الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


راي في فتوى هدر دماء البعثيين

خالد صبيح

2003 / 7 / 1
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


  ان الفتوى الدينية التي اطلقها السيد كاظم الحائري في هدر دماء البعثيين  بعد تصنيفهم الى خمس فئات واحدة منهم فقط لايشملها هذا الهدر تفتح بوابة التساؤل على معاني الفتوى السياسية وتضع عدة علامات استفهام حول اهدافها. لان اطلاق هكذا دعوة وفي هذا الوقت يعني اسباغ  شرعية على تصفية البعثيين من غير ان تتم اجراءات قانونية لمحاسبتهم ولالتقديم الادلة الكافية لادانتهم ولا اتاحة الفرصة الكافية لهم لتقديم دفاعهم او ادلتهم او مبرراتهم  وذلك لان الفتوى منوط امر تنفيذها، حسبما هو معروف عن الكيفية التي تطلق بها الفتاوى والزاماتها التي هي تخص المقلدين للمرجع صاحب الفتوى، باناس ليست لهم اهلية لاقانونية ولاسياسية، وستخضع للتنفيذ العشوائي والارتجالي وستتاثر بمزاج ودوافع واهداف المنفذ وحسب تقييمه الشخصي للحالة فليس هناك معيار دقيق لتحديد من تنطبق عليه هذه الفتوى وان وجد هكذا معيار فليس هناك من امكانية للتحقق من ضبط دقته.
هذا الوضع سيفتح الباب امام اشكالات وعقد ويفتح دوامة العنف من جديد، بل سيوسع من هذه الدائرة المفتوحة منذ عقود طويلة من حكم البعث الفاشي، في الوقت الذي يفترض فيه ان المجتمع  العراقي يجب ان يسعى الان لمعالجة اوضاعه ومشاكله بطريقة يتجنب بها تكرار اخطاء الماضي، فالجميع يعرف ان العنف يولد عنفا، وان المسعى العام للعراقيين بكل فئاتهم وتوجهاتهم، ينبغي ان ينصب باتجاه بناء دولة ومجتمع يسوده العدل والعقل. قد يعترض احد ما بالقول ان هذه الفتوى هي لتبيان وجهة النظر الشرعية من جرائم البعثيين لكن هذا الكلام مردود لان الفتوى لم تقصر القول بموقف الشرع بل هي افتت وبوضوح بهدر الدم وهذا يعني ان ذلك مطلوب تنفيذه وان على المقلدين ان يقوموا بذلك .
 الجانب الاخر من الموضوع هو ما لهذا الموقف والاجتهاد من تجاوز على هيئات المجتمع والدولة وعلى دورها وصلاحياتها حتى مع امر غيابها الاني، فمسالة محاسبة المجرمين البعثيين هي من صلاحيات الدولة والقضاء العراقي الذي سيتشكل مع تشكل مؤسسات الدولة والحكم المقبل. وطرح الفتوى هو تجاوز وتدخل في شؤون هذا الجهاز المهم والاساسي والذي يفترض بان تخضع له كل قضايا الخلاف والعدل في المجتمع ، وبهذا يكون الامر تجاوزا على دور وصلاحيات الدولة. والمسالة في التحليل الاخير لاتقف عند حدود اجتهاد فردي فقهي او سياسي لشخص  يتمتع بمكانة معينة في المجتمع بقدر ماهي محاولة للعب دور سياسي يشكل في مضمونه امتدادا لممارسات ما يسمى بتيار الصدر، لاسيما اذا عطفناه على الممارسات التي قام بها هذا التيار في الاونة الاخيرة من تجاوزات على حقوق الناس العامة والشخصية ومحاولاته لتطبيق اجتهاداته في فهم مبادئ الشريعة الاسلامية ومحاولة فرضها بالقوة مستغلا الفراغ الامني والسياسي بعد سقوط النظام. من هذا يمكن الاستنتاج ان هذه الفتوى هي اجراء لدعم هذا التوجه  ومده بعناصر القوة والشرعية في محاولته اقامة سلطة على الارض تفرض مايتوهم من انه سيكون امرا واقعا على كل من سياتي الى ساحة ادارة البلاد من التحسب له او على الاقل من اجل فرض وزن وثقل معين له لاخذ حصة ودور اكبر في الحكومة ومؤسسات الحكم القادمة.
هذه الدوافع التي وراء هذا الاجراء او الاجتهاد هي ذات مضامين سياسية وابعاد حزبية ضيقة بالاضافة الى اثرها التربوي السيء في اشاعة روح عدم احترام القانون ولا الثقة به وجعل معالجة القضايا الكبيرة وحتى الشخصية، والتي يفترض ان تقوم بمعالجتها هيئات رسمية  مؤهلة وشرعية، ستكون بمتناول اناس غير مؤهلين لذلك.
انا ادرك ان هذا الكلام يكون وقعه صعب على مئات الالاف من المواطنين الذين ذهب ابناءهم ضحايا لممارسات النظام البعثي وانه يصعب عليهم استيعاب فكرة عدم الانتقام من افراده والالم في ان تكون محاكمتهم قانونية في الوقت الذي مارسوا هم فيه كل الانتهاكات لكل القوانين والاعراف والقيم. لكن هذا الموقف لابد منه، رغم تعارضه مع مشاعرنا، اذا كنا نريد فعلا القضاء على جوهر التفكير والروحية البعثية وعلى كل مخلفاتها الذي يكون من خلال القضاء على تراث قيمهم السيء وعلى ثقافتهم  ولهذا طريق واحد هو نقض كل اشكال ممارساتهم اللاقانونية واللااخلاقية بخلقنا وتكريسنا لقيم العدل والقانون واحترام قيمة الانسان وحقوقه حتى وان كان بعثيا مجرما.

السويد
14-06-2003








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يخيب آمال الديمقراطيين خلال المناظرة الأولى أمام ترامب


.. تهديدات إسرائيل للبنان: حرب نفسية أو مغامرة غير محسوبة العوا




.. إيران: أكثر من 60 مليون ناخب يتوجهون لصناديق الاقتراع لاختيا


.. السعودية.. طبيب بيطري يُصدم بما وجده في بطن ناقة!




.. ميلوني -غاضبة- من توزيع المناصب العليا في الاتحاد الأوروبي