الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكتابة بخط مستقيم

كريم الثوري

2024 / 6 / 13
الادب والفن


بكت الكلمات واشتكت
من شاعر ملحاح أراد اغتصاب أمها القصيدة
فلم تجد غير حضن أبيها الشاعر
فهو سترها وغطاها
المُشتكى لله

كثيرا ما يسأل نفسه عن سبب فقدان قدرته على استيعاب تعوده الكتابة بخط مستقيم ! ، فالعملية لا تحتاج تمسكه كل هذا القدر بالمكابرة والعناد. هل يُعقل وقد تجاوز العقد السادس ومازال يغض الطرف عن كلماته وهي تصعد وتهبط دون ضبط أواحتواء ؟ . مرات عدّة كان ينتبه " لخلته " هذه فيُجلس الإيقاع عبثا ، كأن يمسك بالقلم بطريقة صارمة ، بعدها يخط الحروف بانسيابية مبالغ فيها ، يستمر على هذه الحالة عدة سطور سرعان ما تلبث الكلمات أن تتمرد عليه .. ، مثلما يحجر المعلم الأطفال داخل غرفة الدرس فيلتزموا مراعاة النظام ، فما أن ينطلق جرس الفرصة حتى يتنفسوا الصعداء ، وهم يطلقون بما يملكون من صيحات هوس التمرد والانفلات " . إن صحَ مثال المدرس والتلاميذ تكون الكلمات هي مَن تقوم بالتمرد وليس مَن يكتبها !" ، هذا يقودنا لسؤال أكثر جرأة من ذي قبل :
هل الكاتب مجرد أداة لنقل الكلمات وما عليه سوى الإذعان للطريقة والكيفية التي ترى الكلمات " نفسها " قد رسمتهُ على الورقة ؟ . مضحكة جدا بالتأكيد هذه التخريجة كون المدون عبرجمجمته فأصابعه ذاته الفاعل لا المفعول به ، نعم ، بداهة هذا القول ذهنيا لو كنا نتكلم مثلا عن الرسامين ، فكما هو معلوم ليس هناك قيود لحركتهم صعودا أو نزولا ، صديقنا يتكلم عن الكتابة لا عن الرسم أو بقية الفنون المختلفة ، والمطلوب أن يعطينا التفسيرالمناسب فنستريح معه ونرتاح ، نجد له العذراقلها ، وليس بالضرورة أن نتقبله فأصابع اليد ليست متشابهة..
لسان حاله يقول : نعم اصغيت لأيقاع داخلي وفهمت منه ما معناه :
لا ادعي الغرور " لكنه من الغرور! " فليس من المُعيب أن يبدي الأديب قبوله أو رفضه بمستوى الكتابة انزاحت قليلا فتجاوزت الخط المرسوم لها " لنا " سلفا . هي أدوات ألعابي ، نخرج معا ، نتفسح على هوانا ، دون خطوط طول أو عرض ، ثم يُضيف ، مُلقيا الكرة في ملعبنا كما يقال ، كم منكم يجد نفسه معاندا في مجالات مختلفة حتى انه لا يحب تلك النصائح التي تُلقى في وجهه . إنها مُخرجاتي وأنا حرٌ بها ، ويضيف في قوله المغرورهذا ، أنا ليس مثلكم اقمع كلماتي ! " ما هذا الغرور " ، فتخرج خاملة بائسة لكنها منضبطة ، بل أطالبها واطلب منها المزيد من التمرد على كل القوالب المعد لها سلفا " بما في ذلك السطور " ، التمرد بمعناه الحقيقي ، كما ادعوها للتشكل والتشكيل فيما بينها لتخرج جملتها الحبيسة ، كما يحلو لها ، فتقلق العقول والابصار ، حتى " إنّهُ " دعاها يومها لتقول قولتها فيه بعد سنين من الجفاف والجفوة ، قالت الكلمات وتناثرت عابثة في لاتعينية السطور ، غاضبة ومُشككة ومُستهزئة :
قص أصابعك وارمها في قرص الشمس
لعلّها تنبت لك كتابة بديلة "
إن كُنت على عجز.

مثلك لا يستجيب فلماذا تأمرنا الاستجابة لقدرك ، يباس منابعك لا دخل لنا بها ، نحن أدوات تنامي طفولتك ، تمكنا كما تمكنت ، كبرنا معا ، فصارت بيننا إلفة وتناغم ، فلماذا مالت بك شيخوخة السنين حتى صرت تنضدنا بطريقة غريبة على مقدماتنا ، الخلة فيك لا فينا .
فكان من جوابه وقد احرجته الكلمات باعتراضها :
اطلقت " لكُنّ " حرية التشكيل والتلوين داخل وخارج السياقات حتى التحقت بالغربة والوحدة فجفت منابعي.. وقبل أن يكمل جملته سألته الكلمات : هل كنت حرا بما يكفي حقا ياهذا حتى تُلقن أدواتك ماليس فيك ؟ ، نحن بنات أفكارك وما اعوجاجنا أو استقامتنا منك وإليك . لم يجد الرد المناسب عليهن فتلعثمت الحروف..
حاجتته أيضا : لماذا قيدتنا داخل ملهاتك تهمس بنا ما تريد ؟ ، ثم تعترض على طريقة تشكيلنا ، عدم نهوضنا بالقدر الكافي لنُثيرالادهاش والاندهاش ، فتفوز بدلالتنا . ما ذنبنا حبيسات جمجمتك الزرقاء الخاوية ، ألم تسأل نفسك ؟ ، حررنا يوما بالطريقة المُثلى وستجدنا كما تتمنى أن نكون عليه وابعد ، طوع مدادك ..
كان يريد أن يقول لكلماته مُبررا لكنه تمكن ما ليس فيه فخانته كائناته الجميلة ثانية ..
تخرج الكلمات اليوم حبيسة " تمردها على السطور "جريئة ثائرة على هواها ، تبحث عن معناها عبثا في عقل ووجدان " مَن يقرأ خلف السطور" وما عليه سوى حل ألغازها ..
مرة بعد أخرى ، حتى يغيب في عنفوان غربتها ، فتغيب الفكرة بعد أن تبتلعها اللغة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السوبرانو الأردنية زينة برهوم تبدع في الغناء على الهواء في ص


.. السوبرانو الأردنية زينة برهوم تروي كيف بدأت رحلتها في الغناء




.. بعد استقبال جلالة الملك للفنان عباس الموسوي.. الموسوي: جلالت


.. صباح العربية | بحضور أبطاله ونجوم وإعلاميين ونقاد.. افتتاح ف




.. اشتهر بدور الساحر غاندالف في -سيد الخواتم-.. الممثل البريطان