الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدمة التهكم في نص (مذكرات على أوراق محترقة) للشاعر مازن جميل المناف

داود السلمان

2024 / 6 / 12
الادب والفن


شاعر آخر له لمسة في كتابة القصيدة الحديثة، ويكتبها على طريقته بحرفية، فهو كشاعر معتدّ بنفسه، وحتى في طريقة ألقائه تقريبا، يحاول القفز على اللغة من غير خدش حيائها، ولا مس كبريائها، أليس الشاعر هو من يصنع اللغة؟، بل الصحيح أن اللغة، لغتنا العربية، قد تطورت على يدِّ الشعراء الاقدمين؛ وإلى اليوم وهي آخذة بالتطور، وحتى كان يقال أن المتنبي هو أحد الذين ساهم مساهمة كبيرة في تطوير اللغة العربية، وغيره أيضا من فعل ذلك.
فلا ضير، حينما نذكر بأنّ الشعراء يصنعون لغة، لأنهم أكثر من يشتغل على فلسفة اللغة، فهي أداتهم التي يستقي منها الشاعر إبداعه، فأغلب الضليعين في اللغة، هم الأكثر بيانا وابداع وغزارة في النتاج الشعري، لأنّ اللغة الرصينة، أضافة إلى الخيال هما اللذان يعززان، بل ويفتحان مدارك الشاعر: الفكرية والابداعية، وبالتالي فأنّ الشاعر سيتعزز ذاتيا ونفسيا، وهو يخوض غمار الشعر وهموم القصيدة، وحقول الابداع.
وحتى لا نبعد كثيرًا عن طريق تحليل هذا النص الشعري المعنون " مذكرات على أوراق محترقة" للشاعر مازن جميل المناف. نحاول هنا تحليل وتأويل هذا النص، حسب معرفتنا البسيطة، ومن ثم نقف على المحطات التي طفق الشاعر أن يخوض فيها ما جال في خاطره، ويبث همومه اليومية، ومن خلال هذه التجليات التي شحنت خياله، وهو يتقلب على أسلاك من عذابات داخلية، هذه العذابات التي لا يدرك مداها سوى الشعراء، أو قُل، الشعراء هم الأكثر من غيرهم إحساسًا بمعاناة الناس، وهموم المجتمعات، فالشاعر هو المرهف الحسّ، المترجم الحقيقي لهموم الناس وبطريقته التي إعتاد أن يشتغل عليها، كمبدع.
والبداية فلتكن من العنوان، والعنوان يدلُّ على بيان توضحي لحالات ربما ميؤوس منها، يعانيها المجتمع، نتيجة لظهور الطفيليات الخادشة لكل جميل، وهتك حرمته في زمن ممض، تعالت فيه هذه الطفيليات، فصارت هي السيد المطاع، بينما السيد الحقيقي مختفي، فلاذ تحت ظل خيباته –أي الإنسان، كون الزمن أصبح ليس زمنه، وهذا تراجع خطير، ينذر ببركان من فوضى لها أول وليس لها آخر.
وبإيضاح أكثر، النص يفضح المستور، وهو تهكم يليق بهذا الزمن التعس، بل أن التعاسة بدأت منذ فجر التاريخ، وامتدت جذورها باتجاه عصرنا هذا، لأنّ التفاهة ابرمت صفقاتها وقررت أن تتعشعش في الواقع الذي لابد أن يسايرها، فهي مأساة تنذر باحتقان لابد أن ينفجر، بأي لحظة، وإذا أنفجر سيجرجر الويلات على إنسان العصر، فالإنسان رغم تقدمه الهائل، وما صنع من حضارة هو – الإنسان - بالمنظور الفلسفي تافه، وتفاهته تكمُن في عدم تشغيل محطات عقله، فراح يعلن ولاءاته للشيطان والمتحكم في مصيره، عبر التاريخ، فخير تعبير ما عبّر عنه الشاعر المناف في هذا النص، حيث أصاب الحقيقة.
ومع هذا وذاك، يُعدُّ هذا النص صرخة بوجه التخاذل والجمود، بغية تحرير الإنسان من ربق عبودية الإنسان للإنسان، وبالتالي فك الحصار النفسي والفكري عنه، للارتقاء به للقيمة العليا والسمو الذاتي، وبتحرر هذا الكيان العظيم المسمى بـ "الإنسان" ستسمو الانسانية ذاتها، وتعم الحرية للناس قاطبة، وبذلك سينتهي التعسف والظلم؛ وهو ما يطالب الشاعر به، إذ لا ينتظر قوة فضائية تأتي من عوالم أخرى، فتقوم بفعل ذلك، بينما المعني بالأمر مكتوف الأيادي.
وإذا أردنا أن نقيّم هذا النص، من الناحية الفنية - الجمالية، والناحية الأدبية. فمن الأولى – الفنية الجمالية – فهو يمتاز بقيمة فنية عالية، وبناء متماسك الأركان، جميل فنيا وذوقيا. وأما من الناحية الأدبية: فهو نصّ متكامل، ويفيض بالإبداع.
*نص (مذكرات على أوراق محترقة)
للشاعر: مازن جميل المناف
..............................
للراحلينَ قبل الأوان
للناقمين الثائرين على العتاة
الرافعين للإنسانِ جبهة
للخالدين في دسائس الرب
لكل كنانةٍ
لثرى البطولة في عتمة اليأس
لكل جدثٍ ورمس
دفنت فيه جثث الصعاليك
لمن لاذ بالفرار
للأحذية المتعبة بالطينِ
لكل مقتدر يروض نفسه ذئباً في القفر
لكل نهر بلا مصبٍ
لكل عقلٍ غاص بالغضبِ
سنعيد ضحكة الوليد
للغادين . للآتين
لكل خنساء وهي تبكي ثكلى
لرصاصِ الغدر
للجندي الذي يلملم غنائم الحروب العبثية ..
للبغاء ومزابل الزعامة
.
.
مصيبتنا ...
بادران الكلام
وما زلنا نياماً
للوجعِ المستيقظ في حدود الله
للعاهرااااا ت والقديسين
للتبجيلِ . للشتائم
للعذابات القادمة
لصفارات الإنذار النشاز
للعادات السرية وفواصل التسلية
.
.
واشتباكات الفرح المقيت
لصراخنا .. والفكرة الكسيحة
فزادنا في نفخ ( الاراكيل )
ننفخ أبواق سأمنا لبرهةٍ فرح
نردد التراتيل بدرابين الله
لا نفقه ساعات الليل
والرقص على فواصلِ النفاق
لعلكم في هذا تعشقون المواعظ والخطب
ذلك لم يلد ويشبع السغب
ويحرر لكم شبرا
ولم .. ولم .. ولم
زمان الكذب قد لعبا
وإنسان له ألف وجه ما تعبا
وسوط وجلاد
وازلام وارقام ما خَفِيا
وحاضرة بها ألف غراب قد نعبا
ايا .... ابن الصعاليك
نسفك ميت في الطين
وصحيح قد بايعوا
وقومك قد شايعوا
الركض في تسابيح الكون
من جاءوا ومن نصبوا
ومن سقطت راياتهم في مدن النفايات
إليكم تواريخي النائمة على أوراق اليانصيب
......................
*الجَدَث : هو القبر وهو مفرد أجداث
*الرَّمْسُ : تراب القبر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا