الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوهام الإصلاحات في ظل ولاية الفقيه المطلقة

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2024 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


الإصلاحات في ظل ولاية الفقيه المطلقة ليست إلا سراب

تواجه الحركات الإصلاحية عادة في البلدان التي ترزح تحت الديكتاتورية تحديات صعبة للغاية. وإن هذه الحركات، على الرغم من أنها تسعى للتغيير والتحسين، غالباً ما تواجه القمع المفرط والمقاومة الشديدة من السلطات الحاكمة. ويمكن الإشارة في هذا المجال إلى الحركة الخضراء في إيران كمثال على هذا النوع من الحركات.
يشير هنتنجتون في هذا الشأن، إلى أن الحركات الإصلاحية داخل الحكومة لن تنجح إلا إذا كانت تعمل ضمن حدود السلطة، بدون الاعتماد على قوة الشعب أو حركة إصلاحية معارضة وبدون الكشف عن أهدافها ونواياها.
تُقدم نظرية هنتنجتون إطارًا مفيدًا لفهم ديناميكيات الإصلاح في الأنظمة الديكتاتورية، ولكن من الضروري تحليلها مع الأخذ بعين الاعتبار السياقات والتحديات الخاصة بكل بلد. إنّ السعي للإصلاح عملية معقدة تتطلب تنوعًا في الاستراتيجيات وتعاونًا بين مختلف الفاعلين، بما في ذلك النخب الإصلاحية داخل النظام، والحركات الشعبية، والمجتمع المدني.
وقد تسمح الأنظمة الديكتاتورية ببعض الإصلاحات المُسيطر عليها من قبلها، ولكنّها تقمع أيّ حركة إصلاحية شعبية تُهدد سيطرتها.
إن الصين كمثال على بلد سمح ببعض الإصلاحات الاقتصادية دون المساس بالسيطرة السياسية للحزب الشيوعي. كما قدمت الحركة المدنية لِلسود في الولايات المتحدة في ستينيات القرن الماضي مثالًا على نجاح حركة إصلاحية شعبية في بلد ديمقراطي.
إنّ ترشيح السيد مسعود پزشکیان للانتخابات القادمة في ايران هو محاولة لإظهار أنّ "الإصلاح" لا يزال حيًا، ولكنّه في الواقع يفتقر إلى أيّ فرصة حقيقية للتغيير.

الحركة الخضراء في إيران، التي اندلعت بعد الانتخابات الرئاسية في عام 2009، واجهت قمعًا شديدًا من النظام، إذ بدأت الحركة كاحتجاجات على نتائج الانتخابات، والتي ادعى الكثيرون أنها تم تزويرها لصالح الرئيس آنذاك، محمود أحمدي نجاد. فردت السلطات الإيرانية بقوة على الاحتجاجات، إذ قامت بحملة اعتقالات واسعة النطاق ضد قادة الحركة الإصلاحية، بما في ذلك الصحفيين والنشطاء والمحامين. كما منعت وسائل الإعلام الأجنبية من تغطية الأحداث.
الاشتباكات بين المحتجين وقوات حماية الثورة، المعروفة بـ "الباسيج"، أدت إلى مقتل حوالي 70 متظاهر. وبعد هذه الأحداث، بدأت السلطة المركزية، التي هي بالأصل في قبضة المرشد الأعلى علي خامنئي، تحكم قبضتها على كل مفاصل الحكم في ايران.
في النهاية، تم فرض الإقامة الجبرية على قادة الحركة الخضراء، مير حسين موسوي ومهدي كروبي، منذ فبراير 2011. ومع ذلك، لم يتم محاكمتهما رسميًا أو توجيه اتهامات واضحة ومحددة إليهما.
من الجدير بالذكر أن الحركة الخضراء كانت تطالب بإعادة النظر في صلاحيات ولاية الفقيه المطلقة، وهو ما استفز النظام مباشرة.
قمع الحركة الخضراء في إيران بعد الانتخابات الرئاسية في عام 2009 أثر بشكل كبير على حرية التعبير في البلاد . السلطات الإيرانية ردت بقوة على الاحتجاجات، حيث قامت بحملة اعتقالات واسعة النطاق ضد قادة الحركة الإصلاحية، بما في ذلك الصحفيين والنشطاء والمحامين. كما منعت وسائل الإعلام الأجنبية من تغطية الأحداث.
هذا القمع أدى إلى تقييد حرية التعبير والتظاهر في إيران. كما واجه النشطاء والصحفيون الذين حاولوا التعبير عن آرائهم أو الإبلاغ عن الأحداث الاعتقال والتعذيب وحتى الإعدام. بالإضافة إلى ذلك، تم فرض الرقابة على الإنترنت ووسائل الإعلام الأخرى، مما أدى إلى تقييد الحوار العام والحرية الشخصية.
ومع ذلك، يُشار إلى أن الحركة الخضراء لا تزال روحها حاضرة في وعي المواطن الإيراني . ورغم القمع، فإن الأفكار والمطالب التي مثلتها لا تزال قائمة. وهذا يشير إلى أن الرغبة في التغيير والحرية لا تزال قوية بين الشعب الإيراني.
لنأخذ الصين كمثال على هذا، حيث تم سحق الحركة الإصلاحية عندما انتقلت إلى الشوارع، ولكن الحكومة نفسها قبلت ببعض الإصلاحات الداخلية التي كانت تجري خلف الأبواب المغلقة والتي لم تشكل خطراً على النظام بأكمله.

تُعتبر الحركة الخضراء علامة فارقة في تاريخ النضال من أجل حرية التعبير في إيران حيث أظهرت للعالم رغبة الشعب الإيراني في إصلاحات سياسية وديمقراطية. وعلى الرغم من التحديات، تواصل الحركة الخضراء إلهام الأجيال القادمة في إيران وخارجها.
لدي في هذا الشأن وجهة نظر تشككية حول جدوى الحركات الإصلاحية في ظل الأنظمة الديكتاتورية. فاعتماد الإصلاح على "الضغط من الأسفل والمساومة من الأعلى" قد يكون غير مجدٍ في ظل الصلاحيات الإلاهية المطلقة للمرشد الأعلى. وقد ترى ولاية الفقيه أي محاولة إصلاحية تهديدًا لمصالحها ومكانتها، بل حتى وجودها، مما يدفعها إلى قمعها.
إنّ الحركة الخضراء في إيران، التي سعت إلى إصلاحات سياسية من خلال الانتخابات، واجهت قمعًا شديدًا من قبل النظام. وإن هذا القمع دليل على استحالة تحقيق الإصلاح من خلال "اللعبة" التي يحدد قواعدها النظام الديكتاتوري.
من المهمّ الاعتراف بتعقيد مسألة الإصلاح في ظلّ الأنظمة الديكتاتورية إذ لا توجد وصفة سحرية تضمن نجاح حركات الإصلاح، وتختلف الظروف والتحديات من بلد لآخر.

قد تكون الإصلاحات "من داخل النظام" فعّالة في بعض الحالات، لكنها لا تُفضي إلى تحولات ديمقراطية حقيقية أو تُعالج القضايا الجذرية للاستبداد. وقد تُستخدم الإصلاحات المُسيطر عليها من قبل النظام لامتصاص السخط الشعبي وتقوية شرعية النظام دون إحداث تغيير جوهري. وغالبا ما تُهمش بعض النظريات دور الجماهير وقوة الاحتجاجات الشعبية في دفع التغيير الديمقراطي. قد تُغفل نظرية هنتنجتون أهمية السياقات والتحديات الخاصة بكل بلد، مما يجعل من الصعب تطبيق مبادئها بشكل مُطلق.
من المهمّ التأكيد على أنّ "الإصلاح" مفهوم واسع النطاق ويشمل طيفًا واسعًا من التغييرات، من التعديلات السياسية المُحدودة إلى التحولات الديمقراطية الشاملة. قد تختلف استراتيجيات الإصلاح الفعّالة اعتمادًا على طبيعة النظام الديكتاتوري، والظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلد. لا توجد وصفة سحرية تضمن نجاح حركات الإصلاح، وغالبًا ما تتطلب عملية الإصلاح صبرًا ومثابرة وتضحيات من قبل الداعين للتغيير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لامقارنة بين العلمانية واللاعلمانية
منير كريم ( 2024 / 6 / 23 - 01:04 )
الاستاذ المحترم
لايمكن مقارنة النظام العلماني والنظام اللاعلماني مطلقا
الاول قابل للتطور باتجاه الديمقراطية بينما الثاني غير قابل للتطور نحو الدميقراطية
فما بالك نظام ايران الثيوقراطي العنصري المتخلف المعادي للحضاررة والحداثة
شكرا


2 - فهم التأريخ وكشف حقيقته هو اساس الاصلاح
nasha ( 2024 / 6 / 23 - 03:47 )
أقتباس( في ظل الصلاحيات الإلاهية المطلقة للمرشد الأعلى.)
سؤال:
ما مصدر الصلاحيات الالهية التي يتمتع بها المرشد الذي حل محل المطلق؟
الجواب:
المصدر هو نبي الاسلام محمد (صلى الله عليه وسلم)!!
هذه العبارة القصيرة (صلى الله عليه وسلم) التي يرددها المسلم في كل مكان وكل زمان هي التي جعلت كل من استلم السلطة في اي مجتمع اسلامي الاهاً مطلقاً.

ما معنى كلمة صلاة؟ اليست التأمل والعبادة والخضوع لله وطلب مغفرته؟
اذن عندما يُصلي الله على محمد .فالله يتأمل ويعبد ويخضع لمحمد ويطلب مغفرته!! اليس كذالك يا استاذ حميد؟
اقرأ التأريخ الاسلامي العنصري الهمجي وتأريخ واخلاقيات مؤسسه محمد. ستفهم بدون جهد لماذا لا يمكن اصلاح المجتمع الاسلامي دون كشف حقيقة ذالك التأريخ العدواني الهمجي الذي مزق العالم من اقصاه الى اقصاه.
منطق رياضي بسيط:
1-محمد (الانسان) اخذ دور الاله المطلق./الله والانسان من فئتين متناقضتين
2-اذن من حق خامنئي الانسان ان يقلد محمد الانسان / كلاهما من نفس الفئة
3-بالاستعاضة في المعادلة 1 خامنئي= اية الله المطلقة التي لا يأتيها الباطل
تحياتي



اخر الافلام

.. بايدن يخيب آمال الديمقراطيين خلال المناظرة الأولى أمام ترامب


.. تهديدات إسرائيل للبنان: حرب نفسية أو مغامرة غير محسوبة العوا




.. إيران: أكثر من 60 مليون ناخب يتوجهون لصناديق الاقتراع لاختيا


.. السعودية.. طبيب بيطري يُصدم بما وجده في بطن ناقة!




.. ميلوني -غاضبة- من توزيع المناصب العليا في الاتحاد الأوروبي