الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم -عدّاء الطائرة الورقية- قصة التمييز العرقي ، والغزو الأجنبي ، وإساءة معاملة الأيتام وتطرف طالبان

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2024 / 6 / 11
الادب والفن


فيلم "عدّاء الطائرة الورقية" قصة التمييز العرقي ، والغزو الأجنبي ، وإساءة معاملة الأيتام وتطرف طالبان


الجزء الأول

فيلم "عداء الطائرة الورقية" مستوحى من رواية للكاتب "خالد حسيني"، الصادرة عام 2003 ، أول رواية كتبها الطبيب الأمريكي من أصل أفغاني "خالد حسيني " ، حققت الرواية نجاحاُ ساحقاُ وحطمت كل الأرقام القياسية في المبيعات حول العالم ، حيث تصدرت لائحة الروايات الأكثر قراءة لمدة طويلة، بيعت منه أكثر من سبعة ملايين نسخة في الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها . تحكي الرواية أحوال افغانستان المضطربة من سقوط للنظام الملكي في أفغانستان، مرورًا بالتدخل العسكري السوفييتي، ثم صعود نظام طالبان لسدة الحكم ونزوح اللاجئين إلى باكستان والولايات المتحدة . بعد أربع سنوات من صدورها تحولت الى فيلم سينمائي ، أعد السيناريو والحوار "ديفيد بينيوف" وإخرجها المخرج "مارك فورستير" . بطل القصة أمير وهو ابن لرجل غني، والطفل الثاني اسمه حسن وهو ابن الخادم علي، يعيش أمير وحسن في بيت واحد، يعيش حسن مع والده في غرفة الخدم أما أمير يعيش في البيت الواسع، يخرج الطفلان ويلعبان معًا وتصبح بينهما علاقة صداقة متينة . ينتمي أمير لقبيلة البشتون،وهي أكبر قبيلة في أفغانستان وتتبع هذه القبيلة مذهب أهل السنة، بينما حسن من قبيلة الهزارة الأقليّة التي تتبع مذهب أهل الشيعة. يفتتح الفيلم في سان فرانسيسكو في عام 2000 ، حين يتلقى الأفغاني المهاجر أمير (خالد عبد الله) وزوجته ثريا (أتوسا ليوني) صندوقين من النسخ المنشورة من رواية أمير الأولى . لم تكمل فرحة أمير في صدور روايته حين أبعده الهاتف عن نشوته وعاد على مضض إلى الماضي الذي يحاول دفنه ونسيانه ، كان المتصل رحيم خان (شون توب) من باكستان . كان رحيم أقرب أصدقاء والده ويتذكره في منزل أمير في سبعينيات القرن العشرين عندما عاش أمير مع والده التاجر البشتوني الثري بابا (همايون إرشادي) في أفغانستان قبل الغزو السوفيتي . "لديك فرصة أخرى لتكون جيدا" ، يطلب رحيم أن يطير أمير إلى باكستان و يدخل أفغانستان التي مزقتها الحرب وينقذ الصغير سهراب (علي دانيش بختي آري) الذي يحتجز سجينا ضد إرادته كعبد جنسي لآصف (عبد السلام يوسفزاي) زعيم طالبان القاسي وخصم أمير اللعين في مرحلة الطفولة . الأحداث تجبر الشاب أمير البالغ من العمر 23 عاما على العودة إلى العاصمة التي تسيطر عليها طالبان بعد وفاة والده في الولايات المتحدة بحثا عن ابن حسن ( سهراب) الذي تحتجزه جماعة طالبان بعد مقتل حسن لمقاومته هجوم قوات طالبان على منزل عائلة أمير الذي يحرسه حسن بعد فرارهم الى الولايات المتحدة .
" لأجلك أفعلها ألف مرة "
يعود المخرج بالأحداث ( فلاش باك ) وتبدأ سلسلة رائعة من الذكريات القديمة ، من الحاضر في محاولة لتضميد جراح الماضي ، لشخص بالغ يحاول إصلاح الضرر الذي أحدثه عندما كان صبيا. لأنه لو لم يكذب بشأن حسن لكانوا جميعا معا في سان فرانسيسكو ولم تكن المكالمة الهاتفية ضرورية . يمكن تقسيم القصة إلى ثلاثة فصول . في الفصل الأول ، أحداثة في كابول في أفغانستان عام 1978، وقبل الغزو السوفياتي ، وقد أظهرت كاميرا ( فوريستر) مدينة كابول عندما كان هناك سلام وحرية في أفغانستان . لم يكن لدى أمير البالغ من العمر 12 عاما (زكريا إبراهيمي) العديد من الأصدقاء . توفيت والدته وهي تلده ويعيش مع والده الثري بابا (همايون إرشادي) في فيلا فخمة حيث يعتني خادمه القديم علي (النبي تانها) بكل احتياجاتهم . ‏ورسم المخرجة صورة جميلة لطفولة أمير في مدينة كابول، الذي يريد أن يصبح كاتبا . والعيش مع والده وصديقه حسن (أحمد خان محمود زاده) ، وهو صبي لطيف من قبائل الهزارة إبن خادمهم لكنه أشبه بالأخ لأمير ، يذهب امير الى المدرسة ليبقى حسن ينظف المنزل ، حسن يحب صديقه حبا لا يوصف. كان حسن يتيم الام، وامير يتيم الام ايضا ومدلل الاب الثري المنشغل دوما بقضاياه واصدقائه وجلساته. كان امير يدافع عن حسن ضد الصبية المتنمرين، ويقوم أمير برد المعروف ويقرأ له حكايات شعبية افغانية فيها بطولات ، إعتاد أمير قراءة القصص لصديقة حسن الذي لايجيد القراءءة وكان يطلب أكثر من مرة أعادة قصة سهراب (شخصية معروفة في الأساطير الفارسية، وهو أحد شخصيات الشاهنامة الأسطورية في قصة رستم وسهراب)، كذالك يحب أمير (زكريا إبراهيمي) البالغ من العمر اثني عشر عاما وصديقة حسن مشاهدة أفلام الغرب الكابوي ، الطفل حسن صديق مخلص لأمير وكان عداء طائرة ورقية ماهر ، يساعد أمير على الفوز ببطولة طائرة ورقية لمساعدة أمير في كسب حب والده . الطائرة الورقية هنا ترمز ألوانها إلي براءة الطفولة ونقاء أرواحهما .
تبدأ القصة مع الأولاد الذين يطيرون الطائرات الورقية ، ينضم أمير (زكريا إبراهيمي) وحسن الى عدد لا يحصى من الأولاد الآخرين في ملء السماء بالطائرات الورقية (التي تشير الى الحرية ). في بعض الأحيان يرقصون على أسطح المنازل أثناء المبارزة ، محاولين قطع خيوط الطائرات الورقية الأخرى بأنفسهم . صديق أمير هو حسن (‏‏أحمد خان محمود زاده‏‏) ، ابن خادم العائلة منذ فترة طويلة علي الذي رافقهم لسنوات وأصبح مثل العائلة . يعيش الأولاد في مدينة صحية ونابضة بالحياة لم تمسها الحرب بعد . والد أمير بابا (‏‏همايون إرشادي‏‏)، مثقف وعلماني يحب كلا الصبيين ولايفرق بينهما .‏ هناك متنمر في الحي يدعى آصف ويشعر بالغيرة من صداقة امير وحسن لكون الاخير من طائفة الهزارة . حسن هو أفضل عداء طائرة ورقية في الحي ، ويتنبأ بشكل صحيح بموعد سقوط الطائرة الورقية إلى الأرض وينتظر هناك لاستعادتها. “لأجلك أفعلها ألف مرة”، هتف بها حسن راكضا باتجاه الطائرة التي أسقطها مع أمير وجعلت من أمير فائزا في مسابقة (الطائرات الورقية)، . لكن يوم انتصار الأولاد يتحول إلى مأساة . بعد حصول الصبي حسن على الطائرة الورقية يحاصره المتنمر يدعى آصف (إلهام إحساس) وأصدقائه. ومن مسافة قصيرة، يراقب أمير كيف آصف وهو يضرب حسن ثم يغتصبه. خوف وجبن أمير يمنعه من فعل أي شيء لوقف الاعتداء . كتم الاثنان الأمر عن والديهما . في وقت لاحق ، يمنعه ذنبه من الاستمرار في التواصل مع حسن . تضررت صداقتهما بشدة ، يشعر أمير بالذنب تجاه حسن لدرجة أن مشاعره تتحول إلى غضب ، وجود حسن أمامه دائمًا يشعره بالذنب الضي يلاحقه بلا توقف، اتخذ قرارًا بإبعاد الصديق للأبد من أجل إنهاء شعوره بالعجز والخذلان الذي يحمله تجاه صديقه،ويحاول إهانة صديقه ، حتى أنه يرمي ثمار الرمان عليه ، لكن حسن لا يرد له الاساءة . ثم يحاول أمير زرع الأدلة لجعل حسن يبدو وكأنه لص ، ولكن حتى بعد اعتراف حسن ( كذبا ) يغفر له بابا. لكن علي والد حسن يصرّ على ترك البيت . ‏الأحداث المأساوية التي وقعت على حسن بسبب اختلافه العرقي وخيانته من أمير بسبب جبنه . ان ابو امير مثقفا وكريما ومتسامحا ويشجع ابنه لأن يكون مستقبلا صاحب شأن كبير، ويعامل صديقه حسن باحسن اللطف، ويسعى لتقارب الصبين .. لكن العلاقة بين الصبيين يتيمي الام، تنقطع فجأة بقرار من قبل ابو حسن وله اسبابه، كي يرحل رفقة ولده الى المجهول .

" ما زالت هناك فرصة أخرى لتعود نقيا "

‏ عند الغزو السوفياتي لأفغانستان ، يهرب بابا مع ولده أمير إلى باكستان. عند نقطة تفتيش يخاطر بابا بحياته عندما يحمي امرأة أفغانية من الأغتصاب من جندي سوفياتي. مثل هذه البطولة لا تهم كثيرا عندما تنتقل العائلة إلى كاليفورنيا. أفضل ما يمكن أن يفعله بابا هو العمل في محطة وقود وبيع السلع المستعملة في عطلات نهاية الأسبوع . والده الذي كان غنيا وقويا يعيش الآن في حالة يرثى لها يبيع البضائع في الأسواق ويعمل في المتاجر، وقد طفى بريق وجهه وطغى الحزن عليه، الآن حزنه مستمر لفقدان هيبته وميراثه . أمير (خالد عبد الله) ، الذي يريد أن يكون كاتبا ويدرس في الكلية . في سوق السلع المستعملة الذي يرتاده مهاجرون أفغان آخرون ، يلتقي الجنرال السابق طاهري (عبد القادر فاروخ) وابنته ثريا (أتوسا ليوني) التي يقع في حبها ويتبع التقاليد ، طلب بابا من والدها الموافقة على زواجهما. مظاهر الزواج التقليدي الإسلامي إلى حد ما وتظهر في الفيلم بشكل واضح ، يُقبل أمير وزوجته القرآن الكريم المحفوظ ثم يُغطى أمير وزوجته بقطعة من القماش ويوضع أمامها مرآة ليشاهدا حياتهما المستقبلية . يأتي أحد أسعد أيام حياة أمير وثريا الجديدة معا عندما يتم نشر روايته ‏‏"موسم الرماد‏‏". ولكن في نفس اليوم يتلقى طلبا على فراش الموت من رحيم خان (شون توب) ، شريك والده التجاري القديم الذي يعيش في باكستان. "هناك طريقة لتكون جيدا مرة أخرى" ، يقول هذا الرجل الحكيم واللطيف ، الذي كان الأكثر دعما لكتابات طفولة أمير. بهذه الكلمات ، أمير مدعو للتصالح مع الشعور بالذنب والجبن الذي يطارده طوال أيامه. لكن هذا يتطلب منه العودة إلى أفغانستان ، التي تسيطر عليها طالبان الآن.وفعلا تلك الرسالة تجبره على العودة إلى أفغانستان مرة أخرى للخلاص من خطيئة ارتكبها في طفولته .
الفصل الثالث يتبع بحث أمير في أفغانستان ومن خلال أمير نرى ما أصبحت عليه أفغانستان في عهد طالبان . كان التصوير المؤلم لإساءة معاملة الأطفال مروعا ولا يطاق مشاهدته . رحيم خان الذي يعيش في باكستان في غرفة بائسة بعد كان أحد الاثرياء في كابول وشريك والد أمير في أعماله التجارية . يخبر أمير أن صديقه حسن وزوجته قتلا بالرصاص في الشارع من قبل طالبان وأختطف ابنهما الصغير (سهراب) . الأمر الأكثر إثارة للصدمة هو أن خان يكشف أن والد حسن كان عقيما وأن والد أمير في الواقع والد حسن. يدرك أمير الآن أنه يجب عليه إنقاذ ابن حسن ( ابن أخيه ) . في هذا الفصل يكشف المخرج وضاعة وفساد رجال طالبان ، منافقون وعنصريون إتجاه الهزارة من قبل الباشتون ، وتريد أن تفرض الإسلام بقوة السلاح، وتعامل الناس بوحشية وتشتري الأطفال من بيوت رعاية الأيتام والفتيات وتسخرهم في سهراتهم . الطفل سُهراب كان أحد ضحايا قائد قوة مسلحة إشتراه من الميتم ليكون ملهاة له ، أي يُستخدم للرقص ويلقب بـ"فتى الهزارة " . في هذا الفصل تهيمن الكآبة على سماء كابول ، الطائرات الورقية محظورة ، والشوارع خالية من أي نوع من البهجة. كان كل شيئ في افغانستان خرابا ، الشوارع مقفرة، والجياع لا حصر لهم.. المشوهون ينتشرون على بوابات الازقة الكئيبة.. اناس من كل الاجيال مقطعة الارجل والايدي تمشي على العكازات . امرأة ترجم حتى الموت بتهمة الزنا في ساحة لعب كرة القدم من قبل مجموعة من الرجال اصحاب اللحى خلال مباراة كرة قدم . البؤس يحكي قصة جيل كامل عاش كل القصص المرعبة من الاحتلال حتى قمع طالبان .
وقفت السيارة امام البيت الذي تربى فيه امير، ونزل منها امير ولم يجد الا بيتا مخربا، نرى وحشية نظام طالبان عندما يعود أمير لإنقاذ ابن أخيه . آصف الذي أغتصب صديقة الطفل حسن سابقاً أصبح الأن مسؤولاً كبيرأ في طالبان، لكن القواعد الأخلاقية الصارمة التي يروج لها النظام لا تمنعه من استخدام الأطفال الصغار من كلا الجنسين من أجل متعته الجنسية . فما كان منه الا الذهاب الى القائد الطالباني عاصف بعد ان سمع إن ابن حسن (سهراب) يقيم بمعية عاصف . عاصف يستقر في قلعة محصنة.. نصحوا أمير بأن لا يذهب اليه خشية ان يقتله، فلم يسمع.. دخل بطلب مقابلة ملا عاصف ، فكان يقوده اثنان ليسلماه الى اثنين، وهكذا حتى بلغ غرفة في اعلى القلعة.. بعد ان ناله من نظرات واساءات فجأة دخل ملا عاصف مع بطانته التي دخل معها ابن حسن ليستخدم الصبي في الرقص وتبادل عاصف الكلام مع امير الذي طلب منه ان يكون كلامه سرا بمعية ابن حسن، فاخرج عاصف بطانته وما ان فتح امير فمه حتى اتهمه عاصف بانهمه اميركي وان لحيته صناعية، فامره برفعها ، ورفعها وامره برفع عمامته فرفعها.. وهنا هجم ملا عاصف على امير يشبعه ضربا ولكمات وهذا لا يقوى على الرد، فادمي وجهه.. كان بين امير والموت لحظة واحدة عندما سدد ابن حسن ( سهراب) حجرة من مصيدة عصافيره في عين عاصف فوقع ارضا.. فانهزم الاثنان بعد ان نزلا هاربين من الشباك ، ولما اكتشف الحراس امرهما لوحقا بالرصاص، ولكن السائق كان في انتظارهما ليأخذهما مباشرة وبسرعة فائقة الى الحدود . وفي الباكستان كاد يضيع ابن حسن وهو صبي يشبه ابوه عندما كان بعمره الى حد كبير، ولكن الولد معقد نفسيا نظرا لما كان يفعل عاصف فيه.. ارجعه معه الى سان فرانسيسكو ليجعله ابنا له خصوصا وانه لم ينجب من زوجته ثريا . ويختتم الرواية بمهرجان للطائرات الورقية حيث يقيمه الافغان الامريكان هناك تقليدا فولكلوريا لهم وهم في المهجر .
أحد المميزات التي نجح فيها الفيلم هو تصويره لتحليق الطائرات الورقية. حين تستخدم مؤثرات خاصة ، حتى ترسم صورة للمشاهد بأنها تمثيل للحرية والبهجة التي تدخلها الطائرات الورقية لأصحابها. هناك فرق جوهري بين الطائرة الورقية (أمير) وعداء الطائرة الورقية (حسن). ربما تأتي تلك الحكمة المحزنة في عيني حسن من يقينه بأن كل شيء يجب أن يسقط على الأرض عاجلا أم آجلا . إن الجمال الذي صور المخرج فورستر كي يعطي المشاهد إحساسا بالندم والفرح والحزن والألم والولاء هو ذكي في هذا التكيف . خاصة في المشهد الأول ، عندما يقول الصبي حسن لرفيقه أمير : "إذا قلت لي أن آكل التراب، فسأفعل . لكنني أعلم أنك لن تطلب مني ذلك ". مثل هذا الخط المؤثر ، لا بد أن يستحوذ على قلوب الكثيرين. كان الممثلان الطفلان رائعين في تجسيد تلك الرابطة الأنسانية . خاصة الصبي الذي لعب دور حسن البريء و المخلص، الصبي الذي يرفض التخلي عن طائرة ورقية أمسك بها لأنه وعد أعز أصدقائه بأنه سيحضرها إليه، فقط ليتعرض للإيذاء من قبل عصابة المتنمرين الكبار الذين يضربونه ويعتدون عليه جنسياً ، ثم يخذله أعز أصدقائه أمير حين يقف متفرجاً عند تعرضه للاعتداء الوحشي .
‏ قام المخرج مارك فورستر وكاتب السيناريو ديفيد بينيوف بربط الفيلم بالفكرة الرئيسية وهي تشغيل الطائرة الورقية إلى حد بارع لدرجة أنه لا يربط فقط شباب البطل بنضجه ، بل يوفر أيضا طريقة مجازية لإظهار خراب وأمل البلد الممزوج بالطبع بعناصر متناقضة مثل قطع الخيط والساقين الاصطناعية . ‏وهكذا فإن الفيلم كاستعارة هو نجاح في إظهار الماضي الكئيب لبلد يكافح من أجل مستقبله المفعم بالأمل. تؤكد الصور السينمائية أيضا على هذه الازدواجية: في رحلة الشاب أمير الى مسقط رأسه ، منظر الآفاق ذات الجبال المغطاة بالثلوج والسهول التي لا نهاية لها تنحرف عن رؤية أرض قاحلة حيث تم قطع الأشجار من قبل الغزاة ، وحوله مقاتلوا طالبان الى سجن رمادي يستعرض فيه الزناة ليتم رجمهم بالحجارة في ملعب كرة القدم والأولاد الصغار الذين يتعرضون لسوء المعاملة من قبل طالبان الخارجة عن السيطرة . نجح المخرج ( فوستر ) في الحفاظ على الخطوط الرئيسة لرواية خالد حسيني وإظهار وحشية رجال طالبان التي تدمر أفغانستان. يمكنك أن ترى بوضوح الفرق بين أفغانستان عام 1978 وأفغانستان في أوائل عام 2000. استخدام رائع للمواقع التي قام المخرج مارك فورستر بأختيارها وتصويرها . بالاضافة الى توظيف الموسيقى بشكل جيد من قبل ألبرتو إغليسياس. وأستحق ترشيحه لجائزة الأوسكار في عام 2007 . ومن الجدير بالذكر حتى الأطفال الذين لعبوا دور حسن وأمير وسهراب ، وصبي رابع له دور أصغر ، كان لا بد من نقلهم خارج دولة أفغانستان حيث يعيشون أثناء التصوير بسبب تهديدات بالاختطاف. إلى جانب انتهاكات أخرى على أيدي طالبان، بعد أن أصبح وضع الممثلين الأطفال وعائلاتهم في خطر محتمل، حيث أعتبرت طالبان الفيلم أهانة الى الأفغان .

رجل لا يملك ضمير، لا يتعذّب ؟

في الفيلم تبرز فكرة التكفير عن ذنوب الماضي ، لا يقتصر موضوع التكفير في "عداء الطائرة الورقية" على إنقاذ أميرلأبن رفيق طفولته سهراب. بل الأب (بابا) يقوم بفعل شجاع ويخاطر بحياته من أجل التكفير عن ذنبه في إغتصاب زوجة الخادم علي ، وتتجسد تلك اللحظة في مشهد هروب أمير ووالده من كابول الى باكستان ، وفي الطريق، يتعرضان مع من يغادر معهما الى حملة تفتيش من قبل الجيش السوفييتي، ويصر احد الجنود السوفييت على انزال احدى السيدات الافغانيات وقد اعجبته وهي تبكي ، ولا تفيد توسلات زوجها ولم يقف بوجهه احد الا ابو امير عندما اصر على عدم نزول السيدة الافغانية. فما كان من الجندي المتغطرس الا سحب اقسام الكلاشنكوف عليه، ولكن حال دون ذلك قدوم احد الضباط الروس فاوعز بالمغادرة . خاطر بابا بحياته من أجل إنقاذ امرأة شابة متزوجة من الاغتصاب .
صديقان حميمان ولا ينفصلان ، أمير طفل هادئ لا يتورط أبدا في الصراع. كلما وصل العنف، يأتي رفيقه حسن دائما للإنقاذ. صبي بدون تعليم رسمي ، يعيش من خلال قصص وخيال صديقه وابن رئيسه ، ويصبح غنيا بالأفكار والخبرات التي لن يسمح له وضعه الاجتماعي بالحصول عليها بشكل حقيقي. في االمقابل سيفعل حسن أي شيء لحماية أمير ، سواء كان يقاتل أو يذهب إلى حيث لا ينبغي له ، فهو حارسه الشخصي . هؤلاء الأولاد أصغر من أن يفهموا حقا التحيز والعنصرية التي تحدث في بلدهم . عند مواجهة الأولاد الأكبر سنا ، المتعصبين تجاه الهزارة ، يعاملهم هؤلاء الأصدقاء على أنهم متنمرون عاديون ، وليس كوحوش نشأوا عليها. هؤلاء الأفغان تربوا على عدم قبول هذه الطبقة الدنيا على قدم المساواة. نتيجة لذلك ، فإن لحظة حاسمة في حياتهم تغير الأولاد الصغار إلى الأبد . في موقف تحد لصديقه ، يتم اغتصاب حسن بينما ينظر أمير ، غير قادر على المساعدة ، ممزقا بين وضعه الطبقي وإنسانيته. وهذا يؤدي إلى اعتقاده أنه ارتكب أكبر جريمة يمكن تخيلها ، على حد تعبير والده ، السرقة. قبوله الثابت لتفاني حسن ، في الواقع سرقت براءة الصبي منه. من خلال الوقوف وعدم القيام بأي شيء أثناء تعرضه للتحرش ، لم يستطع أمير فعل سوى شيء واحد الآن ، دع صديقه يذهب. طالما كانا معا ، كان حسن دائما ما يترك الأذى يأتي لنفسه قبل صديقه ولا يمكن لأمير أن يسمح لنفسه بأن يكون سبب هذا القدر من الألم . إنها رابطة قوية تربط هؤلاء الأولاد ،
‏يتناقض سلوك ( أمير ) الجبان لاحقا مع سلوك والده عندما يظهر والده استعدادا للمخاطرة بالموت بسبب معتقداته حول الشرف. ‏من المزعج للغاية مواصلة الحكاية في أمريكا حيث يكبر أمير مع والده ويتزوج في النهاية. كان محظوظا بالخروج من بلاده خلال أقسى سنواتها ويصنع لنفسه الحياة التي أرادها دائما. فقط عندما يتلقى مكالمة تطلب عودته إلى المنزل ، يفهم الثقل الكامل لما حدث قبل تلك السنوات العديدة. من السهل ترك الألم يستمر وكأن شيئا لم يحدث ، الأمر مختلف تماما أن تكون قادرا على الوقوف وقبول المسؤولية ، والسماح لتراثك وماضيك بالعودة والتعويض عن الأخطاء التي ارتكبت. " رجل لا يملك ضمير، لا يتعذّب "، هناك العديد من التقلبات والمنعطفات ، بالإضافة إلى الاكتشافات المذهلة التي تظهر وجها طوال الوقت ، وتكشف ببطء أكثر للقصة وتسمح للقوة التي كانت مخبأة داخل أمير لفترة طويلة بالصعود إلى السطح. ‏ يقوم فورستر بعمل رائع في صياغة هذه الحكاية من العديد من الأماكن عبر أربعة عقود. المرئيات مذهلة وليست ثابتة أبدا ، في المشهد الأخير ، في حديقة في سان فرانسيسكو الحديثة ، يحاول أمير الوصول إلى ابن أخيه المنغلق ( سهراب ) ، الذي رأى ووقع ضحية لمثل هذه الفظائع التي لا يمكن أن نتخيلها أبدا. يأخذ طائرة ورقية ، ويسمح له بإمساك الخيط والمناورة. عندما تنفصل الطائرة الورقية ، يركض أمير وراءها ، ويصرخ لابن أخيه بكلمات صديق طفولته ، "أفعلها ألف مرة من أجلك ". نهاية الفيلم مؤثرة للغاية. منذ وفاة حسن ، نرى أمير يعتني بابنه و كما كان حسن يحميه . ينتهي الفيلم بمطاردة أمير لطائرة ورقية لسهراب (ابن حسن) بينما في الماضي ، كان حسن يفعلها من أجله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا