الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ارتفاع الأسعار وعمل الخير

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2024 / 6 / 9
حقوق الانسان


من المعروف أن ارتفاع أسعار السلع لا يحدث فى الدول النامية فقط بل يحدث فى كل أنحاء العالم. ففى فترة دراستى فى الولايات المتحدة الأمريكية فى الثمانينيات استأجرت شقة ذات حجرة نوم واحدة بمائة وخمسين دولارا شهريا، وهذا المبلغ يشتمل أيضا على استهلاك المياه ولا ينسحب إلى المرافق الأخرى كالكهرباء والغاز. المثير للدهشة أن مبلغ الإيجار كان يرتفع ٥٠ دولارا كل عام. وكان المبعوث (طالب البعثة) لا يتلقى سوى ٨٠٠ دولار إذا كان متزوجا. لقد علمت أن أسعار إيجار هذه الشقة فى هذه الأيام قد قارب ٢٠٠٠ دولار . وبالتالى فإنه من المؤكد أن مرتب المبعوث قد ارتفع أيضا لمواكبة هذا الارتفاع الجنونى فى الأسعار. وفى رأى فإن الاختلاف بين الدول النامية والدول المتقدمة هو أن المرتبات فى الدول المتقدمة ترتفع وتلاحق ارتفاع الأسعار بحيث لا يشعر المواطن بأن دخله ومرتبه قد انخفض، أما المواطن فى الدول النامية فهو يرى أن المرتب غير قادر على مواكبة ارتفاع أسعار السلع.

ورغم أن مصر شهدت منذ فترة ارتفاع أسعار معظم السلع الغذائية وغير الغذائية إلا أن المصريين لم يتوقعوا أن يرتفع سعر رغيف العيش الى الحد الذى أصبح فيه سعر الرغيف (التموينى) ٢٠ قرشا بدلا من خمسة قروش. ومع ذلك فإن الحكومة مازالت تقوم بدفع المليارات حتى يحصل المواطن على الرغيف بهذا الثمن. الجدير بالملاحظة أن آثار هذا التضخم والارتفاع فى أسعار السلع بات واضحا على وجوه الناس والحيوانات على حد سواء. لقد روى لى أحد الأصدقاء أنه كان يسير إلى منزله فإذا به يشهد مشهدا غريبا لم يره من قبل: لقد رأى رجلا وكلبه يجلسان أمام صندوق القمامة فى منطقة أطلس بأسوان حيث يشارك الرجل اللقمة مع الكلب، فيلتقط الرجل شيئًا ما من القمامة ويقدم نصفه للكلب ثم يتناول النصف الآخر. وهذا المشهد يعكس إنسانية الرجل الفقير الذى لا يتردد فى مشاركة طعام القمامة مع كلبه. وهنا نشير إلى حديث فى الصحيحين عن ابى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم: أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش، فأخذ الرجل خفه، فجعل يغرف له به حتى أرواه، فشكر الله له فأدخله الجنة.

ما لم نتوقع حدوثه هو أن حيوانات الشوارع أيضا باتت تعانى من الجوع فى هذه الأيام. لقد كانت قطط الشوارع فى الماضى لا تنتظر من الناس بقايا الطعام بل كانت تسعى للحصول على الطعام من عمل يدها وبمجهودها فى البحث عن خشاش الأرض من فئران أو حشرات. أما الكلاب فكانت تسهر الليل لتملأ الأرض نباحا كلما اقترب شبح من منزل صاحبه. وفى الصباح يتلقى المكافأة، وهى عبارة عن أحشاء الطيور وهياكل عظمية.

ورغم معاناة حيوانات الشوارع من ندرة الطعام ومن خلو صفائح وصناديق القمامة من بقايا الطعام إلا أن هذه الحيوانات مازالت تحتفظ بطبيعتها المتمثلة فى الوفاء والإخلاص. فى بلدتنا مجموعة كلاب شرسة تتخذ من البيوت المهجورة منزلا لها وكلما مر شخص من أمام هذا المنزل فإنها سرعان ما تطارده ولا تتركه إلا بعد أن يبتعد تماما عن الشارع الذى يقع فيه هذا المنزل المهجور. المثير للدهشة أن أهل منزلى يمرون فى سلام فى هذا الشارع ومن أمام هذا المنزل المهجور من دون أن تنبح هذه الكلاب أو تطاردهم. لقد أصيب الكثير من أهالى المنطقة بالدهشة فلا يترددون فى طرح الأسئلة الآتية: لماذا لا تطاردكم الكلاب؟ ولماذا لا تكشر عن انيابها عند رؤيتكم؟ أتعلمون ما السبب؟ هذه الكلاب تمر من أمام منزلنا كل يومين أو ثلاثة أيام فيقدم لها بقايا الطعام سواء عظام خالية من اللحم أو حتى خبز حاف.

وخلاصة القول فإنه من المنتظر أن يتعاون الناس فى رفع أو تقليل معاناة الناس (والحيوانات) فى الحصول على الطعام. كما يمكن أن تتضافر جهود أصحاب المطاعم ومحلات السوبر ماركت لتوفير الطعام لغير القادرين. من المؤكد أن الخير الذى تقدمه لإنسان أو حتى لحيوان لن يذهب هباء لكنه سوف يعود إليك مرة أخرى ليس بالضرورة من الشخص أو الحيوان الذى تلقى الخير لكن من مصادر لا يعلمها إلا الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة: نحو نصف مليون من أهالي قطاع غزة يواجهون جوعا


.. شبح المجاعة.. نصف مليون شخص يعانون الجوع الكارثي | #غرفة_الأ




.. الجنائية الدولية.. مذكرتا اعتقال بحق مسؤولَين روسيين | #غرفة


.. خطر المجاعة لا يزال قائما في أنحاء قطاع غزة




.. ما الأسباب وراء تصاعد الجدل في مصر بشأن اللاجئين السودانيين؟