الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحالة العراقية : من يقود من؟ السياسة أم الأحداث ؟

عبد الرزاق السويراوي

2006 / 12 / 14
مواضيع وابحاث سياسية



السياسة التي نعرّفها دوما بأنها فن الممكن , شأنها شأن أيّ نشاط آخر يقوم به الإنسان . فهي تؤثر وتتأثر بما يحيط بها من العوامل , وخاصة عامل الزمان والمكان . وفي قبال ذلك , فأنّ هناك بعض الأحداث التي تتمخض كنتيجة لتفاعل العامل السياسي مع بعض المستجدات التي ترافق النشاط السياسي , على أن هذا الأمر لا يعني بالضرورة أن كل الأحداث ترتبط دائما بالعامل السياسي وإنْ كانت السمة الغالبة على الأحداث أنها ترافق عادة بعض النشاطات السياسية . وما يعنينا هنا هو تلك الأحداث التي تكون وليدة لبعض الممارسات السياسية التي ترتهن بشكل أو بآخر بحركة المسار الذي يتبنّاه القائمون بهذا الدور أو ذاك , والذي يتسم بالصبغة السياسية أكثر من أي نشاط آخر . ولنقف الآن ولو إجمالاً على عملية التفاعل التي تتم , بين التحرك السياسي وما يتمخض عنه من أحداث تصل أحيانا حدا من التأزم , وصولا الى معرفة : مَنْ يقود مَنْ ؟ السياسة هي التي تمسك بزمام الأمور وتحرك الأحداث ؟ أمْ أنّ الأحداث عصية على المطاوعة لرجالات السياسة بحيث يتمكنوا من إخماد هيجان الأحداث لتصبح أدوات فاعلة من أجل تحقيق ما تطرحه ـ السياسة ـ من معالجات وحلول .. وقبل ذلك يجدر بنا القول الى أن تناول الجانب السياسي بمعزل عن الجوانب الأخرى قد لا يتيح فرصة للمعالجة وبما يتناسب مع حجم إستحقاقات الموضوع , لكن هذا القول لا يعني عدم التمكن في ضوء الحالة العراقية الراهنة من مناقشة التأثير المتبادل , بين السياسة من جهة والأحداث الجارية من جهة أخرى ,أو بصياغة اخرى مَنْ يقود مَنْ السياسة أمْ الأحداث كما عبرنا آنفاً ؟
من الواضح تماما أنّ التيارات السياسية الفاعلة في العراق لا تنهل من مشرب واحد من حيث الخطاب السياسي , فهناك مثلا التيار اليساري والتيار الديمقراطي الذي تتعدد رؤاه , وهناك أيضا التيارات الأسلامية , وهذه ايضا تتباين في خطابها ورؤيتها السياسية , وجميع هذه التيارات تتسلم الآن جميع المهام الرسمية للدولة رغم التفاوت في حجم المسؤوليات التي بيدها , حيث أنّ البعض منها يتسلم المراكز الأولى في سلّم مناصب الدولة , وبالرغم من أنّ هناك بعض القواسم المشتركة لهذه الكتل السياسية والتي من الممكن الأستفادة منها في بناء أساس رصين للحراك السياسي , إلاّ أنّ هذا الأمر وكما أثبته الواقع , لم يُستغل بما يحقق الشروع لبناء هيكل متماسك لآجهزة الدولة , فكانت النتيجة في الغالب ومع الأسف , أنْ سارت هذه التعددية في بعض منعطفاتها بالأتجاه الذي ساهم بإيجاد الكثير من الفجوات التي باتت تشكل مصدر قلق للشارع العراقي , الأمر الذي إنعكس سلبا بحيث تمخض عنه حالة من التشظي السياسي بدلا من الإندماج أو التقارب ولو في مستوياته الدنيا , بحيث بدأت تبرز على الساحة السياسية العراقية وكنتيجة لما ذكرنا , مجموعة من الأحداث التي تعبر عن حالة من التشظي الذي لا مبرر له إطلاقا وقد لا نبالغ إذا ما قلنا أن بعض هذه الأحداث وصلت حدا ربما يصعب السيطرة عليه كونها تجاوزت في حجمها الحد المألوف , كما هو الحال عليه بخصوص أعمال الإرهاب التي أستفحلت والتي إذا ما إستقرأناها بشكل موضوعي نجد أن حالة التشظي السياسي للتيارات السياسية قد ساهمت بشكل أو بآخر حتى وان كان عفويا , في تأجيج بعض حالات الأرهاب , الأمر الذي يعني أيضا أنّ بعض هذه الأحداث باتت في بعض جوانبها هي التي تتحكم أحيانا بزمام العامل السياسي بحيث يجد السياسي نفسه أمام أحداث تفقده بعض الخيارات الإيجابية والمطلوبة والتي يسعى الى التمسك بها بغية التحكم في مسار الأحداث , إذن , إذا شأنا الدقة نستطيع القول , بأنّه على الرغم من أن العامل السياسي في الوقت الذي بإمكانه قيادة مسار الأحداث وتوجيهها ’ فأن بعض الأحداث خرجت عن طوع قبضة القائد السياسي حتى وإنْ كان هذا الخروج مرحليا , ولكن يبقى التأكيد ضروريا على أن الكتل السياسية العراقية إذا ما أصرّت على العمل بما هو متاح لديها من القواسم المشتركة , فأنها ستمسك حتما بخيوط الأحداث مهما كبرت , والتحكم بها خدمة للعراق وشعبه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحيفة إيرانية تلوح بنظرية المؤامرة في تحطم مروحية الرئيس الإ


.. تعرف على ظاهرة “الدوكسينغ- التي يستخدمها مؤيدو إسرائيل لحرب




.. سوناك يدعو لإجراء انتخابات مبكرة في بريطانيا خلال يوليو المق


.. جثامين الشهداء متناثرة فيها.. الاحتلال يفرض حصارا على معظم ش




.. شاب يطعن شقيقته خلال بث مباشر على -الإنستغرام-