الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منطقة الغثيان

محمود حمدون

2024 / 6 / 16
الادب والفن


" منطقة الغثيان "
====
رائحة دماء الخراف تلتصق بالهواء, تزكم الأنوف, تثير الغثيان, تجبرني في كثير من الأحيان أن أقترب من منطقة القيئ, تدفعني بعض الوقت أن أعيد النظر في فلسفة الأضحية نفسها. رؤوس مقطوعة عرفت مصيرها مبكرًا, أخرى لا تزال تعتلي أجسادها.. شملتُ الميدان بعيني, قلت بتقزز: المنظر مؤلم فعلًا, بل مقرف إلى حد بعيد, أمقت أن أزور هذه المنطقة في مثل هذا الوقت.
غير أنه برؤيته الأكثر عمقًا, كنّا قد فرغنا من زيارة المقابر, قال: يتألم أكثر من يبقى في المنتصف, المحايدون هم أبأس أهل الأرض, يتعذبون خوفًا من النار التي يرونها رأي العين, يلفح لهيبها وجوههم, كما يتضاعف عذابهم من فقدان الجنة التي لا تتجاوز مرمى حجر بعيدًا عنهم.
قلت: لكني أقصد المنظر الحالي, الدماء المتناثرة في كل مكان, الأعين الجائعة التي تنظر للحم العاري بنهم وشوق, وتعجز عن الشراء, ثم لوّحت بيميني في شبه دائرة, قلت: الضحايا البائسة المرمية في العراء, المسلوخ منها, الذي ينتظر دوره التي تأكل الكلأ كأنما لا يعنيها ما يحدث حولها!
مط شفتيه, تتبّع بعينيه ما أشرت إليه بيدي, قال: ذلك ثمن تدفعه الخراف أو البهائم لصمتها.
ضحكت من اقحام الفلسفة في الموضوع, قلت: لكنهم أعاجم, لا ينطقون.
لم يستجب للمزحة, بل تجهّم, شمّر بنطلونه, قفز بمهارة بين رؤوس الكباش والنعاج, الطين المختلط بدماء لزجة, تعجبت من لياقته الرياضية هذه رغم شيخوخته, ثم خرجنا من ميدان الوغى, يصحبنا خوار لعجل فتيّ يضاجع بقرة صغيرة مربوطة من رقبتها بحبل غليظ إلى جزع شجرة جاف,








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضحية جديدة لحرب التجويع في غزة.. استشهاد الطفل -عزام الشاعر-


.. الناقد الفني أسامة ألفا: العلاقات بين النجوم والمشاهير قد تف




.. الناقد الفني أسامة ألفا يفسر وجود الشائعات حول علاقة بيلنغها


.. الناقد الفني أسامة ألفا: السوشيال ميديا أظهرت نوع جديد من ال




.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي