الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عشتار الفصول:14142 أسئلة بعدما مرّ بنا العمر
اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.
(Ishak Alkomi)
2024 / 6 / 9
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
...وجهة نظر غير ملزمة.
قدْ نسألُ أنفسنا بعد أن بلغ بنا العمر مابلغه ،أسئلة نُحمّلُ أنفسنا فيها تبعات ماجرى لنا خاصة نحن معشر من تعلّم في مدارس الوطن السوري ،ومن كانت له رغبة في التعلّم .الذين لم نستكمل تحصيلنا العلمي إلى نهايته سيما ونحن نملك مقومات ومؤهلات وأسس تلك الدرجات العلمية التي حملها بعدنا أناس مع كل أسف .... كما ونملك قدرات هائلة فكرية كانت أم بحثية أم أدبية أم ثقافية ،ونلوم أنفسنا لأننا لم نعمل على تنظيم حياتنا، وأوقاتنا وأولوياتنا .
ولا نحن طورنا مواهبنا التي حبانا بها الله إلى مايجب أن تكون عليه ،وغالباً ما نلوم أنفسنا بأننا لم نقرأ الدرس قراءة سليمة ،والواقع كما يجب وفاتنا أن نقرأ مجتمعنا قراءة نقدية سليمة .
ولهذا لم نُشّرح واقعنا كما كان يجب أن نقوم به . لابل نذهب الآن لدرجة أننا نقرأُ ما مررنا به وكأننا لسنا نحنُ من أتخذ تلك القرارات والآراء .لكننا نعلم علم اليقين بأننا نحن من أضاع سنوات العمر في خدمة مجتمعاتهم. وكُنا يومها نشعر بنشوة العطاء والتضحية .
فيما كان العديد من أترابنا لهم حياتهم التي تُغايرنا إلى درجة لم نميز بحدسنا لماذا هم على هذه الشاكلة بينما نحن من يهرق سنوات شبابه في قضايا لاتعنيه مباشرة ولربما أشبعت لديه حاجة يشعر بها ويُسعد حياته من خلالها رغم أنها لم تطور في حياته الاقتصادية ولا الفكرية لابل كانت مضيعة وحرقاً للوقت الذي مرّ ولم يعد .
ورغم أن العمرّ قد مرّ لكن هناك أسئلة لاتزال تُلاحقنا ومنها وأهمها سؤال يقول:
هل كُنا أحراراً فيما نحن عليه آنذاك؟!!!
أعتقد إنّ أي أفكار نستقيها من قراءاتنا لحيثيات الحاضر وحالته وميكانيكيته وستاتيكيته وسبرانيته وتقدمه وتطوره وآلياته ونُسقطها على أزمنتنا وأماكننا وأوضاعنا الأسرية والاقتصادية والاجتماعية والوظيفية آنذاك هي خطأ جسيم نرتكبه.
لأننا اليوم غير الأمس والأمس البعيد الذي يمتد إلى ستين وسبعين وثمانين سنة خلت .
فحياتنا كانت محكومة بأغلال الفقر والجوع والحرمان والخوف والأمراض والموت .كما كنا نعيش أصوات مذابح ومجازر أهلنا في الشمال ، في تركيا العثمانية (سيفو ، سفر برلك، الفرمان 1915م) تلك الأصوات ورائحة الدماء ومناظر القتل والوحشية لاتزال تحرث في أرواحنا دروبها التي تنزّ جراحاتها دماً لأبرياء قتلتهم وحشية لم يشهد مثلها التاريخ .وأريدك أن تتخيل لو أنك ابناً لتلك المآسي خذني مثلاً . فجدك وابن أخيه وثلاثة بنات عمه سبايا هؤلاء هم من بقي من أسرة كان عددها 273 نسمة. تخيل نفسك لو كنت تملك ذرة من الضمير والوجدان والمشاعر الإنسانية كيف ستعيش ؟ وما هي المنهجية السلوكية التي ستكون عليها ؟ وكيف لك أن تكون ؟.
لهذا من قال لكم أننا كُنا أحراراً من الخوف والظلم والعدوان؟! ونحنُ نرسم مشاهد المذابح في كلّ ليلة قبل أن ننام ،ننظر إلى أعمدة السقف فوق رؤوسنا، ونحلم أنّ إلهاً سينتقم لهؤلاء الأبرياء ؟
كما أؤكد لكم كُنا في نفس اللحظة نرسم خرائط العشق والحبّ للجميع ونقول سيأتي الزمن محملاً بالحبّ والنهار الذي سيجمع البشر على مائدة واحدة ٍ ؟!
أجل يا إخوتي لهذا كُنا نرى في انتمائنا لأيّ منظمة شعبية سورية هي الدرع الواقي من ذاك الخوف السرمدي الذي كوّن القشرة الدماغية لنا ،ليس بأيدينا وإنما هذه حقيقة لابدّ أن نعترف بها . ولو أوجزنا بدراسة قصيرة جداً لشخصيتنا الداخلية ونفسنا الإنسانية بحسب تقسيم معلم ومؤسس علم النفس سيغموند فرويد لقلنا بأنّ( الأنا والنحنُ والأنا الأعلى) كانت تختلط فيها الأوهام مع الحقائق والخوف مع الشجاعة والريبة والشك مع تلك الطموحات المتمردة.
نحنُ لم نكن أحراراً فيما كُنا عليه كما سبق وقدمنا جزءاً من الحقائق ولكن الآن هناك ما يجب أن نقوله.
نؤكد على أننا قد عَملنا بكلّ إخلاص لمجتمعاتنا وحاولنا أن ننقل آسرنا من حالة إلى أخرى أكثر تقدما وتطوراً ،وتمكنا من تجاوز أعماق شخصيتنا إلى شخصية طبيعية قادرة على التأقلم والعطاء لابل البذل بسخاء ، تمكنا من تقديم نماذج للشخصية الوطنية المتميزة في أغلب أدوارنا ، أثرنا الغبار هنا وأوقفنا الحقد هناك .وبسماحة أرواحنا وشخصيتنا تمكنا من أن نؤسس مدرسة في محبة الوطن والمجتمع كما ولم نترك مواهبنا تموت بل رحنا نسقيها كلما توفر لنا الوقت ــــ رغم أننا أهملناها لدرجة كادت أن تموت ـــ إنما لاتزال حية تُعطي الثمار .لم نكن مكيافليين ولا انتهازيين كالكثيرين من أترابنا ورفاقنا الذين استغلوا ظروفهم وأوضاعهم وما أكثرهم ولربما كانوا أكثر واقعية منا من يعرف؟
كثيرة هي الأفكار التي تزحمنا لكننا نؤكد على أننا حُرمنا من وجود موجهين كبار لقدراتنا وسلوكيتنا بل نرى بأنّ هؤلاء الكبار كانوا يُسعدوا بوجودنا ضمن منظمات شعبية ومؤسسات حكومية لأننا كُنا نُشبع أرواحهم مما يحتاجون إليه من عزة ٍ قوة ٍ وأنفة.
وفي نهاية هذه الجزئية الحوارية بين الواقع الآن والأمس البعيد لابدّ من القول بأنّه لايمكن أن تكون الشخصية قادرة على دراسة الواقع دراسة دقيقة وموضوعية وهو يعيش ما عشناه سابقاً ومن العبث أن نمضي ماتبقى لنا في سلخ وجلد أنفسنا لكن لتكن لنا أمثلة ودروس وعبر.
إنّ من لا يُحبّ ويُقدر ذاته قبل بيته وأهله وقبل حارته وقبل مدينته وقبل وطنه لن يكون مواطناً متكاملاً ولن يكون قادراً على ذاك العطاء الخالد .
ومن يخدم مجتمعه بكلّ تفان ٍ دون أن ينظر لنفسه ووضعه المادي والتعليمي ويرى ثلة من الانتهازيين واللصوص يعتلون المناصب والمواقع فهو أغبى الأغبياء . ومن لا يُطور موهبته وينميها ويسقيها ويهتم بها ويُقدسها قبل واجباته سواء تجاه أمه أو أبيه أو أخيه أو زوجته وأولاده أو وطنه فهو من جماعة ولنسميها السذج القابعين في حدائق الوهم .
وللحديث لاصلة مع الأغبياء.
# اسحق قومي.9/6/2024م
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ترامب: على إسرائيل ضرب المنشآت النووية الإيرانية
.. إطلاق رشقة صاروخية من جنوب لبنان تستهدف الجليل
.. ما آخر الغارات الإسرائيلية على منطقة المريجة؟
.. روسيا تعلن عن ضربات مدفعية ضد وحدات أوكرانية في كورسك
.. بعمر 20 يوماً فقط.. لبنانية تروي رحلة نزوحها برفقة طفلتها ال