الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لاوكرانيا ملايين الدولارات ولفلسطين الصبر والسلوان !

محمد حمد

2024 / 6 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


أودُّ ان ابدأ مقالي هذا بمقتطفاتٍ من تغريدة، اذا جازت التسمية، منشورة على "تليغرام" لنائب رئيس مجلس الأمن الروسي السيد ديميتري مدفيديف. لقد وجدتُ في هذا التغريدة لمسة شعرية رقيقة ونكهة فكاهية جذّابة مع ملعقة "بهارات" من االسخرية والثقة العالية بالنفس والتحدّي. يقول السيد مدفيديف: "من اجل حل النزاع، دعا الرعاة السويسريون الحيوانات، الخنزير وقطيعا من اغنام جبال الالب الغربية وكذلك مجموعة من الكلاب الاوروبية التي تنبح وترشّ اللعاب المسموم في كل الاتجاهات. وعليكم ان تتنبهوا، غالبا ما تثور الاغنام بشكل عشوائي وتخرّب الخطط"
كما قال في بداية تغريدته "ان لا أحد من المشاركين بالقمّة في سويسرا بشان الوضع باوكرانيا يعرف ما الذي يفعله وما هو دوره أصلا".
لكن يا سيد مدفيديف ان الحر، أن وجد بينهم، تكفيه الإشارة. وابوك الله يرحمه !
على أيةِ حال، خرج مايسمى بمؤتمر السلام حول اوكرانيا، وخلافا لكل التوقعات والآمال المعقودة عليه، بنتائج وقرارات غامضة وعمومية كأن يراد منها ان لا تعني شيئا تقريبا. واظن أن اغلب المشاركين فيه كانوا يتمتعون بصفة "اطرش بالزفّة" فوق العادة ! وليس لدى اي منهم ذرّة من القناعة بما ورد في سطور البيان الختامي. حتى وان وضعوا تواقيعهم عليه. لقد تقبّلوا الامر الواقع على مضض احتراما للدولة المضيفة وحيادها المزعوم ومنتجعها الجميل.خصوصا وأن البيان الختامي. ويبدو لي اننا قرانا سابقا مفردات مشابهة لما ورد فيه، يشير في أكثر من فقرة إلى "احترام مبادىء الأمم المتحدة والقانون الدولي". وهنا علينا نحن العرب أن نطلق العنان لضحكة مدوية لاننا اول الضحايا المفضّلين لهذا "القانون الدولي" الجائر.
فمتى احترمت امريكا وبريطانيا، على وجه الخصوص، قرارات ومبادىء الأمم المتحدة والقانون الدولي؟ فجميع الحروب والغزوات والتدخلات العسكرية والعقوبات الأمريكية - البريطانية هي خارج الشرعية الدولية وانتهاك صارخ لمبادىء الأمم المتحدة وميثاقها. ولماذا يحلّلون لانفسهم كل شيء ويحرّمون على الآخرين كل شيء؟ يطالبون روسيا بأن تحترم هذه المباديء بينما يقوم الكيان الصهيوني بارتكاب المجازر في غزة امام أنظار واسماع ممثلي الأمم المتحدة، بل والعالم اجمع !
وآخر انتهاك سافر لمبادىء الأمم المتحدة هو أن امريكا ودول حلف الناتو قاموا بمصادرة فوائد الأصول الروسية المجمدة (بشكل غير قانوني) لديهم لضخّها في جيوب شحاذ اوكرانيا زيلينسكي. فهل توجد في وثائق الأمم المتحدة فقرة او نص يسمح لهم بسرقة اموال الآخرين. الا يعتبر هذا التصرّف الاجرامي سابقة خطيرة قد تقوّض اسس النظام المالي العالمي برمّته؟ وربما ستقوم اية دولة في المستقبل بمصادرة اصول دولة اخرى لاتفه الاسباب. ويكفيها أن تكون امريكا إلى جانبها. وهل يمكن لبقية الدول، خصوصا دول العالم الثالث، ان تثق بحكّام امريكا واوروبا الحرامية؟ وهم يتكرّمون باموال غيرهم بلا سند قانوني او شرعي وكانهم رؤساء عصابات مافيا وليسوا رؤساء حكومات. وعن هؤلاء يقول المثل: "أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق".
أن القطيع المكون من دول الغرب، والذي تسوقه امريكا بعصاها الغليضة، طبّل وزمّر وهلهل إعلاميا وسياسيا لمؤتمر سويسرا حول "السلام في اوكرانيا" متجاهلين عن قصد وبشكل لا انساني ولا أخلاقي ما يحصل من مجازر وحشية ودمار هائل للشعب الفلسطيني في غزة على يد جيش الاحتلال الصهيوني، ومنذ ثمانية اشهر.
يتحدث بيانهم الختامي عن اطفال اوكرانيا الذين "اختطفهم" الروس كما يزعمون. وعن ضرورة إعادتهم إلى ذويهم في اوكرانيا. ولا احد يختلف على هذا الأمر ابدا. ولكن الحقيقة المرة هي أن اطفال اوكرانيا في روسيا يعيشون، مقارنة بأطفال غزة، في جنات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار. لكن المشاركين في مؤتمر سويسرا بسبب موت الضمائر لدى أغلبهم وتجذّر العنصرية في ثقافتهم ومشاعرهم، تجاهلوا ان الكيان الصهيوني قتل آلاف الاطفال في غزة وشرّد في حربه العدوانية آلافا آخرين. وحوّل حياتهم إلى رعب حقيقي يرافقهم في كلّ خطوة. وبحسب تقارير الأمم المتحدة ان تسعة اطفال من عشرة في غزة لا يحصلون على التغذية الكافية، ويعيشون في ظروف قاسية جدا تنعدم فيها ابسط الحقوق المتعلقة بالاطفال. وهم، إضافة إلى ذلك، معرّضون لخطر الموت في اية لحظة. وبالله عليكم، يا ناس يا عالم يا بشر, هل سمع احدكم ان اطفال اوكرانيا "المختطفين" في روسيا يعانون من شيء ما؟ او ينقصهم المأوى او الغذاء أو الرعاية الصحية او الدراسة؟ اعطونا مثالا واحدا اطال الله في اعماركم.
كما ورد في بيان مؤتمر سويسرا للتهريج والتقاط الصور التذكارية، مطالبته روسيا باحترام استقلال وسيادة ووحدة الاراضي الاوكرانية. وعلى روسيا ان تنسحب من المناطق الاربع (دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوروجيا) التي ضمتها الى كيانها الاتحادي. لكن البهائم التي شاركت في مؤتمر سويسرا تتجاهل عن عمد ان الكيان الصهيوني يحتل ومنذ عشرات السنين اراضٍ فلسطينية ولبنانية وسورية. ولم نسمع ان احدهم طالب، ولو في داخل نفسه، كيان اسرائيل العنصري بالانسحاب من الاراضي العربية المحتلة.
أن العالم لن يهدأ. ولن تنتهي الحروب والنزاعات. ولن يعمّ السلام والاستقرار والمساواة بين الشعوب الّا بشرط واحد. وهو أن تتخلّص امريكا ودول الغرب من النزعة العنصرية والأنانية. وان تتخلى إلى الأبد عن الكيل بمكيالين في تعاملها مع احداث العالم. وان تكفّ عن نهب وسرقة ثروات وخيرات الشعوب الأخرى تحت اي سبب أو عذر أو ذريعة. عند ذاك فقط يصبح العالم مكانا رائعا، يعيش فيه الجميع بحرية وامان وتضامن بين شعوبه. يتمتعون بوسائل وحقوق وفرص متساوية في حياة حرّة كريمة بلا ويلات ولا مصائب ولا مآسي..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مجموعة -وان بوينت- تنسحب من مفاوضات إعادة هيكلة ديون شركة -أ


.. إجلاء ركاب أفعوانية عملاقة في منتصف الرحلة




.. مدرب البرتغال ينفي استهانته بالمنتخب الجورجي بعد الخسارة أما


.. السهم الأحمر.. ما مواصفات سلاح المقاومة النوعي الذي دخل المي




.. مراسل الجزيرة: قصف مدفعي إسرائيلي على شمال مخيم النصيرات وسط