الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معبر رفح.. الغياب الفلسطيني

سليم يونس الزريعي

2024 / 6 / 1
القضية الفلسطينية


يبدو ٱن مشكلات نقل المساعدات الإنسانية إلى ٱهل غزة عبر رصيف ٱمريكا البحري الذي لفظه بحر غزة، دفع واشنطن إلى الضغط على كل من مصر والكيان الصهيوني لفتح معبر رفح الذي أغلقته مصر من جانبها بعد أن سيطر جيش الاحتلال مطلع شهر مايو على الجانب الفلسطيني منه، مما جعل القاهرة حينها تقرر إغلاق المعبر ووقف تدفق المساعدات في غياب طرف فلسطيني على أساس أن المعبر مصري فلسطيني وحتى إشعار آخر.
لكن وقف المساعدات وتحديدا من معبر رفح شكل إحراجا كبيرا للولايات المتحدة التي تعاني من ضغط وغضب شرائح واسعة من المجتمع الأمريكي جراء موقف إدارة بايدن من حرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني على غزة؛ بذريعة الحرب على حماس، في حين ٱن حماس محمية في الأنفاق ، لكن من اكتوى بنار المحرقة منذ ثمانية أشهر هم 127 ألف شهيد ومفقود ومصاب من أطفال ونساء وشيوخ غزة من المدنيين الذين قضوا قتلا وتجويعا.
الموقف الأمريكي الذي تحرك بدوافع مصالحه لمواجهة حالة الغضب والاحتقان الداخلي الأمريكي؛ وتحديدا بين شريحة الطلاب والٱمريكيين من أصول عربية والأمريكيين المسلمين، خاصة وأن بايدن الذي يطمح في ولاية رئاسية ثانية لا يريد خسارة أصوات هذه الشرائح في عام الانتخابات، فيما الدافع الآخر هو حماية أمن الكيان الصهيوني حتى من حماقات قادته، وهي رسالة مهمة أيضا للأوساط اليهودية الأمريكية من مرشح رئاسي يطمع في نيل أصواتهم في الخامس من نوفمبر المقبل، أضف إلى ذلك أن استمرار حرب الإبادة واتهام واشنطن أنها شريك في العدوان يلحق أبلغ الضرر بصورتها لدى حلفائها العرب والمسلمين أمام شرائح واسعة من شعوب المنطقة، وهذا من شأنه أن يضر بمصالح أمريكا ويكشف كذب ونفاق الإدارات الأمريكية المختلفة التي طالما ادعت مساندة والدفاع عن حقوق الإنسان؛ في حين أنها شريك للكيان الصهيوني في حربه على أهل غزة.
ولذلك مارست إدارة بايدن نفوذها لدى القاهرة وتل الربيع بضغط مزدوج من أجل حل مشكلة معبر رفح، من ذلك ما نقلته وسائل إعلامية من أن الرئيس الأمريكي أبلع السيسي أن إدارته ستضطر إلى توجيه نقد علني للقاهرة؛ اذا لم تحل مسألة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، ولذلك كان لافتا.الإعلان أن مصر بالاتفاق مع أمريكا قررا إدخال المساعدات بالتنسيق مع الكيان الصهيوني عن طريق معبر كرم أبو سالم مؤقتا إلى أن يجري الاتفاق على تواجد طرف فلسطيني يقوم بذلك .
فيما اتفق الجانبان المصري والصهيوني على انسحاب قوات الاحتلال من المعبر، مع إبلاغ الجانب المصري أن هناك قرار أمريكي صهيوني بأن الجانب الفلسطيني لن يكون بأي حال حماس؛ أو أي طرف له علاقة بها.
لكن اللافت هنا هو ما أعلنته السلطة الفلسطينية من أنها اتفقت مع مصر على إدخال المساعدات عن طريق المعبر الآخر شرق رفح مؤقتا. وهذا مؤشر على أن القاهرة ستستغل الظرف الراهن من أجل تصويب وضع معبر رفح ليكون معبرا سياديا شرعيا فلسطينيا مفتوح على مدار اليوم والساعة، بعد أن حولته القاهرة في جانبه المصري إلى معبر يحكمه شرط الضرورة للقطاع المحاصر برا وبحرا وجوا، وهو من ثم لا تحكمه قواعد المعابر الحدودية بين دولتين ، وهو ما كانت قد سعت إلية حماس بعد أن فصلت القطاع عن الضفة اعتقادا منها أن مصر ستسمح لها أن تحل محل السلطة من الناحية القانونية والشرعية، وصولا لهدف إقامة نموذجها الفكري والسياسي في القطاع بعد سيطرتها عليه بالقوة، لكن مصر كانت على وعي أن هذه لعبة لن تكون طرفا فيها، بأن تسمح لحماس أن تحل مكان السلطة بمعناها وتجلياتها السيادية، وإنه لمن السذاجة السياسية التي راودت البعض حينها، تصور أن القاهرة يمكن أن تتجاوز القانون وتشرعن العلاقة مع سلطة حماس عبر التعامل معها كصاحبة ولاية قانونية على قطاع غزة عبر معبر رفح، والقبول بأن تحل حماس قانونيا محل السلطة الفلسطينية؛ مع أن هناك فرقا بين سلطة أمر واقع؛ وسلطة هي موضوعيا صاحبة الولاية الشرعية والقانونية، وهذا ليس تقييما للسلطة كأشخاص وإنما لمفهوم السلطة الفلسطينية كشخصية معنوية هي في موقع الدولة التي ينظم بمكوناتها القانون الأساسي الفلسطيني، مع أن من كان يتحمل مرارة الحصار واقعا هم أهل غزة، وهو واقع قرره عن سابق إصرار سلوك حماس أثر سيطرتها بشكل غير شرعي عام 2007 على القطاع وطرد السلطة الفلسطينية، وهذا بالمناسبة هو توصيف قانوني سياسي، ولا يذهب كتقييم لأداء السلطة في رام الله.
ومع ذلك فإن هناك عقبة أمام تسلم السلطة في رام إدارة معبر رفح راهنا على الأقل، كون الكيان الصهيوني يضع فيتو على وجود السلطة في المعبر، فيما ترفض الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، ليس تسلم حماس المعبر، وإنما وجودها كتنظيم وبنية سياسية وعسكرية في القطاع؛ وبدورها من المتوقع أن لا تسلم حماس بسهولة بذلك حتى لو تكن حاضرة في المشهد الغزي، ولكنها حاضرة عبر أنصارها ونفوذها الذي أسسته خلال حكمها للقطاع، كما أنه من غير المتصور أن تقدم السلطة على ذلك دون توافق فلسطيني على ضوء الاستحقاقات اللاحقة وحجم التآمر على الشعب الفلسطيني. مع أن هناك إرادة أمريكية ومصرية وعربية على تولي السلطة هذا الدور الذي سيكون له علاقة وثيقة باليوم التالي لانتهاء الحرب، على ضوء الحديث عن حل سياسي للقضية الفلسطينية تنوي واشنطن مع أطراف دولية وعربية ..رعايته.
والسؤال على ضوء كل ذلك، هل يفرض الكيان الصهيوني وجهة نظره في البحث عمن يدير المعبر من أبناء غزة دون أن تكون له علاقة بالسلطة أو حماس؟ أم أن الضغط الأمريكي والمصري سيذلل عقبة الرفض الصهيوني لأي دور للسلطة في المعبر أو غزة؟ لكن الأهم من كل ذلك هو متى تدرك الأطراف الفلسطينية سواء السلطة أو حماس أن الآتي بالمعني السياسي يفوق كارثة حرب الإبادة التي يمكن أن تتجاوزها الشعوب الحية، لأنها تمس مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة، كهدف مرجلي وحق العودة وفق القرار 194؟ نحو كيان فلسطيني بمواصفات صهيونية وأمريكية وصهيونية عربية.
إن عجز كل من السلطة وحماس على تجاوز مصالحهما الضيقة واستمرار الانقسام،سيدفع ثمنه الشعب الفلسطيني، وربما سيسمح بتسرب من يتولى المسؤولية في غزة من أهل القطاع، بدعم صهيوني وأمريكي وعربي، وسيتحمل عندها من انحاز لمصالحة على حساب مصالح الشعب الفلسطيني المسؤولية الفكرية والسياسية والأخلاقية أمام الشعب والتاريخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يكون قانون -الحريديم- في إسرائيل سببا في إنهاء الحرب؟ | ا


.. فيليب عرقتنجي ولينا أبيض: رحلة في ذكريات الحرب وأحلام الطفول




.. مصر: مشروع قانون الأحوال الشخصية.. الكلمة الأخيرة للمؤسسات ا


.. هآرتس: استعداد إسرائيل لحرب مع حزب الله بالون أكاذيب




.. إسرائيل تؤكد على خيار المواجهة مع حزب الله وواشنطن ترى أن ال