الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إتحاد الشغل والعيش في ريع التاريخ

عزالدين مبارك

2024 / 6 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


السؤال هو هل إتحاد الشغل جمعية نقابية أم حزب سياسي؟ فالعيش في جلباب الماضي وريع التاريخ هو ضيق أفق وإنكار لكل التحولات الفكرية والتكنولوجية و محتوى العمل والتصرف في المؤسسة. فهذا زمن إما أن تتغير وتتأقلم أو تندثر.فبعد الإستقلال كانت تونس في مرحلة بناء وتشييد في كل الميادين مع غياب وجود حكومة كفؤة وقادرة على التصرف والتنفيذ وأخذ القرار المناسب في ظل غياب شبه كلي للإطارات المدربة المنضوية تحت سلطة الدولة بعد مغادرة المستعمرين نهائيا البلاد وترك فراغ مؤسساتي يصعب التعامل معه في وقت قصير ولهذا اتجه بورقيبة بحنكته السياسية المعروفة إلى استيعاب واحتواء إتحاد الشغل بما يملكه من نفوذ وتنظيم وانتشار في كل الجهات مع توفر إطارت عمالية مدربة وقادرة على التخطيط والتنفيذ فكانت الحكومات تحتوي على العديد من إطارات الإتحاد كما اعتمدت الحكومة على مخططات تنموية أعدها هيكل الدراسات بالإتحاد وقد ترأس العديد من وزراء بورقيبة مقاليد المنظمة الشغيلة التي أصبحت من الأدوات المهمة للحكم وضمان استقرار الدولة وديمومة الإنتاج. وبداية من وسط السبعينيات وبعد فشل سياسة التعاضد وترهل نظام الحكم وبداية مرض بورقيبة والدخول في صراع الأجنحة والخلافة على رأس الدولة دخل الإتحاد في معركة الإستقلالية الهيكاية عن الدولة وحزب الدستور بقيادة االنقابي الحبيب عاشور الذي تحت ضغط القواعد اليسارية المتخرجة حديثا من الجامعات أراد الخروج من بيت الطاعة وجبة بورقيبة لتكوين دولة موازية فكان التصادم الدموي في 26 جانفي 1976 بين الإتحاد وأجهزة الدولة فتم حل جمعية الإتحاد وسجن قيادتها.وقد عاد الإتحاد من جديد مع قدوم الجنرال بن علي للحكم في نوفمبر 1987 إثر انقلاب صحي أبيض على بورقيبة بعقلية المهادنة والضبط الاجتماعي والتحكم في الاحتجاجات ودورية الزيادات في الأجور تماشيا مع قدرة المؤسسات وتطور في مستوى الأسعار مع تثبيت سياسة دعم االمواد الأساسية ومساعدة العائلات المعوزة والتي لا تتوفر على دخل. فالإتحاد مازال بعد مرور فترة طويلة على بحبوحة العيش في جلباب الدولة وفي كنف ريعها والتي حقق فيها امتيازات كبيرة تحت رعاية الدولة بما أنه كاان جزء منها فكانت له مقرات في كل ولاية وامكانيات مالية ذات وزن معتبر تمكنه من الحشد والانتشار والتمدد في كل المؤسسات فتوظف العمال وتقيل المسؤولين من خلال الضغوط والتأثير المباشر والغير مباشر. فأصبح الإتحاد بمرور الوقت شبه دولة داخل الدولة بما له من امكانيات مادية وبشرية مما يعطي لقيادته احساسا بالقوة والتحدي فيتمرد على السلطة القائمة مثلما حدث في 26 جانفي 1976 والتي مر بعدها لسنوات طويلة في مرحلة تيه طويلة وشاقة عاد بعدها إلى مرحلة الطاعة والاستكانة مع فترة الجنرال بن علي بعد مغادرة للرؤوس الحامية .مازال إتحاد اليوم يحن إلى تلك الفترة الذهبية والتي أعقبت الاستقلال بحيث كان يقتسم ويساهم في السلطة ويتحمل المسؤولية.وبعد الاستقلالية التامة عن الدولة وعدم تحمله للسياسات التي تتخذها الحكومة فالإتحاد لم يعد فاعلا سياسيا وليس حزبا سياسيا ولم يتم انتخاب مسؤوليه وقيادته لمناصب سياسية في الدولة وفي الهياكل المنتخبة مباشرة من الشعب فهو مجرد جمعية نقابية تدافع عن حقوق منظوريها فقط وليس لها دخل في تسيير دواليب الدولة وإذا أراد الخروج مما يشترطه قانون الشغل ولعب دور سياسي فعليه تكوين حزب سياسي فاللعب على حبلين وإدخال السياسي في النقابي كمثل إدخال الدين في السياسة سيجلب التصادم الحتمي مع الدولة التي هي وحدها من يحتكر الفعل السياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير سياسي من مبابي بشأن انتخابات فرنسا


.. بوتين يزور كوريا الشمالية لأول مرة منذ 24 عامًا.. وهذا ما سي




.. ضحايا وعشرات المصابين على إثر حريق مستشفى خاص في إيران


.. الجيش الإسرائيلي يحقق في احتمال تهريب حماس رهائن إلى خارج رف




.. قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة| #ال