الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برج بابل وبرج زايد.. امتان؟/*2

عبدالامير الركابي

2024 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


بعد محاولة مقاربة الملموس المعاش، لابد من مزيدالايضاح بضوء مقتضيات الذاتيه التاريخيه لمنطقة البدئية الحضارية اليدوية، بما تضمره وظلت تنطوي عليه خارج المظهرين الحاضرين: التماهي مع النهضوية الغربية كما تقدم نفسها وتكرس هيمنتها النموذجية والتفكرية، وماقد تولد عرضا من ذهاب الى صناعة الاوطان والدول بالدولار الريعي، وهو ماينبغي ان يثير الانتباه، فكأن الماضي البدئي النهري، والانتهاء الاباري من قبيل "الصدفة" الاستثناء، او "القانون" غير المماط عن الياته اللثام، مايدعم وجاهة السؤال: لماذا في هذا الجزء النهري من المعمورة، يوجد اخيرا النفط بالكمية التي يمكن ان تطبع الحضورالمجتمعي ضمن ظروف الانتقالية الالية المفترضة، مولدا نمطية دول لامثيل لها على مستوى المعمورة، بينما متبقيات الانهار في حال تهاو وعجز متزايد، يغلفه الوهم الحداثوي الايديلوجي الحزبي، القوموي، الاشتراكي، الليبرالي الذي يحل "الآخر" محل الذات تحت وطاة العجز عن مقاربتها، وقد مات اخيرا من دون اعلان، بينما المنطقة تدخل زمن الثورات بلا نطقية، دالة على بدء الحاح النطقية الغائبة، مع المعروف كمثال ب "الربيع العربي" 2011، وتشرين الدموي العراقي 2019 .
من اخطر ماقد كرسه الغرب لاسباب هيمنيه استعمارية، قوله بوحدانيه الانتقالية الاليه، وبحتمية التزامها الحرفي، بالانتقال بحسب الصيغة الطبقية البرجوازية الاوربية نحو الاله، بمعنى ان العالم ومختلف مجتمعاته، مفروض عليه التحول الى البنية الطبقية كحتم لاخروج عليه، بغض النظر عن مجتمعات اللادولة، او مجتمعات الدولة بلا اصطراعية داخليه كالحالة المصرية، فالمهم نفي آلاليات الاخرى، بغض النظر عن تباين البنى المجتمعية،فلا افتراض عن تعدد اشكال الانتقالية الالية، او بناء على اختلاف خواصها التي يحرم الغرب الاقتراب منها تحت طائلة الخروج على العصر، تكريسا مطلقا لنمطيتة الاحادية، وتعزيز تغلبها الاستعماري، وان تلازمت مع حالة من الجمودية التي تمنع على الحدث الانقلابي الالي، احتماليات السيرورة مابعد البدئية وصولا للكمال المستهدف والبدئية الثانيه الضرورة.
واذا ماتسنى لنا اخيرا ان نبحث في الواقع التحولي الشرق متوسطي العربي، على وقع الاله وانبجاسها في الموضع الذي عرف ظهورها ابتداء، فسنجد انفسنا امام ثلاثة مظاهر، اولى نهرية متماهية مع النمطية والنموذج الغربي، وصلت كما الغرب نفسه لحظة الغروب، واخرى من متبقيات الطور الامريكي التكنولوجي / التكنتروني ـ بريجنسكي/ للمجتمعية المفقسه خارج رحم التاريخ والكيانيه الفكرة، بعد الطور المصنعي الاوربي، ومعه الدول الابار، والابراهيميه الترامبو/ صهيونيه، المفبركة على حافة نهاية امريكا والكيانيه الاسرائلية، بعدما زالت مبررات استمرارهما، بينما تعمتل الديناميات الشرق متوسطية الغائبة والمبعده عن الحضور على مر تاريخ هذا المكان، بسبب تعدي عناصر وطبيعة ذاتية المكان للقدرات والطاقة الاستيعابية العقلية المتاحة للكائن البشري.
تجاوزت نزعة النهضوية العربية تحت وطاة الاشتراطات المحتدمه الناجمه عن الانقلابية الالية الاوربية، على الديناميات التاريخية الذاتيه، لتشطبها من التداول ومن تاريخ المنطقة الحافل والشديد الغنى كونيا وتاسيسيا، وبالذات اية احتمالية "حديثة"خاصة، تحت طائلة التحريم الغربي، لابل و"تفظيع" اي ميل للخصوصية التاريخيه ضمن الجنوح القاطع للهيمنه، ولمصادرة المنجز الالي، باسم ماتحقق من تطور هائل ناجم عنه، وعن تسريعه غير العادي للاليات المجتمعية الاوربية، ماقد اضاع من المشهد اهم احتمالية موضوعية يمكن ان تاخذ الى مابعد غرب، او ترى الى الانقلاب الآني الالي الاوربي باعتباره مقدمة و مرحلة ابتداء ضمن سيرورة عملية الانتقال الى الالة على المستوى الكوكبي، لن يكتمل من دون حضوروانغمار بقية العالم ومجتمعاته بتاريخها وتعدد بناها، لااوربا وحدها منفردة في العملية الانتقالية النوعية كما كان عليه الحال ابتداء.
في الوقت نفسه كانت المنطقة النهرية الشرق متوسطية تمر بحالة انقطاع تاريخي استمر من سقوط بغداد على يد هولاكو 1258 ،منهيا الدورة الثانيه الوسيطة بين الدورات التاريخيه التي تميز تاريخ هذا الجزء من المعمورة، بعد الدورة الاولى السومرية البابلية الابراهيمه، ومعها النيلية المصرية، والدورة الثانيه العالمية الامبراطورية العباسية القرمطية الانتظارية المرتكزه للثورة الجزيرية الكبرى، والتي هيأت عالميا الاسباب للانقلاب الحديث البرجوازي تجاريا، يضاف لذلك استمرار القصورية التاريخيه العقلية التي يظل الكائن البشري يعاني وطاتها، عاجزا عن فك رموز الظاهرة المجتمعية منطويات ومستهدفات، ماكان من شانه احلال طور طويل من اللانطقية الذاتية، ومع غياب فعل الاليات الذاتيه التاريخيه وعيا، فلقد وجد التماهي مع "الاخر" لدرجة النظر للذات بعينه، واستعارة منظوره لذاته، بلا تحرج يمنع اعتبارمثل هذا المسلك دالة "نهوضية".
وعلى هذا فقد تغلب الميل لتجاوز الذاتيه على خطورتها وضخامتها، وقد احل مكانها ماينتمي لغيرها ،مايعني عمليا، تكريس خصوصية الغرب من بين جملة وسائل الهيمنه، فما كان الا استسهال القول بالقومية، والاشتراكية، والليبرالية، وقد بررتها حوافز، بعضها عفوي، والبعض متلازم مع، المصالح الخاصة وقد بدت متاحة كحصيلة لتضخم جانب براني، مقابل تعذرجانب كينونة حاسم مؤجل.
اليوم وبعد قرابة القرنين، يتحول الميل للاتباعية الى مجرد ممارسة خارج الفعل، برغم اجترارها والاصرار العقيم على الامساك باهدابها، بينما الحصيلة والنتائج المترتبة عليها واقعا، تنفيها وقد حل على المنطقة حاصل مزر من الانهيار الاشد وطاة من ذلك الذي ادعت القوى الايديلوجيا الخروج عليه، واعدة بالذهاب من "العثمانيه" الى الاوربيه الصاعده بلا اي اثبات نابع من فعل الديناميات التاريخيه، اي مع غياب الذات الفعالة، وهو مالم يعد واردا استمراره، لاذاتيا ولا على المستوى العالمي والغربي الغارق بخطى متسارعة فيما يتجاوز ماديا وتصوريا، كل ماقد ارساه وظل مصرا على تكريسه، بينما تشيع حالة من الفوضى المستشرية، والحروب المتناسلة، وتصادمية بيئية، وانعدام رؤية يضع العالم وسط حالة من التيه والتخبط الخطرالمتفاقم.
لم يعد الغرب الذي جرى التماهي معه ببغاويا، قائما ولا موجودا، بينما العالم يقف على عتبة الانقلاب الاكبر التصوري، فلا استمرار اليوم من دون انقلابية كبرى مساوية فعلا، ولها مقومات الافصاح عن حقيقة الانقلاب الالي بما يتعدى التوهمية الغربية، وبما هو تحول اشمل على صعيد النوع، يصل حد البدئية الثانيه بعد الاولى اليدوية، فهل المنطقة الشرق متوسطية النهرية مكتوب لها الصمت والعجز، ام انها صارت اليوم وبفعل المسارات التاريخيه، ومعها اثار اندحارالحداثية المزورة الراهنه، بموقع النطقية الكبرى المنتظرة، المؤكد ان مثل هذا الدور ليس غريبا على هذا الجزء من المعمورة، وانه لاتنقصة بحسب تجربته الموصوفه، وبحكم بنيويته، لان يعزز حضوره "الصدفوي" مجددا، فينطق، اخذا العالم الى الانقلابية التحولية العقلية الكبرى، او الطبعة الثانيه العلّية السببية، بعد الحدسية النبوية الابراهيميه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل جندي تونسي في هجوم على دورية عسكرية قرب الحدود الليبية


.. فرنسا: لـماذا تـوصف الانـتـخـابـات الـتـشريـعية بالتاريخية؟




.. خسارة لا يمكن تصورها.. عائلة في غزة تروي الكابوس الذي عاشته


.. د. حسن حماد: البعض يعيد إحياء الخلاف القديم بين المعتزلة وال




.. التصعيد في لبنان.. تحذيرات دولية ومساع اقليمية لمحاولة تجنب