الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع في فلسطين المحتلّة، بين البيانات والوقائع!

نزار فجر بعريني

2024 / 5 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


" مآلات الصراع على فلسطين، بين البيانات والوقائع !"
في بيان القمّة العربية الأخير في المنامة، ثمّة نقطتين بارزتين، تلفتان اهتمام المتابع لآخر تطوّرات المرحلة الراهنة من الصراع على فلسطين :
دعوة كافة الفصائل الفلسطينية "للانضواء تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية" و الدعوة إلى إرسال قوات دولية إلى "الأراضي الفلسطينية المحتلة لحين حل الدولتين" .
في التقييم الأوّلي، من نافل القول أنّ طرح أهداف سياسية دون ربطها بآليات تنفيذ واقعية وفعّالة لا يخرج عن إطار الأمنيات، بأفضل الأحوال، وقد يكون له في مصالح وسياسات القوى المعنية غايات محددة، ترتبط بإخفاء المسؤولية والتسويف، وتغيبب حقائق ما يحصل على الارض، بما يُضلّل الرأي العام ويبعد أصحاب المصلحة عن دوائر الفعل،و يفاقم الأخطار على مصالح الشعوب وقضاياها العادلة !
فهل تملك "الأمم المتحدة" آلية تنفيذ فعّالة خارج سياق مصالح الولايات المتّحدة وحكومة الحرب؟ وهل تتوافق مصالح وسياسات هاتين القوتين الرئيسيتين القادرتين على تحديد مآلات الصراع مع ما يدعو إليه البيان؟
أعتقد أنّ ما تضمّنه بيان القمّة من دعوة "كافة الفصائل الفلسطينية للانضواء تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية" التي اعتبرتها "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، لايختلف كثير من حيث نتائجه الواقعية الداعمة لقضية الشعب الفلسطيني عن تأكيدات الإدارة الأمريكية على رفض إعادة سيطرة الجيش الإسرائيلي على القطاع، وحرصها على إعادته إلى مظلّة السلطة الفلسطينية بمساعدة قوّات عربية وإشراف أممي، وعمّا تُعلنه من حرص على بقاء السلطة الفلسطينية وتعزيز شرعيتها؛ طالما يبقى التنفيذ العملي مرهونا بخطط وسياسات حكومة الحرب الإسرائيلية نفسها حول "التسوية السياسية" في اليوم التالي، ومصلحتها في تعزيز سلطة الشرعية الفلسطينية أو تقويضها!
إذا كان الانقسام العلني داخل "حكومة الحرب الإسرائيلية" اليمينية الصهيونية حول طبيعة خطط اليوم التالي على نهاية الحرب على قطاع غزة يتعلّق بشكل رئيسي بتباين السياسات والرؤى حول أفضل سبل تدمير شروط قيام تسوية سياسية مع الفلسطينيين، وبالتالي تقويض القضية الفلسطينية بجانبها الأساسي المرتبط بحلّ الدولتين؛
وإذا كان "الخلاف" بين حكومة الحرب والإدارة الأمريكية لايخرج عن هذا الإطار ، فما هي الفائدة العملية من دعوات الجامعة العربية أو غيرها من الأنشطة الداعمة لوجستيّا لقضيّة عادلة باتت في الرمق الأخير؟!
الواضح في موقف "نتنياهو"، المتطابق مع مواقف اليمين الصهيوني المتطرّف، والمتناغم مع موقف وزير الحرب( الوسط ) الرافض لعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، هو توافق أقطاب حكومة الحرب حول هدف تقويض السلطة الفلسطينية التي وصفها "نتنياهو "ب"الكيان العدائي"، وهذا ليس بجديد !
السبب الأساسي لمواقف اليمين والوسط الرافضة لتوحيد السلطة الفلسطينية في حكم القطاع وغزة، وفقا لاتفاقيات أوسلو، هو الاعتبار الصهيوني المشترك أنّ السلطة الفلسطينية في الضفة والقطاع تشكّل "نواة إقامة دولة فلسطينية"؛ وهو ما يبيّن حقيقة أهداف حروب اليمين الصهيوني الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، التي تتمحور منذ ١٩٩٣حول جهود "إسقاط" الطابع السياسي الوطني والشرعي "للسلطة الفلسطينية، ويكشف ما تحقق من إنجازات، خاصّة في أعقاب الحرب العدوانية المدمّرة الأخيرة، عدم واقعية ما تطرحه وتؤكّد عليه الإدارة الأمريكية والأنظمة العربية حول "حل الدولتين" ويلقي بظلاله على مستقبل التسوية السياسية الفلسطينية الإسرائيلية، ومستقبل وجود السلطة الفلسطينية الشرعية ذاتها، ويُعيد القضية الفلسطينية إلى دوائر الأحلام والتنديد والشكوى، ...وبيانات رفع العتب!!
يؤكّد واقعية مخاطر اللحظة السياسية ، وقائع تقاطع أدوار وتكامل جهود "أمريكية إسرائيلة" لتجيير نتائج الحرب العدوانية الإسرائيلية من أجل تقويض مقوّمات ما تحقق من إنجازات على طريق حل الدولتين، وإغلاق مسارات التسوية السياسية نهائيّا من خلال العمل على مسارين متوازيين:
على صعيد قطاع غزة ، إقامة حكم "انتقالي -فلسطيني"، لا يمثّل سلطتي "حماس" و"عباس "، وتحت مظلّة أمنية إسرائيلية شاملة، تُعيد القطاع المدمّر إلى مرحلة أسوأ مما كان قبل ٢٠٠٥.....حين أجبرت انتفاضة الشعب الفلسطيني الثانية الحكومة الإسرائيلية، وزعيمها،المجرم الإرهابي شارون، على سحب جيوشه وقطعان مستوطنيه، لصالح السلطة الوطنية الفلسطينية !
على صعيد الضفة الغربية، من جهة ثانية، تبرز سياسات إفراغ مؤسسات السلطة الفلسطينية من مضمونها السياسي، وتغيير وظيفتها الوطنية، بما هي قاعدة وأداة للدولة الفلسطينية الموعودة في إطار حل الدولتين.
إذا كانت قد أدّت الحرب العدوانية المدمّرة على القطاع ورفح في بداية شهرها الثامن إلى تقويض معظم قدرات حماس العسكرية وكامل مؤسسات سلطتها السياسية، رغم ما يرافقها من ردود أفعال عالمية مستنكرة، لم تصل بمجموعها إلى درجة فرض هدنة إنسانية، ناهيكم عن وقف سياسات إسقاط الشرعية الفلسطينية التي تمثّلها السلطة.
لقد اتبعت الولايات المتّحدة الأمريكية، التي يدّعي رئيسها ووزير خارجيته تمسّكهما بحل الدولتين، سياسات واضحة لإضعاف السلطة الفلسطينية من خلال وقف موارد المساعدات التي كانت تصلها من مؤسسات مختصّة، كمؤسسة USAID ، وكانت تقدّر ما تصبّه في خزينة السلطة بأكثر من ٤٥٠ مليون دولار سنويا. في نفس الإطار، أوقفت أمريكا كل مساهماتها في (UNRWA ) -وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين - وقد سعت واشنطن، في سياق تعزيز إجراءات تصفية السلطة الفلسطينية وقضية الشعب الفلسطيني، لتضمين "اتفاقيات ابراهم " ما يؤدّي إلى نفس النتيجة.
مما لاشكّ فيه أنّ هذا النهج الأمريكي قد شجّع حكومة نتنياهو و وزراء إئتلافه على استخدام جميع وسائل التدمير والتقويض.
ما تقوم به حكومة الحرب اليمنية الصهيونية من ممارسات تستهدف "إسقاط" السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة يحصل بعيدا عن "الأضواء"، رغم أنّه لا يقلّ خطورة على مستقبل الدولة الفلسطينية عمّا يحصل في القطاع :
في سياق خطط وجهود تقويض مقوّمات ووظيفة السلطة الوطنية المركزية ، تعمل حكومة اليمين العنصري على سياسات تكريس الكانتونات الفلسطينية المحلية عبر إعطاء وظيفة سياسية لحكم الهيئات المحلية التي تمثّلها البلديات، وتضمينها بعض صلاحيات السلطة الفلسطينية القائمة، كالمدارس والتربية والتعليم والصحة وغيرها من الصلاحيات ذات الطابع السياسي الوطني. إضافة إلى ذلك، وفي نفس السياق، تأتي إجراءات إفقار السلطة، وتجفيف منابع مواردها المالية، بتكامل سياسات واشنطن و "تل أبيب". (١) وزير مالية حكومة الحرب ومسؤول الإدارة المدنية، رئيس حزب "الصهيونية الدينية" المتطرّف، " بتسلئيل سموتريتش "ينفّذ حرفيا مخطط سرقة أموال الضرائب الفلسطينية تحت ذريعة مصادرة الأموال التي تدفعها السلطة الفلسطينية لذوي الأسرى والشهداء والجرحى الفلسطينيين ، وتحت ذرائع منها أن السلطة الفلسطينية، بطلبها اعترافا دوليا بالدولة الفلسطينية المستقلة، قد انتهكت اتفاقيات أوسلو، وهو ما يبرر لحكومة الاحتلال فك ارتباط تعامل البنوك الإسرائيلية مع البنوك الفلسطينية !!
من جانبه، أعلن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، الأربعاء، إلغاء سريان قانون "فك الارتباط" بالكامل في شمال الضفة الغربية المحتلة، وهو ما يسمح على الصعيد القانوني بعودة المستوطنين إلى ثلاث مستوطنات تم إخلاؤها سابقا وتقع بالقرب من مدينتي جنين ونابلس. جاءت خطوة غالانت التي وصفها بـ "التاريخية" بالتزامن مع إعلان النرويج وإسبانيا وإيرلندا، الأربعاء، الاعتراف "بدولة فلسطين".وعلق غالانت على إلغاء القانون بالقول إن "السيطرة اليهودية على الضفة الغربية تضمن الأمن، وتطبيق قانون إلغاء فك الارتباط سيؤدي إلى تطوير الاستيطان وتوفير الأمن لسكان المنطقة". كما وصف رئيس مجلس المستوطنات الإسرائيلية شمال الضفة الغربية يوسي دغان، قرار إلغاء إخلاء المستوطنات الثلاث بأنه "لحظة تاريخية من التصحيح". وأضاف "لقد صححت دولة إسرائيل اليوم بشكل رسمي الظلم والحماقة التي صاحبت عملية الترحيل من شمال السامرة [الاسم التوراتي لشمال الضفة الغربية]"
تؤّكد واقعية المخاطر ما كشفته "القناة العبرية 11"، عندما تحدّثت عن اجتماعات يعقدها " نتنياهو " مع وزراء إئتلافه من أجل "القضاء على السلطة الفلسطينية". وقد أعطى "الإعلام العبري" نفس محتوى الرسالة عندما نقل عن وزير المالية الإسرائيلي "بتسلئيل سموتريتش" قوله: "حان الوقت لانهيار السلطة الفلسطينية ماليا وإفلاسها" فيما رد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير: «سموتريتش على حق، السلطة الفلسطينية تدعم الإرهاب ولا تستحق شيكل واحد»، وقد طالبت الوزيرة "أوريت ستروك"، بتطبيق حزمة من الإجراءات التي ستلحق ضررًا بالغًا بالسلطة الفلسطينية وتدفعها ثمنًا باهظًا". لم يكن وزير العدل " ياريف ليفين" أقل وضوحا، عندما أشار إلى أنّ " أضرار السلطة الفلسطينية تفوق فوائدها، لذلك لا بد من المساس بكبار المسؤولين وفرض ثمن على الأرض"!!
من نافل القول أنّ إنهاء دور السلطة الوطنية الفلسطينية التي أُنشئت بموجب اتفاق أوسلو الموقّع بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993بضمانة أمريكية وحصلت على الشرعية الدولية ، يشكّل أخطر ما تعرّضت له القضية الفلسطينية من هزائم ، ويضيّع ثمار نضالات الشعب الفلسطيني التاريخية، العسكرية والسياسية، المتواصلة في أعقاب كارثة حزيران ، ١٩٦٧.
(١)-
يقول الخبر :
"....طالب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، الإثنين، المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لمعالجة الأزمة المالية التي تواجهها السلطة الفلسطينية.
ودعا مصطفى في كلمته في الاجتماع الوزاري لشركاء فلسطين الدوليين، في بروكسل إلى "الضغط على إسرائيل لوقف قرصنة أموال الضرائب، وإعادة الأموال الفلسطينية المحتجزة، وتوفير حزمة دعم مالي طارئ ومباشر للميزانية".
علما أنّ الإيرادات الضريبية "المقاصة"، تعادل حوالي 65 بالمئة " مآلات الصراع على فلسطين، بين البيانات والوقائع !"
في بيان القمّة العربية الأخير في المنامة، ثمّة نقطتين بارزتين، تلفتان اهتمام المتابع لآخر تطوّرات المرحلة الراهنة من الصراع على فلسطين :
دعوة كافة الفصائل الفلسطينية "للانضواء تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية" و الدعوة إلى إرسال قوات دولية إلى "الأراضي الفلسطينية المحتلة لحين حل الدولتين" .
في التقييم الأوّلي، من نافل القول أنّ طرح أهداف سياسية دون ربطها بآليات تنفيذ واقعية وفعّالة لا يخرج عن إطار الأمنيات، بأفضل الأحوال، وقد يكون له في مصالح وسياسات القوى المعنية غايات محددة، ترتبط بإخفاء المسؤولية والتسويف، وتغيبب حقائق ما يحصل على الارض، بما يُضلّل الرأي العام ويبعد أصحاب المصلحة عن دوائر الفعل،و يفاقم الأخطار على مصالح الشعوب وقضاياها العادلة !
فهل تملك "الأمم المتحدة" آلية تنفيذ فعّالة خارج سياق مصالح الولايات المتّحدة وحكومة الحرب؟ وهل تتوافق مصالح وسياسات هاتين القوتين الرئيسيتين القادرتين على تحديد مآلات الصراع مع ما يدعو إليه البيان؟
أعتقد أنّ ما تضمّنه بيان القمّة من دعوة "كافة الفصائل الفلسطينية للانضواء تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية" التي اعتبرتها "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، لايختلف كثير من حيث نتائجه الواقعية الداعمة لقضية الشعب الفلسطيني عن تأكيدات الإدارة الأمريكية على رفض إعادة سيطرة الجيش الإسرائيلي على القطاع، وحرصها على إعادته إلى مظلّة السلطة الفلسطينية بمساعدة قوّات عربية وإشراف أممي، وعمّا تُعلنه من حرص على بقاء السلطة الفلسطينية وتعزيز شرعيتها؛ طالما يبقى التنفيذ العملي مرهونا بخطط وسياسات حكومة الحرب الإسرائيلية نفسها حول "التسوية السياسية" في اليوم التالي، ومصلحتها في تعزيز سلطة الشرعية الفلسطينية أو تقويضها!
إذا كان الانقسام العلني داخل "حكومة الحرب الإسرائيلية" اليمينية الصهيونية حول طبيعة خطط اليوم التالي على نهاية الحرب على قطاع غزة يتعلّق بشكل رئيسي بتباين السياسات والرؤى حول أفضل سبل تدمير شروط قيام تسوية سياسية مع الفلسطينيين، وبالتالي تقويض القضية الفلسطينية بجانبها الأساسي المرتبط بحلّ الدولتين؛
وإذا كان "الخلاف" بين حكومة الحرب والإدارة الأمريكية لايخرج عن هذا الإطار ، فما هي الفائدة العملية من دعوات الجامعة العربية أو غيرها من الأنشطة الداعمة لوجستيّا لقضيّة عادلة باتت في الرمق الأخير؟!
الواضح في موقف "نتنياهو"، المتطابق مع مواقف اليمين الصهيوني المتطرّف، والمتناغم مع موقف وزير الحرب( الوسط ) الرافض لعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، هو توافق أقطاب حكومة الحرب حول هدف تقويض السلطة الفلسطينية التي وصفها "نتنياهو "ب"الكيان العدائي"، وهذا ليس بجديد !
السبب الأساسي لمواقف اليمين والوسط الرافضة لتوحيد السلطة الفلسطينية في حكم القطاع وغزة، وفقا لاتفاقيات أوسلو، هو الاعتبار الصهيوني المشترك أنّ السلطة الفلسطينية في الضفة والقطاع تشكّل "نواة إقامة دولة فلسطينية"؛ وهو ما يبيّن حقيقة أهداف حروب اليمين الصهيوني الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، التي تتمحور منذ ١٩٩٣حول جهود "إسقاط" الطابع السياسي الوطني والشرعي "للسلطة الفلسطينية، ويكشف ما تحقق من إنجازات، خاصّة في أعقاب الحرب العدوانية المدمّرة الأخيرة، عدم واقعية ما تطرحه وتؤكّد عليه الإدارة الأمريكية والأنظمة العربية حول "حل الدولتين" ويلقي بظلاله على مستقبل التسوية السياسية الفلسطينية الإسرائيلية، ومستقبل وجود السلطة الفلسطينية الشرعية ذاتها، ويُعيد القضية الفلسطينية إلى دوائر الأحلام والتنديد والشكوى، ...وبيانات رفع العتب!!
يؤكّد واقعية مخاطر اللحظة السياسية ، وقائع تقاطع أدوار وتكامل جهود "أمريكية إسرائيلة" لتجيير نتائج الحرب العدوانية الإسرائيلية من أجل تقويض مقوّمات ما تحقق من إنجازات على طريق حل الدولتين، وإغلاق مسارات التسوية السياسية نهائيّا من خلال العمل على مسارين متوازيين:
على صعيد قطاع غزة ، إقامة حكم "انتقالي -فلسطيني"، لا يمثّل سلطتي "حماس" و"عباس "، وتحت مظلّة أمنية إسرائيلية شاملة، تُعيد القطاع المدمّر إلى مرحلة أسوأ مما كان قبل ٢٠٠٥.....حين أجبرت انتفاضة الشعب الفلسطيني الثانية الحكومة الإسرائيلية، وزعيمها،المجرم الإرهابي شارون، على سحب جيوشه وقطعان مستوطنيه، لصالح السلطة الوطنية الفلسطينية !
على صعيد الضفة الغربية، من جهة ثانية، تبرز سياسات إفراغ مؤسسات السلطة الفلسطينية من مضمونها السياسي، وتغيير وظيفتها الوطنية، بما هي قاعدة وأداة للدولة الفلسطينية الموعودة في إطار حل الدولتين.
إذا كانت قد أدّت الحرب العدوانية المدمّرة على القطاع ورفح في بداية شهرها الثامن إلى تقويض معظم قدرات حماس العسكرية وكامل مؤسسات سلطتها السياسية، رغم ما يرافقها من ردود أفعال عالمية مستنكرة، لم تصل بمجموعها إلى درجة فرض هدنة إنسانية، ناهيكم عن وقف سياسات إسقاط الشرعية الفلسطينية التي تمثّلها السلطة.
لقد اتبعت الولايات المتّحدة الأمريكية، التي يدّعي رئيسها ووزير خارجيته تمسّكهما بحل الدولتين، سياسات واضحة لإضعاف السلطة الفلسطينية من خلال وقف موارد المساعدات التي كانت تصلها من مؤسسات مختصّة، كمؤسسة USAID ، وكانت تقدّر ما تصبّه في خزينة السلطة بأكثر من ٤٥٠ مليون دولار سنويا. في نفس الإطار، أوقفت أمريكا كل مساهماتها في (UNRWA ) -وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين - وقد سعت واشنطن، في سياق تعزيز إجراءات تصفية السلطة الفلسطينية وقضية الشعب الفلسطيني، لتضمين "اتفاقيات ابراهم " ما يؤدّي إلى نفس النتيجة.
مما لاشكّ فيه أنّ هذا النهج الأمريكي قد شجّع حكومة نتنياهو و وزراء إئتلافه على استخدام جميع وسائل التدمير والتقويض.
ما تقوم به حكومة الحرب اليمنية الصهيونية من ممارسات تستهدف "إسقاط" السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة يحصل بعيدا عن "الأضواء"، رغم أنّه لا يقلّ خطورة على مستقبل الدولة الفلسطينية عمّا يحصل في القطاع :
في سياق خطط وجهود تقويض مقوّمات ووظيفة السلطة الوطنية المركزية ، تعمل حكومة اليمين العنصري على سياسات تكريس الكانتونات الفلسطينية المحلية عبر إعطاء وظيفة سياسية لحكم الهيئات المحلية التي تمثّلها البلديات، وتضمينها بعض صلاحيات السلطة الفلسطينية القائمة، كالمدارس والتربية والتعليم والصحة وغيرها من الصلاحيات ذات الطابع السياسي الوطني. إضافة إلى ذلك، وفي نفس السياق، تأتي إجراءات إفقار السلطة، وتجفيف منابع مواردها المالية، بتكامل سياسات واشنطن و "تل أبيب". (١) وزير مالية حكومة الحرب ومسؤول الإدارة المدنية، رئيس حزب "الصهيونية الدينية" المتطرّف، " بتسلئيل سموتريتش "ينفّذ حرفيا مخطط سرقة أموال الضرائب الفلسطينية تحت ذريعة مصادرة الأموال التي تدفعها السلطة الفلسطينية لذوي الأسرى والشهداء والجرحى الفلسطينيين ، وتحت ذرائع منها أن السلطة الفلسطينية، بطلبها اعترافا دوليا بالدولة الفلسطينية المستقلة، قد انتهكت اتفاقيات أوسلو، وهو ما يبرر لحكومة الاحتلال فك ارتباط تعامل البنوك الإسرائيلية مع البنوك الفلسطينية !!
من جانبه، أعلن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، الأربعاء، إلغاء سريان قانون "فك الارتباط" بالكامل في شمال الضفة الغربية المحتلة، وهو ما يسمح على الصعيد القانوني بعودة المستوطنين إلى ثلاث مستوطنات تم إخلاؤها سابقا وتقع بالقرب من مدينتي جنين ونابلس. جاءت خطوة غالانت التي وصفها بـ "التاريخية" بالتزامن مع إعلان النرويج وإسبانيا وإيرلندا، الأربعاء، الاعتراف "بدولة فلسطين".وعلق غالانت على إلغاء القانون بالقول إن "السيطرة اليهودية على الضفة الغربية تضمن الأمن، وتطبيق قانون إلغاء فك الارتباط سيؤدي إلى تطوير الاستيطان وتوفير الأمن لسكان المنطقة". كما وصف رئيس مجلس المستوطنات الإسرائيلية شمال الضفة الغربية يوسي دغان، قرار إلغاء إخلاء المستوطنات الثلاث بأنه "لحظة تاريخية من التصحيح". وأضاف "لقد صححت دولة إسرائيل اليوم بشكل رسمي الظلم والحماقة التي صاحبت عملية الترحيل من شمال السامرة [الاسم التوراتي لشمال الضفة الغربية]"
تؤّكد واقعية المخاطر ما كشفته "القناة العبرية 11"، عندما تحدّثت عن اجتماعات يعقدها " نتنياهو " مع وزراء إئتلافه من أجل "القضاء على السلطة الفلسطينية". وقد أعطى "الإعلام العبري" نفس محتوى الرسالة عندما نقل عن وزير المالية الإسرائيلي "بتسلئيل سموتريتش" قوله: "حان الوقت لانهيار السلطة الفلسطينية ماليا وإفلاسها" فيما رد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير: «سموتريتش على حق، السلطة الفلسطينية تدعم الإرهاب ولا تستحق شيكل واحد»، وقد طالبت الوزيرة "أوريت ستروك"، بتطبيق حزمة من الإجراءات التي ستلحق ضررًا بالغًا بالسلطة الفلسطينية وتدفعها ثمنًا باهظًا". لم يكن وزير العدل " ياريف ليفين" أقل وضوحا، عندما أشار إلى أنّ " أضرار السلطة الفلسطينية تفوق فوائدها، لذلك لا بد من المساس بكبار المسؤولين وفرض ثمن على الأرض"!!
من نافل القول أنّ إنهاء دور السلطة الوطنية الفلسطينية التي أُنشئت بموجب اتفاق أوسلو الموقّع بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993بضمانة أمريكية وحصلت على الشرعية الدولية ، يشكّل أخطر ما تعرّضت له القضية الفلسطينية من هزائم ، ويضيّع ثمار نضالات الشعب الفلسطيني التاريخية، العسكرية والسياسية، المتواصلة في أعقاب كارثة حزيران ، ١٩٦٧.
(١)- يقول الخبر :
"....طالب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، الإثنين، المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لمعالجة الأزمة المالية التي تواجهها السلطة الفلسطينية.
ودعا مصطفى في كلمته في الاجتماع الوزاري لشركاء فلسطين الدوليين، في بروكسل إلى "الضغط على إسرائيل لوقف قرصنة أموال الضرائب، وإعادة الأموال الفلسطينية المحتجزة، وتوفير حزمة دعم مالي طارئ ومباشر للميزانية".
علما أنّ الإيرادات الضريبية "المقاصة"، تعادل حوالي 65 بالمئة من مجمل الإيرادات المالية الحكومية، وهي محجوزة بقرار من وزير المالية الإسرائيلي" بتسلئيل سموتريتش" مجمل الإيرادات المالية الحكومية، وهي محجوزة بقرار من وزير المالية الإسرائيلي" بتسلئيل سموتريتش".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات الرئاسية الإيرانية: مراكز الاقتراع تفتح أبوابها و


.. مناظرة رئاسية اقتصرت على الهجوم المتبادل




.. تباين كبير بين ردود فعل مؤيدي بايدن وترامب


.. استطلاع يرجح أن دونالد ترامب هو الفائز في المناظرة الأولى




.. صدمة في أوساط الحزب الديمقراطي من أداء بايدن في المناظرة