليملأ ها عدلا بعد ان ملئت جورا.
وبدؤوا سياستهم الأممية الشيعية بعد ذلك ليستعملوا الطائفة الشيعة ومظلوميتها التاريخية من اجل اعادة مجد الامبراطورية الفارسية في المنطقة .
بدأ ذلك المشروع بمحاولات تصدير الثورة عبر السفارات الايرانية لنشر مذهب التشيع في الدول المجاورة وخاصة العربية , تماما كما فعل ستالين قبلهم لتحل الطائفة الشيعية محل الحزب الشيوعي في امميتهم الجديدة القائمة على ما سموه دعم المقاومة, وقد حاولوا ادخال العلويين في سوريا والزيديين في اليمن ضمن امميتهم الشيعية بإيجاد علماء وفتاوى من اجل ذلك , لكنهم فشلوا في سوريا رغم كل التسهيلات الممنوحة لهم ومحاولة مساعدة حزب الله لهم أيضا, فالعلويون من خلال تاريخهم وحياتهم المميزة في الساحل السوري أصبحوا اقرب الى الصوفية الاسلامية من مذهبهم الشيعي, العلويون ابعد ما يكونوا عن التعصب الديني , في حين يقوم المشروع الايراني على أسس طائفية تجاوزها الزمن . لكن نجاحهم الأهم بين العلويين كان سياسيا بعد اندلاع الثورة السورية وقدرتهم بالتعاون مع النظام على دفعها نحو العسكرة والأسلمة . وهو ما أخاف العلويون ليس من فقدان امتيازاتهم بعد سقوط الحكم فقط , بل من الانتقام منهم من جديد, لذلك وقفوا خلف النظام وايران لاعتقادهم ان ذلك يمكن يحميهم بحماية النظام القائم . من اجل ذلك استحضر النظام بالتعاون معهم حزب الله من لبنان ومليشيات طائفية من العراق وافغانستان من اجل حماية النظام وقتال السوريين فأصبحت سوريا ساحة للنفوذ الايراني .
4- الروس والعلويون :
لاقى التدخل الروسي هوى في نفوس أبناء الطائفة العلوية المتدين منهم والعلماني معا لألف سبب وسبب, فالروس دولة كبرى وبالتالي امكانيتهم أكبر من ايران في حماية العلويين داخل قراهم وجبالهم على الساحل السوري, والروس يرفعون شعار العلمنة وهوما يريح أبناء هذه الطائفة حتى المتزمتين دينيا من أفرادها , فمتزمتوها ليسوا متعصبين ولا ينصبوا أنفسهم حماة عن الله لمعاقبة من هو غير مؤمن, ذلك عندهم من اختصاص رب العالمين,يهمهم فقط ان يمارسوا شعائرهم الدينية بدون خوف وليمارس من يشاء من الطوائف شعائره ايضا مثلهم بكل حرية فذلك لا يغيظهم, ما يغيظهم الخوف من عودة اضطهادهم في المستقبل بعد سقوط النظام. جاء التدخل الروسي في سوريا من أجل مطامح امبراطورية قديمة لدى القيادة الروسية تشبه مطامح ايران الأمبراطورية,عّل وعسى ان تحقق رغبتها في فرض نفسها على الساحة الدولية بعد الأزمة الأوكرانية والضغوط الأوروبية والعقوبات الاقتصادية عليها لتصبح قطبا عالميا في شرق المتوسط الدافئ والمتشاطئ مع اوروبا , وتحجيم الدور الايراني غير المقبول عالميا واقلييا , ولتفرض نفسها في الحل السياسي السوري كشريك أساسي في الصراع عكس ما حدث في ليبيا, وقد رأت الفرصة مؤاتية لها وتأتي استثمارا لسياسة سابقة سلكتها في الملف السوري داخل مجلس الأمن بعد ان اتعظت بما جرى لها من خذلان في الملف الليبي ’ لذلك عملت بكل ما تستطيع حتى الأن بعد تدخلها العسكري في بلادنا من اجل تعديل ميزان القوى لصالح النظام وضرب المعارضة المسلحة التي تقاتله وتحجيمها بأي شكل تحت حجة محاربة الارهاب .
5- رؤية لجنة اعلان دمشق في اللاذقية لخلاص العلويين من محنتهم الحالية
تشكلت لجنة اعلان دمشق في اللاذقية من أطياف مختلفة يسارية ولبرالية قبل ثمان سنوات, وقد جاء تشكلها في المحافظة وكأنه صدفة تندرج ضمن قانون عام في التاريخ السوري الحديث , فكل أعضائها تقريبا من خلفية يسارية ريفية علوية قضوا في السجن سنوات طوال وذاقت عائلاتهم الأمرين بسبب موقفهم من النظام الديكتاتوري, وكانت نشاطاتها وندواتها تحنضن من ابناء ذلك الوسط من أصل ريفي , وقد وقفت منذ اليوم الأول لانطلاق الثورة في سوريا الى جانبها مع انها كانت مدركة لصعوبة ما ستواجهه الثورة بسبب الخلل في ميزان القوى العالمي الذي لا يصب في خدمة مشروعها, وتحّمل اعضاؤها الملاحقة والتضييق عليهم وعلى عائلاتهم بلقمة العيش, ودخل العديد منهم السجن بسبب موقفهم تجاه الثورة , ومع ذلك استمرت اللجنة وقد قالت في دراسة لها بمناسبة مرور اربع سنوات على انطلاق الثورة تحت عنوان - لماذا تعثرت الثورة السورية ؟ ما يلي ( مأساة الثورة السورية أنها أتت في لحظة من مفارقات الزمن السياسي الحالي حيث وقف مجلس الأمن الدولي عاجزا عن مساعدة شعب خرج مطالبا بحريته وكرامته بسبب الموقف الصيني والروسي واستعمالهما حق الفيتو في مجلس الأمن , مما يذكرنا بموقف أمريكا باستعمال هذا الحق من اجل حماية الكيان الصهيوني.
لو لم يكن للثورة السورية سوى تلك الفضيلة لكفاها . لقد عرّت المؤسسات الدولية في زمن العولمة وكشفت نفاقها وخاصة مجلس الأمن الذي ظهر عاجزا عن حماية الأمن والسلم الدوليين .)
والآن وبعد أن تحّولت سوريا الى ساحة صراع اقليمي وعالمي لا أحد يدرك نتائجه ونهاياته (وما يحكى عن تقسيم لها تحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان مثل سوريا المفيدة خير دليل على ذلك الصراع ) وأمام اصرار الشعب السوري على نيل حريته وعدم العودة اى حظيرة العبودية وإفشال كل مشاريع التسوية فاننا نرى ان الطائفة على مفترق طرق, ونحن كأبناء لهذه الطائفة انحدرنا منها ونعرف وضعها أكثر من غيرنا ومن حرصنا عليها وعلى كل مكونات الشعب السوري نتقدم برؤيتنا التالية نحوها :
ان اللجوء الى استحضار عفن الماضي الطائفي وتوظيفه سياسيا والعزف على مشاعر وتقاليد ومظلوميات تاريخية قد يعرقل حركة التاريخ ولكنه لا يستطيع أن يوقفها الى الأبد , يحز في نفسنا هنا ان نجد جزءا كبيرا من علمانيي الطائفة العلوية لا يخجلون من المجاهرة بحلم الدويلة بحجة استحالة العيش مع أبناء الطائفة السنية (المحافظة , الرجعية المتعصبة ) .
اننا نعتقد كلجنة أن منطق العصر سيدفع بالنهاية جميع المكونات السورية لبناء دولة عادلة تقف على مسافة واحدة من الجميع , وأن الزمن الذي أفرز حكومات اعتمدت على أقليات قد ولى , وقد آن الأوان لتتخلى هذه الطائفة عن مشاريعها الطائفية السلطوية وان تشارك في اكمال طريق سوريا الديمقراطي الذي بدأ في الخمسينات من القرن المنصرم . ومع ادراكنا لخطورة المرحلة الانتقالية وما قد تشهده من ردود فعل متباينة وانتقامات , الا أننا نرى أن التقليل من الخسائر والانتكاسات يكون بالمشاركة بقوة في بناء سوريا الستقبل الى جانب المكونات الأخرى وإدراك أن السنة كطائفة هي أم الصبي , والسنة تاريخيا في سوريا لم يضطهدوا غيرهم من الأقليات , وقد تميزوا بالوسطية والاعتدال , وعلى العلويين وغيرهم من الأقليات الاقلاع عن التفكير بحمايتهم عن طريق النظام أو عن طريق شيعة ايران أو عن طريق قيصر روسيا .
خاتمة :
ما يحمي الطائفة العلوية من وجهة نظر هيئة العمل اللبرالي في اللاذية هو المشاركة بقوة في دحر الاستبداد أولا ودحر الغزاة ثانيا . هذا هو الطريق الذي ينقذ الطائفة وينقذ الوطن وينقل سوريا الى فضاء الديمقراطية , وهذه هي الضمانة لمستقبلهم ولتطورهم المادي والروحي .
هيئة العمل اللبرالي في اللاذقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قذائف إسرائيلية على غزة في أول أيام العيد بالرغم من إعلان -ه


.. جزيرة إيطالية توفر إقامة مجانية لثلاث ليالٍ ولكن بشرط واحد




.. حريق هائل يدمر فندق ماريسفيل التاريخي في ولاية كاليفورنيا


.. جبهة لبنان – إسرائيل.. مخاوف من التصعيد ودخول إيران ومساعٍ ل




.. هل تنضم إيران إلى حزب الله في حرب شاملة مع إسرائيل؟| #الظهير