الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عناصر الفرح/التخفيف في أنا لا أكتب لأحد جروان المعاني

رائد الحواري

2024 / 6 / 14
الادب والفن


بدابة أشير إلى أن عناصر الفرح/التخفيف التي يلجأ إليها الشاعر، أي شاعر تتمثل في: المرأة، الكتابة، الطبيعة، التمرد/الثورة، وهذا العناصر مجتمعة استخدمها الشاعر "جروان المعاني" للخروج من حالة الضغط/القسوة/الألم الذي يمر به.
الشاعر يتماثل مع الأنبياء، لأنه صاحب رسالة يحملها/يوصلها للآخرين، ويعمل في سبيلهم، ولا يريد "منهم جزاء ولا شكورا" ويبقى يعمل رغم الأذى الذي يلاقيه، هذا من جانب، ومن جانب آخر هو إنسان، يتعب، يتراجع، يحتاج إلى قسط من الرحلة، وبما أنه شاعر ويمتلك أحاسيس مرهفة، ومشاعر رقيقة، فكان لا بد له من إيجاد مخففات تساعده على مواصلة العمل للاستمرار في إيصال رسالته/فكرته، ولتساعده على تجاوز ضغوطات الواقع/المجتمع/الناس، من هنا تأتي اللغة، الأداة التي بها يكون الشاعر شاعرا:
" أنا لا أكتب لأحد
أكتب للمدى
للسماء"
نلاحظ تكرار لفظ "أكتب" وهذا له علاقة بالعقل الباطن للشاعر الذي يرى/يجد ذاته في الكتابة، في الشعر، وهو يبدي تنسكه، وابتعاده عن المجتمع/الناس، فقد تعب/أرهق منهم، من هنا التجأ إلى السماء/الفضاء/ فهو من خلال: "للسماء، للمدى" بيدي تعبه/قهره، لهذا توجه إلى من أعطاه الرسالة "السماء" ليحصل على شيء من الطاقة/القوة بعد أن أنهكه التعب/اليأس/القهر، وها هو يأخذ قسطا من الراحة، السكينة/الهدوء.
نلاحظ أن الشاعر يستخدم أداة التخفيف "الكتابة" حتى وهو تعب، كتأكيد لتمسكه بدوره في الكتابة، في إيصال الرسالة:
"كي يهطل المطر"
وهو بهذه الصيغة يؤكد أنه صاحب رسالة، لهذا يريد هطول المطر، وهو بهذا يأخذ شيء من صفات البعل "منزل المطر".
الشاعر يبين لنا أسباب قهره/يأسه بقوله:
" أنا زارع الوردة في الصحراء
لا عطر ولا ثمر"
يتقدم الشاعر من الأرض/الطبيعة من خلال العمل فيها كمزارع ـ وهو بهذا يؤكد دوره في تخصيب الأرض، خاصة بعد أن حدد مهمته في إرواء الأرض، "يهطل المطر" ـ لكنه هنا، قدم كل هذه الأفعال على أنها من أسباب اليأس/القنوط الذي أصابه، لهذا لم يحصل على الخصب المادي/ثمر، ولا على الخصب الجمالي/الروحي/عطر/ مما جعله يستعين بأداته التي تجعله شاعرا:
"أكتب لي"
وبهذا يتحرر الشاعر من قسوة الواقع وما فيه من بؤس، ويستعيد عافيته كشاعر/كرسول/كمصلح اجتماعي يستخدم كل السبل لرفعة مجتمعه/أمته.
"أكتب لي"
لشعب من البسطاء
لا أنشر في الصحف الصفراء
أنا من ترفضه المدن العميلة
أناصر
جماهير النساء"
نلاحظ النقلة النوعية بعد "أكتب" التي تكررت ثلاث مرات ـ ورقم ثلاثة يحمل معنى الاستمرار والبقاء والقدسية ـ لهذا بعد أن استخدم للمرة الثالثة "أكتب" استعيد عافية كرسول/كبعل، وها هو ويتقدم من شعبه/من أمته/من مجتمعه، ويُحدث فيهم الخصب/النماء المادي والروحي.
ونلاحظ أن يُذكر الشعب/الأمه بالطريق القويم الذي يسلكه، لكي يتعلموا منه، فهو قُدوتهم ومثلهم الأعلى، لهذا جاء الخطاب بلغة (عادية/بسيطة) يفهمها الشعب/العامة.
واللافت في خاتمة هذه المقطع الثورة الاجتماعية التي أطلقها الشاعر "أناصر جماهير النساء" بمعنى أن ثورته/رسالته لا تقتصر على الذكور في المجتمع، بل على الطرف الأضعف/النساء، وهو بهذه الثورة يكون قد استوفى ثلاثة عناصر من عناصر التخفيف/الفرح الكتابة، الطبيعة، التمرد/الثورة، وبقى عنصر المرأة دون استخدام حتى الآن!!:
"خمسون عاما
وأنا أمني النفس الأماني
اليوم لا أرى إلا وعودا
وأغاني"
نلاحظ أن الشاعر يعود لذاته كفرد، فقد أحدث ثورة اجتماعية من خلال تبنيه مطالب/حقوق/هموم النساء، وقد (تخلى) عن رسالته كرسول اجتماعي بعد الثورة، لهذا نجده يتكلم كفرد (عادي) كشاعر: "أنا، لا أرى" له همومه الشخصية، أهكذا يبدو الأمر، أم أنه يخفي علينا حقيقته!؟
نجد الإجابة في خاتمة القصيدة:
"خمسون عاما مضين من عمري
وكل إنجازي تجلى بزواج ثاني"
نلاحظ أن الشاعر أظهر الضعف/الهزيمة/الاستسلام، خاصة بعد أن كرر "خمسون عاما" وبدا فيها يائس/مستسلم، لكن، كان يريد بها تفجير الثورة التي تبناها "أناصر جماهير النساء"
من هنا جاءت خاتمة القصيدة متعلقة بالنساء/بالمرأة التي اعتبرها أهم أنجاز له في خمسين عاما.
وبهذا يكون الشاعر قد استوفى عناصر الفرح مجتمعة، مؤكدا أن المرأة والتمرد/الثورة هما الأهم في حياة الفرد، وبهما يستطيع أن يفعل ما يصبو إليه.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السوبرانو الأردنية زينة برهوم تبدع في الغناء على الهواء في ص


.. السوبرانو الأردنية زينة برهوم تروي كيف بدأت رحلتها في الغناء




.. بعد استقبال جلالة الملك للفنان عباس الموسوي.. الموسوي: جلالت


.. صباح العربية | بحضور أبطاله ونجوم وإعلاميين ونقاد.. افتتاح ف




.. اشتهر بدور الساحر غاندالف في -سيد الخواتم-.. الممثل البريطان