الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لنعمل على إنهاء كل أشكال خطاب الكراهية من أسباب ونتائج

تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)

2024 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية هذه كلمة موجزة بشأن الأسباب والنتائج وبعض مظاهرها التي ينبغي التوقف عند مهمة مكافحتها ومنع تداعياتها التراكمية السلبية.. إنه نداء من أجل تفعيل الجهود المشتركة ليس لخفض منسوب الكراهية بل لمكافحته نهائيا من جذوره لأنه أداة خطيرة لتخريب الشخصية الإنسانية وعلاقاتها البنيوية السليمة فهلا تبهنا على أهمية المعالدة بل خطورتها؟؟ برجاء التفاعل دعما واستكمالا وتنضيجا لما يرد هنا
***
تعدّ الكراهية أو البغضاء أو المقت، قيما شعورية سلوكية بطابع انسحابي ناجم عن ظاهرة نفور و-أو عداوة تجاه طرف أو إشكالية بعينها، ما قد يصل مستوى من الفعل يعمل على عزل وإبعاد أو تدمير الطرف المكروه بشراً أو قضية، وقد يحدث الكره بسبب الخوف من الآخر نتيجة حدث اتسم بطابع سلبي جرى تعميمه فتضخم وأخذ أبعادا أكثر خطورة من مجرد رد فعل فردي.. وكثرما نجد أن الأعراض الانسحابية لواقعة أو وضع بعينه قد دفعت لحدوث نفور واشمئزاز يتحول لعداء ينطلق من مواقف التعصب والعنصرية أو التمييز على أسس قومية، دينية أو مذهبية أو ما شابهها من عوامل تقوم على مواقف مسبقة للفردنة والفوقية بمعاداة الآخر..

إن الكراهية تخرب الشخصية الإنسانية وهويتها المسالمة لتختلق بيئة حاضنة للعنف ولأشكال التوتر والاحتقان ولزعزعة الأمن والأمان وإثارة الأحقاد وهز الاستقرار والسلم المجتمعي بالابتزاز والتهديد والحض على ارتكاب جرائم الكراهية.

وإذا كان خطاب الكراهية بما يتصف به من استقطاب شديد، سيخلق أعمق هوّة بين الأطراف فإنه إنما يفعل ذلك عبر إثارة ظواهر الازدراء والاستهانة بالآخر و-أو إرهابه ووضعه تحت ضغوط التهديد مرفقة بلائحة من ممارسات التشويه والتشهير والتسقيط وإثارة حالات التشظي والشقاق والقسوة والوحشية ليشكل ذلك كله فضاء التعصب والكراهية ولغتهما التي تبحث باستمرار كما أكدنا مرارا بتشخيصنا عما يقف بوجه أي اتفاق أو تفاهم إنسانيين. فالتعصب لا يحيا من دون عيشه على لغة الانفعال والاحتقان والابتعاد عن تحكيم العقل والحكمة وهو لا يكتفي بالتشويه بل ينتقل في مراحل تالية منه إلى اختلاق ما ليس موجوداً في واقع الحال عند الطرف المراد صب الكراهية عليه خدمة لمآرب التعصب بل أبعد من ذلك يرتكب جرائم ليلصقها بالآخر وليعمق الفرقة والتناقض بين طرفي التعصب وخندقيه المفتعلين المصطنعين.

إننا نشهد ذلك في كل الجغرافيا السياسية للبشرية وشعوبها وهو ما نجده عراقيا بوضوح وفجاجة في اختلاق الخنادق الطائفية والقومية المصطرعة. فمزيد من تعميق ظواهر التنميط وتحويل أتباع الديانات والمذاهب إلى كتل طائفية كتشددة متعصبة متعنصرة حيث التنميط الذي يلغي سلامة التنوع الإنساني القائم على الإخاء والتعاون والتسامح ليحل محله الاحتراب القائم على الحقد والعداء ومجمل جرائم الكراهية المنطلقة من الفصل العنصري ومزيد ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي مثلما جرى للكورد وللمسيحيين والأيزيدية والمندائيين وغيرهم وبكل مرة هناك ذريعة لكن السبب الأكيد كان ومازال يقوم على عامل الكراهية وما تختلقه من ذرائع تمكينا لنهج الأحادية والتمثيل الحصري لطرف أو آخر والتفوق العنصري بقصد إيجاد ما يساعد على تمكين قوى الكراهية من فرض سلطتها الاستبدادية ونهجها الاستغلالي.

فلنلاحظ هنا نماذج لتلك المشاهد:

كراهية الأجانب وكيف يجري تمريرها ونهجها اعتمادا على استغلال الميول السياسية في ضوء أضاليل مختلقة لليمين المتطرف وشعبوية شعاراته ومثل هذا يحضّر لمواقف أكثر تشددا وتطرفا وإقصاء وإبعادا للمهاجرين والتعرض للجاليات المتعايشة المندمجة في مجتمعاتها الجديدة فالأحداث خطيرة ونتائجها وما تجر إليه أخطر..
كراهية الآخر طائفيا بإحالة أتباع المذهب لكتلة متشددة تلقي اللوم في أي حدث أو واقعة على الآخر والقصد المبيت يتجسد في اغتيال الاستقرار وإدامة حالات الاصطراع والعنف للوصول إلى ما تريد تحقيقه من مآرب استغلالية بعيدة المدى
كراهية قائمة على التمييز واستلاب الآخر كما الدونية في استيلاد نظرة ذكورية تجاه المرأة وكما في المواقف المسبقة التي يراد منها الاحتفاظ بسطوة استغلالية تنتهك إنسانية الإنسان وكل قيم علاقاته السليمة البناءة
كثيرة هي مظاهر الكراهية وصراعاتها المختلقة المفتعلة والأمم المتجدة بجميع قواها توجهت لاعتماد يوم دولي لمكافحتها حيث يجري تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والمذاهب والعقائد الفكرية والسياسية والثقافات ووالرد بقيم الإخاء والتسامح وتنوير العقول وسلامة الوعي في مواجهة خطاب الكراهية..

لقد عمل القرار الأممي باتخاذ 18 حزيران يونيو يوما دوليا لمكافحة الكراهية بوساطة تفعيل مكافحة التمييز وأي شكل للعنصرية ونهج كراهية الأجانب وعموم خطاب الكراهية كع توظيف أدواته المشروعة المنصوص عليها بالقانون الدولي لحقوق الإنسان.

إن رصد أشكال الكراهية وخطابها يبقى ضروريا مطلوبا كيما يتم التصدي له بصورة إيجابية فاعلة ومؤثرة تمنحنا أفضل النتائج بظروف تتضخم حال التطرف والعنصرية..

نحن بحاجة لجدية أكبر بمواجهة تلك الفلسفة ونهجها العدائي التخريبي.. فهلا تضافرت جهودنا معا وسويا لتلك المهمة التي تعنينا جميعا بلا استثناء؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقعات بتسليم واشنطن قنابل نوعية للجيش الإسرائيلي قريبا


.. غالانت: لا نسعى إلى الحرب مع حزب الله لكننا مستعدون لخوضها




.. حشود في مسيرة شعبية بصنعاء للمطالبة بدعم المقاومة الفلسطينية


.. فايز الدويري: الاحتلال فشل استخباراتيا على المستوى الاستراتي




.. ساري عرابي: رؤية سموتريتش هي نتاج مسار استيطاني طويل