الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفكك الهوية الوطنية وتعدد الولاءات في العراق بعد الغزو الأميركي عام 2003

قاسم محمد داود

2024 / 6 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


لقد مثل الغزو الأمريكي للعراق عام 2003م ضربة موجعة لكيان الدولة العراقية، فأطاحت بكل مظاهر الدولة في مرافق الحياة اليومية، ومن بين عديد من آثار مدمرة تسبب بها ذلك الغزو كان الأثر الكبير على الولاء الوطني للعراق والذي أدى إلى تعدد الولاءات بعد الغزو وما تلاه من احتلال أمريكي وخلع لنظام صدام حسين حيث أديا إلى تغيرات جذرية في البنية السياسية والاجتماعية للعراق، مما أثر بشكل مباشر على مفهوم الولاء الوطني. تشظي الولاءات الوطنية في العراق بعد الغزو الأمريكي كان له تأثير عميق ومتعدد الأبعاد على الوضع السياسي والاجتماعي في البلاد. ومن البديهي القول بان عملية الغزو لم تكن تستهدف إزالة نظام او نزع أسلحة دمار شامل أو نشر ديمقراطية داخل البلد، ولم تكن أيضا من أجل الاستفادة من مقدرات العراق وانتزاع خيراته والسطو على ثرواته، بل إن الهدف الأساسي من عملية الغزو كان تدمير البنية التحتية العلمية للعراق، وإخراجه من دائرة التقدم التي كان يخطوها يوما بعد يوم، ثم جعل استعادة كل ذلك بعيد المنال عبر إدخال البلد بما فيه في دوامة من العنف الدموي والاحتقان السياسي والاقتصاد الهش.
أن انهيار الحكومة المركزية ومؤسسات الدولة أدى إلى فراغ في السلطة، مما أتاح الفرصة لظهور قوى وميليشيات محلية متعددة، تتبع ولاءات قبلية أو طائفية أو إقليمية. وتصاعد التوترات الطائفية بين الشيعة والسنة، مما أدى إلى انقسام المجتمع على أساس طائفي وتعزيز الولاءات الطائفية على حساب الولاء الوطني.
بالإضافة إلى أن الأحزاب السياسية التي تشكلت بعد الغزو غالبًا ما كانت تعتمد على الدعم الطائفي أو القومي، مما عمق الانقسامات داخل المجتمع العراقي. وجاءت التدخلات الإقليمية والدولية في الشؤون العراقية، مثل تدخل إيران ودول الخليج وتركيا، التي عززت من الولاءات المتعددة داخل العراق حيث أصبحت بعض الفصائل السياسية والعسكرية تتلقى دعماً من هذه الدول.
أن الفشل في إنشاء نظام سياسي مستقر وشامل يعكس تنوع المجتمع العراقي ويحقق العدالة الاجتماعية بعد الغزو والاحتلال الأميركي، أدى إلى تراجع مفهوم الدولة المدنية وتعزيز الولاءات البديلة، الأمر الذي أدى إلى تدهور العلاقات بين مكونات المجتمع المختلفة وزيادة عدم الثقة بين الطوائف والأعراق المختلفة.
أن الولاءات المتعددة وتعدد الميليشيات المسلحة أدى إلى حالة من عدم الاستقرار وانعدام الأمن، حيث أصبحت الكثير من المناطق تحت سيطرة جماعات مسلحة بدلاً من الدولة.
وأن تعدد الولاءات أدى إلى تراجع الهوية الوطنية الشاملة، حيث باتت الهويات الطائفية والقومية والإقليمية تطغى على الهوية الوطنية.
وخلاصة الأمر فأن الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 كان له تأثير عميق على الولاء الوطني، مما أدى إلى تعدد الولاءات وتقويض الهوية الوطنية الموحدة. الأسباب تتنوع بين الانهيار المؤسسي والصراع الطائفي والتدخلات الخارجية، بينما النتائج تشمل تفكك النسيج الاجتماعي وانعدام الأمن وإضعاف الهوية الوطنية. تشظي الولاءات الوطنية في العراق بعد الغزو الأمريكي، كان له تأثير عميق ومتعدد الأبعاد على الوضع السياسي والاجتماعي في البلاد. يمكن تناول هذا التأثير من خلال عدة نقاط رئيسية:
تفكك المؤسسات: بعد الغزو، تفككت العديد من المؤسسات الحكومية والعسكرية، مما خلق فراغًا أمنيًا وسياسيًا. هذا الفراغ سمح للعديد من الفصائل والمجموعات العشائرية والطائفية بزيادة نفوذها.
حل الجيش: حل الجيش العراقي وتفكيك الأجهزة الأمنية خلق حالة من الفوضى وأدى إلى بروز الميليشيات والجماعات المسلحة التي غالبًا ما كانت تتبع ولاءات قبلية أو طائفية. مما يعني أن تفكك الدولة صار أمراً واقعاً.
تعزيز الهويات الطائفية: السياسات التي اتبعت بعد الغزو، بما في ذلك نظام المحاصصة الطائفية، عززت الهويات الطائفية والعرقية على حساب الهوية الوطنية. هذا أدى إلى تصاعد التوترات بين السنة والشيعة والأكراد
الصراع الطائفي: الصراعات الطائفية المسلحة بين المجموعات المختلفة أدت إلى انعدام الثقة وتعميق الانقسامات المجتمعية، مما جعل من الصعب بناء ولاء وطني شامل.
تصاعد نفوذ القبائل: مع ضعف السلطة المركزية، زاد اعتماد العديد من الناس على الولاءات القبلية والعشائرية كوسيلة للحماية والأمان. القبائل والعشائر أصبحت تلعب دورًا أكبر في الحياة السياسية والاجتماعية.
الزعماء القبليون: زعماء القبائل أصبحوا لاعبين أساسيين في المشهد السياسي، مما أدى إلى مزيد من التشظي في الولاءات الوطنية، حيث كانت الأولوية غالبًا للولاء القبلي على الولاء الوطني.
التأثير الإيراني والأمريكي: التدخلات الخارجية من قبل قوى إقليمية ودولية مثل إيران والولايات المتحدة زادت من تعقيد الوضع. هذه القوى غالبًا ما دعمت فصائل معينة على حساب الأخرى، مما ساهم في تعزيز الولاءات الفئوية على حساب الولاء الوطني.
الدعم المالي والعسكري: توفير الدعم المالي والعسكري لبعض المجموعات أدى إلى زيادة نفوذها وتفوقها على المجموعات الأخرى، مما أدى إلى تفاقم الانقسامات الداخلية.
الفساد وسوء الإدارة: الفساد وسوء الإدارة في الحكومة العراقية بعد الغزو أسهم في تآكل الثقة في الدولة ومؤسساتها، مما جعل من الصعب تعزيز هوية وطنية قوية.
غياب الاستقرار: غياب الاستقرار والأمان أدى إلى تحول العديد من الناس نحو ولاءات بديلة تضمن لهم الأمان والحماية، سواء كانت قبلية أو طائفية أو عرقية.
محاولات إعادة البناء: على الرغم من هذه التحديات، كانت هناك جهود لإعادة بناء الدولة وتعزيز الهوية الوطنية من خلال سياسات المصالحة والإصلاح.
التحديات المستمرة: هذه الجهود غالبًا ما تواجه تحديات كبيرة بسبب استمرار التوترات الطائفية والقبلية، وتأثير القوى الخارجية، وصعوبة تحقيق توزيع عادل للسلطة والثروة.
وفي الختام نستنتج مما سبق أن تشظي الولاءات الوطنية في العراق بعد الغزو الأمريكي نتج عن انهيار الدولة المركزية، وتعزيز الهويات الطائفية والعرقية، وزيادة نفوذ القبائل والعشائر، والتدخلات الخارجية، وغياب الاستقرار والهوية الوطنية الجامعة. إعادة بناء الولاء الوطني تتطلب جهودًا مستدامة لإصلاح المؤسسات، تحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز الثقة بين مكونات المجتمع المختلفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلم الدولة الكردية.. بين واقعٍ معقّد ووعود لم تتحقق


.. ا?لعاب ا?ولمبية باريس 2024: سباح فلسطيني يمثل ب?ده ويأمل في




.. منيرة الصلح تمثل لبنان في بينالي البندقية مع -رقصة من حكايته


.. البحث عن الجذور بأي ثمن.. برازيليون يبحثون عن أصولهم الأفريق




.. إجلاء اثنين من الحيتان البيضاء من منطقة حرب في أوكرانيا إلى