الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-إسرائيل: إقطاعية حديثة في الشرق الأوسط تحت حماية الغرب

كرم الدين حسين
صحفي باحث وكاتب

(Karameddine Hcine)

2024 / 6 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


في عام 1917، أصدرت بريطانيا العظمى وثيقة وعد بلفور، معلنة دعمها لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. هذا الوعد، الذي كان له تأثير عميق على مستقبل الشرق الأوسط، يُشبّه كثيرا النظام الفيودالي في العصور الوسطى، حيث يمنح السيد قطعة من الأرض لأتباعه مقابل ولائهم وخدمتهم. اليوم، بعد مرور أكثر من قرن على هذا الإعلان، لا تزال إسرائيل تحظى بدعم وحماية القوى الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، في مقابل ضمان مصالحها في المنطقة.
لقد حولت في هذا التحليل توضيح العلاقة الفيودالية بين إسرائيل والقوى الكبرى من منظور تاريخي وجيوسياسي، مسلطًا الضوء على التشابهات بين النظام الإقطاعي القديم والوضع الحالي في الشرق الأوسط وفق اربع نقاط كبرى .

1. تأسيس إسرائيل ووعد بلفور: إقطاعية جديدة

إعلان وعد بلفور عام 1917 كان بداية عملية تأسيس الدولة الإسرائيلية. هذا الإعلان، الذي أصدرته بريطانيا العظمى، يشبه النظام الإقطاعي حيث يمنح السيد (بريطانيا العظمى) قطعة أرض (فلسطين) لمجموعة معينة (اليهود)، تماما كما في النظام الإقطاعي، حيث كان السيد يمنح الأرض للفلاحين ليعيشوا عليها ويستثمروها مقابل الولاء والخدمة، ويمكن أن نرى وعد بلفور كنوع من منح "إقطاعية" للشعب اليهودي ليقيموا دولتهم ويؤسسوا مجتمعهم الخاص، مقابل ولاء وخدمة المصالح البريطانية في المنطقة.

2. استمرار الحماية الغربية: الثبات على نظام الإقطاع

حتى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية الحرب الباردة، استمرت إسرائيل في تلقي الدعم والحماية من القوى الغربية، وخصوصًا الولايات المتحدة الأمريكية. هذا التشابه يمكن أن يُرى في العلاقة الإقطاعية حيث يقدم الملك الحماية للسيد الإقطاعي مقابل الولاء وخدمة مصالحه. في هذه الحالة، تقوم إسرائيل بدور السيد الإقطاعي الذي يحظى بحماية الملك (الولايات المتحدة) مقابل تأمين مصالح الغرب في الشرق الأوسط، سواء كانت هذه المصالح سياسية، اقتصادية، أو استراتيجية.

3.إسرائيل كإقطاعية في الشرق الأوسط

من منظور جيوسياسي، يمكن النظر إلى إسرائيل كإقطاعية تم تقديمها من الغرب لليهود لضمان مصالح الدول الغربية في المنطقة. هذه الفكرة ترتكز على أن إنشاء دولة إسرائيل كان يهدف إلى إقامة قاعدة صديقة وحليف قوي في منطقة الشرق الأوسط، هذه المنطقة استراتيجية الغنية بالموارد الطبيعية كالنفط و الغاز وخيرات الفلاحية.
وهو ماحدث بالفعل حيث تعد إسرائيل، بفضل دعم القوي المقدم لها من الغرب، قوة إقليمية كبرى تحافظ على مصالح الغرب وتضمن استقرارهم ونفوذهم في المنطقة.

4.أهداف الغرب: تجاوز الحروب الصليبية وخلق عدو جديد

أحد الأهداف الأساسية لإنشاء دولة إسرائيل كان ضمان وجود وبقاء الدول الغربية في الشرق الأوسط بعد فشل الحملات الصليبية. بعد أن أدركت الدول الغربية أن الحروب الدينية المباشرة ضد المسلمين لم تكن فعالة ولم تصب في مصلحتهم، كان من الضروري إيجاد استراتيجية جديدة لضمان النفوذ الغربي. هنا تأتي فكرة إنشاء إسرائيل كعدو جديد للمسلمين، مما يُحرف التركيز من الصراع المسيحي-الإسلامي إلى الصراع اليهودي-الإسلامي. هذه الخطوة تضمن للغرب تحييد التوترات الدينية المباشرة مع العالم الإسلامي، وبدلاً من ذلك، تُحوّل الصراع نحو إسرائيل، التي أصبحت بالتالي القاعدة الأمامية للمصالح الغربية في الشرق الأوسط.

تقدم هذه المقاربة التاريخية والسياسية تشبيهًا مثيرًا للاهتمام بين إسرائيل والنظام الإقطاعي في العصور الوسطى. من خلال هذا التشبيه، يمكن فهم الكثير من الديناميكيات السياسية والجيوسياسية التي تحكم العلاقات بين إسرائيل والقوى الكبرى. إن استمرار الدعم والحماية الغربية لإسرائيل يمكن رؤيته كجزء من استراتيجية أوسع لضمان الهيمنة الغربية في منطقة الشرق الأوسط، تمامًا كما كان الحال في النظام الإقطاعي حيث كانت الحماية والولاء يتبادلان لضمان الاستقرار والسلطة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نزوح مئات العائلات على وقع غارات إسرائيلية مكثفة على جنوب لب


.. مسؤول إسرائيلي عن استهداف حسن نصرالله: نقطة تحول في الصراع ل




.. حزب الله يقصف مستوطنة إسرائيلية


.. الجيش الإسرائيلي يشن غاراته على مناطق بالضاحية الجنوبية




.. القبة الحديدية تعترض صواريخ أطلقت من جنوب لبنان