الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة الكلام في زمن الصمت

صفاء علي حميد

2024 / 6 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


في هذا المقال نتحدث عن مسألة تعتبر من أعقد المسائل في الحوزة ونطلب من الأخوة والأخوات أن يضعوا كلمة ( نتحدث ) بين ألف قوس لأننا لم نقل نعالج أو ندرس أو إلى غير ذلك من التعابير لأن كلمة نتحدث تعني أننا نريد أن نلفت الأنتباه وهذا الالتفات لا يعني بالضرورة أننا عالجنا المسألة أو درسناها لأنها كما قلنا مسألة عويصة هناك من يؤيدنا ويوجد أيضا من يعارضنا كذلك .

هذه المسألة هي الكلام والسكوت ، النطق والصمت بالنسبة للتقسيم الثنائي الذي تردد كثيراً على لسان السيد الشهيد الصدر الثاني رضوان الله عليه .

فالبعض فهم أنه تقسيم حقيقي وواقعي ولا يشين للحوزة والعلماء أما البعض الأخر فحاول أن يؤجج المسألة ويجعلها من هفوات السيد الشهيد رحمة الله وأنه فرق الحوزة من خلال ذلك التقسيم للعلماء إذ أنه جعل أحدهم ناطق والأخر صامت .

ونحن بدورنا من المؤيدين بل المدافعين عن الرأي الأول وهو أن الصدر الثاني لم يشين العلماء (مع انهم يستحقون ذلك ) ولم يفرق الحوزة بل ما فعله الصدر الثاني هو عين الصواب وذلك :

1ـ قال رسول الله [ لا عيش إلا لرجلين عالم ناطق ومتعلم واع ] ( بحار الأنوار / ج 74 / ص 172 ) وهذا الحديث واضح الدلالة في أن العيش كل العيش للعالم الناطق أم العالم الصامت فلا عيش له ومن يعترض على الصدر الثاني فعليه أولاً أن يعترض على الرسول وبكل تأكيد المعترض عليه ما هو إلا معترضاً على الله سبحانه وتعالى كما يعتقد جميع المسلمون !

2ـ لو طالعنا سيرة الأنبياء وتصفحنا تاريخهم لوجدنا أنهم كانوا ناطقين فلم نجد نبياً ولا مرسلاً كان صامتاً بل كل الأنبياء ناطقين صادعين بالحق مدافعين عن الدين والشريعة غير مداهنين للباطل ولا ساكتين عن أهله .

3ـ أن الصدر الثاني قد بعث روح الوعي وفجر ثورة الكلام في زمن قل من يتكلم فيه عن النظام الصدامي المجرم فنراه جاهراً بالحق غير أبه بنفسه ولا بعياله وبمقامه بخلاف غيره الذين سلكوا منهج الصمت والسكوت فأنهم أنعزلوا عن المجتمع وجعل العلم الذي تعلمه نقمه عليه لا سبيلاً وطريقاً لهداية مجتمعه .

ولو أردنا أن نتعمق أكثر فأكثر مع المعترضين لنرى أنهم يهدفون إلى شيء واحد وهو أن السيد الصدر كان يهجو السيستاني والحكيم وغيرهم من الشخصيات التي كانت ساكته سالكه لطريق الصمت والسكون ، وهذا مع ما فيه من ظلم للسيد وقياسه بإناس لا يقاسون به مع ذلك نتنزل ونقول مهما كان الأمر فالسيد الصدر قد فضح المتلبسين بلباس التشيع وأظهر للعلن حقيقتهم وعدم أعتناءهم بهموم الناس ولا يمتلكون قلباً نابضاً بالحياة والثورة ضد الذين يتجرأون على الدين والشريعة وهذا ما كان عليه الأعم الأغلب من أدعاء المرجعية الذين مع الأسف الشديد نراهم اليوم يقودون مسيرة التشيع وهم بالأمس بل ما زالوا حجر عثرة في التقدم والتطور فيما يخص أبناء التشيع ..
أن السيد الشهيد لم يدعو إلى التفرقة ولم يكن يهجو أحد ...

فأن كنتم ترون أنه قد فرق الشيعة فعليكم أن توجهوا التهمة إلى الذين جعلتموهم في مقابل السيد الشهيد فهم من خانوا السلف الصالح من علماء التشيع فبركونهم للسكوت والصمت جعلوا راية الكفر تعلو على راية الإسلام كما تعتقون ان دينكم هو الحق ورايتكم هي العليا هذا ظاهراً ولعلكم تبطنون خلاف ما تعلنون والله العالم بحقيقة امركم ؟!

وأن كنتم ترون أن السيد الشهيد قد فرق الحوزة وجعل عامة الناس يتكلمون على من يطلق عليهم علماء فهذا ما يرد عليكم وعلى من جعلتموهم علماء ظلماً وعدواناً فمتى كان الساكت عن الحق والمداهن للحاكم الظالم المتجبر عالماً ؟؟ !!

هذه خيانة للعلم والعلماء فلا العلم يدعو للسكوت ولا السلف الصالح طبقوا المنهج السكوتي !!!

أذن فما فعله السيد الشهيد من بيان للحقيقة وفضح المتلبسين بلباس الإسلام ما هو إلا عملاً جهادياً قد استطاع الشيعة الشرفاء أن يتعرفوا على حقيقة أهل الزيغ والبدع الذين جعلوا الدين وسيلة لهم ليرضى عنهم الحاكم والهوى .

أن النفس دائماً تطلب من المرء أن يسكت ويهدء ولا يجهر بالحق ولا يقف بوجه ما يسبب لها التعب والعناء .

ومن خلال هذه القاعدة التي يؤمن بها العقلاء ناهيك عن أجماع العلماء عليها من خلالها نعرف أن السيد الشهيد كان محقاً في تقسيمه الثنائي أما غيره فكانوا على الباطل بل ما هم إلا في الباطل راكسون وعن الحق بعيدون !

وذلك لأن السيد الشهيد قد خالف النفس والهوى بالنطق والكلام أما غيره فقد داهن النفس والهوى وأطاع الشيطان في الصمت والسكوت !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي