الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس ثقافية وسياسية وأدبية ــ 209 ــ

آرام كربيت

2024 / 6 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


استثمار آلام الأخرين ليس جديدًا، الضحية تموت مرتين، مرة بالرصاص أو العجز أو الخوف أو الحسرة أو الجوع أو القهر، ومرة أخرى بسبب المتاجرة بدمه.
هذا هو التاريخ، ساخر ومسخرة مرة، ومأساة مرة أخرى.
يسخر من ضحاياه الضعفاء مرة، ويمنح العقلانية الكاذبة للأخر مرة أخرى.
وسنبقى ندور حول أنفسنا بعبثيه مؤلمة لا أمل في الخروج منها.
لم يُصنع ذاك التاريخ الذي يتطابق فيها، المأساة والسخرية، ويحولهما إلى وحدة واحدة، يمنح الطاقة للأخرين.
لم يأت ذلك الوقت الذي نبكي الضحية مرة واحدة، دفعة واحدة بدلًا من موته مرتين.
المأساة مرة والكوميدية مرة أخرى، هو سيزيف بذاته، يرفع الصخرة فتتدحرج، يعود فيرفعها، فتسقط، ثم يرفعها ثم تسقط، وروح الشيطان، عبثه مستمر في التكرار الكامن في ثنائية السقوط والصعود.


ليس لدي أمل بوجود إنسان حالم خارج مفهوم التوحش.
التوحش كامن في أعماق أعماق الإنسان، أنه يحتاج إلى حك بسيط لنرى كيف يتدفق القيح خارجًا من داخل البناء المتهالك، المتداعي.
سجن تدمر، مدرسة، أنه انكشاف حقيقي على بربرية الإنسان وما عداه لا حقيقي.
ستالين هتلر كسينجر بريجنسكي بادين بوتين بول بوت صدام الاسد الصغير والكبير، القذافي، مجرد نماذج لا غير وقس على ذلك.
ما دام الصراع يقوده طرف واحد، ستبقى الهزيمة والهمجينة مستمرة.
بالنسبة لي لم يعد أي شيء يثيرني، لا المذابح ولا الخيانة ولا الكذب ولا الذل ولا القتل.
الهمجية مبرمجة، منظمة في مؤوسسات، في دولة، عملت ولا زالت تعمل على سن السكاكين كعدة للذبح.


الكائن الوحيد غير العاقل في هذا الكون هو الإنسان.


استثمار آلام الأخرين ليس جديدًا، الضحية تموت مرتين، مرة بالرصاص أو العجز أو الخوف أو الحسرة، ومرة أخرى بسبب المتاجرة بدمه.
هذا هو التاريخ، ساخر أو هازئ مرة، ومأساة مرة أخرى، وسيسخر من ضحاياه الضعفاء، ويمنح العقلانية الكاذبة للأخر مرة أخرى. وسنبقى ندور حول أنفسنا بعبثيه مؤلمة لا أمل في الخروج منها.
لم يصنع ذلك التاريخ الذي يطابق المأساة بالسخرية، ويحولهما إلى وحدة واحدة، يمنح الطاقة الإيجابية لهما.
لم يأت ذلك الوقت الذي نبكي الضحية مرة واحدة، دفعة واحدة بدلًا من موته مرتين.
المأساة مرة والكوميدية مرة أخرى، هو سيزيف بذاته، يرفع الصخرة فتتدحرج، يعود فيرفعها، فتسقط، ثم يرفعها ثم تسقط، وروح الشيطان، عبثه مستمر في التكرار الكامن في ثنائية السقوط والصعود.
هذه الحضارة هي سقوط دائم ومكرر.


نحن، في الدول العربية ننتمي إلى أي تاريخ قبل أن تأتي فرنسا وبريطانيا إلى بلادنا؟
يقول الكثير من العرب أن الاستعمار هو السبب في مصيبتنا، هو الذي قسمنا إلى عدة دول. السؤال:
ـ وهل كان هناك دولة عربية واحدة قبل الاستعمار؟
لقد شكل الاستعمار عدة دول عربية حديثة، وضخ فيها قيم الحداثة كالحريات الديمقراطية، برلمان وقضاء مستقل وسلطة تنفيذية حديثة، لكن مع مجيء البربرية الأمريكية تم القضاء على هذا البناء قبل أن يكتمل بانهاءه الاستعمار القديم.
ماذا لو أن العرب بقوا تحت الاحتلال التركي قبل سقوط البربرية التركية في الحرب العالمية الأولى، هل كنّا سنكون بأفضل حال؟
لماذا لم يحافظ العرب على ما في أيديهم من دول، لماذا لم يطوروا بلدانهم، لماذا لم يغذوه بالعمل الجاد عبر تحسين الشروط السياسية والاقتصادية لبلدانهم؟
سنغفورة مساحتها لا تتجاوز ال 600 كيلو متر مربع وكانت مستعمرة أنكليزية، وصل دخل الفرد فيها في التسعينات إلى مستوى أعلى من أغلب الدول الغنية المتطورة، ولدينا ماليزيا وكورية الجنوبية وروندا، واليوم بنغلاديش تنهض وفيتنام والهند وغيرهما كثر، كلهم كانوا دول مستعمرة.
اليوم نتستر وراء الاستعمار على أنه سبب خراب بلداننا، نرمي كل مصائبنا عليه، ولا مصيبة لنا سوى الحاكم العربي اللص والكذاب والدكتاتور والساقط سياسيًا وأخلاقيًا.
هذه الجزائر مستقلة منذ العام 1962، تونس مصر سوريا العراق، جميع الحكام العرب أقرب إلى قطاع الطرق، فالمشكلة عندنا وليست عند غيرنا.
عندما نضع المشكلة على أنفسنا نستطيع أن نتغير.


الانتقال من مهجع إلى مهجع في سجن تدمر
في صيف العام 1997 قال لنا العسكر:
ـ ضبوا أغراضكم.
خلال خمس دقائق كنا جاهزين، ثيابنا، وفرشنا، وبيدونات ماء قديمة من البلاستيك الفارغ، خمس صحون بلاستيك، ملاعق صنعناهم بأيدينا من البلاستيك.
كان عددنا بحدود العشرين معتقلًا أو أقل.
خرجنا من الباب منكسي الرأس، الطماشة حول الرأس والعين، الظهر منحني، وكل واحد يمسك ثياب الذي أمامه.
كنت ارتدي بنطال جوخ أخضر في عز الصيف، هذا ما كنت أملكه في ذلك الوقت.
مشينا بحدود ربع ساعة أو أكثر، طابور من المثقفين وطلاب الجامعة، طب هندسة بكل أنواعها، وغيرهم.
جاءنا إيعاز:
ـ توقف.
توقفنا
ـ اشلحوا ثيابكم، تعروا بالكامل، وضعوهم إلى الجانب اليمين منكم، وأرفعوا أيديكم إلى الأعلى.
بدأوا في تفتيش الثياب، إلى أن اهتدوا إلى أوراق كثيرة جدًا من أوراق دخان الحمراء السورية عليها كتابة.
صرخ المساعد:
أين أنت يا رئيس مهجع؟
اقتربت من مصدر الصوت، وقدمت له التحية العسكرية برأس منكس والطماشة على عيني:
ـ حاضر حضرة القريب أول.
ـ يا ابن... عم تتعلموا لغة أنكليزي يا أولاد.....؟، من أين جلبتم القلم، من يعلمكم اللغة الانكليزية؟ يا أولاد... جئتم إلى هذا المسلخ لتتعلموا لغة أخرى.
قلت له:
ليس لدينا قلم، نستخدم رأس أنبوب علبة معجون الأسنان، الرأس المذبب، نبلله بلعاب الفم ونكتب عبره على ورق الدخان.
ـ ومن هو معلكم باللغة الأنكليزية؟
ـ هذه لغة تركية يا حضرة الرقيب أول، المعلم هو ابو الشحاطة الحمراء، الطلاب هم، ابو الكنزة الخضراء وابو بنطال البيجامة الزرقاء، وابو الحذاء الأصفر، أذكر الألوان من تحت الطماشة، وعند ذكرهم يتقدمون مرعوبين مثلي.
في الحقيقة لا أعرف لماذا لم يرفعونا فلقة في ذلك اليوم، في العادة كانوا يضربوننا دون أي سبب، اليوم اكتفوا بالصفع على الوجه فقط.
فرحنا كثيرًا ذلك اليوم، لأن الأمر مرق دون أذى كبير.
كنّا نحلم بنظام وطني ديمقراطي؟


الاقتصاد المنزلي هو الذي كان سائدًا في العالم قبل النهضة الأوروبية، بعضها كان ينزل الى السوق، والأخر يحتفظ به للاستهلاك المنزلي.
بعد تطور المانيفاكتورا أصبح الإنتاج يصنع من أجل التصدير. بمعنى، لم يعد الفائض المنزلي البسيط يبادل بالأشياء البسيطة القادمة من المدينة.
لا شك كان هناك تبادل تجاري، بيد أنه كان في حدود بسيطة. وكان هناك ورش وصناعات بسيطة.
في أوروبا بعيد النهضة، مع التطور السريع لها، جرى التصنيع للتصدير، وبدأت المصانع تنتج مصانع من أجل إنتاج السلعة المعدة للتصدير، هنا بدأ الفارق الكبير بين الغرب والشرق.
الإنتاجية زادت أضعاف مضاعفة عبر هذه المصانع مما أضفى على الواقع تحولات هائلة.
أصبحت أوروبا تجني الفوائض المالية الهائلة من السلعة. أما السلعة في بقية البلدان بقيت بسيطة ولم تتطور.
كلنا يعرف مصانع الغزل والنسيج البريطانية التي غزت العالم كله وبأسعار رخيصة قياسا للقماش بالنول اليدوي.
لهذه الأسباب انهار الاقتصاد العثماني، لأنه استمر إنتاجه يعتمد على الاقتصاد المنزلي، ولم يعد يدخل خزينة الدولة فوائض مالية من الغزو والحرب، وتقلصت عادئاتها المالية، واستمرت في الانحدار منذ القرن السادس عشر إلى حين سقوط استانبول في العام 1918


بعد التحولات الهائلة التي حدثت في أوروبا في القرون الوسطى، أزيح الدين المسيحي من التداول السياسي بعد نضوج الواقع على مختلف الصعد، وجملة من العوامل التي فرضتها حركته وتفاعلاته سواء الداخلية أو الخارجية.
للتاريخ أقدار غريبة، وصدف محملة بالتوقعات المذهلة، التي لا يمكن للمرء التنبأ بها، حتى الاسئلة المشروعة تبقى عاجزة عن الجواب، لماذا النهضة هنا وليس هناك، ماذا حدث هنا حتى نبع من هذه الأرض كتل بشرية هائلة، عمالقة في مختلف العلوم، الكيمياء والفيزياء والرياضيات والفلك والفلسفة والطب والدين والصناعة والزراعة والتجارة ومغامرين ومكتشفين.
هذا مهد الطريق للانتقال من الإنتاج القائم على الاستهلاك إلى الإنتاج المعدة للتصدير، اللبنة الأولى الذي أدى إلى اهتزاز العالم القديم كله، بكل أبنيته وهرميته، وانهيار كل مقوماته وقيمه وقناعاته وأفكاره وتراتبياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
إن السلعة المعدة للتصدير، كان نتاج صراع طويل في بنية المجتمع، وآليات تفاعل البنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية الصاعدة مع بعضها، وإعادة قراءة الدولة وفق مفاهيم جديدة، منها السيادة والعقل السياسي. وقراءة الدين من موقع مختلف.
وبروز كتاب وفلاسفة وأدباء مفكرين من رحم الواقع الجديد، ونتاج له، وفاعلين فيه، مما أدى إلى طرح مفاهيم جديدة تتعلق بالدولة والمجتمع والفكر والدين والحياة.



الجمال والفن ينقسمان الى موقعين مختلفين، مثل أي شيء في الحياة.
موقع ينتمي إلى الحقيقة والحياة، وموقع ينتمي إلى الربح والخسارة والانتهازية.
ولا يجوز الخلط بينهما.



استطاعت الرأسمالية في مرحلة العولمة أن تسرع وتيرة تسليع العلاقات الإنسانية وتشويه كل جميل فيها، وخاصة الحميمية منها.
إن هذه الظاهرة خطيرة للغاية، ومع الأسف أن الكثير لا يدرك هذه المخاطر ويدافع عنها كأنها شيء إيجابي وطبيعي.
وأقسى ظاهرة أن تتحول العلاقات الحميمية بين الرجل والمرأة إلى مجرد علاقة جسدية ومالية، علاقة خالية من الحس والجمال والمشاعر والروح والحب.
وأهم شيء في ظاهرة التسليع أن الشريكان لا يهتمان بنوعية البضاعة وديمومة زمنها طالما تلبي الرغبة السريعة والأنية.
يرى البعض أن الانتقال من شريك إلى آخر حالة طبيعية. وإن فقدانه والحزن على فراقه حالة مرضية تستدعي اللجوء إلى الطبيب.
بهذه الخفة والسوقية ينظر الكثير إلى العلاقات الإنسانية وكأننا آلات ننتقل من واحد إلى أخر فيما إذا غادرنا الشريك دون حزن أو قهر أو حس.
يبدو أن البلادة أضحت عنوان هذه المرحلة، أي أن نرمي كل شيء خلفنا مثل قداحات الأستعمال لمرة واحدة
وهناك تسويق للدمى، رجل أو امرأة كبديل عن العلاقات الحميمية، يمكنك أن تشتريه من السوق وتمارس معه الجنس عند الضرورة.
وأصبح السوق يقدم لنا كل حاجاتنا المرضية على أنها طبيعية وشيء طبيعي.
البضاعة الصينية خربت أغلب القيم الأخلاقية، عندما صنعت كل شيء رخيص، مما حول الصين نفسها إلى مستنقع عالمي للنفايات.



العلمانية في البلدان العربية والإسلامية تعني بالنسبة للقوميين والإسلاميين تفكيك المقدس والهوية الدينية والقومية.
إن الخوف مشروع، بيد أنه ليس حلًا لأن الثقل السياسي أو الحمولات السياسية للغرب سيدفع إلى تمزيق هذه المجتمعات سياسيًا والاجتماعيًا وإعادتها إلى الخلايا البدائية الأولى كالقبيلة والعشيرة.
إن الغرب لا يريد العلمانية للبلدان العربية والإسلامية ويتقاطع هذا مع رغبة الإسلاميين الرافض للعلمانية، بيد أن كل واحد منهما ينطلق من موقع مختلف ويتقاطعان في الرفض.


الطائفية، مهما ارتدت من ثياب، هذا لن يغير من تكوينها شيئًا.
بنيويًا أنها عدوة الحرية والعقل، والانفتاح على الحياة.
وإذا تناحرت طائفتان، لكنهما بالتأكيد سيتوحدان في مواجهة فكر أو فلسفة تنويرية، عقلانية.
الطائفية عدوة الضوء والضياء والشمس.
أنها أبنة الماضي العفن.


المفهوم الغامض, والمحشور في بعضه هو الشعب. فتحت هذا المفهوم يعيش الحرامي والنزيه, القواد والمحترم, المناضل والمرتزق, الراشي والمرتشي, الكاذب والصادق, القاتل والمقتول. خلطة عجيبة غريبة مربوطة في بعضها, ويسمى في النهاية, الوطن للجميع.
مشكلتنا في تحديد المفهوم, تركيبه, تكوينه وخلطه واستخدمه من قبل جميع الدول. وجميع الناس لديهم استعداد تام, أن يموتوا بضمير مرتاح تحت هذه الراية الكاذبة.


بالتأكيد أن سلمان رشدي يستحق جائزة بنتر, بيد أني لو كنت من اللجنة لما منحتها لكاتب مشهور. لكن العقل النمطي, يبقى نمطيًا, محدودا, ولا يستطيع ان يخرج من الدائرة المغلقة, سواء كان مفكرا او مبدعا او ناقدا. هناك مئات الكتاب الجدد, لو بحثوا بين كتبهم لرأوا من هو أفضل منه, ولشجعوا غيره. من المعيب أن الجوائز تذهب لعمل واحد أو رواية واحدة أو شاعر مشهور عدة مرات, ويشهروا ما هو مشهور.
إنها مهزلة وليست جوائز. والمهزلة الأكبر, هي القيمين على الجوائز. عقول تنك, ولا فرق في هذه الحالة بين مانح الجائزة في السويد أو جزر القمر. العقلية ذاتها, نمطية, محدودة الأفاق والتفكير.


ما أن يتعرى الملك من الرموز حتى يبان ضعفه وهزاله وعريه.

/عقدة الخصاء, ذلك الاحساس الذي يشدنا إلى الخطيئة/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دروس الدور الأول للانتخابات التشريعية : ماكرون خسر الرهان


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات اقتحام قوات الاحتلال في مخيم ن




.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما


.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن




.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي