الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظرية الماركسية والتكتيكات الثورية - الجزء الأول - اختلافاتنا

سعدي السعدي

2024 / 6 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


ملاحظة: الموضوع للكاتب أنطون بانيكويك ويرجع الى العام 1912، ومنشور في صحيفة دي نويه تسايت، 31، رقم 1، 1912 .. موجود في أرشيف أنطون بانيكويك باللغة الانكليزية .. وقمت بترجمته الى العربية
الجزء الأول: اختلافاتنا
لعدة سنوات كان هناك خلاف تكتيكي عميق يتطور حول سلسلة من القضايا بين أولئك الذين تقاسموا في السابق أرضية مشتركة كماركسيين وحاربوا معًا ضد التحريفية باسم التكتيك الراديكالي للصراع الطبقي.
ظهرت هذه الفكرة إلى العلن لأول مرة عام 1910، أثناء الجدل الذي دار بين كاوتسكي ولوكسمبورغ حول الإضراب الجماهيري؛ ثم جاء الخلاف حول الإمبريالية ومسألة نزع السلاح؛ وأخيرًا، مع الصراع حول الصفقة الانتخابية التي أبرمتها الهيئة التنفيذية للحزب (الحزب الاشتراكي الديمقراطي- المترجم) والموقف الذي يجب اعتماده تجاه الليبراليين، التي أصبحت أهم قضايا السياسة البرلمانية محل خلاف.
قد يندم المرء على هذه الحقيقة، ولكن لا يمكن للولاء الحزبي أن يستحضرها؛ ولا يسعنا إلا أن نلقي الضوء عليها، وهذا ما تقتضيه مصلحة الحزب. فمن ناحية، لا بد من تحديد أسباب الانقسام، لبيان أنه طبيعي وضروري؛ ومن ناحية أخرى، يجب استخلاص مضمون المنظورين ومبادئهما الأساسية وأبعاد مضامينهما عن صيغ الجانبين، حتى يتمكن رفاق الحزب من التوجه والاختيار بينهما؛ وهذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال المناقشة النظرية.
إن مصدر الخلافات التكتيكية الأخيرة اصبح واضحاً للعيان: تحت تأثير الأشكال الحديثة للرأسمالية، تطورت أشكال جديدة من علاقات العمل داخل الحركة العمالية، أي العمل الجماهيري. عندما ظهر هذا الشكل (أي العمل الجماهيري – المترجم) لأول مرة، رحب به جميع الماركسيين باعتباره علامة على التطور الثوري، ونتاج تكتيكاتنا الثورية. ولكن مع تطور الإمكانات العملية للعمل الجماهيري، بدأت تطرح مشاكل جديدة؛ كمسألة الثورة الاجتماعية، التي كانت حتى هذه اللحظة هدفاً نهائياً بعيد المنال، وأصبحت الآن قضية حية بالنسبة للبروليتاريا المناضلة، وباتت الصعوبات الهائلة التي ينطوي عليها الأمر واضحة للجميع، على سبيل التجربة الشخصية تقريبًا. وقد أدى هذا إلى ظهور اتجاهين فكريين: تناول الأول مشكلة الثورة، ومن خلال تحليل فعالية وأهمية وإمكانات أشكال العمل الجديدة، سعى إلى فهم كيف ستتمكن البروليتاريا من تحقيق مهمتها؛ أما الآخر، وكأنه يتقلص أمام حجم هذا الاحتمال، فقد كان يتلمس طريقه بين أشكال العمل البرلمانية القديمة بحثًا عن اتجاهات تجعل من الممكن في الوقت الحاضر تأجيل المعالجة المهمة.
أدت الأساليب الجديدة للحركة العمالية إلى حدوث انقسام أيديولوجي بين أولئك الذين دافعوا في السابق عن التكتيكات الحزبية الماركسية الراديكالية.
وفي هذه الظروف، من واجبنا كماركسيين توضيح الاختلافات قدر الإمكان عن طريق المناقشة النظرية. ولهذا السبب، في مقالتنا "العمل الجماهيري والثورة"، اوجزنا عملية التطور الثوري باعتبارها انعكاساً لعلاقات السلطة الطبقية لتقديم بيان أساسي لمنظورنا، وحاولنا توضيح الاختلافات بين وجهات نظرنا وآراء كاوتسكي في نقد مقالين كتبهما، وفي رده، نقل كاوتسكي القضية إلى مجال مختلف: فبدلًا من الاعتراض على صحة الصياغات النظرية، اتهمنا بالرغبة في فرض تكتيكات جديدة على الحزب. لقد أظهرنا في صحيفة لايبزيجر فولكسزيتونج بتاريخ 9 سبتمبر أن هذا قد قلب الغرض من حجتنا رأساً على عقب.
لقد حاولنا، قدر الإمكان، توضيح الفروق بين التيارات الثلاثة، اتجاهان راديكاليان وواحد تحريفي، الذين يواجهون الآن بعضهم البعض في الحزب.
ويبدو أن الرفيق كاوتسكي قد أخطأ الهدف من هذا التحليل برمته، لأنه قال بغضب: "إن بانيكوك يرى في تفكيري تحريفية خالصة".
إن ما كنا نناقشه هو على العكس من ذلك أن موقف كاوتسكي ليس تحريفياً. لنفس السبب الذي أساء فيه العديد من الرفاق الحكم على كاوتسكي لأنهم كانوا منشغلين بالانقسام الراديكالي التحريفي للمناظرات السابقة، وتساءلوا عما إذا كان يتحول تدريجياً إلى التحريفية – ولهذا السبب بالذات كان من الضروري التحدث علناً وفهم ممارسة كاوتسكي فيما يتعلق بـالسياسة، الطبيعة الخاصة لموقفه الراديكالي. في حين تسعى التحريفية إلى قصر نشاطنا النشاط على الحملات البرلمانية والنقابية، وعلى تحقيق الإصلاحات والتحسينات التي ستتطور بشكل طبيعي إلى الاشتراكية - وهو المنظور الذي يخدم كأساس للتكتيكات الإصلاحية التي تهدف فقط إلى تحقيق مكاسب قصيرة المدى - تؤكد الراديكالية على: حتمية النضال الثوري من أجل الاستيلاء على السلطة أمامنا، وبالتالي يوجه تكتيكاته نحو رفع الوعي الطبقي وزيادة قوة البروليتاريا.
إن طبيعة هذه الثورة تتباين في وجهات نظرنا. بالنسبة لكاوتسكي، فهو حدث في المستقبل، نهاية سياسية، وكل ما يتعين علينا القيام به في هذه الأثناء هو الاستعداد للمواجهة النهائية عن طريق تجميع قوانا وتجميع قواتنا وتدريبها. إن الثورة في نظرنا عملية نشهد الآن مراحلها الأولى، فهي كذلك وفقط من خلال الصراع على السلطة نفسها يمكن تجميع الجماهير وتدريبها وتشكيلها في منظمة قادرة على الاستيلاء على السلطة. وتؤدي هذه المفاهيم المختلفة إلى تقييمات مختلفة تمامًا للممارسة الحالية؛ ومن الواضح أن رفض التحريفيين لأي عمل ثوري وتأجيل كاوتسكي له إلى أجل غير مسمى لا بد أن يوحدهم حول العديد من القضايا الراهنة التي يعارضوننا بشأنها.
وهذا لا يعني بالطبع أن هذه التيارات تشكل مجموعات واعية ومتميزة في الحزب: فهي إلى حد ما ليست أكثر من اتجاهات فكرية متضاربة. كما أنه لا يعني طمس التمييز بين الراديكالية الكاوتسكية والتحريفية، بل مجرد تقارب سيصبح مع ذلك أكثر وضوحا مع تأكيد المنطق الداخلي للتطور على نفسه عليه، لأن الراديكالية الحقيقية والسلبية لا يمكن إلا أن تفقد قاعدتها الجماهيرية. رغم أنه كان من الضروري الالتزام بأساليب النضال التقليدية في الفترة التي كانت فيها الحركة في طور التطور الأول، إلا أنه كان لا بد أن يأتي الوقت الذي تطمح فيه البروليتاريا إلى تحويل وعيها المتزايد بإمكانياتها الخاصة إلى الاستيلاء على مواقع قوة جديدة حاسمة. وتشهد التحركات الجماهيرية في النضال من أجل حق الاقتراع في بروسيا على هذا التصميم. لقد كانت التحريفية بحد ذاتها تعبيرا عن هذا الطموح لتحقيق نتائج إيجابية كثمرة للقوة المتنامية؛ وعلى الرغم من خيبات الأمل والإخفاقات التي جلبتها، فإنها تدين بتأثيرها في المقام الأول إلى الأفكار القائلة بأن تكتيكات الحزب الراديكالية تعني ببساطة الانتظار بشكل سلبي دون تحقيق مكاسب محددة وأن الماركسية هي مذهب القدرية. لا يمكن للبروليتاريا أن ترتاح في النضال من أجل تحقيق تقدم جديد؛ مع أولئك الذين ليسوا على استعداد لقيادة هذا النضال على مسار ثوري، مهما كانت نواياهم، سوف يتم دفعهم بشكل لا يرحم إلى الأمام أكثر فأكثر على طول الطريق الإصلاحي لتحقيق مكاسب إيجابية عن طريق تكتيكات ومساومات برلمانية معينة مع الأحزاب الأخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المدرجات تُمطر كؤوس بيرة في يورو ألمانيا.. مدرب النمسا يُحرج


.. لبنان يعيش واقعين.. الحرب في الجنوب وحياة طبيعية لا تخلو من




.. السهم الأحمر.. سلاح حماس الجديد لمواجهة دبابات إسرائيل #الق


.. تصريح روسي مقلق.. خطر وقوع صدام نووي أصبح مرتفعا! | #منصات




.. حلف شمال الأطلسي.. أمين عام جديد للناتو في مرحلة حرجة | #الت