الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التروتسكية التحريفية: خصم الثورة الشيوعية

شمسي مجيد

2024 / 6 / 17
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


في سياق النضال الفكري والسياسي والدفاع عن الماركسية الأصيلة في هذا المقال، سنتناول بالتحليل والنقد أثر التحريفية التروتسكية كخصم للثورة الشيوعية ، وسنعتمد في هذا المقال على مجموعة من المناهج العلمية الأكاديمية أبرزها المنهج التاريخي ( الاستردادي )-المنهج الوصفي-المنهج التحليلي...
دائما ما تظهر لنا بعض محاولات تحريف جوهر الماركسية هذا الأخير ليس وليد اللحظة وإنما بدأ مع بيرنشتين مؤسس التحريفية الذي طالب في اواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين بإعادة النظر في تعاليم ماركس لكن لم يتوقف الأمر هنا بل استمر مع التيار التروتسكي التحريفي الذي يمثل أهم الخصوم الذي يسعى إلى تشويه الماركسية مما يحتم علينا التصدي له من خلال المقارعة الفكرية وتبيان مكامن الخلل في تصورها الفكري والسياسي ومن المعروف ان التروتسكية ، كتيار سياسي ، قد مني بأشنع هزيمة فكرية سياسية وازيح من صفوف الحركة الشيوعية ، بل والحركة العمالية ايضا . وكان ذلك قد تم بفضل الموقف المبدئي للحزب الشيوعي السوفييتي والحركة الشيوعية العالمية جمعاء. وتحولت التروتسكية في الواقع الى جثة سياسية هامدة، كما تحولت المنظمات التروتسكية الى جماعات منعزلة من اناس يطحن بعضهم بعضا وسبب ذلك أنهم تخلو عن الماركسية -اللينينية ودكتاتورية البروليتاريا والاممية البروليتارية.
في هذا السياق أستحضر الأخطاء الثلاثة لتروتسكي التي كتبها فلاديمير ايليتش لينين وسأتطرق لها بإيجاز؛
أولا: هو أن تروتسكي تجاهل الطابع البرجوازي للثورة وغياب فكرة واضحة حول مسألة الانتقال من هذه الثورة إلى الثورة الاشتراكية.
ثانيا: إنشاء أحزاب للفلاحين عملية صعبة وطويلة الأمد في الثورة البرجوازية حتى أن ظهور حزب "قوي مستقل" على سبيل المثال ممكن فقط في فترة نهاية الثورة.
ثالثا: لو أن الفلاحين قاموا (بالانضمام الى نظام الديمقراطية العمالية) ليس عن وعي سياسي كما هم عادة ينضموا للنظام البرجوازي. البرولتاريا لايمكنها الاعتماد على الجهل والأحكام المسبقة لدى الفلاحين كما يعتمد ويرتكز عليها أقطاب النظام البرجوازي أو افتراض الحفاظ خلال الفترة الثورية على فقدان الوعي المعتاد والسلبية لدى الفاحين.
وفق هذا فإن التروتسكية تخالف اللينينية كل المخالفة، وهى من الد اعداء نظريتها وتطبيقها والتروتسكية مضادة للينينية ومعادية لها من حيث اسسها النظرية والسياسية والمنهجية إضافة إلى أنها تيار سياسي معاد للماركسية وقضية الثورة . الا ان التروتسكيين يتسترون على جوهرهم المعادى للينينية تسترا مرئيا عنيدا ، ومن اجل ذلك يكررون الاقاويل عن اخلاصهم للينين . علما بانهم لا يكتفون بمجرد تحريف اللينينية ، كما يؤكد بعض الباحثين ، بل يدرجون ضمن الاحكام اللينينية فحوى تروتسكيا ، والأكثر من ذلك انهم ينسبون الى لينين اقوال تروتسكي . ويعلنون ان تروتسكي رفيق لينين المخلص له، بل والمتابع الوحيد لقضيته . ويتناسى التروتسكيون النضال المبدئى الطويل الأمد الذي خاضه لينين بلا هوادة ضد تروتسكي وآرائه النظرية ونشاطه التخريبي.
تتميز التروتسكية باستنادها الى الاساس المنهجي المثالي الذاتي في النظرية والتطبيق ، وبالنزعة المغامرة والنزعة الارادية في السياسة ، وبالرياء والوقاحة وعدم الالتزام المبدئي والماكيافيلية والخيانة والتحول من معسكر إلى آخر في السلوك السياسي ، وكان لينين قد قال في عام 1914 : { لم يكن تروتسكي يمتلك آراء راسخة ابدا في اية مسألة جدية من مسائل الماركسية ، فهو دوما ( يندس عبر شقوق) ، هذه الخلافات او تلك و يتحول من جانب إلى آخر} من جهة أخرى كان لينين ينتقد الموضوعات التروتسكية حول المسائل الرئيسية في نظرية وتكتيك الحزب في الثورة لأن أفكار الترتسكيين بعجالة في مادة الاستراتيجية والتكتيك قد ترجمت في نظرية ( الثورة الدائمة ) التي تحتوي على العناصر الاساسية للمفهوم المنشفي للثورة المتستر بالجمل الثورية . لقد قدم تروتسكي وبارفوس ومؤيدوهما ( الثورة الدائمة ) كنظرية ثورية وتكتيك جديدين.
في المرحلة التي بلغت فيها الثورة الروسية الأولى أوجها ، تشكل تجمع وسطي حول روسكايا غازيتا بقيادة تروتسكي وبارفوس ، وكذلك حول الصحيفة المنشفية ناتشالو التي كان يحررها مارتوف ، وبوتريسوف ودان ومارتينوف ولوردانسكي وتروتسكي وبارفوس . وأشار لينين في ( تقرير عن مؤتمر توحيد ح ع ا د ر) سنة 1906 ، الى ان تيارا قد ظهر بين المناشفة ، اعتادوا في الحزب على ربطه باسمي تروتسكي وبارفوس في هذا التقرير لينين أشار إلى أهمية الوحدة والتنظيم الحزبي وركّز على ضرورة توحيد القوى الاشتراكية من أجل تحقيق أهداف الثورة والعمل على إسقاط النظام القيصري. لينين أكد أن الوحدة هي السبيل لتحقيق تغييرات جذرية في النظام السياسي والاقتصادي الروسي. كما تناول مسائل التنظيم الداخلي للحزب وأهمية بناء حزب قوي وفعال قادر على قيادة الطبقة العاملة نحو التغيير.
وكتب لينين بصدد مؤتمر الحزب الرابع قال : { من الاكيد انه ممكن أن يوجد بين المناشفة بارفوسيون و تروتسکیون فقد أكدوا لي مثلا وجود ثمانية منهم ولكن ، بعد رفض مسألة الحكومة الثورية المؤقتة ، لم ينجحوا في البروز } فقد عارض تروتسكي وجماعته النظرية اللينينية عن قيادة البروليتاريا في الثورة الديمقراطية البورجوازية ، ونظرية تحويلها الى ثورة اشتراكية ، بنظرية ( الثورة الدائمة ).
وبينما كان الحزب البلشفي يحضر الطبقة العاملة للانتفاضة المسلحة ، اقترح تروتسكي وأتباعه حسم مسألة الثورة الاشتراكية بـ ( ضربة واحدة ) وكان تروتسكي يبين ان ( الثورة الدائمة تصبح قانون غريزة الحفاظ على طبقة البروليتاريا) لكن لينين اعتبر الثورة الديمقراطية - البورجوازية والثورة الاشتراكية حلقتين في سلسلة واحدة ، وفصل بدقة بين المرحلة الاولى والثانية ، وحدد مهام البروليتاريا وحزبها ، والعلاقة بين القوى الطبقية في كلتا المرحلتين وقد قال لينين {...ما أن تنتهي الثورة الديمقراطية ، حتى نتصدى فورا... لطريق الثورة الاشتراكية . نحن مع الثورة غير المنقطعة ، لن نتوقف في منتصف الطريق...
وبغية فهم جوهر آراء تروتسكي وافكار التروتسكية المعاصرة ومن اجل انتقاد هذه الآراء والافكار على نحو اكثر تعليلا من الضرورى الكشف بالخطوط العريضة عن جوهر نظرية الثورة الدائمة .
كان التروتسكيون قد اقتبسوا مصطلح ( الثورة الدائمة )، من ماركس وافرغوه من فكرته العبقرية وشوهوا مغزاه .
إن فكرة استمرارية الثورة التي طرحها ماركس هي من اعظم منجزات الفكر العلمى . وفى عام 1850 كتب ماركس في نداء اللجنة المركزية الى عصبة الشيوعيين قائلا : { في الوقت الذي يريد فيه البرجوازيون الصغار الديمقراطيون انجاز الثورة باسرع ما يمكن مع تحقيق المطالب المذكورة اعلاه في احسن الاحوال ، تتلخص مصالحنا ومهماتنا نحن فى جعل الثورة مستمرة الى ان تزاح من السيطرة جميع الطبقات المالكة لهذه الدرجة او تلك ، والى ان تستولى البروليتاريا على سلطة الدولة ، والى ان تتطور رابطة البروليتاريين ، ليس في بلد واحد فقط ، بل في جميع بلدان العالم السائدة ، لدرجة يتوقف فيها التنافس بين البروليتاريين في هذه البلدان ، وتتركز القوى المنتجة الحاسمة على الاقل فى ايدى البروليتاريين}
وكان ماركس قد طرح فكرة الثورة المستمرة في سياق النضال ضد ممثلى الديمقراطية البرجوازية الصغيرة الذين كانوا يحلمون باحراز مكتسبات ديمقراطية معينة في مجرى النضال الثورى ويكتفون بذلك . وعلى النقيض من الديمقراطيين البرجوازيين الصغار بين ماركس الامكانية الموضوعية والضرورة التاريخية والمصلحة البروليتارية في التنامى والتعمق المستمرين للحركة الثورية . وبرهن ماركس ان البروليتاريا ، بعد ان تحل مهمة الثورة الديمقراطية ، لا يمكن ولا يجب ان تتوقف عند مرحلة النضال هذه ، وان واجبها التاريخي ومهمتها السياسية يتلخصان في تعميق الثورة باستمرار والاطاحة بكتلة برجوازية اثر اخرى بقدر استجماع القوى وتعزيز مواقع البروليتاريا الى ان تمسك بزمام السلطة كاملة على النطاق الوطني . وتستخدم البروليتاريا المنتصرة فى بلد ما مكتسباتها للعمل على تطوير الثورة على النطاق الأممى . ان افكار ماركس هذه التى اغناها لينين وطورها حسب مقتضيات المرحلة الجديدة من النضال الطبقى هي الاساس النظرى لمعالجة المسائل الجذرية فى سياسة الاحزاب الشرعية واستراتيجيتها وتكتيكها في الظروف الراهنة.
اما تروتسكي والتروتسكيون فقد جردوا مصطلح ( الثورة الدائمة ) من مضمونه الماركسي . فان النظرية التروتسكية بصدد الثورة الدائمة تختلف اختلافا جذريا عن المفهوم الماركسي للثورة المستمرة فمنذ ظهور الأقوال التروتسكية بصدد الثورة الدائمة شن لينين ضدها كفاحا فكريا نظريا مبدئيا . فقد اكد فى كثير من مؤلفاته ان هذه النظرية هى من حيث الجوهر شبه منشفية ، فهى تقتبس من البلاشفة النداء الى نضال البروليتاريا الثورى الحازم والى استيلائها على السلطة السياسية ، بينما تقتبس من المناشفة انكار دور الفلاحين . وفيما بعد تمادي التروتسكيون في رجعية مضمون مبادئهم .
خاتمة
تشير جميع الأدلة إلى أن انتعاش التروتسكية المعاصرة يعد ظاهرة عابرة، وأن سياساتها الرجعية والتشاؤمية وتكتيكاتها اليسارية المتطرفة تؤدي في نهاية المطاف إلى تعريتها وكشفها، مما يضر بسمعتها بشكل متزايد أمام من يتأثرون بها في هذه المرحلة أو تلك. ومع ذلك، نظراً لزيادة عدد المشاركين في النضالات الثورية وانخراط فئات اجتماعية جديدة فيها، ينبغي أن نكون على دراية بأن المنظمات التروتسكية وأفكارها يمكن أن تعود للظهور على أمواج الثورات العفوية.
هذا يفرض علينا واجب تكثيف الهجوم الأيديولوجي على نظرية وسياسات التروتسكية، التي تعد من أشد أعداء الثورة والاشتراكية. التجربة التاريخية العالمية توضح أن الأساس النظري الوحيد للنضال من أجل انتصار الثورة والاشتراكية يكمن في التعاليم الماركسية اللينينية.
في هذا السياق ، يمكننا ملاحظة أن التيارات التروتسكية تستفيد أحياناً من فترات الاضطراب الاجتماعي والسياسي للترويج لأجنداتها، مما يوجب على الحركات الثورية الاشتراكية الحقيقية أن تكون في حالة تأهب دائم وأن تعمل على تفنيد هذه الأفكار بالاستناد إلى التحليل الماركسي العلمي والتجربة العملية.
كما أن التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي تلعب دوراً كبيراً في انتشار الأفكار والمعلومات، مما يتطلب استراتيجية إعلامية فعالة من جانب القوى الماركسية اللينينية لتوعية الجماهير وفضح الأسس الضعيفة وغير الواقعية للتروتسكية. فقط من خلال الالتزام بمبادئ الماركسية اللينينية وبالعمل الجماعي المنظم يمكن تحقيق الأهداف الثورية الحقيقية وبناء مجتمع اشتراكي وفق أفق شيوعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمين المتطرف في فرنسا يعتزم منع مزدوجي الجنسية من شغل مناص


.. تركيا تدعو سوريا -لاستغلال الهدوء- للتقارب مع المعارضة والتح




.. VODCAST الميادين | حمة الهمامي - الأمين العام لحزب العمال ال


.. غريتا ثونبرغ تنضم إلى آلاف المتظاهرين لأجل المناخ في هلسنكي




.. نيران تأتي على البرلمان الكيني إثر اقتحامه من آلاف المحتجين