الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثنائية الإبداع في قصيدة -خلف الباب- سمير التميمي

رائد الحواري

2024 / 6 / 4
الادب والفن


ثنائية الإبداع في قصيدة
"خلف الباب"
سمير التميمي
"خلف الباب
..........
بابٌ مغلَقْ
أوصَدَهُ طفلٌ في الخامسةِ من عمرٍ كانْ
على نفسهْ
خوف الموت بقذيفة تأتيه
من صاروخٍ أعمى
أو من مدفعْ
تأتيه قذيفة من أيِّ مكان
وبصمت
جلس الطفل في زاوية الغرفة
يرقب اصوات القصف واللمعان
يبكي
تتفجر من قلب الطفل الاحزان
ينادي أباه
ينادي أخاه وينادي أمه والجيران
وما من أحد يسمع نداء الطفلِ
صوت دوي صمَّ الآذان
ينفتحُ البابُ الموصد
ويسود الصمت في كلِّ الأركانْ
يهرعُ
رجالُ الإنقاذ إلى حيثُ الطفلْ
ما وجدوا الطفلَ
ما وجدوا غير صورةِ طفلْ
بلونِ الدَّمْ قد رُسِمتْ
مكتوبٌ فوق الصورةْ
(كان يا ما كان)
طفلٌ من غزةْ
استُشهِدََ هذا اليوم بفعل القصفْ
ترقص من حولهْ شاراتُ النصرْ
وكل الألوانْ".
أن يقدم الشاعر قصة من خلال قصيدة، وبما يقارب المائة كلمة فقط، فهذا يعد استثناء، ويحسب للشاعر الذي جمع الحسنين معا، القصيدة والقصة، وبما أنه قدم قصة غير عادية، تجمع بين الواقع وبين الفانتازيا، فقد أضاف جمالية ثالثة على "خلف الباب" مما يجعل المتلقي يتوقف متأملا عند هذه الفنية التي جاءت في القصيدة/القصة.
يفتتح الشاعر القصيدة/القصة بمشهد طفل يوصد بابا مغلقا، مما يجع فتحه أكثر صعوبة، وقد حدد عمر الطفال ب "الخامسة" وهذا الإيضاح لم يأت من فراغ، أو لنتعاطف مع الطفل فحسب، بل أيضا لأنه من مقتضيات العمل الأدبي وفنية القصة، فهناك أحداث متعلقة بهذا الطفل، وعلى القاص/الشاعر أن يتقن ما يقدمه من أحداث/تفاصيل متعلقة بشخصية القصة التي يتحدث عنها.
إذن نحن أمام طفل يوصد بابا مغلقا، وهنا يدخلنا القاص إلى معلومة جديدة متعلقة بالهدف/السبب وراء هذا الإغلاق المزدوج للباب: خوفا من الموت، وكلنا يعلم أن الموت واحد، لكن الشاعر/القاص يجعل أسبابه متعددة: "قذيفة، صاروخ، مدفع" وهذا يدخلنا إلى مفارقة مدهشة "طفل بعمر خمس سنوات تطارده "قذائف، صاروخ، مدفع" مما يجعل المتلقي يصاب بصدمة، بدهشة، وتجعله يتساءل: هل فعلا هذا الأمر/الحدث حقيقي، أم من خيال الشاعر، وهل يعقل أن نكون في الألفية الثالثة، وفي زمن الحرية وحقوق الإنسان والطفل، ويكون/يحصل مثل هذا الحدث!؟
يدخلنا الشاعر/القاص إلى تفاصيل أخرى متعلقة بحال الطفل، ناقلا لنا الرعب الملازم "للقذيفة، للصاروخ، للمدفع" والمتمثل بالصوت ومشاهد الانفجارات التي تحدثها أدوات الموت، مستخدما لفظ: "وبصمت" وفي سطر منفصل، وكأنه بهذا "الصمت" يريدنا أن نتوقف عند ما يجري للطفل الوحيد، وهو يتعرض لأدوات الموت والتدمير:
"جلس الطفل في زاوية الغرفة
يراقب أصوات القصف واللمعان"
ثم ينقل لنا ردة فعل الطفل "يبكي" على ما يشاهده ويسمعه، في سطر منفصل كإشارة على أهمية فعل "يبكي" وما يتبعه من:
"ينفجر من قلب الطفل الأحزان"
المثير في هذا المشهد جعل الانفجارات متعلقة بقلب/بأحزان الطفل وليس للقذيفة/للصاروخ، للمدفع" كما أن عدد من نادتهم/استنجد بهم: "أباه، أخاه، أمه، الجيران" يتجاوز عدد مصادر الخوف/الهلع الذي شاهده وسمعه، وهذا يقودنا إلى حالة الرعب/الهلع التي يمر بها الطفل، لكن عدد النداءات/ينادي" مساوي لعدد مصادر الرعب.
بعدها يركز الشاعر/القاص على الأصوات من خلال: "يسمع، نداء صوت، دوي، صمت، صمّ الآذان" نلاحظ أن الأصوات متعددة المستويات، ومنها ما هو متعلق بحالة الطفل، ومنها ما هو متعلق بالمكان، الغرفة والبناية والحي الذي يجري قصفه.
يبتعد الشاعر/القاص عن مشهد الطفل والمكان الذي تعرض للقصف، وينقلنا إلى رجال الإنقاذ الذين "ما وجدوا الطفل، ما وجدوا غير صورة طفل" ثم يدخلنا إلى فانتازيا مثيرة من خلال: "صورة، طفل من غزة، استشهد هذا اليوم بفعل القصف" كان يفترض أن تتم القصة/القصيدة بواقعية كما بدأت، لكن هذا الخروج عن العقل/المنطق يمثل ثورة/صرخة على حجم المجازر التي يقترفها العدو بحق أهلنا في غزة.
وإذا ما توقفنا عند نهاية القصة سنجدها بيضاء "ترقص من حوله شارات النصر وكل الألوان" وكأن الشاعر/القاص يريد بها القول إن هناك شعب يحب الحياة/رقص/النصر/الألوان رغم القذيفة والصارخ والمدفع.
واللافت في هذه القصيدة/القصة اللغة السهلة والسلسة التي جاءت بها، مما يجعلها مفهومة/مقبولة من قبل الراشدين والأطفال معا، وبما أنها تتناول حالة ساخنة في فلسطين، فهذا يجعلها قصيدة في مكانها ووقتها الصحيح.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر
Sameer Tamimi








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موسيقى وأجواء بهجة في أول أيام العام الدراسى بجامعة القاهرة


.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد




.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم


.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?




.. لعبة الافلام الأليفة مع أبطال فيلم البحث عن منفذ لخروج السيد