الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منصور حكمت وقضية فلسطين

فارس محمود

2024 / 6 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


(ندوة على الزوم بمناسبة أسبوع منصور حكمت، 8 حزيران 2024)

ارتباطاً بالأوضاع الجارية في المنطقة والعالم، وتحديدأ حرب إسرائيل الأجرامية على غزة، إرتايت ان أخصص موضوعي في أسبوع منصور حكمت لهذا العام لموضوعة "منصور حكمت والقضية الفلسطينية". من الجدير أن أشير الى ان ليس لمنصور حكمت كتابات كثيرة خاصة بهذا الشأن، ولكن لديه موقف واضح من هذه القضية تجدها في ثنايا كتاباته ومقالاته ومقابلاته الكثيرة.
فماعدا مقالة افتتاحية في انترناسيونال الاسبوعية عام 1996، نشرت باسم "الانتخابات الاسرائيلية"، وكذلك في جزء اخير من مقابلة حول أوضاع ايران والمنطقة مع صفاء الحائري بأسم "المشكلة الأساسية مع إسرائيل هو انها دولة قائمة على أساس الدين"، والموضوعان تحدثان بوضوح ودرجة من التفصيل عن هذا الامر، وكلاهما مترجمتان ومنشورتان بالعربية، هناك اشارات له في مواضيع متفرقة من مثل "بزوغ النظام العالمي المخضب بالدم" عام 90 او "دفاعاً عن مطلب استقلال كردستان-طرح اولي للموضوع" أو سلسلة من اربعة أجزاء خاصة باحداث 11 سبتمبر ايلول عام 2001، واشارات هنا وهناك في ندوات. ومن هنا أتي على محاور رؤية منصور حكمت.
دولة يهودية: إنه يرى ان أساس المشكلة هي ان دولة اسرائيل قد بنيت على اساس الهوية الدينية، اليهودية. وكأي دولة تستند الى هويات وقوميات وأعراق، فهذا يعني انها تكون تمييزية وعنصرية شئنا أم ابينا. أي انها تقسم البشر على أساس هوياتهم سواء القومية أو الدينية او الطائفة او القبيلة او العرق. ومن هناك، سيكون هناك مواطنين من درجة أولى ومواطنين من درجة ثانية. مثلما هو الحال مع دولة البيض في جنوب أفريقيا أو العراق أو ايران وسائر البلدان المبتلاة بهذه الهويات المختلقة والمفروضة على المجتمع. إنها دولة عنصرية وإلا ما الذي يعطي الحق لمواطن أوكراني قضى عمره في أوكرانيا أن ينال حقوق لا ينهالها إنسان آخر، فلسطيني، عاش أب عن جد في تلك الأرض، بل تُلسب منه لتمنح لـ"الأوكراني" لمجرد إن الأخير يهودياَ؟! الموقف منها هو يجب ارساء دولة علمانية غير قومية وغير دينية لاتصنف البشر ومكانتهم في المجتمع استناداً الى هذه الهويات التمييزية.
من المفارقة ان مؤسسي أو مبتكري هذه الفكرة، وفي مقدمتهم ثيودور هرتزل صاحب فكرة وطن قومي لليهود، وحتى طيف واسع من قادة اسرائيل اليوم هم علمانيين أساساً، ولا ربط لهم بدين. ان هذا يؤكد الفكرة التي أشار لها منصور حكمت في موضوعة "الأمة" ونصرّح بها دوماً الا وهي ان هذه الهويات مختلقة هدفها بلوغ نخب معينة من الطبقة الحاكمة للسلطة والحكم والثروة، لا أكثر.
دولة إحتلال: إنها دولة بنيت على أساس حرمان الفلسطينين من حقهم ومن مناطق سكناهم وقامت على طول الخط بسياسات تطهير عرقي وإبادات جماعية وتهجير وتشريد للفلسطينيين من اراضيهم واقامة المستوطنات لأكثر من 75 عاماً. ليس هذا وحسب، بل تتحدث عن دولة من النهر الى البحر، اي من الفرات الى النيل.
هدف الغرب: ان الهدف من ارساء دولة اسرائيل ووعد اليهود بتشكيل دولة لهم لا ينفصل تماماً عن المصالح الامبريالية العالمية. بالمناسبة، انها لحقيقة تاريخية انه في البدء كان هناك 4 مناطق مقترحة لارساء هذا "الوطن"، أوغندا والارجنتين وفلسطين ومنطقة اخرى، ولكن في المطاف الاخير تم الاتفاق على ان تكون فلسطين هي هذا "الوطن". ففي عالم صراعات عالمية امبريالية من أجل النفوذ والمكانة والهيمنة، ولتوطيد خدمة مصالح الامبريالية البريطانية، عراب تاسيس دولة إسرائيل، في منتصف القرن المنصرم، تم أختيار هذه المنطقة المهمة من الناحية الاستراتيجية. وحين تصاعدت المكانة الامبريالية لامريكا وتفوقت على بريطانيا، تحولت أمريكا الى الداعم الرئيسي لإسرائيل، لتتحول الأخيرة الى رأس حرب امريكا في المنطقة بوجه خصومها بالأخص إبان الحرب الباردة والثنائية القطبية، الكتلتين الشرقية-الغربية.
الحرب الباردة: ومثلما هو معروف، إبان تلك الحرب، انقسم العالم على الصعيد السياسي والعسكري والفكري و... الى قطبين. ساهمت الحرب الباردة والصراع بين القطبين الشرقي السوفيتي والغربي الى تحول امريكا والغرب بكل قواهما للدفاع عن دولة اسرائيل، بالأخص مع وجود نفوذ سوفيتي قوي في المنطقة داعم للنزعة القومية العربية المقاتلة والمعادية للغرب. ولهذا، مع انتهاء تلك الحرب، فقدت اسرائيل المكانة الخاصة التي كانت تتمع بها آنذاك. وبالاخص بعد ظهور قوى اقليمية مهمة موالية للغرب مثل مصر والسعودية وتركيا في الناتو، فقدت اسرائيل هذه المكانة الاقليمية وتراجعت. لماذا؟!
إذا ما تركنا الديماغوجيات وأشكال التضليل للحكومات القومية العربية جانباً، ببساطة ليس للعرب او النزعة القومية العربية المعتدلة مشكلة مع وجود اسرائيل. ان مشكلتها تتمثل في أن يعطيها الغرب المكانة التي تستحقها. تقول نحن شعوب في المنطقة، الدول العربية، من أكثر نصف مليار نسمة بالمنطقة، بايدي عاملة رخيصة، نمتلك مساحة استراتيجية وشاسعة في العالم ولدينا ثروات اقتصادية هائلة، بالاخص بعد الاوبك، فلماذا لا تعطونا المكانة التي نستحق؟! انها تنشد مشاركة امريكا لها، وعلى قول عرفات، نريد الشراكة وليس معاملتنا كالعبيد. يشير منصور حكمت بوضوح لهذه النقطة في مقال "بزوغ النظام العالمي الجديد المخضب بالدم".
ولهذا، مثلما تنبأ منصور حكمت بالضبط، في مقاله "بزوع النظام..." ان مسار ما بعد الحرب الباردة هو مسار تصاعد الضغط الغربي والاوربي على اسرائيل من أجل السلام. وفي هذا السياق، ان اجتياح العراق للكويت، وبعدها حرب الخليج، كان مسعى من النزعة القومية العربية لان تفرض نفسها على الغرب كقوة لا يمكن تجاهلها. ولهذا، ليس صدفة ان تأتي اتفاقيات اوسلو بين عرفات وشمعون بيريز و امريكا العرابة والغرب في 1993، كما عقدت معاهدة سلام بعد سنة من ذلك تقريبا بين الاردن واسرائيل. اي بعد سنوات قليلة من إنهيار الثنائية القطبية.
اضطرت اسرائيل للقبول بالامر الواقع عبر التخلي عن "عرفات الارهابي" والاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل وحيد للشعب الفلسطيني وياسر عرفات كرئيس لفلسطين، واقرت بتشكيل دولة فلسطين في غضون جدول زمني. ولكن، مثلما يؤكد منصور حكمت، فان اسرائيل تتمتع بيمين قوي جداً ومؤثر جداً في السياسة الاسرائيلية. ان مقتل اسحق رابين لم يأتي على أيدي العرب والفلسطينيين، بل على ايدي هذا اليمين المتطرف القوي. مع مقتل اسحق رابين وفوز نتنياهو في الانتخابات الرئاسية عام 1996، تعرض الجناح "اليساري" في السياسة الاسرائيلية الداعي للسلام الى ضربة جدية. انقلبت المعادلة رأساً على عقب.
تسلم نتنياهو للسلطة: في جريدة انترناسيونال صدرت في حزيران 1996، العدد 21، كان هناك عمود افتتاحي، كتبه منصور حكمت اوصي فعلاً بقرائته. ان إسم العمود هو "الانتخابات الاسرائيلية".
فبخلاف الاغلبية الواسعة، حتى الاسرائيلية، من المحللين والسياسيين التي كانت ترى ان الدعابة الانتخابية المتشددة لبنيامين نتنياهو هي غير حقيقية، أي الدعاية الإنتخابية اليمينية المتشددة ضد اتفاقية اوسلو وعرفات، وبان هذه مجرد دعاية هدفها كسب أصوات يمين المجتمع. وانه، ما أن يستلم الحكم، حتى يتنصل عن وعوده الانتخابية ويمضي في اتفاقية السلام لان دولة اسرائيل قد وقعت عليها وبالاخص مع ياسر عرفات، وعرابها امريكا وداعمها الغرب وتحت أنظار العالم أجمع، فكيف لنتنياهو ان يدوس على هذا كله؟! كان منصور حكمت واضحاً في رؤيته ودقيقاً. إذ تحدث عن ان اليمين قوى جداً في اسرائيل، وان نتنياهو سيسير وراء وعوده اليمينية وسيدفع بمسار مناهض للسلام ويدوس على كل هذه الاتفاقات، ويؤزم الاوضاع من جديد ويدفع بمسار جديد مناقض كلياً لما جرت عليه الامور حتى انتخابات 1996. وفعلا، هذا ما حدث. كان محور حركة نتنياهو منذ عقود وليومنا هذا هو تصفية القضية الفلسطينية وعدم ابقاء شيء اسمه "دولة فلسطين". حذّر حكمت من مآلات وعواقب هذا المسار الذي يدفع اليمين المجتمع لها.
ماذا تتعقب مايسمى بـ"الحكومات العربية"؟! من هنا اود ان اتي على نقطة مهمة وهي ان ماساة جماهير فلسطين لم تكن يوماً ما منطلق حركة القومية العربية والدول والحكومات العربية قط. فعلى العكس، ان حل هذه القضية يستل ورقة مهمة من يد النزعة القومية العربية والاسلام السياسي في صراعهما مع أمريكا والغرب. ان معاناة جماهير فلسطين هي ورقة ضغط على امريكا كي تقر بمكانة النزعة القومية العربية، بحكوماتها ومعارضتها، والمتخمة بالثروات والامكانات والباحثة عن مكانة سياسية واقتصادية في الاقتصاد العالمي مثلما ذكرت. أي إنها رسالة احتجاج لماذا قصرتم حلفائكم على ايران واسرائيل في المنطقة؟! مالذي ينقصنا حتى تتعاملون معنا بهذا الشكل؟! طبعا علينا ان لا ننسى العجز السوفيتي عن تطوير الاقتصاديات في البلدان التي تسير في فلكها، والجزء الاساسي من ذلك تراجع الكتلة الشرقية الاقتصادي وفشل نموذجها الاقتصادي المبني على اقتصاد الدولة والقطاع العام وافتقادها للتكنولوجيا المتطورة التي تتمتع بها أمريكا والغرب. اي فشل النموذج الاقتصادي في بلدان المنطقة التي خارج أطار الغرب.
ولهذا، كانت الحكومات العربية تنشد مصالحها الخاصة على طول الخط وعلى إستعداد للمساومة على هذه القضية. وان هذا عامل آخر لبقاء هذا الجرح النازف في المنطقة لما يقارب 7 عقود!! حتى حين قام نظام صدام حسين الخارج من حرب ايران بوصفه قوة سياسية واقتصادية وتمتلك مقومات اقتصادية جيدة باطلاق الصواريخ على اسرائيل في حرب الخليج عام 1991، فكان يهدف منه الى تاجيح النزعة القومية العربية والجماهير المليونية الغاضبة والساخطة على بقاء هذا الجرح النازف، جرح ماساة جماهير فلسطين. وبالتالي، توظيفه في المساومات مع الغرب ونيل امتيازات ومكاسب. ليس هذا وحسب، بل راينا كيف قام ملك حسين في الأردن بمجزرة ضد الفلسطينيين بما يسمى ايلول الاسود عام 1970 نظرا لتنامي دور المنظمات الفلسطينية وتهديد حكمه. من جهة أخرى، وفّر الصراع العربي-الاسرائيلي، الفرصة للحكومات العربية من أجل إخراس المعارضة الداخلية بالنار والحديد تحت ادعاءات ديماغوجية "كل شيء من أجل المعركة"، و"فلسطين أولاً" و"فلسطين قضية العرب المركزية" والخ، وبالتالي، ترسيخ سلطاتها الهشة التي كان يهددها تنامي المجتمعات على جميع الأصعدة وتطور طبقة عاملة وظهورها كقوة سياسية-اجتماعية في المنطقة وتقوية اليسار والشيوعية وغيرها.
ولهذا، ليس من المنطقي ان يتأمل احد "خيراً" من هذه الحركات أو يعترض أحد ما على: "لماذا الامارات والخليج يطبّعون مع اسرائيل ولم يتحقق شيء للفلسطينيين بعد؟!". ان هذا وهم. حتى السعودية كانت ماضية لتطبيع علاقتها مع اسرائيل لولا ما جرى في غزة في 7 اكتوبر، فمن الناحية السياسية يحرجها كثيراً إن وقّعت معاهدة سلام اليوم في صلب الحرب والنقمة العالمية على اسرائيل لمجازرها في غزة. ليس لديها مبرر تقوله. بيد ان هذه الورقة باقية وتنتظر اللحظة المناسبة لذلك. بالمناسبة، ما ستحصل السعودية من هذه الاتفاق والسلام هو شيء تطلبه من امريكا بالدرجة الأساس، وليس من إسرائيل. إنها مطالب تتعلق باسلحة متطورة وغيرها من امور عسكرية وتقنية!! كان السودان مثلا يحرص على ان يوقع اتفاق سلام قبل السعودية، وحدد سعر لذلك وهو، حسب التقارير، الحصول على 10 مليارات دولار من أمريكا، لانه يعلم جيداً اذا عقد هذا الاتفاق بعد توقيع السعودية، فلا اعتقد يعطيه أحد ما 500 الف دولار وليس 10 مليارات! وقس هكذا!
الاسلام السياسي: في خضم الحرب الباردة، كان احد الاسلحة القوية بيد الغرب بوجه القطب السوفيتي والشيوعية هو تقوية الاسلام السياسي. جلبه الغرب من جحره وأحيى هذه الظاهرة في السبيعنات وبث فيها الروح باموال الخليج وامريكا والغرب. أتى به للوقوف بوجه اليسار والشيوعية وبوجه الطبقة العاملة التي تبلورت كقوة اجتماعية وسياسية ناشئة وجديدة في الميدان. في مصر، قوّى السادات الاسلاميين بوجه اليسار المتعاظم في الجامعات والمعامل. وفي العراق، أصدروا فتاوى "الشيوعية كفر والحاد"، وأصدروا كتب "فلسفتنا" و"اقتصادنا" لمنظّر حزب الدعوة بوصفهما رداً على مادية وراسمال ماركس والاشتراكية ذات الحضور القوي في الشارع. ولكن، وللمفارقة، مرت 23 سنة على حزب الدعوة في العراق وهو في الحكم، ولم نسمع ان كلمة واحدة من هذه الواحات الفكرية قد تم الاسترشاد بها في اقتصادهم وفلسفتهم المظفرتين أو في برامجهم!! وفي فلسطين، دعم الغرب واسرائيل الاسلام السياسي للوقوف بوجه منظمة التحرير وفتح وياسر عرفات والكثير من المنظمات المسلحة ذات الطابع اليساري الواضح، تيارات قومية يسارية مثل الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وغيرها، واستمرت اسرائيل بدعمها لحماس وموّلتها لحد الاسابيع الاخيرة لما قبل 7 اكتوبر، وكان وزير الاستخبارات ينقل بطائرة خاصة عشرات الملايين من الدولارات القطرية، وبطلب مباشر من نتنياهو، كل هذا لشق "وحدة الصف الفلسطيني"، وحتى يقول نتنياهو واليمين الاسرائيلي بحكوماته المتعاقبة، استناداً الى شق السلطة الفلسطينية وإرساء سلطتين متعارضتين ومنفصلتين محمد عباس – حماس، و"ليس هناك طرف فلسطيني للجلوس معه!"، وبالتالي التنصل عن كل القرارات الدولية وإدامة تصفية قضية فلسطين.
سبيل الحل: ان سبيل الحل الذي يطرحه منصور حكمت هو حلّ الدولتين. انه سبيل حل عملي وواقعي. اي تاسيس دولة فلسطينية جنب الى جنب مع اسرائيل، دولة متساوية الحقوق مع اسرائيل ومع سائر البلدان وقابلة للحياة.
ويؤكد ان بقاء هذه القضية دون حل سيبقي المصائب والمآسي، وسيجعل الارضية أخصب لسيادة اليمين على الجبهتين: اليمين الاسرائيلي والفلسطيني. بوسع حل هذه القضية ان يسحب البساط من تحت اقدام اليمينين اللذان يتغذيان على تعقد هذه الأوضاع وعلى وجود بعضهما، وبوسعه ان يدفع بالصراع الطبقي للأمام، ويدفع بالمجابهة الاجتماعية الواقعية للعامل بوجه الراسمال للأمام ويزيل الاوهام الطبقية ويقوي من الشفافية السياسية في المجتمع. وسيدفع المجتمعات في المنطقة لليسار. حتى فيما يتعلق بالارهاب الاسلامي، تحدث عن انه يتعكز على ركيزة قضية فلسطين في بقائه، ولهذا يرى ان بحل قضية فلسطين، ستزول ارضية وجود وبقاء الارهاب الاسلامي. ونحن راينا كيف تراجع الإسلام السياسي مع عقد اتفاقات السلام في أوسلو. ولهذا، فانه يؤكد كثيراً على سبيل الحل، لا لحل قضية فلسطين فحسب، هذا الجرح النازف لثلاثة أرباع قرن، وانما لآثاره الكثيرة على المنطقة كذلك.
ردود على بعض أسئلة الحضور:
-حول ظهور العراق قوة اقتصادية ما بعد حرب ايران، تحدثت عن ان العراق خرج من الحرب العراقية الايرانية كقوة سياسية وعسكرية في المنطقة رغم الخسائر الكثيرة التي تكبدها. ورغم خروجه منهكاً من الناحية الإقتصادية، إلا ان العراق ذا ثروات كبيرة، فالكثير من الاقتصاديين كانو يتحدثون في حينها عن انه ذا ثاني اكبر إحتياط نفطي عالمي، ولهذا ثمة امكانية كبيرة للتعافي الاقتصادي. ولهذا فهو قوة يُحسب لها حساب في المنطقة
-حول التظاهرات في العالم وحركة المحكمة العدل الدولية و....، فيما يتعلق بالحركة التضامنية العالمية، منصور حكمت في سلسلة مقالات 11 ايلول، تحدث عن إن ثمة عملاق "نائم". إذا انتفض، بوسعه تغيير كل معادلات العالم، وهو البشرية المتمدنة، بشرية ليست مستعدة على تحمل مقتل اكثر من 2000 شخص في يوم واحد بالقصف، معظمهم من الاطفال. تشاهد يومياً لاعبين يتذمرون، فنانيين غاضبين، علماء وكتاب ومثقفون وشخصيات آخرهم وليس أخيرهم بيب غوارديولا، حيث تحدث في مؤتمر صحفي بما معناه (ان الخطر ليس بعيد عنك، طالما اصاب جيرانك، وارد ان يصيبك، وانت لست بمناى عن الخطر الذي يصيب العالم)، جامعات، ومنتديات و كل العالم محتج، ولهذا نحن نؤكد ان لا حل عسكري للقضية الفلسطينية، اسرائيل مدججة بالسلاح من قمة راسها لأخمص قدميها بفضل امريكا والغرب. في الوضع القائم ليس ثمة حل مسلح. انا لا اتحدث عن حلول مخططاتية أو على الورق. فعلى الورق، كل شيء ممكن وكل الاحتمالات واردة. الحل هو ان تضغط على الغرب وامريكا كي يكفا دعمهما لاسرائيل. وان كل ادوات الضغط هذه مهمة. ينبغي تصعيد ادوات الضغط هذه. عمال كثر في موانيء ايطاليا وغيرها رفضوا تحميل ونقل اسلحة لاسرائيل. قصدي لا تقبل إنسانية هذه البشرية المتمدنة بهذه الوضعية. ان هذه جبهة مهمة وميدان نضالي مهم. اليوم أوهام كثيرة إنجلت بسبب درجة إجرام الحكومة اليمينية نفسها.
البشرية اليوم تختلف كثيراً عما كانت عليه قبل 8 او 9 أشهر. وعيها ورؤيتها للقضية الفلسطينية إختلفا كثيراً.. والادهى من هذا، انه من اقوى نقاط هذا التغيير هي في امريكا نفسها. في وقت كان يتحدث الجميع لحد الامس عن مكانة ودور اللوبي الاسرائيلي المؤثرين والمهيمنين في أمريكا! صرح ترامب بالامس انه حتى السناتور فلان الفلاني الذي هو يهودي متشدد، اصبح فلسطينياً!! ترامب يقر بذلك، يقر بهذا التغيير الكبير. والفضل فيه يعود لقوى اليسار والمحبة للانسانية في امريكا وللجامعات. ان هذا المسار مهم جداً للبشرية. كذلك هو الحال مع ما تقوم به محكمة العدل الدولية. بوسعها ان تبلغ نتائج مهمة جدا. وهو أمر مهم جداً. لا يفوت عن بالكم ان ما تقوم به الجنائية الدولية هو في جانب منه نتاج هذا الضغط الانساني العالمي.
-اما حول اليمين الاسرائيلي، فان على قوى اليسار والتقدم والتمدن والداعية للمساواة والقوى التي لا تقبل أن يُداس على البشر لأنه فلسطيني أو لكونه عربي أو "مسلم" ان تصفي حسابها مع هذا اليمين. على مجتمع اسرائيل ان يحسم أمره مع هذا اليمين. ان مقدمات هذه القضية موجودة برايي. إذ يعرف ابرز قادة اليمين، وفي مقدمتهم نتنياهو نفسه، جيداً ان إنتهاء الحرب يعني تقديمهم للمحاكمات، ولهذا يصرون على إدامة الحرب، لأن مصيرهم محاكمات وسجون. من المؤكد ان هذا لاينهي اليمين لأنه تيار إجتماعي، وإنما يوجه ضربة جدية له. ان هذا اليمين ونتنياهو ماضين من 1996 كالمنشار من أجل إنهاء قضية فلسطين. على قوى اليسار والتقدم والتمدن ان تفرض التراجع على هذا اليمين. ان أرضية ذلك موجودة، كل الاوضاع تدفع الى فهم قضية فلسطين والى الوعي بها من قبل المواطن الاسرائيلي. إن كلام طيف واسع من الاسرائيليين اليوم يختلف عن كلامهم السابق. الكثير من رجال الدين اليهود انفسهم تظاهروا وتحدثوا اننا لا نقبل ان يجري هذا باسمنا. المسالة مرهونة في جانب منها بهذا الحراك غير المحلي والعالمي بالأحرى.
-حول إتحاد اليسار والعمل المشترك بهذا الصدد، كل قوى التقدم مطالبة بلعب دورها. إذ يمكن تشكيل عشرات المؤسسات والمراكز المدافعة عن جماهير غزة والمطالبة بايقاف الحرب فوراً، وفي الحقيقة انها ليست حرب بقدر ما هي إبادة جماعية وتطهير عرقي، والداعية للإقرار بتأسيس دولة فلسطين المستقلة والمتساوية الحقوق وكف الغرب عن دعمه لاحتلال اسرائيل لفلسطين وغيرها. ان هذا هو مسار نضالنا وقناتنا لتغيير المعادلات. غير قوى الجماهير وقوى التقدم، ليس لدينا قوى. نشكل عشرات التجمعات والمنظمات المدافعة عن الاهداف أعلاه. على سبيل المثال، لماذا تبقى سفارة اسرائيلية في بلدان العالم، ينبغي طرد موظفيها ومكاتبها. لاتختلف إسرائيل عن الفاشية الهتلرية، لماذا نبقي سفاراتهم وقنصلياتهم؟! لا نبقي لهم حضور سياسي ودبلوماسي في البلدان. لنبلغهم رسالة واضحة: "أذهبوا وردّوا للبشرية على جرائمكم أولا، وبعدها، تعالوا تحدثوا عن دولة عادية ذات علاقات سياسية ودبلوماسية". ان هذا أمراً ممكناً دون شك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون ينفي وجود خطط لانتشار الجنود الأميركيين في قطاع غز


.. هل يحمي الواقي الشمسي فعلا من أضرار أشعة الشمس؟| #الصباح




.. غانتس: قادرون على إدخال لبنان في حالة من الظلام وتدمير القدر


.. حرب غزة.. نازحون يعيدون استخدام أكياس الطحين لصنع خيام تؤويه




.. بعد اختفاء سيدة في جزر البهاما.. السلطات الأميريكية تحذر من