الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نَظَرِيَة «الْأَنَا»، و«الْأَنَانِيَة»

عبد الرحمان النوضة
(Rahman Nouda)

2024 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


[ هذا المقال هو فَصْل مُحَيَّن مِن كتابي : هل مَا زَالت الماركسية صالحة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي؟"(1). ]
1 ◾ بـعد تجربتي المُتواضعة في مجال الاشتـغال بالنظرية الماركسية، أَحْسَـسْتُ أنّه، مِن بين النّـقائص المُهمّة في الماركسية، نَجد غِيّاب نظرية حول الصّراع فيما بين الأشخاص كَأَشْخَاص ذَاتِيِّين.
وَمُرَاجَـعَة التَجارب المَلموسة، بما فيها تجارب الثَورات الاشتـراكية، والتجارب الحِزْبِيَة لِلْأحزاب الاشتـراكية الثورية، وَحَتَّى تَجارب الحياة المُجتمعية العادية، تُـعَـلِّمُنَا أنّ واقع المُجتمع، لا يحتوي فـقط على الصِّراع فيما بين طَبَـقَات المُجْتَمَع، (أو صراع فيما بين فِئَات طَبَـقِيَة)، وإنما يحتوي أيضًا على صِراعات فيما بين الأشخاص كأشخاص ذَاتِيِّين. وهذه الصِراعات فيما بين الأشخاص (كأشخاص ذَاتِيِّين) هي أيضًا ظَاهِرة مُجتمعية مُتَمَيِّزَة عن ظاهرة الصِّراع فيما بين طبقات المُجتمع.
فإذا كانـت الماركسية تتوفّر على نظرية قـويّة، وفـعّالة، في ميدان الصراع فيما بين الطبقات المُكَوِّنَة لِلْمُجتمع الرَّأْسَمَالي، فإن المناضلين الماركسيين، غالبًا ما يجدون أنـفسهم فَاقِدِين لأيّة مَهَارة تَحْلِيلِيَة عندما يُريدون مُعالجة الصِّراعات المَوجودة فيما بين الأشخاص (كأشخاص ذَاتِيِّين).
بينما ظَوَاهِر هذه الصراعات فيما بين الأشخاص (كَأَشْخَاص ذَاتِيِّين)، مُنـتشرة في كلّ مُجتمعات العالم. وَغَالِبًا مَا لَا يعرف المُناضلون كَيْف يَفْهَمُوا، أو كَيـف يُفسِّرُوا، هذه الصِّرَاعَات المُتَـكَرِّرَة، والحَادَّة، فيما بين أشخاص ذَاتِيِّين. وَتُوجد هذه الصِّراعات، ليس فـقط فيما بين أشخاص يَنـتمون إلى طبقات مُختلـفة، وإنّما أيضًا فيما بين أشخاص يَنتمون إلى نـفس المَجْمُوعة المُتَجَانِسَة، سَوَاءً كانـت هذه المَجموعة هَيْئَة، أو مُؤَسَّـسَة، أو طَبَقَة، ٍأو فِئَة طَبَـقِيَة، الخ. وَيُمكن أنْ نُلاحظ أيضًا وُجود صِرَاعَات فيما بين أشخاص يَنْتَسِبُون إلى نـفس المُؤَسّـسة، أو إلى نـفس العائلة، أو فيما بين أشخاص يَنْخَرِطُون في نـفس الحزب السياسي، أو في نـفس الهَيْئَة الحِزْبِيَة، أو في نـفس الجماعة الحزبية، أو في نَفس التِيَّار السياسي، أو في نفس اللّجنة، أو في نفس الخليّة، الخ. «»
ولاستـعمال بعض المَعالم، أو المَراجع، أو المُعطيات المَعروفة، مثلًا فيما يَخص تاريخ ثورة سنة 1917 في رُوسيا، أُشِير إلى أنّ بعض المُناضلين يعرفون جانـب الصِّراع فيما بين الطَّبَـقَات، الذي جَرَى آنذاك في المُجتمع الرُّوسي (أيْ بين طبقة البُورجوازية الكبيرة الرَّأْسَمَالِيَة، والطّبقة العاملة أو طبقة البْرُولِيتَارِيَا، وطبقة البُورجوازية الصَّغِيرَة، وجماهير الـفَلّاحين، الخ). لكن كثيرا مِن المُناضلين لَم يَكونوا يَرَوْا في الصراعات التي جرت مثلًا بين الأشخاص افْلَادِيمِير لِينِين (V. Lénine)، وَجِيُورْجِي ابْلِيخَانُوف (G. Plekhanov)، وَنِيكُولَاي بُوخَارِين (N. Boukharine)، وأَلِيكْسَانْدْرَا كُولُونْطَايْ (A. Kolllontaï)، وَاكْلَارَا زِيتْكِين (C. Zetkine)، وَلِيُّون اطْرُوتْسْكِي (L. Trotsky)، وَجُوزِيـف اسْطَالِين (J. Staline)، الخ، لَمْ يَكُونوا يَرَوْا في هذه الصِرَاعَات جَانِبَ، أو بُعْدَ، أو مَدَى، الصِّرَاع فيما بين أَشْخاص كَأَشْخَاص ذَاتِيِّين.
فَمَا هو مَصْدر هذه الصِّراعات الـقائمة فيما بين الأشخاص (كأشخاص ذَاتِيِّين) ؟ وما هي أسباب هذه الصراعات ؟ وما هي أهداف هذه الصِّراعات ؟ وما هي مَضَامِين هذه الصِّرَاعَات ؟ وكَيـف نَـتـعامل مع هذه الصراعات فيما بين الأشخاص الموجودين داخل نـفس الطّبقة، أو داخل نـفس الـفئة الطّبـقـية، أو داخل نـفس الهيئة، أو نـفس الجماعة، أو نـفس الحزب السياسي، أو نـفس التيار السياسي، الخ ؟
2 ◾ مُحاولة الإجابة على هذه الأسئلة السّابقة، تُؤَسِّـس لِنَظَرِيَة «الْأَنَا» و«الْأَنَانِيَة». وَتَـكْتَسِي نَظريّة «الْأَنَا» و«الْأَنَانِيَة» أهمّية بالغة. لأن كلّ شخص «أَنَانِي» يَميل، في عَصرنا الحَديث، إلى أنْ يَكون رَأْسَمَالِيًّا، أو يَميل إلى مُناصرة الرَّأْسَمَالِيَة. والرَّأْسَمَالِيَة تُـقَوِّي «الْأَنَانِيَة» لدى المُواطنين. كما أنّ المُواطنين «الْأَنَانِيِّين» يُـقَوُّون الرَّأْسَمَالِيَة. وَلَا يُمكن أن تَـكُون الرَّأْسَمَالِيَة قَوِيَّة بِدُون وُجُود مُواطنين ذَوِي «أَنَانِيَّات» قَوِيَّة. وَحتّى إذا لم تَكن الرَّأْسَمَالِيَة مُوجودة، فإن الشّخص «الْأَنَانِي» سَيَعْمَل تِلْقَائِيًّا بهدف خَلـقها، أو نَشْرِهَا، أو تَعْمِيقِها. بينما الشّخص المُتَضَامِن مع غَيره، يَميل إلى مُساندة الْإِصْلَاحَات المُجتمعية ذات الطَبِيعَة الاشتراكية. «»
3 ◾ نُسجّل أن ظَواهر «الْأَنَا» و«الْأَنَانِية» ظَلّت مَوجودة في كلّ أنماط الْإِنْتَاج (modes de production) الماضية، بما فيها العُبُودِيَة، والْإِقْطَاعِيَة، وَحتّى الرَّأْسَمَالِيَة، والشِيُّوعِيّة. فَهِيَ إِذَن ظَوَاهِر تَتجاوز أنماط الإنتاج المختلفة.
4 ◾ مِن بين مِيزات «الْأَنَا»، أنّه يَمِيل بِسُهولة نحو السُّلُوك «الْأَنَانِي». وَ«الْأَنَانِيَة» تُعْمِي يَقَظَة الشّخص المَعْنِي. وَتُغَذِّي أَوْهَامَه حول نَفْسِه. وَيَمِيل «الْأَنَا» إلى الاعتـقاد أنّه يَعرف كلّ شَيء بِشكل تِلْقَائِي، وَأنه يُتْـقِنُ كلّ شيء، بما فيه المَنْطِق. (وَأَقْصِد بِـ «المَنْطِق» : المَنْهَجَ السَّلِيم في التَفْكِير). والجَوْهَر في كُلّ «أَنَا»، هو جَوْدَة «المَنْطِق» الذي يَشْتَـغِل به هذا «الْأَنَا». و«المَنطق» هُنا هو مَوْضُوع ثانوي دَاخِل الموضوع الرَّئِيسِي (المُتَعَلِّق بِـ «الأنا»). لأنه تُوجَد عَلاقة وَطِيدَة بَين نَوْعِيَة «الْأَنَا»، وَمَنْطِقِه، وَوَعْيِه السِّيَاسِي، وَنَوْعِيَة مُمَارَسَتِه. وَنظرًا لأهمّية «المَنطق» في حياة كُلِّ «أَنَا»، يَحْتَاج هُنا مَوضوع «المَنْطِق» إلى أنْ أُقَدِّمَ بعض التَفاصيل التَّالِيَة :
5 ◾ مِن الغَرَائِب التي تَكَادُ لَا تُصَدَّق، أن نِسْبَة هامّة مِن المُواطنين لَا يُتْـقِنُون المَنْطِق. بَل لَا يَعرفون أصلًا حتّى ما هو المَنْطِق السَّلِيم. وَلَا يُدرك كثير من المُواطنين أنّ عَدَم إِتْـقَان المَنْطِق يَتَسَبَّبُ في نَتائج كَارِثِيَة في حياتهم. وَمِن المُحْتَمَل أن تُنَـغِّصَ نَتائج المَنطق الخاطئ كلّ ما تَبَـقَّـى مِن حياة هؤلاء المُواطنين. وَفي مُعظم الحالات، حينما يَستـعمل شَخص مُعَيَّن مَنْطِقًا خَاطِئًا، أو سَيِّئًا، فإنه لَا يُدْرِك ذلك. وَغَالبًا ما تَكون نَـتائج عَدَم إِتْـقَان المَنطق مُضِرَّة، أو صَادِمَة، أو مُخَيِّبَة لِلآمال. وهذه النـتائج الصَّادِمَة هي وَحدها الـقادرة على إجبار الشّخص المعني على الاعتـراف بِأنّ المَنْطِق الذي اِسْتَعْمَلَه في تَفكيره، أو في سُلوكه، لم يَكن صحيحًا.
6 ◾ على عكس بعض الاعتـقادات الشّائعة، لَا يَـقْدِر على إِتْـقَان المَنْطِق سِوَى أَقَلِّيَة من المُواطنين. وحتّى المُواطنون المُؤَهَّلُون لِإِتْـقَان المَنطق، لَا يَقدرون على إِتْقَانِه بشكل مُسْتَمِر، أو مُتَتَابِع، أو مُسْتَدَام، وفي كلّ الأوقات، وفي كلّ المَيادِين. وَإِنّما يُتْـقِنُونَ المَنطق بشكل نِسْبِيّ، أو عَابِر، أو مُتَـقَطِّـع، أو مُتَفَاوِت، مُرُورًا من وقت لآخر، وَمِن مَيْدَان إلى آخر. وَتُوجد علاقة عَمِيـقَة بين المَنطق، والوعي السياسي، والسُّلُوك، والثَّـقَافَة، والمَعارف، والعُلُوم الدَّقِيقَة.
7 ◾ كُلّ «أَنَا» هو مُرَشَّح لِكَي يَكون فَاعِلًا سيّاسيًّا. وَكلّ فَاعِل سِيَّاسِي («ألْأَنَا») لَا يَقدر على أن يَكون فَاعِلًا مُسْتَـقِلًّا إذا لَمْ يَكُن مَنْطِقُه سَلِيمًا. وكلّ فَاعل سيّاسي («الْأَنَا») لَا يَستـعمل مَنطقًا سَلِيمًا، سَيَصْعُبُ عليه تَحديد أعدائه، أو فَهْمِهِم، أو تَنْفِيذ خُطَط مُلَائِمَة، أو فَعَّالَة، لِمُقاومة أَعْدَاءِه. وَكُلَّمَا تَعَرَّض مَنطق «الأَنَا» لِلتَّأْثِير، أو لِعَمَلِيَّة التَحَكُّم (manipulation)، من طرف أعداء هذا «الأنَا»، سَيَكُون مَآل مَنْطِق هذا «الْأَنَا» هو الفَسَاد. وَسَيَقْلِب هذا «الْأَنَا» (المُتَلَاعَب بِعَقْلِه) الحَقَائِقَ على رَأْسِها. وَسَيَرَى في أَعْدائه أَصْدِقاء. كما سيرى في أَصْدِقائه أعداءً. وَبَدَلًا مِن مُقاومة أعداءه، سَيَمِيل هذا «الْأَنَا» المُتَحَكَّم فيه إلى الْإِسْتِسْلَام، أو الْاِنْبِطَاح، لِأَعْدَاءِه.
8 ◾ أتـذكّر أنه كلّما عَمِلْتُ في حياتي باعتـقاد تَسَاوِي المُواطنين في مَجَال اِستعمال المَنْطِق السَّلِيم، في قضايا هامّة، كان تَأْثِير هذا الاعتـقاد الخاطئ على حياتي هو الـفَشَل، أو المُغامرة، أو النَّكْسَة، أو المُعَانَاة المُؤْلِمَة، خلال أمد طويل من حياتي. «»
ومِن بين الأخطاء الجَسِيمَة التي اِرتـكبتُها أنا شخصيًّا عدّة مرّات في حياتي، هي أنني كُنـتُ أظنّ أنّ كلّ الأشخاص مُتَسَاوُون في المَنْطِق. أَيْ أنهم يُـفَكِّرُون بِنَفس المَنْطِق الذي أُفَكِّر به أنا شخصيًّا. واعتـقدتُ أنّ أيّ شخص يَحصل على نـفس المُعطيات التي أتوفّر أنا عليها، سَيُفَـكِّر بِمَنْطق مُشابه لِمَنْطِقِي، وَسَيَصل إلى نـفس النَتَائج، أو الْاِسْتِنْتَاجَات، أو الخُلاصات، التي أصل أنا إليها. وهذا ظَنٌّ خاطئ. لأن جزءًا من المُواطنين لَا يُتْـقِنُون المَنْطِق. (ومن الغُرُور أن أعتقد أنا أيضًا أنني أُتْـقِنُ المَنْطِق في كلّ شُؤُون حياتي). وَلَا يُؤمن بِمُساواة المُواطنين في مَجال استعمال المَنْطق سوى السُّذَّج، أو المُبْتَدِئُون، أو الهُوَّاة، أو غَيْر العُلماء.
9 ◾ كان من وَاجِب المدرسة العُمومية (الابتـدائية، ثمّ الثانوية) أن تُعَلِّم التَلَامِيذ المَنْطِق السَّلِيم. لكن الكثير من الأنظمة السياسية المُسْتَـغِلَّة، أو المُسْتَبِدَّة، تَتَلَافَى تَـعْلِيم المَنْطق السَّلِيم لِلتَّلَامِيذ والطَّلَبَة. لأن هذه الأنظمة المُستبدّة تُـفَضِّل أن يَكون المُواطنون جاهلين. ولأن التَجْهِيل هو وَسِيلَة (مِن بين وَسائل) إِخْضَاع المُواطنين المَيَّالِين إلى النَّـقد، أو العِصْيَان، أو الثّورة. وَلِأَن إِتْـقَان المَنْطق السَّلِيم هو مِن بَيْن الأسْلِحَة المُستعملة في مَيادين المَعرفة، والوعي السياسي، والنَّقْد السياسي، والاقتصاد السياسي، والصراعات السياسية، الخ.
10 ◾ وفي مَيدان التـعليم، فإن «شُعْبَة الْآدَاب»، وكذلك في «شُعْبَة الدِّرَاسَات الإِسْلَامِيَة»، لَا تُـعَلِّمَان التلاميذ والطَّلَبَة إِتْـقَان المَنطق، وَلَا العُلوم الدَّقِيقَة. فَيُصْبِح تَلاميذ وطلبة هَاتَيْن الشُّعْبَتَيْن مُواطنين مُعَوَّقِين فِكْرِيًّا، وعلى مَدَى الحياة. وَيَظنّ عادةً طَلبة شُعْبَتَيْ «الآدَاب» وَ«الدِّرَاسَات الإسلامية» أنهم يَتَعَلَّمُون الحَدَّ الْأَدْنَى الضَّرُورِي من المَعْرِفَة. لكن هذا الزَّعْم غَير حَاصِل. وَمِن الصَّعْب إِنْجاح حِوَار سَلِيم بين مُواطن اِتَّبَعَ «شُعبة العُلوم الدَّقِيـقَة»، وَمُواطن اِتَّبَع «شُعبة الآداب»، أو «شُعبة الدِّراسات الإسلامية». لأن سُوء التَفَاهُم بين خِرِّيجِي هذه الشُّعَب كثيرة، وَعَميـقة، خاصّةً في مَجال المَنْطِق. «»
11 ◾ رَغم أنه بِإمكان كل مُواطن أن يَتَـعَلَّم عِلْمَ المَنْطِق (في المدرسة، أو خارجها)، فإن غالبية المُواطنين لَا يُحِسُّون بِالحَاجَة الضَرُورة لِتَعَلُّم إِتْـقَان المَنطق. لأنهم يَظُنُّون أن اِتْـقَان اِسْتِـعْمَال المَنْطِق، هو سُلُوك تِلْقَائِي. ولأنهم يَعتـقدون أنهم لَا يَحتاجون إلى تَعَلُّم خاص لهذا المَنْطِق. ولأنهم يَتَصَوَّرُون أنّ حَدَسَهُم التِلْقَائِي، أو الغَرِيزِي، كَافٍ لِكَيْ يُدْرِكُوا كلّ حَقَائِق الحياة. أو لأنّ ضُعْف مَنْطِقِهِم (الْـلَّا وَاعِي) هو نَفْسُه يَجعلهم يَظُنُّون أن مَصالحهم المُستـعجلة، أو الأساسية، لَا تَكْمُن في تَعَلُّم إِتْـقَان المَنطق (الذي يَستـعملونه)، وإنّما تَـكْمُن في تَلْبِيَة حاجيّاتهم الـفَوْرِيَة، أو البِدَائِيَة (مثل الأكل، أو الجنس، أو الكَسْب، أو الرِّبْح، أو التَمَلُّك، أو السَّيْطَرة، أو الهَيْمَنَة، أو الْاِحْتِـكَار، الخ).
12 ◾ غَالِبًا مَا يَكُون «اَلْأَنَا» قويًّا جدًا، إلى دَرجة أنه يَحُثُّ الفَرد المعني، على الارتقاء إلى مَناصب المَسْئُولِيَّات الكبيرة في المُجتمع، حتّى لَوْ لَمْ تَـكُن لدى هذا الشّخص مُؤَهِّلَاتٌ كَافِيَة. وهكذا يُصبح جزء مِن المَسْئُولِين الكبار، أو الحُكَّام، في المُجتمع، ذَوِي مَنْطِق رَدئ، أو ذَوِي ثَـقَافَة هَزِيلَة، أو مُنْعَدِمِي الحِكْمَة. وهكذا يُمكن أن تَتَحَوَّل الدَّوْلة الرَّأْسَمَالِيَة إلى شَبَكَة، أو مَافْيَا وَاسِعَة، مِن الأشخاص المُسْتَلَبِين (aliénés)، والـفَاسِدِين، والمُستبدِّين(1). وحتّى حينما يُؤدِّي جهل هؤلاء الأشخاص لِلمَنْطِق السَّلِيم إلى مَآسِي، أو إلى كَوَارث مُجتمعية مُؤْلِمَة، فإن المُواطنين المَعْنِيِّين لَا يُدركون أنّ «أَنَانِيَّتَهُم»، أو أنّ طريـقتهم الخاطئة في التَـفْكِير (المَنطق)، هي مِن بين الأسباب الهَامّة في مَآسِيهِم الشّخصية.
13 ◾ المَنْطِق مَيْدَان شَاسع. وَلِلتَّذْكِير بما هو جوهري في المَنطق، أَقُول أنّ الـقاعدة الأُولى في المَنطق هي أنّه لَا يَحِقُّ لِأَيّ شخص أنْ يُعْلِن أَيَّ تَصْرِيح، إِلَّا إِذا كان هذا التَصريح مَبْنِيًّا على أساس «حُجَج مَقْبُولة». والـقاعدة الثّانية هي أنّه لَا يَحقّ لأيّ شخص أنْ يَنْتَـقِل (في تَفْكِيره) من فِكْرَة إلى أُخْرَى، إِلَّا إذا كان هذا الانتـقال مَبْنِيًّا على أساس «حُجَج مَقبولة». و«الحُجج المَقبولة» هي التي يُمكن لأيّ شخص عاقل أن يَفْحَصَها، وأنْ يُراقبها، وَأنْ يُجَرِّبَها، وأنْ يَتَأَكَّد مِن أنها سَلِيمة، أو صحيحة، أو ثَابِتَة، أو مَضْبُوطَة، أو مُقْنِعَة. و«الصَّحيح»، أو «الثَّابِت»، (في المَنطق) هو ما يَنْسَجِم مع الـقَواعد الـفِزِيَّائِيَة المُتَحَـكِّمَة في ظَوَاهِر الْكَوْن. والمَرجع في المَنطق، ليس هو «الْأَنَا»، أو الدِّين، أو العادات، الخ، وَإِنَّمَا المَرْجِع هو الوَاقِع المادّي، وهو الكَوْن.
14 ◾ في كلّ "فَرْد"، أو في كلّ "شخص" مُحدّد، نجدُ أنّ المَركز الصُّلْب فيه، والغير قابل لِلْاِخْتِزَال، هو "ذَاتُهُ"، أي "أَلْأَنَا" (l égo, le Moi, the Self)، المَوْجُود فيه.
وَنَـقْصِدُ بِـمَـفْهُومِ "الـفَرد"، أو "الشّخصِ"، الكَائِنَ «أَلْأَنَا» (le Moi). وَيَـكُونُ «أَلْأَنَا» تَارَةً كَـائِنًا في ذَاتِه (en soi)، وَيَكُونُ تَارَةً أُخْرَى كَائِنًا لِذَاتِه (pour soi)، أو هُمَا مَعًا.
15 ◾ في اللغة العربية، «أَنَا» هُو ضَمِير يَستـعمله، على السَّوَاء، المُتـكلّم المُذَكَّر، والمُتـكلّم المُؤنّث. ويـكون ضَمِير "أَنَا" على شكل مُفْرَد، ولا يُثَنَّـى. وَجَمْـعُ «أَنَا» في اللّغة العربية هو "نَحْن" (ضَمِير الجَمْع المُتَكَلِّم، المُخْبِر عن نَـفسه). لكن لا تُوجد في اللغة العربية كَلِمَة، أو صِيغَة، لِلتَّـعْبِير عن جَمْع اِسْم «أَلْأَنَا»، على شكل صِيغَة : «-ُون»، أو «-َات». فَلَا نـعرف كيـف نُسَمِّـي مَجْمُوعة من «أَلْأَنَا» المُتَـعَدِّدِين. فَأَسْتَـعمل شخصيّا عبارة «أَنَات» (des Mois)، للكلام عن مجموعة من «أَلْأَنَا» المُتَـعَدِّدِين. وَلَوْ أنّ هذه الكلمة (أَلْأَنَات) لا تُوجد في اللغة العربية. وكلّما اِسْتَـعْمَلْتُ عبارة «أَلْأَنَات» بدلًا من اِسْتِعْمال عبارة «الأفراد»، أو «الأشخاص»، فهذا يعني أنني أُرِيد التـركيز على ذلك المَرْكَز الصُّلب، الغير قابل للاختـزال، الموجود في كلّ واحد من هؤلاء «الأفراد»، أو «الأشخاص»
16 ◾ كُلّ «أَنَا» له «شَخْصِيَّةٌ» خَاصَّة به، تُمَيِّزُه نِسْبِيًّا عن شَخْصِيَّات «أَلْأَنَات» (جَمْع أَنَا) الآخرين، المُتواجدين معه في بيئته المُجتمعية. وَلَوْ أن هذه «الشّخصيّة» تَبْـقَـى قَابِلَة لِلتَّأَثُّـر، والتَطَوُّر، والتَـغْيِير، والتَهْذِيب، والتَحْسِين، الخ. كما تظلّ «الشّخصيّة» قَابِلَة أيضًا لِلتَّأَزُّم، أو لِلْخَطَأ، أو لِلْمَرَض (الجسدي والنَّفْسِي)، أو لِلْاِنْحِرَاف، أو لِلتَّدَهْوُر، الخ.
ومن بين أنواع «الشّخصيّات» الشَّائِـعَة، نَجد مثلًا : «الشَّخْصَ» المَرِحَ، أو الحَزِين، أو العَاطِفِي، أو المُنْفَعِل، أو المُتَحَـفِّظ، أو الشُّجَاع، أو المُتَوَاضِع، أو الحَكِيم، أو المُتَأَنِّي، أو المُنْدَفِع، أو المُتَسَرِّع، أو المُتَهَوِّر، أو المُتَـكَبِّر، أو المُعِين، أو الغَشَّاش، أو المُكْتَشِـف، أو المُـغَامِر، أو صاحب الحِيَل، أو العامل المَاهِر، أو النَّاسِخ، أو المُبْتَـكِر، أو المُتَضَامِن، أو المُفْرِط في الأَنَانِيَة، وما إلى ذلك.
17 ◾ كلّ «أَنَا» يَتَمَيَّز بِـقَدْر مُحَدَّد مِن سِـعَة الوَعْيٍ السياسي، وبـقدر مُحدّد من وُضُوح الرُّؤْيَة السياسية، وبـقدر مُحدّد في درجة العَزِيمَة على تَحْـقِيـق الطُمُوحَات الشخصية، وَبِقدر مُحدّد من المَهَارَات، وبـقدر مُحدّد مِن الرَّغْبَة في خِدْمَة الجَماعة أو التَـكَامُل معها، وبـقدر مُحدّد من الـقَبُول بالتَضْحِيَّة بِالذَّاتِ لخدمة الجماعة، الخ.
18 ◾ كُلّ «أَنَا» مُحَدَّد، إِلَّا وَيُوجد فيه قَدْرٌ مُـعَيَّن من «أَلْأَنَانِيَة»، وَقَدْر مُعيّن من «الذَّاتِيَة». وهذه «أَلْأَنَانِيَة» (أو «الذَّاتِيَة» المُفْرِطَة)، هي ظاهرة شَائِعَة، أو طَبِيـعِيَة، أو مَوْضُوعِيَة. وَشُيُوع هذه الظّاهرة يَجعلنا نَـفْتَرِض أنّ «الْأَنَانِيَة» هي فِطْرِيَة، أو مُتَأَصِّلَة، في كُلّ كَائِن حَيٍّ. وَمُعظم العائلات يُحِسُّون أنّه من الطَبِيعي أنْ يأتيَ أَبْنَاؤُهُم الصِّغَار مُحَمَّلِين بِـ «أَنَانِيَة» تِلْقَائِيَة. ثمّ يُحاول الآباء بِالتَدْرِيج أنْ يُرَبُّوا أَبْنَاءَهُم على التَحَكُّم النِسْبِي في «أنَانِيَتِهِم».
19 ◾ أُعَرِّفُ الشّخص «أَلْأَنَانِي» بِكَوْنِه يَسْعَى إلى تحقـيق مصالحه الخاصّة، على حساب مصالح مُجتمعه، ودون مُوافـقة مُجتمعه. وَيَتَمَيّز الشّخص «الأَنَانِي» بِتَمَحْوُر تَفكيره وَسُلوكه حول ذَاتِه. وَيَتَـعَلَّق الشخص الأناني بشكل مُفْرِط بـنـفسه. وَيَتَهَرَّبُ من المُساهمة في إنجاز الأهداف التي هي أهداف جَماعية، أو مُجتمعية. ومن بين الأخطاء المُتَـكَرِّرة لدى الشّخص «الأناني» أنه يأخذ في الاعتبار مَشَاعِرَه الشّخصية، وَيَتَغَاضَى عن مُراعاة بعض مُعْطَيَات الواقع الموضوعي. «»
20 ◾ تُعَبِّر «أَنَانِيَة» كلّ فَرد عن التَنَاقُض الموجود فيما بين هذا الفَرد والجَمَاعة (أو الجماعات) التي تَشْمَلُه، أو التي تُوجد في محيطه. ولا يُوجد بَشَرٌ بِدُون «أَنَانِيَة». وإنما يَختلـف البَشَر فيما بينهم بِدَرَجَة قُوَّة هذه «أَلْأَنَانِيَة» التي يَحْمِلُونها. ويتميّز البَشَر فيما بينهم بِمِقْدَار الاجتهاد الذي يَبذلونه لِلتَّحَكُّم في أَنَانِيَتِهِم.
21 ◾ لَيْسَت «الْأَنَانِيَة» عَيْبًا. وإنّما العَيْب هو عَدَم اِجْتِهَاد الشّخص المَعْنِي بِهَدَف التَحَـكُّم في «أَنَانِيَتِه». لأن كلّ مُجتمع يطلب من الأفراد الذين يُكَوِّنُونَه أنْ يُبْـقُوا أَنَانِيَّتَهُم مُخَـفَّضَة إلى أَدْنَى حَدٍّ مُمكن. والغَايَة من وَاجِب التَحَكُّم في الْأَنَانِيَة، هي تَسْهِيل اِنْدِمَاج كلّ شَخْص مَعني في المُجتمع الذي يَشْمَلُه. وَكُلَّمَا سَهُلَ اِنْدِمَاج شخص مُحدّد في مُجتمعه، كُلَّمَا تَكَاثَرَت إِمْكَانِيَّات تَـعَاوُن، وَتَضَامُن، وَتَـكَامُل، هذا الشّخص مع مُجتمعه. وإذا لم يَتَحَـكَّم شخص مُحدّد في أَنَانِيَّتِه، تَحَوَّل (هذا الشّخص) إلى صِنْف من الطُفَيْلِيَّات (parasite) التي تَعيش على حساب المُجتمع الذي يحيط بها. وَفي هذه الحالة، سَتَتَصَاعَد حِدَّة التَنَاقُضات بين الـفرد ومُجتمعه. وَسَيَتَحَوَّل هذا الـفرد «الأناني» إلى عامل من بين عوامل تَأَزُّم مُجتمعه، أو تَـفَكُّكه، أو اِنْهِيَّاره، ثمّ فَنَاءه.
22 ◾ مِن طَبيعة «الْأَنَا» أنّه عَنِيدٌ في اِقْتِنَاعِه التِلْقَائِي بِكَوْنِه يَفْهَم كلّ شيء، وَيَـعْرِف كلّ شيء، وَيَـقْدِر على فِعْل كلّ شيء، وأنّه يَتَسَاوَى مع أيّ كان، أو أنّه يَتَـفَوَّق على أيّ كان، الخ. وَمِن الشّائع أنْ يَـقُول الشّخص «الْأَنَانِي» في داخل نـفسه : «لَا يُوجد شخص آخر يَـفْهَم أحسن مِنِّي؛ وَلَا يُوجد مَن يَـعْرِف أكثر مِنِّي» !
23 ◾ مِن صِفَات «أَلْأَنَا» أنه يَظُنّ تِلْقَائِيًّا أنه ذَكِيٌّ، وَقَـوِيّ، وَمَشْرُوع، وَمُبَرَّر، بما فيه الكفاية، لكي يَتَحَدَّى أَيًّا كَان، وَأَيَّ شَيء كان. وَإِنْ كان لَا يَتحدّاه في العَلَن، فَسَيَتَحَدَّاه في السِرِّ.
24 ◾ مِن ميزات الأشخاص «الأنانيّين» أنهم يطمحون إلى احتـكار أكثر ما يُمكن من المِلْكِيَّات الخُصُوصية. وَيُريدون أن يَكونوا في مواقع الصَدَارَة، أو الـقِيَّادَة، أو السُّلْطَة، أو الزَعَامَة، وَلَوْ أنهم لَا يَتَوَفَّرُون على المُؤَهِّلَات الضَرورية، وَلَا على الشَّرْعِيَة الكَافِيَة لذلك. وَيُمارسون أساليب في التَـنَافُس يَمنـعها الـقانون، أو تَحْظُرها الأخلاق. ويستعملون تَحالـفات غير مَبْدَئِيَة. وَيَتَبَادَلُون الرَّشَوَات، والخَدَمَات، والْاِمْتِيَّازَات، التي يَمنـعها القانون. وَغَايَتُهم هي الوُصُول إلى مواقع السُّلْطَة، أو السَّيْطَرَة، أو الهَيْمَنَة، وَلَوْ بِطُرق غير شَرْعِيَة، وَلَوْ كانوا لَا يَعرفون ماذا سيـفعلون بهذا النُـفُوذ. وَلَا يَعُون أنّهم مُسْتَلَبِين (aliénés). وَهَمُّهُم الوحيد هو الْاِغْتِنَاء الشَّخْصِي الْأَسْرَع، والْأَكْبَر. وَشِعارهم هو : «الْأَنَا مِنْ أَجْل الْأَنَا… وَكِلّ شَيء آخر لَا يَهُم» !
25 ◾ يُمكن تَـقْسِيم «أَلْأَنَات» (جَمْع أَنَا) إلى أَصْنَاف مُتَبَايِنَة وَمُتَنَاقِضَة. مثل : العَالِم والجَاهِل؛ العَـقْلَانِـي والعَشْوَائِي؛ الوَاعِي وغَير الوَاعِي (أو التَّائِـه)؛ الـقَوِيّ الإرادة وضَعيـف الإرادة؛ المُجتهد والمُتـكاسل؛ الأناني والاشتـراكي؛ المُكافح والجَبان؛ النَزِيه والغَشَّاش؛ الخ. وبعض «أَلْأَنَات» يُريدون أَنْ يَمْتَلِـكُوا، أو أن يَسْتَهْلِـكُوا، أَكْثَرَ مِمَّا يُنْتِجُون. وبعض «أَلْأَنَات» يُريدون أن يَسْتَمْتِـعُوا أكثر مِمَّا يَـعْمَلُون.
26 ◾ كلّ «أَنَا» إلّا وهو مُتَطَوِّر، وَمُتَنَاقِض. وله تاريخ وِلَادَتِه، وله أيضًا تَاريخ مَوْتِه. كما أنّ كلّ مجموعة من «أَلْأَنَات» (جَمْع «أَنَا») تـكون بالضّرورة، هي أيضًا، مُتَطَوِّرَة، وَمُتَنَاقِضَة، وَمُتصارعة.
27 ◾ «الأَنَانِيَة» هي تِلْـقَائِـيَة، أو عُضْوِيَة، في «أَلْأَنَا». وهي العُنْصُر الذي يُخَفِّض الوَعْي السياسي، أو يُضْعِف الرُّؤْيَة الفِكْرِيَة، أو يُـطْـفِـئُ العَـقْـلَ، أو يُهَمِّد الـقُدرة على التَحَكُّم في النَّفْس، أو يَخْنُـقُ الـقُدْرَةَ على مُمَارَسَة النَـقْـد الذَّاتِـي. وَجَدَلِيَة الواقع الحَيّ تَجعل أنه مِن المُمكن أيضًا أن تَـكون «أَنَانِيَة» الْأَنَا مُحَـفِّزًا على عكس مَا سبق ذِكْرُه. فَمِن المُمكن أن تَـكون «الْأَنَانِيَة» مُشَجِّعَة على الانـتباه، والحَذر، واليَـقظة، والنَّـقد، والتَـعَـقُّـل، والتَسَامُح، والتَضَامُن، الخ. وهذا التَنَاقُض مَوجود في الواقع الحَيّ، وليس مُجرّد خطأ في تَـفْكِيرِي الشّخصي.
28 ◾ يَمِيل «أَلْأَنَا» بِـقُوّة مُذْهِلَة إلى الدِفَاع عن نَـفسه، وَلَوْ بشكل مُتَحَيِّز، وَمَـفْضُوح. وَيَـقُوم أَحْيَانًا بهذا الدِّفاع عن النّفس عَبْر دَوْسِ حُـقُوق «أَلْأَنَات» (جمع أَنَا) الآخرين المُنَافِسِين، أو المُتصارعين معه. والمُجتمعات الأكثر تَحَضُّرًا تُـغَـلِّب قِيمَة «الجماعة» على قـيمة «أَلْأَنَا» الـفَرْدَانِية، أو الأنانية.
29 ◾ تـدفـعنا التَجارب إلى الاعتـراف، ليس فـقط بِوُجود طَبـقات المُجتمع، وَبِصِراعها الطّبـقي، بل يَحُثُّنَا أيضًا واقعُ المُجتمع على الإقرار بِوُجود صراع فيما بين «أَلْأَنَات» (جمع «أَنَا»). ويوجد هذا الصراع فيما بين «أَلْأَنَات» في كلّ مَرَاتِب، أو مُسْتَوَيَات، مَنْظُومَة المُجتمع، من أسفلها إلى قِمَّتِها. كما يُوجد الصِّراع فيما بين «أَلْأَنَات» في كلّ الميادين، وفي كلّ الْإِطَارَات، وحتّى داخل كل طبقة مُجتمعية مُنْسَجِمَة، وداخل كل حزب مُحَدّد، وداخل كل جماعة، كيـف ما كان نوعها.
30 ◾ كُلَّمَا كان «المُجتمع» يتـكوّن من مَجموعة كبيرة من «أَلْأَنَات»، فإن «أَلْأَنَا» يَظهر كَمُـقَابِل لِـ «الجَمَاعَة»، أو كَـنَـقِـيض لِـ «المُجتمع». وميزة كُلّ «أَنَا»، في كُلّ شَخص، هي قَدْرٌ مُـعَـيَّـن مِن «اَلْأَنَانِيَة»، ومن «الذَّاتِيَة». و«الأنانية» تُؤَدِّي بِسُهُولَة إلى «الانـتهازية». و«الانـتهازية» تَدْفَعُ الشّخص المَعْنِي نَحو الوقاحة، وربّما حتّى التَحَايُل، أو الغِـشّ، أو الفَسَاد، أو الجريمة. وتظهر الانـتهازية، وكذلك الجريمة، كَتَـعْبِير عن وُجُود تَنَاقُض فيما بين «أَلْأَنَا» الـفَرْد ومُجتمعه. وميزة «أَلْأَنَا» البِدَائِيَة، أو الدَّفِينَة، هي طُمُوحه التِلْـقَائِـي، أو الغَرِيزِي، إلى التَـعْـبِير عن نَـفْـسه، وإلى مُحاولة مُنَافَسَة أَمْثَالِه، وإلى مُحاولة إِثْبَات ذَاتِه، أو مُحاولة فَرض أَفْضَلِيَتِه.
31 ◾ مِيزَة «أَلْأَنَا» هي مُيُولُه إلى المُنَافَسَة، وإلى الصِّرَاع، وإلى البحث عن الْأَفْضَلِيَّة، وإلى الرّغبة في الغَلَبَة، وإلى إرادة فَرْض السَّيْطَرَة على الغَيْر.
32 ◾ مِيزة «أَلْأَنَا» هي أنه لَا يَرَى سِوَى مَصَالِحَه الخُصوصية. وَغالبًا مَا يَرْفُض «أَلْأَنَا» الاعتراف بِمَشْرُوعِيَة مَصَالِـح مُنَافِسِيه، أو يَنْـكُر مَشْرُوعِيَة حُـقُوق خُصُومِه، أو أعداءه. وعند اِخْتِيَّار مَوَاقِفِه السياسية، أو عند اِخْتِيَّار اِصْطِفَافِه إلى جَانِب مُـعَسْكَر هذه الـقُوّة السياسية أو تلك، فإن «أَلْأَنَا» يُرَاعِي مَصالحه الشّخصية الضَيِّـقَة، ولا يُبالي كثيرا بِمَصالح الجَماعة (أو المُجتمع)، وَلَا بِِالْـقَانون، وَلَا بِالدِّين، وَلَا بِالأخلاق.
33 ◾ مِن بَيْن صِـفَات «أَلْأَنَا» أَلْأَنَانِي، أنه يَرْفُضُ الْاِهْتِمَام بِمصالح الجَماعة (أو المُجتمع) التي نَمَى فيها. فهو يُريد الاستـفادة من الجَماعة (أو من المُجتمع الذي تَرَعْرَعَ فيه)، وفي نَفس الوَقت، يَرْفُضُ إِفَادَة هذه الجَماعة (أو المُجتمع). وَفي مُعظم الحالات، يُحاول «أَلْأَنَا» تَلَافِيَ إِفَادَة جماعته (أو مُجتمعه) إذا لم يَحصل (هذا أَلْأَنَا) على مُـقابل مادّي، وَفَوْرِي.
34 ◾ إذا لم يَتـعلّم المُواطن في شبابه كَيْـفِـيَّـة تَحَـكُّمِه في «أَنَانِيَتِه» المُتَهَوِّرَة، وإذا لم يَتَـعَلَّم المُواطن بَاكِرًا أن السُلُوك الأكثر إِفَادَةً له، هو تَـغْـلِيب مَصَالِـح جَماعته على مَصالحه الشّخصية الخُصوصية، فَمِن المُمكن أن يَتحوّل هذا المُواطن «أَلْأَنَانِي» إلى شِبْه حَيوان مُـفْـتَرِس، يَتَمَيَّز بالأنانية، أو بِالاِنـتهازية، أو بالنِّـفَاق، أو بالـغِـشّ، أو بِالـفَسَاد، أو بِالْإِجْرَام. وفي هذه الحالة، سيكون بِالضَّرورة مُسِيئَا لِمُجتمعه، وَلِنَـفْـسِه.
35 ◾ مَا هي رِهَانَات الصِّراعات فيما بين «أَلْأَنَات» ؟ وَعَلَى ماذا تَـدُور الصراعات فيما بين «أَلْأَنَات» ؟ إنها تَدُور عَادَةً، ليس فقط حول التَبَاهِي («أنا أحسن منك»)، وحول اكتساب الـقِيمَة الاعتبارية («أنا أفضل منك»)، بل تَـدُورُ أيضًا حول اكتساب الأشياء («هذا الشَّيْء هو لِي وَحْدِي»)، وَحول تَمَلُّـك الثَرَوَات («هذا في مِلْكِيَّتِي، وَأَمْنَع عليك الْاِقْتِرَاب منه»)، وحول التَحَـكُّم في الهَيْئَات («أنا المُقَرِّر الْأَوْحَد»، أو «أَنَا المُسَيِّر الوَحيد»، أو «أنا مُؤَهَّل أَحْسَنَ مِنْك لِمُمَارَسَة القِيَّادَة»). وكلّ «أَنَا» يَدَّعِي أَفْضَلِيَتَه على مُنَافِسِيه، وَلَوْ لَم يَـكُنْ يَـكْتَسِبُ الخِبْرَة الضرورية، أو التَأْهِيل الـلّازم، المَطلوب في المَنْصِب القِيَادِي المُتـنازَع حوله. وَتَحْدُثُ الصِّراعات فيما بين «أَلْأَنَات» حول تَمَلُّـك المَوَارِد، وحول اِحتِلَال مَنَاصِب المَسْئُولِيَّة، وَحول مُبَاشَرَة المَسْئُولِيَّات، وَحَوْل تَدْبِير الْإِطَار المُشترك، وحول تَحْصِيل المَدَاخِيل، وحول الْاِسْتِـفَادَة مِن الْاِمْتِيَّازَات، وحول اِكْتِسَاب الجَاه.
36 ◾ يَمِيل كلّ «أَنَا» أَنَانِـي إلى إِثْبَات ذَاتِه، عَبْر نُـكْرَان وُجُود «أَلْأَنَات» الآخرين المُنافسين، أو عبر تَبْخِيس قِيمَة «أَلْأَنَات» الآخرين المُنَازِعِين. وَيَمِيل كلّ «أَنَا» أَنَانِـي إلى الدِّفَاع عن حُـقُوقه عبر إِلْـغَاء حُقـوق «أَلْأَنَات» الآخرين المُزَاحِمِين. كما تـدور الصِّراعات فيما بين «أَلْأَنَات» حول الزَعَامَة («أنا الزَّعِيم الأكبر»، «أنا الـقائد الوحيد»، و«أنـت التَابِع المُنَـفِّـذ»، و«أَنَا وَحْدِي الحَكِيم، بَيْنَمَا أنـت المُخْطِئُ الضَالُّ»). وَتَدُور أيضًا النِزَاعَات فيما بين «أَلْأَنَات» حول القُدُرَات الـفِـكْرِيَة («أَنَا أَفْهَم أَكْثَرَ مِنْك»، أو «أَنَا أَعْرِف أحسن منك»).
37 ◾ مَا دام الصِّراع بين «أَلْأَنَات» يَشْمَل الصِرَاع حول تَمَلُّك وَسَائِل الْإِنْتَاجِ، وحول تَدْبِيرِهَا، فإن الصراع فيما بين «أَلْأَنَات» لَا يَكون غَرِيبًا، أو مُنفصلًا، أو مُستـقلًّا، عن الصراع فيما بين الطَّبقات المُكَوِّنَة لِلمجتمع. بل هذان النَوْعَان من الصِّراعات يَلْتَـقِـيَّان من فتـرة لأخرى، أو يَتَرَابَطَان فيما بينهما، أو يَمْتَزِجَان، أو يَنْدَمِجِان في بعض الحالات. وَيُـغَـدِّي كلّ نَوْع مِن بين هذين الصِّراعين الصِّرَاعَ الآخرَ.
38 ◾ كَيـف نُعالج التـناقضات فيما بين «أَلْأَنَات» ؟ أَحْسَن السُّـبُِـل الثَّورية لِلتَّـعَامُل مع التـناقضات فيما بين «أَلْأَنَات»، هو الرُجُوع، أو الْاِحْتِـكَام، إلى جَماهير الشّعب (le retour aux masses). وَلَوْ أنه مِن المُمكن أن تُخْطِئَ جماهير الشّعب في بعض الحالات. لأنه يُحْتَمَل أن يَكون الاحتـكام إلى عامّة الشّعب أَقَلَّ خَطَءٍ من الاحتـكام إلى فِئَة صغيرة من المُواطنين. وفي نـفس الوقت، يجب تَلَافِي تَـقْـدِيس الشّعب. بل تَنْبَـغِي المُساهمة في نَـقْدِه(1)، وَفي تَثْوِيرِه. وَيُمكن أن يُنْجَزَ هذا «الرُجُوع والْاِحْتِـكَام إلى جماهير الشعب» على شَـكْل اِسْتِـفْتَاء شَـعْـبِـي، أو على شكل اِنْتِخَابَات عَامَّة، أو على شَكْل "ثَوْرَة ثَـقَـافِـيَـة". وَيُسْتَحْسَن أنْ تَـكون هذه الانـتخابات العامّة، أو هذه "الثَّوْرَة الثَـقَافِيَة"، مَصْحُوبِين بِنِـقَاش سِيَّاسِي جَمَاهِيرِي وَاسِع، وَمَدِيد، وَكَاف. وَالجانـب المُهِمّ في هذا الحَلّ، هو خُصُوصًا خَوْض النِّـقاش السياسي الجماهيري العَلَنِي، والصِّراع السياسي الجماهيري، وممارسة النَـقْد الثوري الجَيِّد، والنَـقْد الذَّاتِي النَزِيه، والعمل على تَـقْيِيم التَجارب، وَتَـغْـلِيب المَوْضُوعِيَة الثورية، وَتَـصْحِيح الأفكار، وَتَـنْـقِـيح السُلُوكِيَّات، وَتَـثْـوِير «أَلْأَنَات»، وَتَـقْـوِيم الأشخاص، وَإِعَادَة تَرْبِيَّتِهِم، وَالتَحَلِّي بِالتَوَاضُع، وَبِالْـكِيَّاسَة، وَتَلَافِي الْإِهَانَة، أو التَجْرِيح، أو الظُّلْم، أو اَلْاِنْحِيَّاز اَلْـغَيْر مَبْدَئِـي. مَعَ عدم نِسْيَان أن المُرَبِّي يحتاج هو نـفسه، وبشكل مُتواصل، إلى إعادة التَرْبِيَة. كما يَتطلّب الحَلّ أيضًا المُراقبة المُتَبَادَلَة، والنّـقد الثوري المُتبادل، والمُحاسبة المُتبادلة، والخُضوع المُتساوي لِلًقَـوانين، ولِلْأَخْلَاق، وَلِلْمَبادئ المُشتركة.
39 ◾ سَيْرُورَة تَهْيِئ، وَإِنْجَاح، وَتَثْبِيت، الثَّوْرة المُجتمعية الاشتـراكية، تَتَطَلَّب تَـغْيِير وَتَثْوِير أَصْنَاف «أَلْأَنَات» (المَوْجُودِين في المُجتمع). وكلّ ثورة مُجتمعية اِشْتِرَاكِيَة تُهْمِل تَرْبِيَة وَتَثْوِير أَصْنَاف «أَلْأَنَات» لَدَى عَامَّة المُواطنين، ستصبح مُعرّضة لِلْاِنْحِرَاف، ثمّ لِلْفَشَل. وَقُوَّة كلّ ثَوْرَة مُجتمعية، وَقُـوَّة كلّ سُلطة سياسية، وَقُوَّة كل نِظام سياسي، وقـوّة كل مُجتمع، تَأْتِي مِن جَوْدَة أَصْنَاف «أَلْأَنَات» المَوْجُودين لدى غَالِبِيَة المُواطِنين.
رحمان النوضة
(تمّ الانتهاء من تحرير هذا المقال في 7 يونيو 2024).

الـــــــهــــــــوامــــــــش :
(1) رحمان النوضة، هل مَا زَالت الماركسية صالحة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي؟"، نشر يوليوز 2015، الصفحات 195، الصيغة 17 :
https://livreschauds.wordpress.com/2015/01/03/liste-لائحة/
(2) أُنظر كتاب: رحمان النوضة، أطروحات حول الدّولة، نشر 2022، الصفحات 157، الصِّيغة 16 :
https://livreschauds.wordpress.com/2015/01/03/liste-لائحة/
(3) أُنظر كتاب: رحمان النوضة، نَقْد الشّعب، نشر 2012، الصفحات 395، الصيغة 56.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بحث أصيل
حسين علوان حسين ( 2024 / 6 / 7 - 17:17 )
الأستاذ الفاضل عبد الرحمان النوضة المحترم
تحية حارة
بحث أصيل ومطلوب ويملأ فراغاً مؤسفاً في حقل الدراسات الماركسية.
من خلال اطلاعاتي على الأدبيات الماركسية، أجد نقصاً واضحاً في تطوير نظرية أثر المميزات الذاتية للقائد السياسي في العملية الثورية والتي يمكن أن تتأرجح بين تحقيق الانجاز المذهل (لينين، مثلا) والنكوص (ستالين) والانهيار التام (غورباتشوف). وكثيرة جداً هي الأمثلة التاريخية التي تبرهن أن تواجد الشخصية الفلانية بمميزاتها الذاتية المحددة في الزمكان يفسر جانباً مهماً من تدحرج الأوضاع يميناً أو يساراً أو تجميدها مرحلياً أو تراجعها. يجب اعادة الدراسة المعمقة لدور الفرد في التاريخ ليس فقط كانسان منفرد وانما من خلال علاقاته مع رفاقه. وعليه فإن هناك حاجة ماسة لاستكمال جانب التحليل التطبيقي للمقدمة النظرية التي تفضلتم بعرضها.
في تصوري، أن من المفيد جدا دراسة تأثيرات الطبيعة الشخصية المميزة للقادة على مواقفهم من بعضهم البعض.
واصلو اتحافنا بدراساتكم الأصيلة، استاذنا الفاضل.
فائق التقدير والاعتزاز


2 - نحتاج جميعا إلى تـقاسم الدراسات الماركسية
عبد الرحمان النوضة ( 2024 / 6 / 7 - 21:57 )
شكرا للسيد المحتـرم حسين علوان حسين على تـعليـقك (تسلسل رقم 2) المُشجع، والمفيد. تـعليقك يدل على أنك تـعرف المشكل الذي تطرقت إليه في مقالي قبل أن تقرأ مقالي هذا. ويدل تعليقك على أنه سبق لك أن فكرت في هذا الموضوع. وأتـفق معك على أنه -يوجد نقص واضح في تطوير نظرية أَثَر المُميزات الذاتية للقائد السياسي في العملية الثورية، والتي يمكن أن تتأرجح بين تحقيق الإنجاز المذهل (لينين، مثلا)، والنكوص (ستالين)، والانهيار التام (غورباتشوف)-. ونحتاج جميعا إلى تـقاسم الدراسات الماركسية حول قضايا الثورة، بما فيها -دراسة تأثيرات الطبيعة الشخصية المميزة للقادة على مواقفهم من بعضهم البعض-. شكرا لك.


3 - إدارة الحوار المتمدن لا تقوم بواجبها المرجو
عبد الرحمان النوضة ( 2024 / 6 / 7 - 22:29 )
التـعليق (تسلسل رقم 1)، والمنشور باسم -ح. كريم-، هو تـعليق خارج عن الموضوع، وغامض، وغير مفهوم. وفي هذا التـعليق نـبرة احتقارية. ويظهر أن نص هذا التـعليق مكتوب، ليس من طرف إنسان، وإنما من طرف تطبيق -ذكاء اصطناعي- ردئ. ومِمَّا جاء في التعليق مثلًا : -الشخص… غير حريّ بالاحترام… مُهندس مواسير الصَّرف الصّحّي للمياه الثقيلة… الحلّاق= مُصمّم تصفيف الشَّعر… ضابط التخلص مِن النفايات… العرب كجنس، البهيم جنس... حديقة الحيوان…، الخ-. وهل هذا التـعليق هو من فعل ميليشيا الإنترنيت التي سبق لي أن فضحت هجماتها ؟
ونشر هذا التـعليق يُثْبِتُ، مرّةً أخرى، أنّ إدارة موقع الحوار المتمدن ما زالت لا تَقُوم بواجبها المرجو. ويظهر أن مقالي السابق المعنون بـ -موقع الحوار المتمدن مهدّد-، لم يؤثّر بعد في إدارة الحوار المتمدن. ويُفتـرض في إدراة موقع الحوار المتمدن أنها تـفحص كل ما هو مقتـرح للنشر، وتـراقب هل هو يحتـرم قـواعد النشر في الحوار المتمدن أم لا. فكيـف يُعقل السماح بـنشر تـعليق خارج عن الموضوع، ومهين، وغير مفهوم؟


4 - من اجتَنَى الشهد قاسى لسع النحل
حسين علوان حسين ( 2024 / 6 / 8 - 11:15 )
الاستاذ الفاضل عبد الرحمان النوضة المحترم
تحياتي الحارة
الرفاق الاعزاء في هيئة تحرير الحوار المتمدن الأغر استجابوا لرجائكم بحذف التعليق اياه، فلهم مني كل التقدير والشكر والعرفان
استاذي الفاضل
كثيرا ما أتفكر في موضوع أثر طينة الاشخاص الممثلين للقيادة السياسية والحزبية في الزمكان في قولبة منهاجها. واقع وجود مجموعة من الاشخاص تيسر لها الأحداث تسنم موقع قيادي أعلى يستبطن أن سياسة ذلك الحزب او تلك الدولة ستكون رهينة بتوجهات هذه المجموعة أو قائدها كائنا من كان، مثل جمال عبد الناصر أو الخميني أو صدام أو بوش الابن أو ترامب، الخ. وهذا يعني ان تسلكات هذا الزعيم السياسي تكون هائلة التأثير. فلولا صعود صدام الى رأس السلطة ما قامت الحرب العراقية الايرانية 1980-8، ولا غزو الكويت وتداعياته الكارثية على العرب؛ ولولا صعود بوش الصغير لما احتل الامريكان العراق، ولولا بايدن ما قامت الحرب الاوكرانية ومجازر الابادة الجماعية في غزة، ولولا غورباتشوف ويلتسين ما انهار الاتحاد السوفيتي.
المفهوم الماركسي الكلاسيكي لدور الفرد بالتاريخ يحتاج الى التطوير، ومثله آلية اختيار القيادات السياسية للأحزاب الشيوعية.
كل الحب


5 - التطورات التاريخية تحسمها أسباب مُجتمعية
عبد الرحمان النوضة ( 2024 / 6 / 8 - 20:55 )
حول تـعليق السيد حسين علوان حسين الثاني، أنا لا أوافـق على الـفكرة القائلة: «لولا صعود صدام الى رأس السلطة ما قامت الحرب العراقية الايرانية 1980-8... ولولا صعود بوش الصغير لما احتل الامريكان العراق، ولولا بايدن ما قامت الحرب الاوكرانية ومجازر الابادة الجماعية في غزة، ولولا غورباتشوف ويلتسين ما انهار الاتحاد السوفيتي». قد تـكون هذه التـنبؤات صحيحة، وقد تـكون خاطئة. لكن لا أوافـق على أن الشخص، أو الزعيم، هو الذي يحسم في حُدوث التطورات التاريخية. وبشكل عام، التطورات المُجتمعية، والتطورات التاريخية، لها أسباب أو أسـس مُجتمعية عميـقة، وتتجاوز هذه الأسباب الأشخاص، بما فيهم الـقادة، والزعماء. وستحدث هذه التطورات التاريخية، سواء بحضور أم بغياب الـقادة، أو الزعماء. والـفكرة التي أتى به مقالي، هي أنه تُوجد ظاهرة صراع طبقات المجتمع، وتُوجد أيضًا ظاهرة صراع بين الْأَنَات (الأشخاص الذاتيين). واقتـرح مقالي أطروحة متـكاملة لتوضيح ذلك. مع تحياتي وتقديري.


6 - رأي
حسين علوان حسين ( 2024 / 6 / 9 - 11:48 )
الأستاذ الفاضل عبد الرحمن النوضة المحترم
تحية متجددة
ما تفضلتم به من وجود صراع بين الأنوات صحيح وكذلك حصول التغيرات التاريخية لأسباب مجتمعية عميقة.
في تصوري أن موضوع تفسير سبب اتخاذ الكثير من الأحداث التاريخية مسارها المحدد الذي حصلت فيه بالذات وليس غيره هو أعقد بكثير من تفاعل المؤثرات الموضوعية بالذاتية فحسب... لاحظت أن تأثير أنوات الزعامات الفاعلة وقناعاتها وصراع القيادات مهم جدا ويتطلب تعميق الدراسة فيه ودراستكم هذه خطوة مهمة على هذا الطريق.
لا يمكن اكتشاف أي سبب مجتمعي عميق ولا ضرورة تاريخية لانهيار .
...الاتحاد السوفيتي ولا للحرب العراقية الايرانية ولا للحرب الأوكرانية
المصالح الخارجية التي يتم تمريرها عبر الزعامات الفاعلة كأنوات محددة بالذات لها تاثيرها الحاسم في هذه الاحداث. مَنْ غير شخصية مثل غورباتشوف يسمح بانهيار الاتحاد السوفيتي ومن غير صدام يقبل خوض حرب طاحنة لثمان سنوات للاشيء، ومن يقبل محاربة روسيا حتى آخر أوكراني ولديه اتفاق سلام مشرف غير زيلنسكي؟
في رأيي أن هذا الموضوع بحاجة الى المزيد من التعمق بالبحث .
جزيل الشكر على التفضل بالرد، مع فائق التقدير والاعتزاز


7 - دور القادة أو الزعماء في التاريخ 1/3
عبد الرحمان النوضة ( 2024 / 6 / 10 - 13:15 )
إلى السيد حسين علوان حسين المحترم. شكرا على اهتمامك بهذا الموضوع.
1) أنـت حرّ في الدفاع عن الأفكار التي تعجبك.
2) أطروحتـك هي أن الشخص الـقائد أو الزعيم، يكتسب أهمية حاسمة في التطوّرات التاريخية، إلى درجة أنه لو لم يوجد شخص محدّد، لما وقعت الأحداث التاريخية المرتبطة به. مثلا: لو لم يوجد صدام حسين لما حدثـت حرب سنة 1980 بين العراق وإيران. ولو لم يوجد غورباتشوف، لما انهار الاتحاد السوفياتي، الخ.
3) مقالي تحت عنوان -نظرية الأنا والأنانية- لا يحتوي على هذه الأطروحة السّابقة. وأنا لا أوافـق على هذه الأطروحة. [يُتبع]


8 - دور القادة أو الزعماء في التاريخ 2/3
عبد الرحمان النوضة ( 2024 / 6 / 10 - 13:17 )
الجزء الثاني :
4) إذا تَقَيَّدْنَا بالمنطق العلمي، يستحيل أن نثبت الأطروحة السابقة. ولماذا؟ لأننا لا نستطيع إعادة التاريخ إلى الوراء. مثلا، لا يمكننا أن نرجع بالاتحاد السوفياتي إلى الوراء، مثلا إلى سنوات 1980، وأن نُزيل شخص غورباتشوف من الاتحاد السوفياتي، لكي نـفحص هل سيحدث أم لَا انهيار الاتحاد السوفياتي في سنة 1989، رغم غياب غورباتشوف. هذا مستحيل. معناه: يستحيل التَأَكُّد تجريبيا من صحّة هذه الأطروحة.
5) هذا المشكل قديم. ويعرفه المؤرخون. وهو: ما هو دور الشخص في الأحداث التاريخية الكبري، خاصة إذا كان هذا الشخص هو الرئيس، أو الـقائد، أو الزعيم؟ [يُتبع]


9 - دور القادة أو الزعماء في التاريخ 3/3
عبد الرحمان النوضة ( 2024 / 6 / 10 - 13:19 )
الجزء الثالث :
6) الماركسية واضحة حول مشكل -دور الأشخاص في التطورات التاريخية-. ويعتبر الكثير من الماركسيّين (وعلماء المجتمع) أنّ كل شخص، ولو كان هو الرئيس، أو الـقائد، أو الزعيم، له دور نسبي في الأحداث التاريخية الهامة. لكن أسباب أو مُحدّدات الأحداث التاريخية الهامة، لا تـنحصر في فاعل واحد، ولا في صنـف واحد من العناصر أو الأسباب. بل مجمل مُكوّنات المُجتمع تؤثّر، وتساهم في خلـق التطورات التاريخية.
وكل البـنيات المجتمعية التحتية، وكل البـنيات المجتمعية الفوقـية، تساهم في إنضاج التطورات التاريخية الهامة. وتـقوم معطيات الاقتصاد، والصراعات السياسية، والتـفاعلات العالمية، وخاصة الصراع الطبقـي، الخ، بالدور الحاسم في حدوث التطوّرات التاريخية الهامة.
وكلّما تـعلّق الأمر بالمجتمع (الوطني والعالمي)، فإن كل مُكوّنات المجتمع تلعب دورا معيّنًا، وتساهم في حدوث (أو عدم حدوث) التطورات التاريخية الهامة. [أنظر كتابي باللغة الفرنسية: -المُجتمعي- :
Rahman Nouda, ‘Le Sociétal’, Edition 2012, Pages 519, Version 8.pdf
ورابط هذا الكتاب هو التّالي :
https://livreschauds.wordpress.com/2011/01/01/le-societal/


10 - رأي آخر ، بكلمات كارل ماركس نفسه/1
حسين علوان حسين ( 2024 / 6 / 10 - 15:27 )
الأستاذ الفاضل عبد الرحمن النوضة المحترم
جزيل الشكر على تفضلكم بالرد الجميل. أدناه نص ماركس في كتابه -الثامن عشر من برومير- حول دور المغامر لويس بونابرت في اغتصاب كل منجزات الشعب الفرنسي من الثورة الفرنسية واستعباده لـ 36 مليون فرنسي:
- الدستور، الجمعية الوطنية، الأحزاب الملكية، الجمهوريون الزرق والحمر، أبطال أفريقيا، الراعدون من المنبر، برق الصحافة اليومية، الأدب بأكمله، الأسماء السياسية والسمعة التقافية، القانون المدني وقانون العقوبات، الحرية والمساواة والإخاء، واقعة يوم الأحد الثاني في شهر مايو عام 1852 - اختفت جميعها مثل الأوهام أمام تعويذة رجل لم يتصور حتى أعداؤه أنه ساحر. ويبدو أن حق الاقتراع العام لم يصمد إلا للحظة واحدة فقط كي يتمكن من كتابة وصيته الأخيرة بيده أمام أعين العالم أجمع بيده، ويعلن باسم الشعب نفسه: أن -كل ما هو موجود يستحق الفناء. -
لا يكفي أن نقول، كما يفعل الفرنسيون، بأن أمتهم قد أخذت على حين غرة. لا تُغفر للأمم ولا للنساء ساعة الغفلة التي يستطيع فيها فيها أول مغامر أتٍ اغتصابهن. مثل هذه التقليبات في الكلام لا تحل اللغز، بل تصوغه بشكل مختلف.
يتبع النص ، لطفاً.


11 - رأي آخر ، بكلمات كارل ماركس نفسه/ 2
حسين علوان حسين ( 2024 / 6 / 10 - 15:44 )
لا يكفي أن نقول، كما يفعل الفرنسيون، بأن أمتهم قد أخذت على حين غرة. لا تُغفرر للأمم ولا للنساء ساعة الغفلة التي يستطيع فيها فيها أول مغامر أتٍ اغتصابهن. مثل هذه التقليبات في الكلام لا تحل اللغز، بل تصوغه بشكل مختلف. ويبقى أن نوضح كيف يمكن لثلاثة فرسان من الصناعة أن يأخذوا على حين غرة أمة يبلغ عدد سكانها ستة وثلاثين مليونًا فيسلمونها إلى الأسر دون أي مقاومة.
انتهى نص كارل ماركس.
النص العلمي أعلاه يؤكد امكانية مغامر واحد من اغتصاب شعب بأكمله ومعه كل منجزاته الثورية على حين غرة.
كما يؤكد وجوب دراسة ما حصل لتوضيح أسباب تمكن مغامر واحد باستعباد الشعب الفرنسي باكمله والغاء كل مكتسباته الثورية، وليس-كما تفضلتم - القول بعدم امكانية فهمها لاستحالة اعادة عجلة التاريخ للوراء.
لاحظ كيف أن ماركس يصور انقلاب لويس بونابرت (الذي لم يكن يتوقعه أحد) بضربة ساحر -
موضوع دور الفرد في التاريخ يحتاج دراسات ماركسية جديدة تستفيد من عديد المنجزات الحديثة في علم النفس وعلم الادارة وآليات التأثير الخارجي، وتفاعل الأخيرة مع القوى الاجتماعية المؤثرة علاوة على الديالكتيك وتحليل الوقائع التاريخية.
فائق التقدير.


12 - دور القادة أو الزعماء في التاريخ 1/4
عبد الرحمان النوضة ( 2024 / 6 / 11 - 13:39 )
الجزء 1:
1) يكتب السيد المحتـرم حسين علوان حسين بأدب واحترام. لكن طيبوبة السيد علوان لا تُبرّر إلغاء واجبي. وهو أنه، إذا كانـت أطروحة السيد علوان خاطئة، فمن واجبي أن أقـول له بصراحة: أطروحتـك خاطئة.
2) إننا نـتحدث في موضوع علم المُجتمع. ونحن مُجبرون على التـقـيّد الدقيق بالمنطق العلمي. والـفاصل بيننا هو المنطق، وهو الواقع، ولا شيء آخر.
3) الأطروحة الأولى للسيد علوان (وهي أن الشخص الـقائد، أو الزعيم، له دور حاسم في التطورات التاريخية الهامة). وهذه الأطروحة هي بعيدة عن موضوع مقالي (والذي هو نظرية الأنا والأنانية، ومقالي يثبت وجود ظاهرة صراع في ما بين الأشخاص الذاتيّين، إلى جانـب ظاهرة صراع طبقات المجتمع).
4) لـقد أجبتُ بما فيه الكفاية على الأطروحة الأولى للسيد علوان. (وأطروحته هي أن الشخص الـقائد أو الزعيم له دور حاسم في التطورات التاريخية الهامة). لكن السيد علوان يجيبـني في كل تـعليق إيضافي بأطروحة جديدة تُثير اعتـراضات إضافية. [يتبع]


13 - دور القادة أو الزعماء في التاريخ 2/4
عبد الرحمان النوضة ( 2024 / 6 / 11 - 13:41 )
الجزء 2:
5) مقـولة كارل ماركس التي أوردها السيد علوان لا تـثبت شيئا. ولا تـدعّم أطروحة السيد علوان. ومقـولة ماركس تـقول أن الدكتاتور لويس بونابار ألغا العديد من المكتسبات السياسية، بدون نهوض مقاومة شعبية في المستوى المطلوب. وهذا شيء مُعتاد. لكن هذه المقـولة لا تـثبت أن شخص لويس بونابارت هو العامل الحاسم في حدوث تلك التطورات التاريخية.
6) فكرة إبراز دور الشخص الـقائد، أو الزعيم، والتـركيز عليه، والادعاء بأن دور هذا الشخص الـقائد هو الحاسم في التطورات التاريخية، هي أطروحة غير ثابتة، وغير علمية، ومخالـفة للماركسية. ومجمل الماركسيين (وعلماء المجتمع) يـقـولون بما يلي:
أ- كل شخص، سواء كان قاعديا، أم قائدا، له بالتأكيد دور نسبي، مباشر، أو غير مباشر، بدرجة أو بأخرى، في الأحداث التاريخية التي تحدث في المجتمع المعني. [يتبع]


14 - دور القادة أو الزعماء في التاريخ 3/4
عبد الرحمان النوضة ( 2024 / 6 / 11 - 13:46 )
الجزء 3
ب- لا يُعقل أن نحصر العنصر الحاسم في وقوع الأحداث التاريخية، في فاعل واحد، أو في عنصر واحد، دون اعتبار تأثيرات العناصر المجتمعية الأخرى. بل الأكيد، هو أن كل العناصر المكوّنة للمجتمع المعني، (بما فيها الأشخاص، والأفكار، والمعتـقدات، والسلوكيّات، والبـنيات التحتية، والبـنيات الفوقـية، والتـناقضات في الأنشطة الاقتصادية، والصراع فيما بين القوى السياسية، والصراع فيما بين طبقات المجتمع وفئاته، الخ)، كل هذه العناصر تتـفاعل فيما بينها، وتساهم بقدر أو بآخر في إحداث التطورات المجتمعية التاريخية المعنية. [يتبع]


15 - دور القادة أو الزعماء في التاريخ 4/4
عبد الرحمان النوضة ( 2024 / 6 / 11 - 13:48 )
الجزء 4:
7) أطروحة السيد علوان هي: الشخص الـقائد، أو الزعيم، له دور حاسم في التطورات التاريخية. وتطبيـق هذه الأطروحة (على الاتحاد السوفياتي) جعل السيد علوان يقول: لولا وجود شخص غورباتشوف، لما انهار الاتحاد السوفياتي. وهذه الأطروحة خاطئة. ولا يدرك السيد علوان أن أسباب انهيار الاتحاد السوفياتي توجد في العديد من العناصر المجتمعية العميـقة والمزمنة. بما فيها الأفكار السائدة في المجتمع السوفياتي، والمعتـقدات، والسلوكيّات، والبـنيات التحتية، والبـنيات الفوقـية، وتـناقضات الأنشطة الاقتصادية، وصراع القوى السياسية الظاهرة والخفية، والصراع بين طبقات المجتمع، والانحرافات السياسية التي حدثـت في الحزب الشيوعي، وفي زعماءه، وفي النـقابات، وفي الدولة، الخ. وهذا ما شرحته في كتابي هل ما زالت الماركسية صالحة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. (ورابطه هو:
https://livreschauds.wordpress.com/2019/04/28/هل-ما-زالت-الماركسية-صالحة/ ).
وهو ما شرحه أيضا شارل بيطلهايم في كتابه الضخم في ثلاثة أجزاء تحت عنوان: تاريخ الصراع الطبقـي في الاتحاد السوفياتي.
أنا آسف، أطروحة السيد علوان خاطئة. مع تحياتي وتقديري.


16 - قد استمتعت بالحوار معك
حسين علوان حسين ( 2024 / 6 / 11 - 16:01 )
الأستاذ الفاضل عبد الرحمن النوضة المحترم
جزيل الشكر على الردود الجميلة.
لا يمكن لأحد الغاء كلام ماركس الذي اقتبسته حول امكانية قيام مغامر تتهيأ له السلطة الكافية من أختطاف منجزات ثورة وشعب على حين غرة مثلما فعل لويس بونابرت في انقلاب الثامن عشر من برومير بفرنسا؛ وهذا له علاقة وشيجة بالأنوية الشخصية لهذا الزعيم...
سبق وأن بينت رأيي في أسباب سقوط الاتحاد السوفيتي في مسلسل عنوانه:
تحية اجلال للبلاشفة في مئوية ثورة اكتوبر
رابط آخره:
https://www.ahewar.org/debat/s.asp?aid=584440
السبب في طرحي هذا الموضوع هو تصوري امكانية الاستفادة من تطبيقات نظريتك المطروحة في هذا المقال لدراسة الحالات التي شرح ماركس على الأقل واحدة منها.
هذه مساهمتي الختامية في هذا الصدد، مع
فائق التقدير.


17 - عودة الذبابة الكذابة بعد تخرجها من حضانة الخرابة
حسين علوان حسين ( 2024 / 6 / 13 - 23:41 )
الذبابة المتابعة - جاسمية الشيصمية - تخرجت تواً من دورة التقوية الصيفية المقامة في حضانة الموساد، ليرسلها سيدها النتنياهو المهووس بعد ضرب التشريب المغموس بلحم الجاموس لممارسة دورها القديم في التخريب والتسليت باسم جديد .ولكن الذباب على اشكاله يطنطن وان غير اسمه من المتابع الى كوكب فرقد او جوان علي او عبود يغني. ما ان يطنطن حتى تشم من طنطنته رائحة دماء أطفال ونساء غزة المغدورين في المجازر الجماعية بقنابل أم الألفي رطل الامريكية الداعشية الشمولية الفاشية. وسنراه يفرخ ذبابا طنانا جديدا باسماء أخرى لاستكمال قطيع التخريب.
وهل يشق على الذباب نشر الجراثيم التازية؟


18 - بدأت أفقد الثقة في إدارة -الحوار المتمدن- ء
عبد الرحمان النوضة ( 2024 / 6 / 14 - 00:23 )
سمحت إدارة موقع الحوار المتمدن بنشر التـعليقين رقم 17، ورقم 18، للمدعو -كوكب فرقد-. ونشر هذين التعليقين هو عار لا يصدقه العقل. ولماذا؟
1) لأن هذين التـعليقين يتـناقضان كليًّا مع -قـواعد النشر- في الحوار المتمدن.
2) لأن هذين التـعليقين خارجان عن موضوع مقالي المعنون بـ نظرية الأنا والأنانية-. وليس لهما أية صلة مع مقالي.
3) لأن هذين التـعليقين غير مفهومين، وغير واضحين، وفيهما كلمات لا تـنسجم فيما بينها. وهذين التـعليقين هما مجرد تـراكم من الكلمات للتـعبير عن التَسْفِيه، والإهانة، والحقد، والكراهية، والتخريب، والعداوة.
4) ليست هذه هي المرة الأولى، ولا العاشرة، التي تسمح فيها إدارة -الحوار المتمدن- بـنشر تـعليقات ميليشيا الإنتـرنيت، المتـناقضة كلّيا مع قـواعد النشر في -الحوار المتمدن-.
5) أنا أتساءل: هل إدارة موقع الحوار المتمدن حاضرة، وجدية، وملتـزمة بقـواعد النشر التي وضعتها هي بـنفسها ؟ أم هل أن إدارة الحوار المتمدن غائبة، أو غير مبالية، أم مُختـرقة من طرف مِيليشيا الإنتـرنيت، المناصرة للصهيونية، وللإمبريالية، وللرجعية ؟
أنا بدأت أفـقد ثـقتي في إدارة موقع -الحوار المتمدن-.

اخر الافلام

.. الحرب في أوكرانيا: هل سيغير ترامب سياساته حيال روسيا؟


.. دروز سوريا يطالبون بالحماية الدولية.. وإسرائيل تدخل على خط ا




.. ترامب غاضب من بوتين ويتوعد روسيا بإعلان مصيري | #بزنس_مع_لبن


.. حماس: نتنياهو يتفنن في إفشال جولات التفاوض




.. نتنياهو: لم أتجاهل التحذيرات بشأن 7 أكتوبر