الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرياضة أم الدين؟ الكسندر دوغين (1)

نورالدين علاك الاسفي

2024 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


Alexander Dugin
الكسندر دوغين

ترجمة : نورالدين علاك الاسفي [1]


الرياضة لها أصول ما قبل المسيحية و بالثقافة اليونانية القديمة ترتبط. فإلى جانب المسرح والفلسفة وأنظمة الحكم في البوليس(= دولة المدينة اليونانية)، كانت الرياضة، و منها الألعاب الأولمبية، إحدى السمات المميزة للحضارة اليونانية. ضمن هذه الثقافة، شهدت الرياضة أكبر تطور لها واتخذت الشكل الذي نعرفه اليوم.
استند التفسير اليوناني للرياضة إلى فكرة اللعبة. وبالتالي، كانت المسابقات تسمى ألعابا. كما أن العروض المسرحية كانت تسمى أيضا ألعابا، حيث تنافس الشعراء- مبدعو المآسي والكوميديا- كما هو الحال في الرياضة، مع بعضهم البعض. مفهوم اللعبة يرتبط ارتباطا وثيقا بأسس الثقافة ذاتها، كما يوضح يوهان هويزينجا/ Johan Huizinga في كتابه الشهير (Homo Ludens (Man the Player (الرجل اللاعب).
النقطة الأساسية هنا هي رسم خط فاصل بين الانخراط الجاد في التفكير في الصراع أو المنافسة، وكذلك نسيج العمل الدرامي (في حالة المسرح)، والطبيعة المشروطة لمثل هذه المعارضة. فالرياضة والمسرح، وكذلك الألعاب بشكل عام، تعني مسافة معينة. كما أن الرياضة والمسرح، وكذلك الألعاب بشكل عام ، تتطلب إحساسا بالمسافة أو الفصل.
تتطلب الرياضة والمسرح، وكذلك الألعاب بشكل عام، إحساسا بالمسافة أو الفصل. هذا هو السبب في أن آريس/ Ares؛ إله الحرب، لم يكن من بين الآلهة اليونانية التي كانت للألعاب الأولمبية راعية. جوهر اللعبة هو أنها معركة؛ ليست معركة حقيقية ولكنها معركة مشروطة لا تعبر خطا حرجا. و كما يصور المسرح الحركة فقط، فإن الرياضة تحاكي القتال الحقيقي فقط. و من إدراك هذه الحدود؛ تتولد الثقافة. و عندما يتشرب المجتمع هذا، فإنه يكتسب القدرة على التمييز الدقيق في عالم العواطف والمشاعر والتجارب الأخلاقية.
يأتي الاستمتاع بالرياضة والمسرح على وجه التحديد لأنه على الرغم من دراما الأحداث، يحافظ المراقب (المتفرج) على مسافة مما يحدث. هذه المسافة تشكل مواطنا كاملا، قادرا على التمييز الصارم بين خطورة الحرب وشروط أنواع المنافسة الأخرى. لذا، فخلال الألعاب الأولمبية، ستعلن دول المدن اليونانية المتحاربة في كثير من الأحيان هدنة (ἐκεχειρία). و إبان هذه الألعاب، أدرك الإغريق وحدتهم بما يتجاوز التناقضات السياسية بين البوليس الفردي/ individual poleis. وهكذا، تم توحيد التنوع في الرياضة من خلال الاعتراف بشرعية المسافة.
في العصر المسيحي، المسابقات الرياضية في العالم الهلنستي تراجعت تدريجيا؛ لأن المسيحية قدمت نموذجا مختلفا تماما للثقافة وتوحيد الناس. هنا، كان كل شيء جادا، و غدت الكنيسة المسكونية أعلى سلطة، حيث توحد فيها الناس والأمم. وجلبت السلام وأقصى مسافة ممكنة؛ المسافة بين الأرض والسماء والإنسانية والرب. و في مواجهة المهمة الكونية للمخلص، تقهقرت الاختلافات بين الشعوب ("اليهود واليونانيين") إلى الخلف. ربما هذا هو السبب في أن الرياضة (وكذلك المسرح) فقدت أهميتها.
--------
[1] في البال: المقال المترجم رهن الإحاطة علما؛ لا تبني فحواه جملة أو تفصيلا. المترجم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين ووسائل الإعلام الحكومية الروسية يسخرون من أداء بايدن و


.. الانتخابات الفرنسية.. الطريق إلى البرلمان | #الظهيرة




.. إيران أمام خيارين متعاكسين لمواجهة عاصفة ترامب المقبلة


.. الناخبون في موريتانيا يدلون بأصواتهم في انتخابات الرئاسة | #




.. بعد قصف خيامهم.. عائلات نازحة تضطر للنزوح مجددا من منطقة الم