الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنتخابات الأوروبية – إجْراء شَكْلِي الجزء الثاني

الطاهر المعز

2024 / 6 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


عائلة فون دير لاين، مرآة الإتحاد الأوروبي؟
تنحدر أورسولا فون دير لاين، رئيسة المُفوضية الأوروبية، من أُسْرة أرستوقراطية ثرية، وحصلت على درجة الدكتوراه في الطب، واشتغلت هي وزوجها في مجالات المختبرات والصيدلة، وشغل زوجها هايكو فون دير لاين (وهو كذلك من أُسرة ثرية) منصب المدير الطبي وعضو المجلس العلمي لشركة ( Orgenesis) الأمريكية للتكنولوجيا الحيوية، المتخصصة في العلاجات الجينية، مثل لقاحات فايزر وموديرنا، ويمتلكها نفس المساهمين في شركة فايزر ( صناديق الاستثمار) وفقا للمعلومات التي تُوفّرها بورصة نيويورك، وعمل هايكو فون دير لاين قبل ذلك (لمدة 11 سنة مع نائب رئيس شركة - Orgeneisis - ) لدى شركة الأدوية العابرة للقارات ( -GlaxoSmithKline GSK). أما القاسم المشترك لأصحاب المناصب الإدارية العليا في - Orgeneisis – فهو عملهم بشركة فايزر الأمريكية العابرة للقارات، وخلال شهر آب/أغسطس 2019، قبل فترة قصيرة من تفشي وباء كوفيد - 19، أعلنت شركتا غلاكسو سميث كلاين وفايزر عن اتفاقية لدمج العديد من أعمالهما في مشروع مشترك لشركة غلاكسو سميث كلاين للرعاية الصحية الاستهلاكية، وانتقال العديد من الباحثين والفنيين والإداريين بين مختلف الفُرُوع، لتحقيق الحد الأقصى للجَدْوى، وتُصمم شركة "ماكنزي " للإستشارات دراسات الجَدْوى للعديد من الشركات العابرة للقارات، ومن بينها فايزر، وكذلك للحكومات والكيانات مثل الإتحاد الأوروبي، وسبق أن قدّمت ماكنزي، حيث يعمل "ديفيد فون دير لاين"، ابن أورسولا و هايكو فون دير لاين، المشورة لوزارة الحرب الألمانية لمّا كانت أُمُّهُ على رأس تلك الوزارة، ثم قدمت نفس الشركة "المَشُورة" ( مقابل المال) للمُفوضية الأوروبية عندما أصبحت أُمُّهُ رئيسة لها، مما يُشكل تضاربًا في المصالح، كما صَمّمت شركة ماكنزي العابرة للقارات الحملات الإعلانية الأوروبية بشأن الوقاية من الوباء وأهمّية التلقيح، وكانت نفس الشركة مسؤولة عن الخدمات اللوجستية لتوزيع اللقاح الذي تعاقدت بشأنه رئيسة المُفَوّضية الأوروبية، دون استشارة المُفَوّضين أو الحكومات الأوروبية أو البرلمان الأوروبي، مع شركة فايزر التي يبدو إنها دفعت عمولات لآل فون دير لاين للحصول على عقد بقيمة 36 مليار يورو، للحصول على 1,8 مليار جرعة (تم إلقاء جزء هام منها في القمامة) ويعتقد بعض مُوظّفي الإتحاد الأوروبي وبعض نواب البرلمان الأوروبي إن أرسولا فون دير لاين كسبت 760 مليون يورو بعنوان عُمولة، أو أكثر من 2% من القيمة الإجمالية للصّفقة.
استوردت بلدان الإتحاد الأوروبي، سنة 2021، نحو 155 مليار متر مكعب من الغاز الروسي، أو حوالي 40% من إجمالي واردات الغاز، ولما انطلقت الحرب في أوكرانيا، كانت أورسولا فون دير لاين من أكبر المُتحمّسين للحرب ضدّ روسيا ومُقاطعتها اقتصاديًّا، وإقرار كافة المخططات الأمريكية، دون مُراعاة مصالح أوروبا، وتم تطبيق خفض إيرادات الغاز بسرعة عجيبة، ليتم استبداله بالغاز الصخري الأمريكي الرّديء وبسعر مرتفع، وفي مؤتمر صحفي، أشارت أورسولا فون دير لاين – خلال مؤتمر صحفي منتصف أيار/مايو 2022 – إلى انخفاض واردات الإتحاد الأوروبي من الغاز الروسي، لتصل النسبة إلى 26% ( بدلاً من 40% ) خلال شهر نيسان/أبريل 2022، أي بعد شهْرَيْن من انطلاق الحرب، وأقر الإتحاد الأوروبي الذي ترأسُهُ، منتصف شهر أيار/مايو 2022، خطة تعرف باسم - REPowerEU - تفوق تكلفتها 300 مليار دولارا، للتخلص من الوَقُود ( خصوصًا الغاز) الروسي، وكانت تلك فُرْصة لتفرض الولايات المتحدة الغاز الصّخري الأمريكي الرديء، وبالمناسبة وعدت إدارة الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن بتنصيب فون دير لاين أمينة عامة لحلف شمال الأطلسي، عند انتهاء ولاية "ينس ستولتنبيرغ"، وتعطل تنفيذ هذا الوعد، بنهاية سنة 2023، فتم التمديد للأمين العام بسنة، وأدّت مقاطعة المحروقات الروسية إلى ارتفاع سعر الغاز الذي يستخدمه المواطنون الأوروبيون بنسبة فاقت 200% فيما تُسدّد الشركات الأوروبية خمسة أضْعاف السعر الذي تُسدّده الشركات الأمريكية للحصول على النفط الصخري، وبذلك تُصبح الشركات الأمريكية أكثر تنافُسِيّة من نظيرتها الأوروبية، وأنفقت أوروبا ما لا يقل عن عشر مليارات يورو لاستقبال الغاز الصخري الأمريكي الذي يتم تَسْيِيلُهُ ثم نَقْلُهُ بالسّفن وليس بالأنابيب كما الغاز الروسي، ولن تتمكّن أوروبا من بناء المَحطّات لتخزين الغاز الصخري المُسال قبل نهاية سنة 2026، ما ينسف مشاريع الإنتقال إلى استخدام الطّاقات "النّظيفة" والتّخفيف من الإنبعاثات ويُؤَجِّلُها إلى ما بعد سنة 2030، وعمومًا قُدِّرت الإستثمارات الأوروبية بنحو 300 مليار يورو يُسدّدها القاطنون بأوروبا من أجل إنجازالبنية التحتية الجديدة للنفط والغاز ولتسريع "التحول إلى الطاقة النظيفة" وإزالة الكربون، وفق الخطّة التي أقرها الإتحاد الأوروبي سنة 2019، لكن ارتفع الإنفاق على شراء المحروقات وتواجه سياسة التّحول إلى استخدام الطاقات النظيفة، عراقيل كبيرة، خلق الإتحاد الأوروبي بعضها، مثل الإرتهان إلى الغاز الصخري الأمريكي...
على الصّعيد السياسي، تمثل أورسولا فون دير لاين اليمين المُحافظ والفاسد والموالي للولايات المتحدة وعسكرة الدبلوماسية، وهي أكثَر صهيونية من أي مسؤول أوروبي آخر، في أوروبا التي ارتفعت في كل بلدانها حصة اليمين المتطرف من أصوات الناخبين وتمتّن التحالف بين اليمين واليمين المتطرف الأوروبي مع الكيان الصهيوني، وتُعْتَبَرُ أورسولا فون دير لاين من رُوّاد اليمين الأوروبي، ودعمت مجاز جيش الإحتلال والإبادة الجماعية...
اقترب موعد انتخاب البرلمان الأوروبي، الذي لا يتمتع بصلاحيات هامة، لكن تُعَدُّ هذه الإنتخابات مقياسًا لدرجة شعبية الحكومات والأحزاب في مختلف بلدان الإتحاد الأوروبي، وتزامنت الحملة الإنتخابية مع نَشْر رسالة ( الأسبوع الأخير من نيسان/ابريل 2024) وقّعها سبعة من أعضاء البرلمان الأوروبي، مُوَجّهة إلى المفوض الأوروبي للشفافية، ويطالب النواب بإجراء تحقيق في الأنشطة التجارية لهيكو فون دير لاين، بشأن لقاحات فايزر التي قَدْ تعرض أورسولا فون دير لاين أمام محكمة بلجيكية، وتُشير التقديرات إلى حصول فون دير لاين الزوج على تمويل بقيمة 320 مليون يورو من المفوضية الأوروبية التي ترأسها زوجته أورسولا فون دير لاين، لمختبر - Orgenesis- الذي يديره هيكو فون دير لاين مقابل راتب غير مُعْلن ومنح تفوق قيمتها 200 ألف يورو سنويا، منذ 2020، فضلا عن أموال أخرى وعمولات يحصل عليها مقابل إنجاز مشاريع تمولها أو تشارك في تمويلها البرامج الأوروبية، بالمال العام، ومن بينها 300 مليون يورو حصلت عليها شركة "أورغنيسيس" خلال شهر تشرين الأول/اكتوبر 2023، وطلب أعضاء البرلمان الأوروبي من مفوض الشفافية التحقيق فيما إذا كانت المناصب الإدارية لهايكو فون دير لاين متوافقة مع الدور المؤسسي لزوجته أورسولا فون دير لاين، كما طلب العديد من أعضاء البرلمان الأوروبي ( منتصف نيسان/ابريل 2023)، وأعضاء اللجنة الخاصة المعنية بـ”كوفيد”، من رئيسة المفوضية الأوروبية، فون دير لاين، أن تشرح علنًا عقود اللقاح التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات والتي وقعتها مع شركة الأدوية فايزر، ثم أتْلَفَت الرسائل النصية التي تبادلتها مع مع ألبرت بورلا، الرئيس التنفيذي لشركة فايزر، قبل وقت قصير من توقيع العقود بشكل ضبابي، ضمن عملية مشبوهة يشوبها تضارب المصالح (المصلحة الخاصة والمصلحة العامة) وفق العديد من التقارير التي نشرتها صُحف ألمانيا وبلجيكا وإيطاليا التي أشار إلى تورّط أُسرة فون دير لاين الزوج والزوجة والإبن في العبث بالمال العام، وأشارت الصحف الإيطالية إلى الخبرة الطويلة لبأورسولا فون دير لاين في العمليات المشبوهة منذ كانت وزيرة في حكومة أنغيلا ميركل...
نشرت صحيفة نيويورك تايمز، منذ بداية شباط/فبراير 2021، تحقيقًا عن الفساد داخل مؤسسات الإتحاد الأوروبي، وبالأخص فساد أُسْرة فان دير لاين واستفادتها من أموال الأوروبيين وأطلقت على فضيحة شراء 1,8 مليار جرعة من اللقاحات لحوالي 400 مليون مُقيم في أوروبا، اسم "فايزرغيت"، وعلى إثر ذلك، وبعد أكثر من شَهْرَيْن، قدّم فريديريك بالدان، وسيط العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والصين، شكوى ضد رئيسة المفوضية "أورسولا فون دير لاين" أمام محكمة في لييج ( بلجيكا)، متهمًا إياها باغتصاب وظائف وألقاب، وتدمير وثائق عامة، والقيام بأعمال غير مشروعة، من بينها الفساد والإثراء غير المشروع، وانضمت إلى الدعوى القضائية عشرات المنظمات والأفراد وحتى دول مثل المجر وبولندا.

أورسولا فان دير لاين، وكيلة رأس المال الإحتكاري
تم تعيين أورسولا فون دير لاين لولاية ثانية على رأس الإتحاد الأوروبي، من قِبَل ممثلي الحكومات اليمينية واليمينية المتطرفة التي تُشكل أغلبيةً في المؤسسات الأوروبية، ووصفت مجلة فوربس – التي تتابع أخبار أثرى أثرياء العالم - رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأقوى امرأة في العالم واحتلت المركز الأول لمدة سنتَيْن في مجلة بوليتكو وروجت وسائل الإعلام النافذة صورة إيجابية لها رغم العديد من الفضائح ذات الصبغة السياسية والإقتصادية ورغم الرفض الشعبي للمؤسسات الأوروبية.
ولدت أورسولا فون دير لاين في عائلة أرستقراطية كبيرة، وهي ابنة الموظف المدني الأوروبي السابق ورئيس المجلس الاتحادي الألماني إرنست ألبريشت، والتحقت بالمدرسة الأوروبية المخصصة لأبناء المسؤولين الأوروبيين، ثم درست الرياضيات والاقتصاد والطب، حيث تخرجت سنة 1991، وتم اتهامها بتضمين أطروحة الدّكتوراه التي أعدّتها سرقة أدبية واحدة كل صفحتين، وانتمت إلى حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي ( يميني، محافظ، ليبرالي ) الذي ينتمي إليه والدها (وهو نائب للرئيس الاتحادي) وهو كذلك حزب المستشارة السابقة أنغيلا ميركل التي عينتها في عدة وزارات ومن بينها وزارة الحرب سنة 2013، حيث تميزت الفترة التي قضتها في وزارة الحرب بعدة فضائح تتراوح بين القرارات الإدارية السيئة وهدر المال العام لتسديد رواتب المستشارين والخبراء والمقاولين من الباطن، من أصدقائها، ومع ذلك تمكنت ألمانيا وفرنسا من فَرْضِها على رأس المفوضية الأوروبية ( تموز/يوليو 2019 ) وتم انتخابها بأغلبية ضئيلة (51,7% من الأصوات)، وفي نيسان/ابريل 2021، وفي خضم الأزمة الصحية، كشف مقال في صحيفة نيويورك تايمز عن رسائل نصية متبادلة بين رئيسة المفوضية الأوروبية والرئيس التنفيذي لشركة الأدوية فايزر، بشأن عقد لشراء 1,8 مليار جرعة من لقاح فايزر/بيونتك ضد كوفيد-19، وتَبَيَّنَ لاحقًا أن ثمن الجرعة الواحدة بلغ 19,5 يورو، بدل 15,5 يورو (سعر السوق) وغنمت شركة فايزر مبلغ التكلفة الإضافية التي لا تقل عن 7,2 مليار يورو من المال العام، وترفض أورسولا فون دير لاين الكشف عن التبادلات، رغم من الطلبات المتكررة من الوسيط الأوروبي إميلي أورايلي، وترفض الخضوع لأي محاسبة، وهي بذلك تُشكّل نموذجًا لغياب الدّيمقراطية بمؤسسات الإتحاد الأوروبي، ونموذجًا لخدمة رأس المال الإحتكاري وتحويل المال العام إلى خزينة الشركات العابرة للقارات، فضلا عن تيْسِير استفادة الشركات الكبرى من تكاليف العمالة المنخفضة بشكل كبير في أوروبا الشرقية، ودافعت بشراسة عن انضمام أوكرانيا إلى الإتحاد الأوروبي – رغم عدم توفّر الشّروط – لكي تستفيد الشركات من المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة، ومن انخفاض الحدّ الأدنى للأجور في أوكرانيا ( نحو 168 يورو شهريًا ) ومن تعليق حق الإضراب وتقويض العمل النقابي...

الثروة والسلطة السياسية في خدمة الصهيونية – نموذج رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين
بعثت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خطابًا مُسجّلاً على شريط فيديو، إلى رفاقها من مجرمي الكيان الصهيوني، بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لاحتلال فلسطين من قِبَل المُستعمرين المستوطنين الصهاينة الذي أعلنوا إنشاء دولة على أرض فلسطين، وتجاهلت أرسولا فون دير لاين، كما جل السياسيين في الإتحاد الأوروبي، وفي ألمانيا بشكل خاص، الشعب الفلسطيني، بل هلّلت "للحُلْم (حُلْم الحركة الصهيونية) الذي تحقَّقَ قبل 75 عاما بإقامة دولة إسرائيل، حيث وجد اليهود أخيرًا موطنهم في أرض الميعاد... اليوم ، نحتفل بمرور 75 عامًا على الديمقراطية النابضة بالحياة في قلب الشرق الأوسط ، و 75 عامًا من الديناميكية والإبداع والابتكارات الرائدة. لقد جعلتم الصحراء تزدهر بالمعنى الحرفي للكلمة، كما رأيت بأم عيني خلال زياراتي للنقب العام الماضي (2022)... نحتفل أيضًا بمرور 75 عامًا على الصداقة بين إسرائيل وأوروبا، فنحن نتشارك العديد من الأشياء: الثقافة والقيم والروابط العميقة التي مَتَّنَتْ أواصر الصّداقة بين أوروبا وإسرائيل. استقلالكم هو استقلالنا ..."
نسبت رئيسة المفوضية الأوروبية لنفسها الخطاب الصهيوني الكاذب ( جعلتم الصحراء تزدهر) مثل معظم (أو كل) السياسيين الألمانيين الذين يحاولون التكفير عن ذنوب أجدادهم، الذين قمعوا المواطنين الألمان من ذوي الدّيانة اليهودية، على حساب الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، مُتجاهلة (ومتجاهلين) طبيعة المشروع الاستعماري الصهيوني، الذي دعمته الإمبريالية البريطانية، والذي تجسّد في مصادرة الأراضي ونزع الملكية وتدمير 532 قرية وتهجيرحوالي 800 ألف فلسطيني، وبذلك يُكون الخطاب الذي سجلته أرسولا فون دير لاين باسم الإتحاد الأوروبي، قد جرّد الشعب الفلسطيني من وطنه ومن إنسانيته، فإنشاء الكيان الصهيوني شكّل نكبة شارك في إعدادها وتنفيذها جنود من 37 جنسية، وشكل كارثة للشعب الفلسطيني الذي تم طَرْدُهُ من وطنه وإحلال مُستعمرين مكانه، جاؤوا من مائة بلد...
تَبَنّت أرسولا فون دير لاين هذا الخطاب الدعائي الذي يُزيف التاريخ ويمحو تاريخ وحقوق الشعب الفلسطيني وتبنّت (باسم الإتحاد الأوروبي ومئات الملايين من المواطنين الأوروبيين) الرواية التي تنكر وجود الشعب الفلسطيني وتنكر وجود فلاحة مزدهرة ونشاط صناعي وتجاري في فلسطين قبل الإحتلال، ويتنزل هذا الخطاب ضمن الإيديولوجيا الإستعمارية الأوروبية ومنطقها العنصري الذي عَبَّرَ عنه منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ( جوزيب بوريل ) الذي ألقى خطابا، في تشرين الأول/اكتوبر 2022، شبّه فيه أوروبا بالحديقة المُزهرة والمُثمرة، وبقية العالم بالغابة المتوحشة، وما ادّعاء أن الصهاينة حولوا الصحراء القاحلة إلى حديثة غنّاء سوى ترديد للدعاية الصهيونية، سليلة الدّعاية الإستعمارية التي يريد جوزيب بوريل وأرسولا فون دير لاين إحياءها ومحو تاريخ وثقافة وحضارة الشعوب غير الأوروبية ومن بينها تجاهل "النكبة" وطرد أكثر من 800 ألف فلسطيني أو أجبارهم على ترك منازلهم.
تنْبَعُ مواقف السيدة فون دير لاين من انتمائها لليمين الألماني ومن قناعاتها الإستعمارية والعُنصرية، وكذلك من أُصُولها الطبقية الأرستقراطية التي تُذَكِّرُ بها الفقرات الموالية.

عداء ألماني وأوروبي مُتأصِّل
سبق أن ندّدت رئيسة المفوضية بالمقاومة الفلسطينية التي تَرُدُّ أحيانًا على القصف الجوي والصاروخي الصهيوني ببعض الصواريخ البدائية، ولم يسجل التاريخ أي تنديد أو استنكار أو لَوْم صدر عن رئيسة المفوضية الأوروبية بشأن المجازر الصهيونية والإغتيالات اليومية، والإعتقالات وتدمير المنازل والأحياء وغيرها من الأساليب الإستعمارية التقليدية والمُحْدَثَة، وعلى سبيل المثل نشرت أُرسولا فون دير لاين يوم الجمعة 14 أيار/مايو 2021 بيانًا يُدين "الهجمات "العشوائية" (التي تنفذها حماس) ، وتتحدث عن وجوب "حماية المدنيين " الصهاينة، كما أدانت المستشارة الألمانية السابقة "أنغيلا ميركل" "الهجمات الصاروخية على إسرائيل والحوادث المعادية للسامية في ألمانيا... لن تتسامح ديمقراطيتنا ( الموروثة عن النازية؟) مع التجمعات المعادية للسامية "، وتلا هذه التصريحات رَفْع علم الكيان الصّهيوني فوق مبنى حزب المُستشارة "الاتحاد الديمقراطي المسيحي"، في إشارة إلى التضامن مع الدولة الصّهيونية، واعتبار الشعب الفلسطيني خَصْمًا (أو عدوًّا) لألمانيا وللإتحاد الأوروبي بحسب تصريحات فون دير لاين وبوريل وغيرهما.
تذكر بعض البيانات الأوروبية أحيانًا ضرورة "وضع حدّ للعنف"، وبذلك تتم وضع المُعتدي والمُستعمِر، والمُعتَدَى عليه، والواقع تحت الإحتلال، على قدم المساواة، لكن لم تندّد حكومة ألمانيا ولا الإتحاد الأوروبي بقصف الكيان الصهيوني وتدميره مبنى كان يتواجد به مراسلو الصحافة الدولية في غزة، ونسيت أوروبا وألمانيا التّذكير بضرورة " ضمان سلامة وأمن الصحفيين ووسائل الإعلام..."

الأُصُول الطبقية لأرسولا فان دير لاين
وُلِدَت أورسولا فون دير لاين سنة 1953، عند تأسيس ألمانيا الغربية كقاعدة أمريكية وأطلسية، وكان والدها الوزير رئيس ساكسونيا السفلى، وهو منصب مهم للغاية. درست في كلية لندن للاقتصاد، كما درست الطّب وتخرّجت طبيبة بعد سبع سنوات من الدّراسة، وإنجاب مع زوجها الطبيب والثّرِي أيضًا، سبعة أطفال، واشتغلت في كلية هانوفر الطبية، كطبيبة ومساعدة أبحاث هناك، براتب قدره خمسة آلاف يورو، في بداية القرن الواحد والعشرين، وورثت، مع إخوتها الستة عن عائلتها الأرستقراطية الثروة والإيديولوجيا "المُحافِظَة" والنشاط السياسي في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني اليميني، وشغلت عدة مناصب وزارية من 2005 إلى 2019، بعد نشاط حزبي لمدة 16 سنة، ولم تُخْفِ أبدًا أفكارها الاستبدادية للغاية وقربها من اليمين المتطرف، وأدّى بها الطُّموح السياسي إلى رَفْض منصب وزارة الصّحّة ( والطب من اختصاصاتها)، سنة 2013، وطالبت بوزارة الحرب وحصلت عليها إلى غاية سنة 2019، عندما أصبحت رئيسة المفوضية الأوروبية.
انتُخِبت لعضوية برلمان ساكسونيا السفلى سنة 2003، وكانت الوزيرة الأطول خدمة في حكومة أنغيلا ميركل، من 2005 إلى 2019، براتب قدره 15 ألف يورو شهريًا، ووصل منذ سنة 2009 إلى 19 ألف يورو شهريا، بعد انتخابها لعضوية البرلمان الإتحادي (البوندستاغ)، ولدى فون دير لاين وزوجها وأطفالها السبعة منزل كبير بالقرب من هانوفر، كما يمتلكون خيولًا ومزرعة في بورغدورف، وأسس زوجها الطبيب "هايكو فون دير لاين" شركة للتكنولوجيا الحيوية تعمل في مجال الأبحاث حول الأعضاء الاصطناعية والخلايا الجذعية، وهو ينتمي إلى عائلة من النُّبَلاء، تضخّمت ثروتها من تجارة الحرير ثم من التجارة الدّولية.
زادت ثروة رئيسة المفوضية الأوروبية بفعل الصفقات المشبوهة التي عقدتها ( هي وزوجها) باسم الإتحاد الأوروبي لشراء مليارات الحُقنات من لقاح كوفيد – 19، كما زادت ثروتها من حرب أوكرانيا، ما وسَّعَ رُقعة المُشكّكين في شرعيتها، وساعدها راتبها المرتفع على رفع ثروتها الصّافية الخاصة المُعْلَنَة إلى حوالي ثلاثة ملايين يورو بنهاية سنة 2021، بحسب مجلة فوربس، وفي حزيران/يونيو 2022 ، قَدّرت صحيفة تايم الإنغليزية راتبها الشهري بحوالي 33400 يورو، بالإضافة إلى 28460 يورو بعنوان حوافز ومِنَح غير خاضعة للضريبة، وذكرت صحيفة "إيكونوميست" أنها زادت راتبها في كانون الأول/ديسمبر 2020، بنحو 560 يورو، نقلا عن النائب الإيطالي بالبرلمان الأوروبي، أنطونيو ماريا رينالدي، وكشفت صحف بلجيكية وإيطالية، صيف 2022، الزيادات في رواتب أورسولا فون دير لاين، ثم تسربت أخبار عن ارتفاع راتبها (بأمر منها) في تشرين الأول/اكتوبر 2022 بنسبة 8,5% بعنوان تدارك نسبة التضخم، ولم يحصل الموظفون الآخرون سوى على نسبة تتراوح بين 2,4% و 4,4%، وكذّب الإتحاد الأوروبي محتوى هذه التسريبات، كما كتبت مجلة فوربس الأمريكية المُختَصّة في متابعة ثروة أثرى الأثرياء، في الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2022، "احتلت أورسولا فون دير لاين المرتبة الثامنة في قائمة فوربس لأكثر 100 امرأة نفوذاً في العالم، واحتلت المركز الأول للداعمين لأوكرانيا"، حيث فاق نشاطها آمال الحكومة الأمريكية أحيانًا، من أجل حظر معاملات المصرف المركزي الروسي على الأراضي الأوروبية وإغلاق فضاء الاتحاد الأوروبي أمام الطائرات الروسية وحظر وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الروسية أو المساندة لها، وكانت أكبر مسؤول في الاتحاد الأوروبي يزور أوكرانيا ويلتقي بالرئيس فولوديمير زيلينسكي، في أيار/مايو 2022، وبادرت بطرح مجموعة جديدة من العقوبات الأكثر صرامة على روسيا، تضمنت الحظر الشامل على النفط الخام الروسي، وكان هذا الإجراء صعب التطبيق وأضرّ باقتصاد العديد من الدّول الأوروبية وفي مقدّمتها ألمانيا، وفي الثلاثين من تشرين الثاني/نوفمبر 2022، دعت أورسولا فون دير لاين إلى إنشاء "محكمة خاصة للتحقيق في جرائم الحرب الروسية ومحاكمة المسؤولين عنها" (ولا ترى هذه الجرائم في فلسطين المحتلة واليمن وسوريا والصومال وأفغانستان والعراق وغيرها)، ونالت أورسولا فون دير لاين الثناء من "مجلس العلاقات الخارجية" (مركز أبحاث أمريكي، شبه رسمي) وكان من المتوقّع أن تُكافِئها الولايات المتحدة بترشيحها لتكون الأمينة العامة المقبلة لحلف شمال الأطلسي، غير إن تصرفاتها أحبطت تطبيق هذا الوعد (ورد ذكر ذلك في فقرة سابقة)، كما منحتها مؤسسة بيل ومليندا غيتس جائزة عالمية بسبب تخصيصها 800 مليار دولارا من المال العام صيف سنة 2020، "لمساعدة أوروبا على التعافي من وباء كوفيد-19"، وظهر فيما بعد إنها وقّعت (مع زوجها) صفقات مشبوهة وفاسدة مع فيزر، واستفادت هي وزوجها ماليا من هذه الصفقات فيما بقيت عشرات الملايين من هذه الجرعات غير مستخدمة حتى فات أجل استخدامها...
لم يتم اكتشاف فحوى المفاوضات التي أجرتها أورسولا فون دير لاين وزوجها (طبيب وغني أيضًا) باسم الإتحاد الأوروبي، مع شركة فايزر على صفقة لشراء لقاحات كوفيد-19، سوى سنة 2021، وقبل ذلك، في 24 حزيران/يونيو 2020، بثت قناة "فرنسا الثقافية" إحدى الإذاعات الفرنسية العامة بعضًا مما نشرته المُعارضة الألمانية عن مسؤولية أورسولا فون دير لاين في فضيحة كلفت وزارة الحرب الألمانية التي ترأستها ما لا يقل عن مائة مليون يورو (دون رقابة ولا تحقيق) لدفع رواتب المستشارين والمقاولين الفرعيين الآخرين، منهم جماعات الضغط، قبل مغادرتها الوزارة لتترأس المُفوّضية الأوروبية في بروكسل، وفق صحيفة "فوكس" الأسبوعية بتاريخ 24/06/2020 التي استندت إلى تقرير كتبه نواب من المعارضة الذين شاركوا في لجنة التحقيق البرلمانية في هذا الشأن، والذي حاولت أوروسولا فون دير لاين عرقلة إنجازه ونشره لأن لديها مصالح مع جماعات الضغط التي تدافع عن مصالح الشركات الكبرى في قطاع التسلح، وفق صحيفة بوليتيكو، وكذلك صحيفة سود دويتشه تسايتونغ...
فساد رئيسة المُفوضية من فساد الإتحاد الأوروبي
تنحدر رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، وزوجها من عائلات ثرية للغاية، وورثت رئيسة المفوضية الأوروبية سمعة والدها السياسية، وهي تمثّل اليمين الألماني والأوروبي، الأطلسي، الموالي لأمريكا، والداعم للصهيونية بلا حدود، وتم اتهام هذه الزعيمة السياسية اليمينية الأوروبية عدة مرات بإساءة استخدام السلطة، وآخرها قضية عرفت باسم "بيبرغيت"، انطلقت في بداية سنة 2024، لما عيّنت الرئيسة أحد المُقرّبين منها، من الحزب المسيحي الديمقراطي اليميني، الذي تنتمي إليه، في منصب "مستشار الرئيس" براتب 20 ألف يورو شهريًا، وسبق أن قدّم مواطن بلجيكي شكوى ضد رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إلى محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، فيما يتعلق بقضية الرسائل النصية بين رئيسة المفوضية والرئيس التنفيذي لشركة الأدوية فايزر، بشأن صفقة جرعات لقاح كوفيد التي ورد ذكرها في فقرة سابقة، وفي أيار/مايو 2023، ورد اسم رئيسة المفوضية الأوروبية في فضيحة سياسية في بلغاريا، إثر تدخّلها لمساعدة حزب سياسي يواجه صعوبات ضد خصومه خلال حملة انتخابية، وتمت إذاعة تسجيل لها وهي تنصح رئيس الوزراء البلغاري السابق: "عليك أن تجد طريقة للالتفاف على القواعد، سنحاول مساعدتك... لكن لا تذكر إسمي، سنحاول مساعدتك"، وتم تسريب التسجيل إلى الصُّحُف المحلّيّة البلغارية...
تُشَكّل هذه الأمثلة مجرد عينات من إساءة استخدام السلطة المستمرة من قبل الرئيسة الحالية للمفوضية الأوروبية، السيدة أورسولا فون دير لاين، وهي ليست سوى عينة من إساءة استخدام السلطة، وما ( Piepergate ) سوى القضية الأحدث، والتي تم الكشف عنها قبل بدء الحملة الانتخابية للانتخابات الأوروبية في الفترة من 6 إلى 9 حزيران/يونيو 2024، ما دفع أعضاء البرلمان الأوروبي اليمينيون وأعضاء المفوضية الأوروبية إلى انتقاد رئيستهم (أورسولا فون دير لاين) لاتخاذها قرارات دون استشارة أعضاء المفوضية، ودون احترام الزمالة في المفوضية ودون احترام معاهدات الاتحاد الأوروبي.
لقد اتسمت المسيرة السياسية لرئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بالمكائد والجدل والفضائح. فقد تورّطت السياسية الألمانية في سلسلة من الفضائح الكبرى، بما في ذلك إدارتها الكارثية للميزانية، وسوء إدارتها فيما يتعلق بشراء لقاحات فايزر... ومنذ عام 2015، اتُهمت بنَسْخِ (نَقْل) 27 صفحة من أطروحتها الطبية التي قدمتها في جامعة هانوفر سنة 1991...
مكّنت إقامتها مع زوجها في كاليفورنيا (جامعة ستانفورد) الزوجين من توطيد العلاقات مع رؤساء الشركات متعددة الجنسيات، بما في ذلك شركة فايزر، ثم ساعدها منصبها السياسي، حيث شغلت منصب وزيرة عدة مرات، بما في ذلك وزيرة الحرب، ونائبة رئيس الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي ترأسه أنغيلا ميركل، واتُّهِمَتْ خلال مسيرتها السياسية، بتبديد الأموال والمحسوبية والفساد وتضارب المصالح... وقد كشف تقرير لجنة تحقيق برلمانية سنة 2019 عن تبديد ما يقرب من 100 مليون يورو، دون رقابة، على مستشارين ومقاولين من الباطن من القطاع الخاص، وغالبًا ما يتم اختيارهم دون أي دعوة لتقديم عطاءات، ووفقًا لتقرير اللجنة البرلمانية والمحكمة الاتحادية الألمانية لمراجعة الحسابات، الذي نقلته الصحافة الألمانية والبلجيكية، فإن عقود الاستشارات أخفت نفقات مشكوك فيها وعلاقات وثيقة بين كبار موظفي الدّولة (أو الإتحاد الأوروبي) وجماعات الضغط، وأورسولا فون دير لاين هي عضو في النخبة في نادي بيلدربيرغ الخاص جداً، كما أنها عضو في مجلس إدارة المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، وأدّى اتهامها بالمحسوبية والفساد وتضارب المصالح إلى فتح تحقيق من قِبَل مكتب المدعي العام الأوروبي في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، في "غياب الشفافية في عقود شراء جرعات لقاح فايزر ضد كوفيد-19" وعادات في كانون الثاني/يناير 2022 فضيحة مرتبطة بإدارة جائحة كوفيد إلى الظهور من جديد، بسبب افتقار الصفقة إلى الشفافية وتوقيع عقد شراء اللقاح بأسعار مرتفعة للغاية، وفق صحيفة نيويورك تايمز ( نيسان/أبريل 2021)...
رغم كل هذه الفضائح، تستمر أورسولا فون دير لاين وزوجها في التصرف في المال العام الأوروبي وكأنه مِلْكِيّة عائلية، على حساب قواعد الشفافية، حيث تمول المفوضية الأوروبية شركة أورجينيسيس الأمريكية للتكنولوجيا الحيوية التي يرأسها هايكو فون دير لاين، زوج رئيسة المفوضية الأوروبية، كما استفاد شقيق أورسولا فون دير لاين من دعم شقيقته للحصول على عدد من المزايا التجارية في العديد من الدول الأوروبية (تراخيص بيع السيارات والتأمين وشركات الألعاب والرّهانات وما إلى ذلك)، واستمر هذا الفساد والمحسوبية رغم لفت أنظار أعضاء المفوضية الأوروبية إلى هذه المخالفات...
فَسَّرَ العديد من مسؤولي المفوضية وأعضاء البرلمان الأوروبي والصحفيين الفضيحة المتعلقة بانضمام بلغاريا إلى منطقة اليورو ومنطقة شنغن، التي تم الكشف عنها خلال شهر أيار/مايو 2023 والتي تورطت فيها أورسولا فون دير لاين، على أنها تحريض على الاحتيال، كما كان الحال عند انضمام اليونان إلى منطقة اليورو، وعلى العُمُوم، لم تتسم مسيرة أورسولا فون دير لاين المهنية بالاحترام الكبير للقواعد والإجراءات والشفافية، فضلا عن التبعية للإمبريالية الأمريكية والدّعم المُطلق للكيان الصهيوني...
خاتمة
رفض الناخبون الفرنسيون والهولنديون الدستور الأوروبي – خلال ربيع 2005 – ما خلق أزمة مؤسساتية في الاتحاد الأوروبي الذي يريد تمرير الدّستور بأي شكل، وخرج من الأزمة بطريقة فَوْقِيّة وغير ديمقراطية من خلال اتفاقية "لشبونة" – عاصمة البرتغال - التي التَفّت على الدّيمقراطية حيث أقرّت السّلطات التنفيذية سنة 2007 الدستور الأوروبي الذي رفضه الناخبون سنة 2005.
لا يُمثل الإتحاد الأوروبي قُدْوَةً أو نموذجًا لوحدة الشعوب (الشعوب العربية على سبيل المثال) لأن الوحدة الحقيقية لا تكون فَوْقِيّة بل يتم إنجازها من الأسْفَل، في خدمة العاملين والكادحين والفئات التي تُشكّل الأغلبية الساحقة، ويتم إنجازها من خلال إجراء انتخابات ديمقراطية بالاقتراع العام لانتخاب اعضاء مجلس تأسيسي عربي تتمثل مهمته في صياغة دستور يُسيِّرُ هياكل ديمقراطية وبرلمان يتمتع بسلطات تشريعية وسلطة تنفيذية تحترم إرادة الشعوب...
من جهة أخرى، قُدِّرَ عدد الفُقراء في الإتحاد الألأوروبي، بنهاية سنة 2021، بنحو 95 مليون شخص ويتعرض قرابة مائة مليون أوروبي لخطر الفقر وانعدام الأمن الوظيفي، أو ما يعادل 22% من الأوروبيين تقريبًا، وفقًا لبيانات مكتب الإحصاء الأوروبي " يوروستات"، ويشمل مُؤشّر "خطر الفقر" أو "الإقصاء الإجتماعي" جميع الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر ( من يقل دخلهم عن 60% من متوسط الدخل) وكذلك جميع الذين يعملون أقل من 20% من وظيفة بدوام كامل، وجميع الأشخاص "الذين يعانون من الحرمان المادي والاجتماعي الخطير"... يُهدد خطر الفقر نحو 20% من الفرنسيين والألمانيين والإيرلنديين والبرتغاليين، ونحو 30% من سكان رومانيا وبلغاريا... غير إن مسؤولي الإتحاد الأوروبي ( الذين يتجاوز راتبهم الشهري عشرين مليون يورو ) لا يُوجّهون الإنفاق نحو مكافحة الفقر أو نحو الرعاية الصحية وتوفير الوظائف والسّكن، بل نحو التّسلّح وتقنيات مراقبة السّكّان ومحاربة الصين وروسيا وإيران وغيرها، ولم تُركّز الحملة الإنتخابية لمعظم الأحزاب والتحالفات على مكافحة الفقر والبطالة وعلى توفير السّكن والرعاية الصحية والتعليم المجاني...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ