الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقامة المرض .

صباح حزمي الزهيري

2024 / 5 / 31
الادب والفن


مقامة المرض :

يقول محمود درويش : ((فإن أسباب الوفاة كثيرةً من بينها, وجع الحياة)) , ويعظنا المؤمنون : (( زر المحكمة مرة في العام لتعرف فضل الله عليك في حسن الأخلاق, وزر المستشفى مرة في الشهر لتعرف فضل الله عليك في الصحة والمرض , وزر الحديقة مرة في الأسبوع لتعرف فضل الله عليك في جمال الطبيعة, وزر المكتبة مرة في اليوم لتعرف فضل الله عليك في العقل, وزر ربك كل آن لتعرف فضله عليك في نعم الحياة, وأن من كنوز البر كتمان المرض والمصايب والصدقة)) .
نصاب هذه ألأيام أنا وأصحابي ( جماعة المتهيئين للمغادرة ) بأمراض كنا نحسبها خفيفة, أو كنا نستخف بها بلا أبالية فتمر وننساها , ألا انها أصبحت أقوى منا ألآن , ولا تكاد تمر ألا بعد مراجعات وفحوصات وعلاجات.
رحم الله المتنبي حين قال :
((أَلَحَّ عَلَيَّ السُقمُ حَتّى أَلِفتُهُ ....وَمَلَّ طَبيبي جانِبي وَالعَوائِدُ
مَرَرتُ عَلى دارالحَبيبِ فَحَمحَمَت ....جَوادي وَهَل تَشجو الجِيادَ المَعاهِدُ)).

اصعب بيت شعر للمتنبي هو: أَلَمٌ أَلَمَّ أَلَمْ أُلِمَّ بِدَائِهِ – إِنْ آنَ آنٌ آنَ آنُ أَوَانِهِ
أَلَمٌ: يعني التألم من المرض.أَلَمَّ: يعني أحاط, أَلَمْ: كلمة مركبة بين الهمزة للاستفهام, ولم النافية, أُلِمَّ: يعني أحطت به, بِدَائِهِ: يعني المرض, انْ: شرطية, آنَ: تشير إلى التوجع والأنين, آنَ: يعني المريض, آنُ أَوَانِهِ : يعني حان وقت الشفاء منه.
تلك الرسالة القصيرة التي تثبت لنا كم نحن ضعفاء, حتى أنّنا نصبح مكلومين للأسى , يضعفنا صغير الشوك ويوجعنا ولا نعلم إن كان هذا المرض سيزول سريعاً أم سيبقى بنا, المرض بحدّ ذاته فكرة يمكن أن تدفعنا للأفضل أو أن تجعلنا نتراجع إلى الوراء, حتى الشعراء عندما عبروا عن المرض وصفوه بالليل الدائم ليلاً طويلاً قاسٍ لا نهاية منه.
الجواهري في وصف المرض : ((وملنيَ الفراش وكان جنبي يملُّ لقاءه في كل عام عليلُ الجسم ممتنعُ القيام شديدُ السكر من غير المدام ..وزائرتي كأنَّ بها حياءً فليس تزورُ الا في الظلام ..بذلت لها المطارف والحشايا فعافتها وباتت في عظامي ..يضيق الجلد عن نفسي وعنها فتوسعه بأنواع السقام ..أراقب وقتها من غير شوق مراقبةَ المشوقِ المستهام .. ويصدق وعدها والصدق شرٌّ إذا ألقاك في الكُرب العظام ..أبنتَ الدهر عندي كل بنتٍ فكيف وصلتِ أنتِ من الزحام ..جرحتِ مُجرَّحاً لم يبقَ فيه مكانٌ للسيوف ولا السهام ..يقول لي الطبيب أكلت شيئاً وداؤك في شرابك والطعام ..وما في طبّه أنّي جوادٌ أضرَّ بجسمه طولُ الحمام ..فإنْ أمرضْ فما مرض اصطباري وإنْ أحممْ فما حمَّ اعتزامي)) .
إنّ من أعظم النّعم على الإنسان نعمة الصحة والعافية, فإذا أصيب بمكروه ومرضٍ مؤلم في جسده فقدت الحياة بريقها في عينيه, ويقولون ان المريض مأجورٌ إن صبر , وصبر أيوب شفاه عندما دعا ربه كشف الله عنه البلاء, وشفاه من جميع أمراضه وأعاده طبيعياً, فالمرض اختبار للإرادة , وان الإلحاح في الدعاء يغير القدر, وكنت اسمع أمي تردد :(( قل أعوذُ بكلماتِ اللهِ التامةِ, من كلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ, ومن كلِّ عينٍ لامَّةٍ)) .
يقولون النقاهة اجمل جزء في المرض, والاعتدال خير الدواء, ومن أكل إلى أن يمرض صام إلى أن يبرأ, والرجل المكسورة لا تعالج بجورب من حرير, وكما أن البدن إذا مرض لم ينفع فيه الطعام والشراب فكذلك القلب إذا مرض بالشهوات لم تنجع فيه المواعظ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقطات من عرض أزياء ديور الرجالي.. ولقاء خاص مع جميلة جميلات


.. أقوى المراجعات النهائية لمادة اللغة الفرنسية لطلاب الثانوية




.. أخبار الصباح | بالموسيقى.. المطرب والملحن أحمد أبو عمشة يحاو


.. في اليوم الأولمبي بباريس.. تمثال جديد صنعته فنانة أميركية




.. زوجة إمام عاشور للنيابة: تعرضت لمعاكسة داخل السينما وأمن الم