الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خالتي نرجس

فوز حمزة

2024 / 6 / 9
الادب والفن


كانت الشمس على وشك المغيب، حينما ترجلنا من الباص في زيارة لمدينة كلار حيث تقطن خالتي نرجس، إنها زيارتي الثانية، المرة الأولى كانت أيضًا برفقة أمي عندما كنت في العاشرة من عمري.
على الرغم من مرور سبع سنوات على زيارتي الأولى، إلا إني لم ألحظ أي تغيير يذكر، فالمدينةُ تبدو كامرأة مسنة ما عاد للأيام من تأثير عليها.
الشيء الوحيد الذي لفت انتباهي هو باب البيت الذي أصبح رماديًا بعد أن كان بنيًا.
الخالة نرجس، امرأة لم تعرف في حياتها سوى بيتها، نذرت عمرها لأولادها الستة، لم تنجب فتاة، لهذا أحاطتني بالحب والحنان وقد بادلتها الحنان والحب.
وأنا أنظر عبر النافذة إلى الوادي العميق، شعرت بإمتداد الحياة وغرابتها.
في صباح اليوم التالي، دخلت أساعد خالتي في إعداد وجبة الفطور والتي كانت أشبه بوليمة عرس.
تفاجأت بدموع غزيرة كانت تذرفها بصمت وهي تعد الأطباق، ثم بعد ذلك، وهي تودع أولادها وكأنهم ذاهبون في سفر بعيد أو إلى حرب قد لا يعودون منها.
بصمت جلسنا أنا وأمي والخالة نرجس لتناول ما تبقى من فطور الرجال من دون أن تذرف دمعة واحدة ودون أي شيء قد يدل على أنها كانت حزينة.
الجميع بمن فيهم خالتي يتلقى الأوامر من آزاد، الابن البكر الذي تولى المسؤولية بعد وفاة والده، بالمقابل كان آزاد يحيطهم بالرعاية ملبيًا كل طلباتهم.
في تلك الليلة بتُ محتارة من أمري بعد أن رأيت كيف استقبلت خالتي أولادها، احتضنت كل واحد منهم كأنها لم تره منذ زمن، لكن هذه المرة بفرح وابتسامة أم حنون!
ونحن نتناول العشاء، دارت أحاديث كثيرة بينهم، لمْ أفقه كلمة واحدة منها لأن زواج أمي الكردية من أبي العربي وانتقالها للعيش في بغداد لم يتيح الفرصة لي لتعلم لغتها ولغة أهلها.
نمت تلك الليلة وتساؤلات لم ترد عليها أحلامي الغرة حتى تكرر مشهد الفطور في الصباح التالي و تكررت معه جميع الأحداث حتى ظننت أني أشاهد مسلسلًا قد سبق لي رؤيته.
الأطباق الفارغة هي الدليل الوحيد على أنهم كانوا هنا.
وضعت حدًا للذهول الذي أصابني حينما أخبرتني أن أبناء الخالة نرجس الستة منقسمون على أنفسهم: ثلاثة ينتمون إلى حزب يكيتي، والثلاثة الآخرون إلى حزب بارتي. الأخوة يتقاتلون فيما بينهم خلال النهار، كل جماعة تنتشر على جبل تقاتل من على سفحه الجماعة المعادية، وعند الليل لايجدون أفضل من حضن خالتي ملاذًا أمنًا.
بعد أن توفيت أمي، لم أعرف ما حل بالخالة وأبنائها، لكني ما زلت أسمع أخبار الحزبين المتقاتلين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا