الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة المقاطعة الفلسطينية بين الماضي والحاضر

صابرين ستار جبار

2024 / 6 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


تاريخياً تعود المقاطعة الفلسطينية لمكونات الكيان الصهيوني إلى عام 1920 في مؤتمر الجمعية الإسلامية المسيحية الذي عقد في نابلس، حين دعا وجهاء فلسطين ومزارعوها إلى "مقاطعة اليهود مقاطعة تامة" وذلك رداً على مقاطعة هؤلاء لمنتجات العرب من ناحية، ولعزلهم عن المجتمع الفلسطيني من ناحية أخرى. كما أخذت المقاطعة بعداً إقليمياً عندما أقسم مندوبون عرب من سوريا وشرق الأردن ولبنان وفلسطين في اجتماع لهم بالقدس عام 1929 على منع بيع الأراضي لليهود، ومقاطعة المصنوعات والمتاجر اليهودية وكان التطور الأهم في مسألة المقاطعة، خلال ثورة فلسطين الكبرى (1936- 1939) حيث تشكلت لجان مقاطعة في سوريا والأردن ولبنان لمنع إرسال البضائع والسلع إلى فلسطين ما لم تكن مقترنة بموافقة اللجان القومية التي كانت تقود حركة الإضراب والعصيان العام في فلسطين، خوفًا من تسلل البضائع والسلع العربية إلى أيدي اليهود في فلسطين، وتبع ذلك عقد المؤتمر القومي العربي في بلودان سوريا عام 1937، بحضور مندوبين من سوريا والعراق والأردن ولبنان والعربية السعودية ومصر وفلسطين، والذي وسع حدود المقاطعة لتأخذ بعدها العربي خارج فلسطين، ولتشمل إضافة إلى مقاطعة يهود فلسطين مقاطعة بضائع الدول الأجنبية التي تدعم مشروع الاستيطان اليهودي في فلسطين، ورغم المقاطعة والمواجهات التي حصلت على أرض فلسطين، فقد تطوّر مشروع استيطان الحركة الصهيونية خلال الأربعينات، وصولاً لإعلان دولة "إسرائيل" على أرض فلسطين عام 1948، والذي أدى إلى تهجير الشعب الفلسطيني بسبب فشل الدول العربية في مواجهة المشروع الصهيوني، وحصول النكبة التي أدت إلى تبديد وحدة الشعب الفلسطيني الكيانية وتهجير معظم الفلسطينيين من بيوتهم وأرضهم ووطنهم فلسطين. وكان من نتائج ذلك أن الشعب الفلسطيني لم يعد يتحكم في قرار مواجهة "إسرائيل" على صعيد المقاطعة وطبيعتها وآلياتها، حيث لعبت الدول العربية دوراً محورياً على هذا الصعيد، فيما لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دوراً أساسياً في عدم السماح بالمقاطعة الرسمية الإسرائيل.
وعلى صعيد آخر نجد ان البعض يعيد تاريخ المقاطعة الشعبية والأهلية إلى مبادرات من مؤسسات دولية علمية تهدف للدفاع عن حقوق الإنسان وتناضل ضد كافة أشكال التمييز العنصري، وبالتالي، الإشارة إلى أن المقاطعة بدات على أثر الانتفاضة الثانية عام 2000، حين عقد المؤتمر الدولي لمكافحة العنصرية في دوربان في جنوب افريقيا عام 2001، وصدر عنه إعلان ومقررات تهدف إلى القضاء على الأسباب الجذرية للعنصرية ومعالجة آثارها. باعتبار أن هذا هو الطريق المؤدي إلى الحل العادل والشامل، والدائم للصراع المديد في فلسطين، ويتكون إعلان دوريان من مقدمة و (122) فقرة، ضمنتها الدول ومنظمة الأمم المتحدة المبادئ الإرشادية للنضال ضد العنصرية، والتمييز العنصري والتعصب، وما يتصل بذلك من ممارسات غير ودية تجاه الغير. وقد استمدت هذه المبادئ من القانون الدولي، بما في ذلك معاهدات حقوق الإنسان، وتحديداً الاتفاقية الدولية الخاصة بالقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ، ولعله من المفيد هنا التأكيد على أن عدداً من تلك المبادئ مرتبط مباشرة بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي وقد ورد في القسم الخاص بالضحايا تعريف للمجموعات الأكثر عرضة وحساسية للعنصرية والتمييز العنصري والتعصب والممارسات غير الودية، وشمل التعريف، من ضمن ما شمل الشعوب من أصول افريقية وآسيوية، والشعوب الأصلية، والمهاجرين واللاجئين والمجموعات الدينية.
هذا وقد لعبت المنظمات الأهلية عام 2001 في ملتقى دوربان دوراً حيوياً، حين قامت هيئات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية بجهود منتظمة لتحليل ماهية الأبارتهايد والاستعمار الإحلالي في نظام السيطرة الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني. إن ما خلصت إليه التحليلات يعكس خبرة الشعب الفلسطيني، والعرب. واليهود غير الصهاينة؛ وهو مسند بأبحاث عميقة مستقاة من الأرشيف الإسرائيلي، وبمعطيات واقعية، وبخلاصات توصل إليها خبراء محايدون ومنظمات حقوق الإنسان الأممية ووكالتها. وفي ذات السنة، انطلقت في بريطانيا خلال شهر أيلول أمام مجلس العموم البريطاني حملة مقاطعة "إسرائيل" من قبل حملة دعم الشعب الفلسطيني . كما أن الجهود المرتبطة بالتحركات القانونية في مواجهة الكيان الصهيوني أتت ثمارها في العام 2004، بإصدار محكمة العدل الدولية لرأيها الاستشاري حول الآثار القانونية المترتبة على بناء "إسرائيل" للجدار والنظام المؤسسي المرتبط به في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، حيث أكدت المحكمة الدولية انطباق كافة المواثيق الدولية، وتحديداً القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان على الأراضي المحتلة. وطالبت "إسرائيل" بتفكيك الجدار غير القانوني وبضمان إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه واستجابة لدعوة منتدى المنظمات الأهلية العالمي في دوربان عام 2001، ورداً على رفض "إسرائيل" الانصياع للرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن الجدار عام 2004، ونتيجة لتواطؤ الدول الغربية معها، فقد دعا أعضاء كنائس، واتحادات أكاديمية، ولجان تضامن في أوروبا وأمريكا الشمالية لتبني نداء المقاطعة، وذلك بمقاطعة خدمات وبضائع إسرائيلية، أو بسحب الاستثمارات من شركات ومؤسسات متورطة بشكل ما في ممارسات "إسرائيل" غير القانونية وجرائمها، وبالمطالبة بفرض عقوبات عليها؛ ثم بعد ذلك، وخلال عام 2005، قامت منظمات المجتمع المدني الفلسطيني، والتي تضم أكثر من 170 اتحاداً، ومنظمة أهلية، وجمعية، ونقابة، تمثل مختلف قطاعات الشعب الفلسطيني في داخل الخط الأخضر والأراضي المحتلة عام 1967، وفي الشتات والمنافي "10" بإطلاق حملة إستراتيجية شاملة لمقاطعة "إسرائيل" إلى أن تنهي الاحتلال وسياسة الاستيطان على الأراضي الفلسطينية، وتضمن المساواة والعدالة للفلسطينيين من مواطنيها، وتعترف للاجئين والمهجرين الفلسطينيين بحقهم في العودة إلى ديارهم. ويمثل الموقعون على النداء مختلف شرائح الشعب الفلسطيني من مواطنين رازحين تحت الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى اللاجئين خارج فلسطين، وصولاً للفلسطينيين الباقين في ديارهم في المناطق المسماة "إسرائيل". وتوقع المبادرون الفلسطينيون لهذا النداء والموقعون عليه أن تكون له نتائج ملموسة متوسطة وبعيدة المدى، خاصة مع الأخذ بعين الاعتبار تجربة المقاطعة في جنوب أفريقيا التي حصدت ثمارها بعد أكثر من ثلاثين عاماً من النضال.
وأبرز ما يميز حركة المقاطعة الجديدة عن سابقاتها، هو ارتكازها على أعمدة شعبية وغير رسمية. وعليه، فهي تتطلب تطويراً في برامجها الهادفة إلى التوعية الشعبية، بغية حشد الطاقات للوقوف إلى جانب الأهل في فلسطين ومخيمات اللجوء. وتعني الطبيعة الشعبية لهذه الحركة أن لكل فرد مهما كان، وليس فقط ذوي النفوذ وصناع القرار، دور في مناصرة الشعب الفلسطيني، عن طريق مقاطعة البضائع الإسرائيلية مثلاً وتوعية من حوله بشأنها. كما تتميز حركة المقاطعة المتبلورة بتصنيف دولة "إسرائيل" كدولة "أبارتهايد"، بالإضافة إلى وصفها كدولة استعمار واحتلال، وهو ما يدل على تحوّل في نظرة العالم إلى حقيقة ما تقوم به "إسرائيل" من جرائم وانتهاكات لحقوق الإنسان ضد كافة أبناء الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1967، واللاجئين الفلسطينيين في الوطن والشتات والمواطنين الفلسطينيين داخل إسرائيل.
وفي عام 2008، دعت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية الإسرائيل في بريطانيا الزملاء في المجتمع الدولي إلى مقاطعة وافية وشاملة للمؤسسات الأكاديمية والثقافية الإسرائيلية كمساهمة في النضال من أجل إنهاء الاحتلال والاستعمار الإسرائيلي ونظام الفصل العنصري.
فحركة المقاطعة هي حركة فلسطينية المنشأ عالمية الامتداد تسعى لمقاومة الاحتلال والاستعمار-الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي، من أجل تحقيق الحرية والعدالة والمساواة في فلسطين وصولاً إلى حق تقرير المصير لكل الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات. تتناول مطالب حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) طموح وحقوق كافة مكونات الشعب الفلسطيني التاريخية من فلسطينيي أراضي العام 1948 إلى قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس، إلى المخيمات والشتات، والذي شرذمه الاستعمار-الاستيطاني الإسرائيلي على مراحل.
وتعرف المقاطعة اختصاراً بـ (بي دي إس BDS) اختصارا للكلمات الثلاث: مقاطعة
‏Sanctions وفرض العقوبات ،Divestment وسحب الاستثمارات ،Boycott ويجتمع تحت هذا المسمى (بي دي إس) أغلب الجمعيات والمنظمات والشركات والناشطين في مجال مقاطعة إسرائيل، واللامركزية في هذه الحالة نقطة قوة، فكل حركة منتمية إلى هذه الشبكة العالمية تعمل بحسب أوضاع بلدها ومجال عملها.
وأغلبية العاملين فيها متطوعات ومتطوعون، بخاصة مع تصاعد قوة الفرد في إحداث التغير الاجتماعي، وهو ما يتوافق مع مبادئ عمل حملة المقاطعة التي تقوم على تفعيل دور الفرد في نجاحها، وليست لهذه الحركة قيادة مركزية، كما أنها لا تعتمد على تمويل جهات معينة، ومن ثم يصعب الضغط عليها. يُضاف إلى ذلك أن نداء المقاطعة يقوم على الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي العربية الفلسطينية، وتفكيك جدار الفصل العنصري.
وقد أتاح تقدم وسائل الإعلام وانتشارها نقل الصورة الحقيقية لانتهاكات إسرائيل العنصرية، وتنكر اليمين الحاكم في إسرائيل لعملية السلام، ورفضه منح الفلسطينيين المعتدلين" حتى ما يحفظ ماء الوجه، وهو ما ساهم في التأثير في الرأي العام في عدد من دول العالم التي رأت فئات واسعة فيها ضرورة العمل على الحد من تعنت إسرائيل وانتهاكاتها، ودفعها إلى تغيير سياستها العنصرية من خلال المقاطعة. وأخذت المقاطعة أشكالا عديدة منها المقاطعة الاقتصادية كموقف طوعي منهجي يرفض استهلاك منتوجات إسرائيلية أو شركات تعمل لمصلحة إسرائيل، كما جاءت في شكل قرارات اتخذها الاتحاد الأوروبي بضغط من الأحزاب الديمقراطية والرأي العام
فانطلاق حركة المقاطعة كان من فشل الحكومات و"المجتمع الدولي" وأصحاب القرار في وقف الاضطهاد الإسرائيلي المركّب ضد الشعب الفلسطيني، أصدرت أغلبية المجتمع المدني الفلسطيني نداءً تاريخياً في عام 2005 موجهاً لأحرار وشعوب العالم، يطالبهم بدعم مقاطعة إسرائيل كشكل رئيسي من أشكال المقاومة الشعبية السلمية الفلسطينية، وكأهم شكل للتضامن العالمي مع نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه.
غير ان اتخاذ مسار التسوية في مدريد وأوسلو حجة لتبرير عدم مقاطعة "إسرائيل"، والتي استطاعت أن تحقق خطوة متقدمة تمثلت في التطبيع الرسمي: اتفاقيات سلام مع مصر، الأردن، ومنظمة التحرير الفلسطينية: وهذا تعتبر تطبيعاً رسمياً بين الدول، والأنظمة، وليس تطبيعاً بين الشعوب وبالتالي، فإن التطور الأبرز في تجميد المقاطعة الشعبية على الصعيد الفلسطيني ضد "إسرائيل" لم يتمثل في كون الفلسطينيين ليسوا في مواقع قادرة على التحكم بالسياسات الاقتصادية في المحيط العربي وتحت الاحتلال فحسب وإنما في دخول منظمة التحرير الفلسطينية في مسارات التسوية حيث ارتبط موضوع المقاطعة الاقتصادية تحديداً بالتسوية السياسية مع الكيان الصهيوني، حين وقع كبار التجار المصريين والأمريكيين والأردنيين والفلسطينيين إعلان لبذل كل الجهود لإنهاء مقاطعة اسرائيل، وبالتالي التطبيع معها والتطبيع يعني إنهاء حالة المقاطعة بكل أشكالها، السياسية والاقتصادية والثقافية، والتي كان العرب يفرضونها على "إسرائيل". ربما كانت "إسرائيل" قادرة على تحمل المقاطعة الاقتصادية، لأن "إسرائيل" كانت تعتمد في كل ما تحتاجه على الغرب وعلى غالبية دول العالم، بل يمكن القول إن ما كانت تخسره "إسرائيل" من المقاطعة العربية تعوّضها عنه أمريكا وبأموال عربية ! وكانت المقاطعة السياسية والثقافية أخطر عليها من المقاطعة الاقتصادية بمعنى أن "إسرائيل" كانت تجد من يعوضها عن الخسائر الاقتصادية الناتجة عن المقاطعة العربية، ولكنها لا تستطيع أن تجد من يعوضها عن حالة العداء العربي وحالة عدم الاعتراف بها من جيرانها.

ماذا تعني المقاطعة
1- وقف التعامل مع إسرائيل، ومقاطعة الشركات الإسرائيلية وكذلك الدولية المتواطئة في انتهاكاتها لحقوق الفلسطينيين، ومقاطعة المؤسسات والنشاطات الرياضية والثقافية والأكاديمية الإسرائيلية.
2- سحب الاستثمارات (Divestment) تشمل حملات سحب الاستثمارات جهود منسقة للمنظمات والمجموعات والحركات للضغط على الشركات والمؤسسات لتصفية أعمالها الانسحاب من كيان الاحتلال والفصل العنصري وسحب الاستثمارات هو أداة سياسية وضعتها الحركة الطلابية المنهضة للعنصرية خلال حملاتها ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ومع ذلك، فان حملات سحب الاستثمارات يمكن أيضاً أن يتم استخدامها من قبل أي منظمة الإجبار الشركات والمؤسسات التي تدعم الاحتلال والفصل العنصري في فلسطين على سحب الاستثمارات او مقاطعتها وقد نظمت حملات سحب الاستثمارات وسحب الاستثمارات المباشرة من قبل المنظمات والكنائس، وشبكات محلية أو وطنية لحشد الضغط مباشرة ضد الشركات لوقفة تعاونيا مع الاحتلال الإسرائيلي ونظام "إسرائيل" العنصري
3- فرض العقوبات (Sanctions) المقصود بالعقوبات الإجراءات العقابية التي تتخذها الحكومات والمؤسسات الرسمية والأممية ضد دولة أو جهة تنتهك حقوق الإنسان، بهدف إجبارها على وقف هذه الانتهاكات. تشمل العقوبات العسكرية والاقتصادية والثقافية وغيرها، على سبيل المثال عن طريق وقف التعاون العسكري، أو وقف اتفاقيات التجارة الحرة، أو طرد إسرائيل من المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة أو الاتحاد البرلماني الدولي أو الفيفا أو غيرها.

المطالب الأساسية للمقاطعة
1- إنهاء الاحتلال واستعمار الأراضي الفلسطينية والعربية وتفكيك الجدار.
2- إنهاء كافة أشكال الفصل العنصري ضد الفلسطينيين والاعتراف بالحق الأساسي بالمساواة الكاملة لفلسطينيي أراضي العام 1948.
3- إحترام وحماية ودعم حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها واستعادة ممتلكاتهم كما نص على ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة.

انواع المقاطعة:
1- المقاطعة التجارية والاقتصادية التي تقودها منظمات أوروبية وتستهدف البضائع والخدمات الإسرائيلية التي تتخذ من الأراضي المحتلة منشأ لها، أو التي تنتج داخل المستوطنات في الضفة الغربية، ولعل ذلك ما دفع وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، للتصريح أن الوضع القائم في الأراضي الفلسطينية لم يعد قابلاً للاستمرار، وأن "إسرائيل" ستدفع الثمن من اقتصادها بسبب دعوات المقاطعة التي بدأت تتصاعد في أوروبا على وجه التحديد. ومع أن الساسة الإسرائيليين هاجموا "كيري" وعابوا عليه تصريحاته تلك، إلا أنها لا تختلف كثيراً عما قاله وزير المالية الإسرائيلي، ياثير لابيد" الذي عبر قبل فترة عن قلقه من التأثيرات السلبية لدعوات المقاطعة على الاقتصاد الإسرائيلي واللافت أن الأصوات المطالبة بمقاطعة "إسرائيل" وعزلها تعيد إلى الذاكرة
الأصوات التي ارتفعت في وجه نظام الأبرتهايد بجنوب أفريقيا، والتي من شأنها إضعاف "إسرائيل" من الناحية الأخلاقية والاقتصادية ولأن كانت التحولات الجيواستراتيجية الكبرى المرتبطة بالدول والحكومات تستغرق سنوات قبل أن تتبلور نتائجها، فإن تحولات الرأي العام في المقابل تأتي سريعاً، وهو ما يتعين على القادة الإسرائيليين التفكير في تداعياته قبل فوات الأوان.
2- المقاطعة الثقافية هي وسيلة للفنانين والمؤسسات الثقافية للتعبير عن المعارضة والغضب ضد الفصل العنصري والاحتلال الإسرائيلي، كما أنها دعوة إلى الفنانين والمؤسسات الثقافية لعدم تقديم أسمائهم ومواهبهم في ظل الاحتلال والفصل العنصري الإسرائيلي، وعدم مواصلة العمل كالمعتاد في مواجهة الجرائم المتواصلة التي ترتكبها "إسرائيل"، وللمقاطعة الثقافية أهمية خاصة، بالنظر إلى استمرار الاحتلال الذي يهدف إلى تدمير واستبدال التراث الثقافي الفلسطيني بأكمله. ويمكن أن تشمل المقاطعة الثقافية رفض الأداء الفني بمختلف أشكاله في "إسرائيل". رفض حقوق الطبع والنشر أو التوزيع المؤسسات شركات إسرائيلية. معارضة المشاركة في المبادرات الثقافية الإسرائيلية طالما أن بيئة الفنانين الفلسطينيين الشعبية لا تزال تعاني تحت الاحتلال الإسرائيلي والفصل العنصري.
3- المقاطعة الأكاديمية: تدعو المقاطعة الأكاديمية الطلاب والعلماء لوقف التعاون مع نظرائهم الإسرائيليين، وتطالب الجامعات والمؤسسات الأكاديمية التي هم جزء منها بأن تقوم بنفس الدور.
فالمؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية والعلماء ليس لهم دور فعال فقط في إدامة وتعليم العنصرية الإسرائيلية والإيديولوجيات الاستعمارية، بل هم أيضاً يشكلون مواقع حيث توضع النظريات والخطط ومشاريع الاحتلال والفصل العنصري وتقديم الدعم الفكري لهكذا ايديولوجيات.

4-المقاطعة الرياضية: للمقاطعة الرياضية تجربة سابقة في المقاطعة التي فرضت ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا على جميع المستويات فبالنسبة للعديد من البلدان تشكل الرياضة وسيلة لتمثيل وإثبات الذات أمام المجتمع الدولي، وخاصة في المناسبات الدولية، مثل الألعاب الأولمبية وكأس العالم و"إسرائيل" ليست استثناء هذا ويمكن لعشاق المجتمع الرياضي والاتحادات والرياضيين التعبير عن معارضتهم للجرائم الإسرائيلية والدعوة إلى وضع حد للاحتلال الإسرائيلي والفصل العنصري، عبر معارضة مشاركة "إسرائيل" في المسابقات الدولية وثنائية القومية.

الامتداد العالمي لحركة المقاطعة:
تحظى حركة مقاطعة إسرائيل BDS بدعم من قبل اتحادات ونقابات وأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني الدولي وحركات شعبية وغيرها من الجهات التي تمثل الملايين من الأعضاء عبر كافة قارات العالم، كما تؤيدها شخصيات مؤثرة في الرأي العام. فقد صوّتت النقابة الأكبر في المملكة المتحدة بشكل ديمقراطي لصالح تبني الموقف الذي ينص على أن "الحكومة الإسرائيلية لا تزال تحكم كدولة عنصرية وهي مذنبة بارتكاب جريمة الفصل العنصري"، كما تبنت النقابة دعم حركة مقاطعة إسرائيل بشكل فعال.
فتأثير حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) يتصاعد بشكل ملموس بفضل الحملات الممنهجة والاستراتيجية حول العالم. هذه بعض الأمثلة على تأثير الحركة المباشر وغير المباشر رئيسة بلدية برشلونة تجمّد العلاقات مع نظام الأبارتهايد الإسرائيلي بما يشمل إلغاء اتفاقية التوأمة مع "تل أبيب".
وقد اصدرت محكمة العدل الأوروبية في شباط 2010 حكماً مهماً، يقضي أن السلع المنتجة في مستوطنات الضفة الغربية يجب أن لا تستفيد من إعفاءات الضرائب على الواردات، بموجب الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل كان هنالك سعي محموم من قبل الدول الغربية لإجهاض المقاطعة التي يتوسع مداها، حيث يرى هؤلاء في المفاوضات السبيل لحل الصراع مع الكيان الصهيوني وبالتالي، فإن بعضهم يسعى إما لتخفيف حدة المقاطعة عبر تمييز المنتجات الصادرة من المستوطنات عن غيرها من المنتتجات الإسرائيلية فقد ذكر الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر مثلاً، أنه لا يؤيد حملة المقاطعة والتجريد والمعاقبة التي يقودها الفلسطينيون ضد "إسرائيل"، لكنه قال إن المنتجات المصنعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة يجب أن تحمل علامات واضحة تشير لذلك، كي يتمكن المشترون من اتخاذ قرارهم بشأنها. وأضاف كارثر أنه وباقي قادة العالم المتقاعدين في مجموعة "الحكماء" ناقشوا مؤخراً حملة الضغوط الاقتصادية ضد الكيان الإسرائيلي. وقال كارتر "قررنا عدم إعلان تبنينا لأي نوع من أنواع الحظر أو ما شابهه ضد الغزو الإسرائيلي أو القوات المحتلة في فلسطين". وتضم مجموعة الحكماء أيضاً رئيسة أيرلندا السابقة ماري روبنسون وكبير أساقفة جنوب أفريقيا ديزموند توتو والأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان والرئيس الفنلندي السابق مارتي أهتيساري. غير أن كارتر أضاف :" شجعنا الأوروبيين أيضاً على سبيل المثال على وضع علامات على المنتجات التي يصنعها الشعب الإسرائيلي الذي يحتل فلسطين... كي يتسنى للمشتري الاختيار بين شرائها وعدمه . أما وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، فقد أعلنت أن الاتحاد الأوروبي يعارض مقاطعة دولة "إسرائيل". وقالت آشتون في مؤتمر صحافي عقدته في ختام اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد في بروكسل: "إن الاتحاد الأوروبي يعارض مقاطعة الشركات لا تريد رؤية "إسرائيل" معزولة"، مؤكدة أن السياسة الأوروبية إزاء المستوطنات الإسرائيلية تبقى هي نفسها وهي إدانة سياسة الاستيطان الإسرائيلية". (0) كما أكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن بلاده تعارض مقاطعة إسرائيل، وذلك في خطاب له أمام البرلمان الإسرائيلي (الكنيست). وأوضح كاميرون: "بريطانيا تعارض المقاطعة، سواء كانت من النقابات العمالية التي تقوم بحملات لاستبعاد الإسرائيليين أو الجامعات التي تحاول خنق التبادل الأكاديمي"، مشيراً إلى أن "مكانة "إسرائيل" كوطن للشعب اليهودي لن ترتكز أبداً على قرارات جوفاء قام بتمريرها سياسيون هواة .
وقد أخذت ألمانيا الموقف نفسه من المقاطعة. ومن الجلي أن مواقف الدول الغربية الرسمية من المقاطعة لا تتوافق مع ازدياد الوعي الشعبي والأكاديمي بطبيعة الكيان الصهيوني العنصرية، فيما تولي الدول الغربية أهمية لعدم مقاطعة إسرائيل، مع الإقرار باحتلال الضفة الغربية وعدم القبول بالمستوطنات. واللافت في الفترة الأخيرة على الصعيد الشعبي، تواتر الأنشطة في الدول الغربية لمقاطعة "إسرائيل" من العديد من المؤسسات الأكاديمية خلال السنوات الماضية لكن البارز هو انتقال هذه الظاهرة إلى الأطراف الداعمة بشكل غير محدود للكيان الصهيوني، كأمريكا، حيث قامت جمعية تضم أكثر من خمسة آلاف أستاذ وباحث أميركي بمقاطعة "إسرائيل" احتجاجا على سياسة الدولة العبرية إزاء الفلسطينيين وهو قرار ندد به المؤتمر اليهودي العالمي. وقام أكثر من نصف أعضاء جمعية الدراسات الأميركية البالغ عددهم 1252 عضواً بالتصويت على المقاطعة للمؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية وأضافت الجمعية على موقعها: "إن القرار الذي اعتمد هو للتضامن مع كل البحاثة والطلاب المحرومين من حريتهم الأكاديمية ويتطلعون إلى إعطاء هذه الحرية
للجميع ومن بينهم الفلسطينيون" متطرقة إلى "خرق "إسرائيل" للقانون الدولي والقرارات الأمم المتحدة". وتعتبر جمعية الدراسات الأميركية ثاني منظمة أكاديمية أميركية تعتمد هذا الموقف بعد جمعية الدراسات الأسيوية – الأميركية.
ورداً على هذه الخطوة، ينوي الكونغرس الأمريكي سن تشريعات من شأنها فرض عقوبات قانونية ومالية على أية مؤسسة أكاديمية تنضم إلى حملة مقاطعة "إسرائيل" التي تتزعمها جمعية الدراسات الأمريكية، وذلك ضمن نشاط محموم قام به اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة على مستوى الجامعات والولايات، إضافة إلى المستوى الفيدرالي وقد وصفه باحثون وسياسيون بأنه هجوم شائن على حرية التعبير وانتهاك للدستور. مشيرين إلى أن مشاريع القوانين تذكر الجميع بالحقبة المكارثية. وتقدم عدد من أعضاء الكونغرس، من بينهم قادة في تحقه الحزب الجمهوري من أجل إسرائيل" ينق وع القانون الذي يحمل عنواناً غريباً هو
ويسعى القانون إلى منع وصول أية مساعدات فيدرالية من الذهاب للمؤسسات الأكاديمية التي تدعم حملة مقاطعة إسرائيل .. وأصبحت جمعية الدراسات الأمريكية الرائدة في حملة المقاطعة لإسرائيل احتجاجاً على احتلالها للضفة الغربية، وسوء معاملة الحقل الأكاديمي الفلسطيني بدورها، أصبحت الجمعية هدفاً للانتقادات والنبذ على نطاق واسع ما يحقق للوبي الإسرائيلي هدفا واضحا لحملته وهو النظر إلى تجربة

الجمعية كرسالة تحذيرية للمجموعات الأكاديمية والعلمية التي قد تنظر في اتخاذ موقف مماثل للشرق الأوسط، ولم تمر سلسلة التشريعات المقترحة لمعاقبة أي متعاون مع حملة المقاطعة الأكاديمية الإسرائيل بهدوء كما خطط لها اللوبي الإسرائيلي بل سارعت أكثر من 200 جامعة أمريكية لإدانة هذه الإجراءات، منددة بالتهديدات التي وصلت إلى جمعية الدراسات الأمريكية. كما انضمت شخصيات بارزة للدفاع عن الحقوق في المؤسسات الاكاديمية. (20) وكانت قبل ذلك بعامين قد بدأت الأكاديمية الأسترالية بمقاطعة "إسرائيل" ورفض التعاون معها، فيما توترت العلاقات بين "إسرائيل" وبولندا بسبب سياسة "إسرائيل" في الأراضي الفلسطينية وخصوصاً بعد اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين بصفة مراقب مؤخراً. فقد ذكرت صحيفة "أستراليان"، أن الأكاديمية الاسترالية تقاطع إسرائيل، وترفض التعاون معها، أو إجراء أبحاث مشتركة، بسبب سياسة "إسرائيل

تجاه الفلسطينيين ،وهذا التوجه المتعلق بتوسيع المقاطعة أكده الكاتب الصحفي "توماس فريدمان" في صحيفة "نيويورك تايمز"، حيث أشار إلى أنه يتوقع انتفاضة ثالثة لكنها ليست بالحجارة أو التفجيرات مثل السابقتين، بل أكثر ما كانت تخاف "إسرائيل" من حدوثه، انتفاضة بالمقاومة دون عنف والمقاطعة الاقتصادية. إلا أنها لم تكن من قبل الفلسطينيين برام الله، بل من قبل الاتحاد الأوروبي، وغيره من معارضي الاحتلال الإسرائيلي على مستوى العالم. وهذا ما أعطى الفلسطينيين بعض القوة في مفاوضاتهم الحالية مع "إسرائيل". وأوضح أنه جرى التنديد بوزير الخارجية الأمريكية "جون كيري" من قبل قادة إسرائيليين، حول تحذيره بأن حملة المقاطعة لإسرائيل ستريد إذا ما فشلت المحادثات. وأشار في مقاله بأنه إذا أرادت "إسرائيل" أن تبطئ حملة المقاطعة، يجب أن تجمد أنشطتها الاستيطانية طالما أن "كيري" يحاول التوصل لاتفاق، وآمل في نجاح السلام لكن ما يفعله الإسرائيليون من انتقاد "كيري" المستمر، وعدم وقف بناء المستوطنات، لن يقلل كره مقاطعي "إسرائيل" في أوروبا وأمريكا، بل سيزيد منه.
اسرائيل موقفها من المقاطعة:

لقد ارتفعت حدة السجال في "إسرائيل" حول مخاطر المقاطعة الاقتصادية للدولة العبرية، جراء انعدام فرص تحقيق السلام في المنطقة وعدم حل القضية الفلسطينية، وإدارة الاقتصاد الإسرائيلي تستعد، على خلفية الاستعدادات المؤتمر دافوس الاقتصادي، لتحذير رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من الأثر المدمر لانهيار المفاوضات السياسية على الاقتصاد الإسرائيلي وتدور التخوفات بشكل أساسي حول مظاهر المقاطعة المتزايدة في أوروبا لإسرائيل وبضائعها واحتمال تفشي ذلك في العالم. ولكن وزير الاقتصاد نفتالي بينت الذي يرأس "البيت اليهودي" اليميني المتطرف، يؤكد أن حل الدولة الفلسطينية سيدمر الاقتصاد الإسرائيلي، ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" على صدر صفحتها الأولى مطالبة القطاع الاقتصادي لنتنياهو بوجوب التوصل إلى تسوية سياسية عاجلاً، وأوضحت أن نحو مئة من كبار رجال الأعمال الإسرائيليين - بمن فيهم رئيسة مجموعة شتراوس" عوفرا شتراوس ومدير عام "غوغل" "إسرائيل" مثير برناد وموريس كهان من مؤسسي "أمدوكس". ومدير عام "بيزك" أفي غباي والصناعي غاد بروير، والسفير السابق في الولايات المتحدة البروفيسور إيتامار رابينوفيتش، والسفير السابق في الأمم المتحدة داني غيلرمان ورجال الأعمال رامي ليفي، يوسي فاردي وبني لندا - سيصلون إلى دافوس في إطار مجموعة غير سياسية تُدعى "بي. تي.أي"، التي تجمع المئات من رجال الأعمال الإسرائيليين والفلسطينيين ممن يسعون إلى دفع التسوية السياسية إلى الأمام وموقفهم هو أن التسوية السياسية التي تقوم على أساس حل الدولتين حيوية للمجتمع والاقتصاد لدى الطرفين
وقد أوضح وزير المالية في الحكومة الإسرائيلية وزعيم حزب يش عتيد ياثير لبيد، أن هناك مؤشرات على أن العالم، وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية، بدأ يسحب تأييده لإسرائيل وينفذ صبره منها، مؤكداً أن المقاطعة ستعود بنتائج كارثية على الدولة العبرية ورأى لبيد أن هناك مؤشرات أكيدة على فقدان "إسرائيل" للتأييد من قبل أوروبا وحتى الولايات المتحدة، مضيفاً: إن تجاهل المجتمع الدولي لتحذيراتنا الخطيرة من المشروع النووي الإيراني يشير إلى أن العالم، وعلى رأسه الولايات المتحدة لا يفقد تأييده لنا فحسب، بل ينفذ صبره علينا أيضًا... أما رئيس الوزراء نتنياهو الذي ألقى كلمة في المؤتمر عينه، فعاد وجدد التأكيد على مواقفه السياسية المتنكرة لحقوق الشعب الفلسطيني كما وصف الدعوات المقاطعة كيانه بأنها معاداة للسامية وزاد نتنياهو معتبراً أن الحديث عن مقاطعة "إسرائيل" في أوروبا هو فضيحة، وقد آن الأوان للعمل على نزع شرعية هؤلاء الذين يعملون على نزع شرعيتنا، والكشف عن وجههم الحقيقي، وتابع: بعد أن حاولوا إخضاعنا بالوسائل العسكرية وفشلوا، يحاولون الآن استخدام سلاح من نوع جديد المقاطعة، وشدد على أن من يدعون إلى مقاطعة "إسرائيل"، هم أعداء السامية بلباس حضاري وكان نتنياهو يشير إلى حركة المقاطعة وسحب الإستثمارات وفرض العقوبات على "إسرائيل" التي يرعاها مثقفون وناشطون مؤيدون للفلسطينيين، وتدعو إلى مقاطعة شاملة لكل السلع الإسرائيلية وتشكك في شرعية إسرائيل (126) كما كشف مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية عن عجز "إسرائيل" عن مواجهة المقاطعة المتصاعدة التي عمدت الدول الأوروبية فرضها على مؤسسات إسرائيلية تعمل في المستوطنات بالضفة الغربية ومدينة القدس ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن المصدر قوله: "إننا لا نستطيع منع تواصل هذه الظاهرة في العالم"، مشيراً إلى أن "الخارجية" تتابع عن كثب هذه التطورات في أوروبا؛ وأضاف المسؤول أن العمل الدبلوماسي لديه قدرات محدودة للتعاطي مع شركات تجارية اختارت أن تفرض قيوداً على العمل مع مؤسسات إسرائيلية. وذكر أن "إسرائيل" لا تستطيع محاربة الرغبة في مقاطعتها، وذلك بعد قرار أعلنته بنوك في الدنمارك والسويد يقضي بمقاطعة بنوك إسرائيلية تعمل في المستوطنات.
التطبيع بالمطلق، وإن كان مستحباً ومطلوباً، فإنه صعب المنال. ولكن يجب انتهاج سياسة المقاطعة كشكل من أشكال المقاومة الشعبية، وذلك على عدة مستويات
1- إن توقف المقاومة مع استمرار المفاوضات العبثية، سيشجع البعض على إعادة التطبيع مع "إسرائيل"
2- إعادة النظر بشكل وأهداف التنسيق الأمني مع "إسرائيل"، وخصوصاً بعد تهرب "إسرائيل" من استحقاقات "السلام"، وإعادة النظر ببروتوكول باريس الاقتصادي (1994).
3- مقاطعة المنتوجات الإسرائيلية بقدر الإمكان، وخصوصاً المصنعة في المستوطنات. فلا يُعقل أن تقاطع جهات أجنبية البضائع الإسرائيلية ونحن نتعامل معها. مقاطعة أكاديمية للجامعات الإسرائيلية التي تمارس التمييز ضد الفلسطينيين.
4- مقاطعة أكاديمية للجامعات الإسرائيلية التي تمارس التمييز ضد الفلسطينيين.
5- مقاطعة المؤتمرات واللقاءات التي يشارك فيها صهاينة، لا يعترفون بحق الفلسطينيين بالاستقلال، وهذا في الأساس دور السلطة الفلسطينية.
6-محاصرة، بل والضرب على يد رجال الأعمال الفلسطينيين الذين يقيمون علاقات وشراكات اقتصادية مع "إسرائيل"، تحت عنوان الحل الاقتصادي أو السلام الاقتصادي فهؤلاء الرأسماليون لا يعبرون عن رأسمالية وطنية، بل رأسمالية انتهازية تريد تضخيم ثرواتها على حساب معاناة وحقوق الشعب الفلسطيني.
8- مقاطعة المؤسسات البنكية والمصرفية الإسرائيلية، من خلال عدم إيداع الأموال فيها. و شبك علاقات مع المؤسسات المدنية والشخصيات الاعتبارية والأكاديمية في العالم، والتي تقاطع فعلاً
10- الحذر من السلام الاقتصادي الذي تروج له واشنطن وتل أبيب، ويتساوق معه البعض في السلطة الفلسطينية، لأن تحت عنوانه ستجرى عمليات تطبيع وشراكات سياسية بين الفلسطينيين والعرب وإسرائيل على حساب الحقوق السياسية الثابتة" .

وفي الختام، فإن أبرز ما يميز حركة المقاطعة الجديدة عن سابقاتها، ارتكازها على أعمدة شعبية غير رسمية. وعليه، فهي تتطلب زيادة في برامجها الهادفة إلى التوعية الشعبية بغية حشد الطاقات للوقوف إلى جانب شعبنا في فلسطين ومخيمات اللجوء وتعني الطبيعة الشعبية لهذه الحركة أن لكل فرد مهما كان. وليس فقط ذوي النفوذ وصناع القرار دور في مناصرة الشعب الفلسطيني عن طريق مقاطعة البضائع الإسرائيلية مثلاً وتوعية من حوله بفوائدها كما تتميز حركة المقاطعة المتبلورة بتصنيف "إسرائيل" كدولة "أبارتهايد"، بالإضافة إلى وصفها كدولة استعمار واحتلال"؛ وهو ما يدل على تحوّل معتبر في نظرة العالم إلى حقيقة ما تقوم به "إسرائيل" من جرائم وانتهاكات لحقوق الإنسان ضد كافة أبناء الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، واللاجئين الفلسطينيين في الوطن والشتات، والمواطنين الفلسطينيين داخل إسرائيل. والحقيقة أن ما نحتاجه في هذه المرحلة، وبالاستفادة من تقييم جميع تجارب المقاطعة، أن تذهب إلى مقاطعة تتمكن من التجذر في الوعي الجمعي الفلسطيني والعربي، وتدخل ضمن منظومة القيم الثقافية الثابتة، وأن تتحوّل لتصبح جزءاً من العادات والتقاليد لدينا.
إذ اعطت حركة المقاطعة في الحرب الاخيرة التي تشنها إسرائيل على غزة ثمارها فقد عمد ابناء المجتمع العربي إلى مقاطعة غالبية الشركات والوكالات الداعمة لإسرائيل والتي يكون مردودها الاقتصادي في دعم إسرئيل ففي المغرب على سبيل المثال، أطلق نشطاء حملات لمقاطعة منتجات إسرائيل أو منتجات دول داعمة لها، من أجل الضغط "لوقف العدوان على قطاع غزة".
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو وصور تظهر وقفات لنشطاء أمام فروع بعض العلامات التجارية العالمية الداعمة لإسرائيل.
ومن العلامات التجارية التي شهدت مقاطعة واسعة من قبل المغاربة، ومن جانب دول عربية وإسلامية، علامة "كارفور" التجارية، ففي 19 نوفمبر/تشرين ثاني الماضي، كتبت حركة مقاطعة إسرائيل "BDS" على منصة "X": "برز دور ’كارفور’ منذ بداية الحرب الإسرائيلية، عبر تقديمها آلاف الطرود المجانية والشحنات الشخصية لجنود الجيش الإسرائيلي، بينما سارعت المجموعة نفسها لإخراج المنتجات الروسية من متاجرها تضامناً مع أوكرانيا".
أما مصر في فقد تراجعت مبيعات وكالة ماكدونالدز بنسبة 70 بالمئة في الشهر الأول من الحرب
كما بلغت خسائر ستاربكس، بمقدار 12 مليار دولار، في الفترة بين منتصف نوفمبر/تشرين ثاني الماضي و5 ديسمبر/كانون أول الجاري.
وقد شركة زارا للملابس اعتذاراً وحذف لصور كانت قد نشرتها تظهر فيها اعلان لملابس على شكل توابيت وأكفان وحجارة، فهمها نشطاء التواصل الاجتماعي، أنها "سخرية مما يجري في غزة".
ومنذ السابع من فجر السبت (7 تشرين الأول 2023)، وهو موعد انطلاق عملية طوفان الأقصى التي شنتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس على الكيان الصيهوني، أعلن العراق وقوفه مع حق الفلسطينيين وتأييده للعملية فضلا عن ادانته للمجازر التي ارتكبها الكيان بحق المدنيين في غزة.
وجاء موقف العراق الحكومي والرسمي مترادفًا مع موقف الفصائل المسلحة العراقية التي شنّت هي الأخرى أكثر من 20 هجومًا عبر طائرات مسيرة وصواريخ على القواعد التي يتواجد فيها الأمريكان ببغداد وأربيل وعين الأسد بالأنبار فضلا عن توسع الهجمات إلى سوريا.
وتلا الموقف العراقي الرسمي حملات شعبية للوقوف مع أهل غزة الذين تعرضوا إلى ما يشبه حرب الإبادة على يد الكيان الإسرائيلي، حيث انطلقت حملات تبرع ومساعدات في مناطق عراقية عدة، فضلا عن حملات لمقاطعة المنتجات التي يتم صنعها في إسرائيل وحتى الولايات المتحدة الأمريكية التي أعلنت صراحة وقوفها مع اسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين.
وبحسب القانون العراقي النافذ "يُمنع استيراد أي من البضائع الإسرائيلية" كما يقضي القانون بمصادرتها، وإحالة المتورط بإدخالها للقضاء الذي تصل أحكام العقوبة فيه للحبس مدة تصل إلى 15 عاماً.
وصوت البرلمان العراقي في السادس والعشرين من أيار العام الماضي لصالح مقترح قانون لتجريم التطبيع مع إسرائيل وسط أجواء احتفالية، في وقت دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنصاره للخروج إلى الشوارع احتفالاً بالتصويت.
وبحسب قانون "حظر التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني"، يحظر العراق التعامل مع الشركات والمؤسسات التي تتعامل مع الكيان الصهيوني أو تعتبر داعمة له أو ترتبط به.

وضمن تفاعل العراق مع القضية الفلسطينية لاسيما بعد احداث غزة التي انطلقت في السابع من تشرين الأول المنصرم، أطلقت مؤسسات عراقية ونشطاء فضلاً عن مواطنين، حملات لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية التي تدخل إلى العراق ولا تزال حملات المقاطعة تفعل فعلها في داخل المجتمع العراقي إلى الوقت الراهن.

ونخلص مما تقدم إلى القول ان ما نحتاج إليه هو وعي مجتمعي مدرك لإهمية عملية المقاطعة ودورها في تحجيم الدور الاسرائيلي على الأقل من ناحية الاقتصاد والاستثمار، في الوقت ذاته يجب ان تكون المقاطعة دائمة مستمرة إلى أن تباد دولة إسرائيل وتزول من المنطقة العربية لا من فلسطين فقط، لا لمقاطعة موسمية مزاجية ترتبط بحالة المد والجزر الجماهيري، ولا بحالة صعود وهبوط الخط البياني تبعاً للعملية السياسية؛ أو يستند توسعها واختراقها لقطاعات جديدة لإيقاع المعركة الوطنية الشاملة بيننا وبين الاحتلال نعم، ما نحتاج إليه أن نقاطع بضائع الاحتلال دون مبررات أو أسباب. على ان تكون المقاطعة سلمية دون الحاجة إلى إرهاب وأخافة العاملين في الوكلات أو الشركات ذات المردود الاقتصادي العائد إلى إسرائيل، لأنهم في المحصلة النهائية عاملين فقط وقد لا يدركون طبيعة عملهم وان سعيهم هو في تحصيل الكسب لا الدعم لهم، كما يجب ان تكون المقاطعة مع وجود منتج وطني أو عربي فالصناعات البديلة العربية والصديقة تملأ الأسواق. فيجب أن نقاطع بغض النظر عن الواقع الوطني، وسواء كنا في حالة مواجهة ساخنة أو باردة، وفي حالة استمرار المفاوضات أو انقطاعها. يجب إبقاء حالة المقاطعة قائمة، وعلى أساس خط واضح يستند إلى أن دولة الاحتلال تمارس سياسة الأبارتهايد والتمييز العنصري، كما يجب على ابناء المجتمع العربي الاستمرار بعمليات المقاطعة بغض النظر عن طبيعة وموقف وسياسية حكومات بلدانهم المطبعة مع إسرائيل والمتخذة الموقف السلبي والغاض البصر عما يحدث لإبناء الشعب الفلسطيني، فلا يخفى علينا ان في المنطقة العربية هنالك حكومات تؤيد وجود دولة إسرائيل وتؤيد السلام معها، متناسية أن في المستقبل القريب مايمس فلسطين وشعبها سيمسهم أيضاً فدولة إسرائيل المزعومة في رواياتهم الباطلة تمتد من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخلاف التجاري بين الجزائر والاتحاد الأوروبي.. إلى أين؟ | ال


.. بايدن وترامب.. وقضايا بارزة في المناظرة الرئاسية




.. انتخابات الرئاسة الإيرانية.. مرشحون وشروط


.. بالمناظرة التاريخية.. بايدن يتعثر مبكرا وترامب يدعوه للخضوع




.. بايدن يتلعثم خلال المناظرة الرئاسية أمام ترمب