الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في طبيعة الانتصار الحمساوي. الجزء الثاني.

نزار فجر بعريني .

2024 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


الجزء الثاني،
في طبيعة الانتصار الحمساوي!
بداية ، أودّ التأكيد على الحقيقة التي يتجاهل توضيحها تقرير " الفورين أفيرز " ، وهي واضحة في ما صنعته نتائج الحرب العدوانية الإسرائيلية من وقائع أساسية، وذات جانبين مترابطين :
١ انتصار قيادة حماس هو ذو طابع سياسي ، ويتجسّد بتعزز وجودها ، بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل هجوم السابع من أكتوبر، كلاعب فلسطيني منافس للسلطة الوطنية الشرعية، على" رقعة اللعبة" السياسية الأمريكية !
٢ لايمكن لموازين قوى الحرب القائمة ميدانيا بين كتائب حماس ومقاتليها وشركائها في مقاومة العدو، من جهة، وجيش الاحتلال، أن تسمح بانتصار عسكري لحماس ، مهما أمتلك الأشخاص، على مستوى القيادات العسكرية والمقاتلين ،من درجات عالية من الكفاحية والاستعداد للتضحية . فثمّة خلل نوعيّ وكميّ في التقنيات العسكرية والعتاد والدعم الخارجي لصالح تشكيلات العدو المهاجمة، لايمكن تعويضها، وقد فشلت كلّ محاولات القيادة العسكرية والسياسية الحمساوية في بداية الحرب لتحشيد "جبهة إقليمية" علّها تستطيع كسر هذا الخلل لصالح العدو، عبر محاولات الحصول على دعم خارجي فعّال، سواء من خلال تدخّل إيراني مباشر، او عبر جبهات الجنوب اللبناني أو غيرها (يمكن العودة إلى بيان " محمد الضيف " الاوّل حول ضرورات توحيد الساحات )؛ وقد خيّبت المشاركة الإقليمية الآمال ، وأخذت طابعا دفاعيا ، لم يصل الى درجات "الهجوم" المطلوبة لتقديم إسناد حقيقي للمقاومة داخل مدن وبلدات القطاع الذي يتعرّض لغزو عسكري شامل، وواسع النطاق، وبقيت المقاومة وحيدة ، في ظل حرب غير متكافئة ، نجحت حماس فقط في فرض توقيت بدايتها .
هذه أبرز حقائق الحرب ، وقد ناور تقرير " الفورين أفيرز " في الوصول إلى هذا الاستنتاج ، لأنّه يتناقض مع الهدف الرئيسي للدعاية التي يريد الكاتب صناعتها وترويجها. على الرغم من ذلك، فقد فرضت الحقائق التي تبيّن استحالة تحقيق انتصار عسكري في الحرب لصالح حماس نفسها على الكاتب ، وقد كشفها عرضه التمهيدي في نقطتين رئيسيتين :
١ عندما اضطّرته الوقائع لكشف الفارق النوعي بين ما يمتلكه الفريقان المتحاربان من قوّة نارية ، وقدرة على التدمير ، وهي أبرز نتائج الخلل في موازين القوى لصالح العدو، الذي تجاهل الكاتب دوره في تحديد نتائج الحرب:
" ..منذ هجوم حماس في أكتوبر الماضي، غزت إسرائيل شمال وجنوب غزة بحوالي 40 ألف جندي مقاتل، وهجرت 80% من السكان قسراً، وقتلت أكثر من 37 ألف شخص، وأسقطت ما لا يقل عن 70 ألف طن من القنابل على القطاع (وهو ما يتجاوز الوزن الإجمالي للقنابل التي تم إسقاطها في لندن ودريسدن وهامبورج خلال الحرب العالمية الثانية بأكملها)، دمرت أو ألحقت أضرارًا بأكثر من نصف المباني في غزة، ومنعت وصول المنطقة إلى المياه والغذاء والكهرباء، مما ترك السكان بالكامل على "شفا المجاعة".
في هذا العرض، يبدو الفارق النوعي بين قوّة الهجوم الحمساوي ، صباح السابع من أكتوبر، والوسائل الهجومية التي استخدمتها عناصر حماس المهاجمة، وشاهدها العالم على شاشات التلفاز، وبين أدوات الهجوم الإسرائيلية، وما تبيّنه من استحالة أن تحقق قوى المقاومة المشتركة انتصارا عسكريا في مواجهة آلة التدمير العدوانية الإنتقامية ، وكانت النتيجة التي عرضها الكاتب واضحة ، تبيّن عجز قوات حماس عن حماية مواقعها، والانكفاء التدريجي، وصولا إلى رفح ، حيث بات يتمركّز القسم الاعظم من قوات وقيادات المقاومة ، وقد باتت ، بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي على المعابر مع مصر ، تحت حصار مطبق، تتحكّم الولايات المتّحدة وقيادة العدو ،بكميّة ونوعية الدعم الذي يمكن أن يصل لجميع المحاصرين، مدنيين ومقاتلين.
٢ عندما أشار الى دافع القيادة الحمساوية السياسية من هجوم طوفان الأقصى، مبيّنا أنّها لم تكن تسعى في خطط حماس العسكرية والسياسية للوصول إلى حرب شاملة ، يعرف الحمساويون قبل غيرهم استحالة تحقيق انتصارات عسكرية فيها :
" قبل 7 تشرين الأول (أكتوبر)، كانت حماس قد وصلت إلى مرحلة الثبات كقوة سياسية، بل وكانت في تراجع. وكانت المجموعة تخشى أن يتم تهميش قضيتها – ومحنة الفلسطينيين على نطاق أوسع – من خلال اتفاقيات إبراهيم، وهي الاتفاقيات التي سعت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية.
- قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كانت حماس تنظر إلى مستقبل لا أهمية له، حيث تضاءلت الأسباب التي تدفع الفلسطينيين إلى دعم الجماعة. والآن يبدو أن العكس قد ظهر. "
هذه الاستفاضة ، تبيّن أن هدف حماس الرئيسي كان تحقيق مكاسب سياسية، تفرض على إسرائيل والولايات المتّحدة، ومن خلال المفاوضات المحتملة لإطلاق سراح الرهائن، وجودها كلاعب فلسطيني رئيسي ، في مواجهة السلطة الفلسطينية، وقد هُمّش دورها في جميع المفاوضات التي حصلت إقليميا في الأردن ومصر والإمارات والسعودية وإسرائيل، خلال توقيع اتفاقيات ابراهم، وما بعدها !!
لكي يتجنّب الكاتب الاعتراف بهزيمة حماس عسكريا ، وما يبنى عليه من استنتاجات سياسية، عمد على تضخيم دور العمليات البطولية التي تنفذها مجموعات فدائية صغيرة ، داخل خطوط العدو ، وفي مناطق سيطرته العسكرية ، متجاهلا حقيقة أنّها ، في ظل حقائق السيطرة العسكرية القائمة، وموازين قوى الحرب، لايمكن لها أن تغيّر المجرى الرئيسي لهزيمة قوات حماس العسكرية، واعتمد عليها بشكل رئيسي لكي يصل الى الاستنتاج الذي يبحث عنه:
" بعد تسعة أشهر من الحرب المرهقة، حان الوقت للاعتراف بالحقيقة الصارخة: لا يوجد حل عسكري فقط لهزيمة حماس." يعني ، أنّ ماحصل ، لايشكّل هزيمة عسكرية لحماس ...ولن تحصل ..
هنا يتقدّم الكاتب خطوة أخرى، بناء على الاستنتاج بعدم إمكانية هزيمة حماس عسكريا ، إلى لب الموضوع:.

إن حماس لم تُهزم( عسكريا) ولم تعد على وشك الهزيمة (العسكرية ) وبالتالي فقد انتصرت ، لانّها حققت أهداف هجومها السياسية ، "وقضيتها أصبحت أكثر شعبية وجاذبية أقوى مما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول. ويتعين على زعماء إسرائيل أن يدركوا هذه الحقيقة." وماذا بعد ؟ الاعتراف بوجود حماس السياسي، وضرورة التفاوض معها ، عوضا عن " السلطة الفلسطينية " والوصول إلى تفاهمات سياسية شاملة.
النتيجة التي يريد الكاتب أن يوصل القرّاء إليها :
لقد انتصرت حماس في فرض نفسها كلاعب سياسي فلسطينيّ رئيسيّ، بعكس ما كانت عليه الحال قبل السابع من أكتوبر، وعلى الجميع، وفي مقدّمتهم الحكومة الإسرائيلية وحكومة الولايات المتّحدة الاعتراف بهذه الحقيقة ، والدخول في مفاوضات سياسية شاملة معها، إذا كانو حريصون على ترتيب "التسوية السياسية"!
ماهي الأهداف السياسية من وجهة نظر ومصالح الإدارة الأمريكية، التي يريد الكاتب تحقيقها :
ثمّة استنتاج ، وهدف :
الاستنتاج الأوّل، يسيء لقيادة حماس السياسية، ويفضح كذب الإدّعاء بأنّها تقاتل دفاعا عن حقوق الشعب الفلسطيني، وقد عرّضت في عواقب الهجوم ، ومن أجل تحقيق أهداف سياسية خاصة (فرض نفسها كمحاور فلسطيني!) الشعب الفلسطيني وقضيته إلى مخاطر لا يعرف حجمها إلّا الله، ولا يمكن لايّة وسائل إحصائية تحديد مدى تأثيراتها المدمّر، على حاضر ومستقبل الفلسطينيين وقضيتهم العادلة، وكلّ ذلك، لكي تملك ورقة " الرهائن" وتساوم عليها، من أجل فرض نفسها ، في منافسة السلطة ، وعلى حساب ما تمثّله من شرعية فلسطينية، كمفاوض على" موائد اللئام"، الساعين للوصول إلى صفقة نهائية لتصفية القضية الفلسطينية، في إطار مسارات التطبيع الإقليمي الشامل.
--------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رواندا: جيل كاغامي • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إيرانيون يتوجهون لصناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد لبلادهم.




.. كيف تراشق ترامب وبايدن خلال المناظرة الرئاسية التي نظمتها CN


.. استخبارات غربية: إسرائيل و-حزب الله- وضعا خطط الحرب بالفعل




.. رئاسيات إيران.. كم عدد الأصوات التي قد يحصل عليها المرشحون و