الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقامة الجنسية .

صباح حزمي الزهيري

2024 / 6 / 11
الادب والفن


مقامة الجنسية:

يروي ياقوت الحموي (تـ: 626هـ) في (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب) : (( كانت بنت عضد الدولة لما زفّت إلى الطائع بقيت بحالها لا يقربها خوفا أن تحمل منه فيستولي الديلم على الخلافة, وكان الطائع يحبّها حبا شديدا زائدا موفيا, ويقفل عليها باب حجرتها إذا شرب, ويقول للخدم : خذوا المفتاح ولا تعطونيه إذا سكرت, ورمتُ الدخول إليها, ولو فعلت مهما فعلت, فأقسم بالله لئن مكّنت من ذلك لأقتلن الذي يمكّنني )). لكن الجماعة تزوجوا مِن الإيرانيات, أيام المعارضة, ولما صاروا في السلطة ببغداد, سلموا القفل والمفتاح لإيران , وينتظرون أوامر مِن الولي الفقيه حتّى ولو في الأمر حرق بلادهم , يبدو أن الطائع العباسي كان لديه حسٌ وطني , نقول وطني نقصد بمفاهيم زمانه, فالخلافة كانت وطنه.
منذ ربع قرن على إطلاق تسمية " عرب الجنسية " يعيد التاريخ بعض مشاهد تلك الفترة للذكرى وأخذ العبر, , لقد ضقنا ذرعا بهم وتسميتهم أشقائنا العرب, لقد اطلقت تلك التسمية التهكمية الفاضحة حينها , استخفافا بمواقف حكامهم الهزيلة من قضايا العرب المشتركة, وجزاء ماأبدوه تجاه العراق من جحود صعب فهمه أو تفسيره في حين كان بأمس الحاجة لتضامنهم ومساعدتهم وقت فرض على العراقيين الجوع والترمل والمرض والعزلة, نافيا عنهم صفة العروبة الحقة , وبأنهم ليسوا عربا أقحاحا مثله , بل عربا بالتجنس ممن لايتحلون بشهامة وكرم وعادات العرب الذين ينتصرون للشقيق والجار في المحن.
لقد كان مصطلح ( عرب الجنسية ) ذاك تعبيرا عن المرارة التي عاناها العراق وقت كان يخوض حربا ضروسا بالنيابة عنهم , مفتونا بشهامة عربية وكرما أصيلا , قبل أن يكتشف أن لا شيئ يربط أولئك العرب بالشهامة والغيرة والنخوة , وأن ما يشغلهم هو اشباع نهمهم للجنس والمال , وأن ليس لديهم ما يقدموه للعراق غير الكراهية والموت.
إن عرب الجنسية الذين خذلوا العراق مرات والذين يذرفون الآن عليه دموع التماسيح , يتحالفون اليوم مع أعداءه لاشعال الفتن في بلادنا , لتكبيدنا المزيد من الفواجع والآلام , ولمنعنا من تضميد جراحنا ودفن ضحايانا وإعادة بناء بلادنا, إنه تحالف غير مسبوق يشارك فيه العرب والعجم .
أكد نعوم تشومسكي في كتابه (من يحكم العالم) أنّ احتلال العراق كان "جريمة القرن الحادي والعشرين الكبرى , فبعد أن عانى العراق من حصار مضنٍ , جاءت الآلة العسكرية الأميركية لتعيث قتلًا وفسادًا وامتهانًا لآدمية العراقي , وأججت نيران الفتن الطائفية , وبعد أن انسحبت القوات الأميركية بات الفائز الوحيد هو إيران..
إن الصمت الذي ران منذ أمد على كثير من الدول العربية عمّا يحدث في المنطقة, إمّا تواطؤًا مع النظام الإيراني, وإمّا خوفًا منه, يؤكد لا مبالاتهم فما من شيء يحول دون أن يأتي الدور عليهم , وسوف يؤكلون كما أُكِل الثورُ الأبيض , أعني لبنان , فالصمت العربي هو الثغرة التي نفذ منها النظام الإيراني إلى بعض المناطق العربية.
أليس الأوفق أن نستشعر الخطر المحدق بنا ؟ كما استشعر نصر بن سيار - والي خرسان في أواخر العهد الأموي - الخطر الذي أحاق بالأمة, فقال محذرًا بني أمية من مغبة الحرب:
أَرى خَلَلَ الرَّمادِ وَميِضَ نَارٍ
ويُوشكُ أن يَكُونَ لَهَا ضِرَامُ
فقلت من التعجب ليتَ شِعري
أأيقاظٌ (العربُ) أم نيامُ؟

ولعلنا نذكر نداء ( نصر بن سيـّار )إلى أصحاب القرار العرب , تحذيرا ً من المطامع والمؤامرات :

أبلِغ ربيعة َ في مَرْو ٍ و إخوَتـَها ** فليغضبوا قبل َأن لا ينفع َ الغضبُ

و لينصِبوا الحربَ إنّ القوم َ قد نصَبوا ** حربا ً يـُحـَرَّق ُ في حافاتِها الحَرَبُ

ما بالـُكُم تلقحون َ الحربَ بينـَكـُمُ ** كأن َّ أهل الحـَجـا عن فِعلِكـُم غـَيـَبُ

و تتركون َ عدوّا ً قد أحاط َ بكم ** في مَن تأشـَّبَ لا دِيـن ٌ و لا حـَسَبُ

ليسوا إلىَ عـَـَرب ٍ مِنـّا فـنـَعـِرفهم ** و لا صميمَ مَوَالي ٍ إن هـُمُ نـَسَبُوا

قـَومٌ يدينون َ دينا ً ما سَمِعتُ به ِ ** عن الرسول ِ وَ لا جاءت بـِه ِ الكـُتـُبُ

مَن كان َ يسألـُني عن أصل ِ دِينـَهـُمُ ** فإن َّ دِينـَهـُمُ أن يـُقـَتـَل َ العـَرَبُ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا