الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعرة المغربية - خديجة بوعلي- واقتفاء صوت الذات في مجموعتها الشعرية - لحظات معراج-.

سعيدة الرغيوي

2024 / 6 / 23
الادب والفن


الشَّاعِرة المَغربية " خديجة بوعلي "، و اقتفاء صوت الذّات في مجموعتها الشِّعرية " لحظات معراج".
.................................................

فِي التّجْرِبة الشِّعْرِية للشَّاعِرة الْمغربية " خدِيجة بوعلي"*، إضَاءات مِنْ حَيَاةٍ، حَيْثُ يَتَبَدّى صَوْتُ الأنْثى الأبِيَّة،المُحِبّة، الَّتي لا تَعْتَرِفُ بالانْكِسَارِ والْهَزيمَة ..صَوْتٌ أنْثَوِي يَتَحَدّى أمْواجَ الْحَيَاةِ بِالْكِتَابَةِ.
[
فَفِي نص "انْكِسَارات مَوْجٍ" ،ص ٩٠ من عملها الإبْدَاعِي الشّعْرِي؛ الْموسوم ب: " لحظات معراج"**،تَصْوِيرٌ للْفرَاغِ الَّذي يُحَاصِرُ الذّات الشَّاعِرة؛ فَيَكُونُ الشِّعرُ بوَّابَتَهَا للانْكِتَابِ وَالْبَوْحِ.
ففي نص "مِنْ غَيَاهِبِ الْحِصَارِ" ، ص ٨٦.٨٧.٨٨.٨٩؛ لا تَتردَّدُ الْمُبْدِعَة فِي الْبَوْح والْكَشْف عَن مَكْنُونَاتِها كُلّما طَاردتها صُوَر الْواقع الْمَرِيرَة..

الْخَطْوُ الشِّعْرِي مَرْسُومٌ عَلَى وَقْعِ خُطَى الرُّوحِ الَّتي تُقَاوِمُ أدْغالَ الْوَحشات الْمريرة؛ ترْنُو رُوحها الْغائِمَة إلَى أُفُق رَحْبٍ فِي حَافَّةِ الْمٌنتهى ..

تقول في نص " لحظات معراج" :

أذكرك
مازلت ها هنا ..أذكرك
صهوة ريح أنت ..في غيهب التِّيه
موج شرود أنت عات ..أعتليه
أذكرك

..إلى قولها :

خذني ..احملني إلى سدرة المُشتهى
إلى أفق رحب في حافة الْمنتهى
إلى حرية تفك المعاصم القيد والوثن
حيث تسطع على جزيرة وهمي
شمس الضُّحى.
ص ١٤ من نص " لحظات معراج".

إنَّ الشّاعِرة " خدِيجة بوعلي" في مَجْمُوعَتِهَا الشِّعْرية " لحظات معراج" تَرْتَقِي مَدَارجَ الْهُطُول الشِّعْري ..فَتَعْرُجُ مَعَ الْغَيْمَةِ،معَ الأفُقِ الرّحْبِ..
لا تُحِبُّ لُغَةَ الْقُيُودِ ..انتقت لحظاتها فَرَسَمَتْهَا بِحَرْفِها الشِّعري؛ الَّذي يَنْهَضُ صُوَراً واسْتِعَارَاتٍ وَمَجَازاتٍ، لِتُشَارِكَنَا إيّاهَا ..
هُوَ ارْتِقَاءٌ شِعْرِيٌّ تَأْْخُذُنَا إِلَيْهِ وَتُشْرِكُنَا فِيهِ..رَاسِمَةً عَوَالِمَهَا الْمُشْتَهَاةِ وَلُغَتها الشِّعْرِية الَّتِي تُوظِّفُ فِيهَا مُعْجَماً صُوفِيا وَاقْتِبَاسَات قرآنية : [ جنات عدن ]؛[ ادخلوها بسلام آمنين ]؛[ ولا تعثوا في أراضيها الفساد ]؛[ على سررها الموضونة ]...[ نمارقها المصفوفة]...الخ.
فمِعراجُها الشِّعْرِي مَنْحُوتٌ بأبجدية مُرْتَهِنَةٍ لِصَوْتِ الأُنْثَى الَّتِي تَأْبَى الْقُيُودَ؛ الْحَالِمَة بِحَيَاةٍ سَانيةٍ.
فلنَرْتَحِلْ مَعَ الشَّاعرة " خديجة بوعلي" في " لحظات معراج" إلى سَماوَاتِهَا الشِّعْرِيةِ ..دَعُونا نُنْصِتُ للشِّعْرِ الْْمَحْفُورِ بِعُمْقٍ وَالْمُوَشَّى بِضِيَاءِ الرُّوحِ وَالْقَلْبِ، الطّارِدِ لكُلِّ الْعتمَاتِ؛ الرّافضِ لِكُلِّ الْأصْفَادِ..
هِيَ لحظات معراج؛ أثثها نَبْضٌ شِعْريٌّ يَرْكُضُ لِيكْشِفَ عَن مَشَاعِر الشَّاعِرَة ..دَوَاخِلها،شَوْقها،حنينها..هي لحظات انْكَتَبَتْ بِحِبْرِ الرُّوح وغذَّتها بِلُغَةٍ قَرِيبةٍ مِنْ نَبْضِهَا الْعازِفِ عَلَى وَتَرِ الرَّغْبَةِ فِي مٌعانقةٍ الْغائبِ الْحَاضِرِ ( المرغُوبِ فيهِ)؛ الذي تَسْتَحْضِرُهُ ذاتها.
تَقُولُ فِي نَصِّ " لحظات معراج" ، ص ١١:

أذكرك
ما زلت ها هنا ..ركضت ..
أتلمس أطيافك حولي كالضّريرة
أذكرك...


...الخ ..
فالْمَبَحُوثُ عَنْهُ / المَرْغُوبُ فِيهِ/ المُشْتَهَى تَسْتَحْضِرُهُ فِي الْعَدِيدِ من لحَظاتها وأحْوالِها ..عِنْدَما تَدْهَسُهَا الْخَيْبَات وَتَسْكُنُهَا الأنات ..أو كُلَّما لاحَتْ رِيحُ الْكَدَرِ...
وَفِي اسْتِحْضَارِهِ تهْرعُ إلى أفْضِية مُعيَّنة لِتُنْعِشَ عطشها؛ فَفِعْلُ التَّذَكُّرِ يَحْضُرُ بِقُوَّةٍ وَبِشَكْلٍ مُلْفِتٍ في النَّص الأول؛ الذي وسمته بعنوان : " لحظات معراج " وهو ذات العنوان الَّذِي ارتضته لمجموعتها الشِّعرية؛ ففي التّذكر والذِّكْرَى خَلاصُها ..سُمُوُّهَا وَارْتْقَاءها إِلَى سِدْرةِ الْمُشْتَهَى..فالْغَائِبُ الْحَاضِرُ هُوَ سَبِيلُها للانْعِتَاقِ ..للتَّحَرُّرِ مِن جَزِيرَةِ الْوَهْمِ الَّذِي يَسْتَبِدُّ بِهَا؛ فَتُشْرِقُ شَمْسُ الضُّحَى.

إنَّ الشّاعِرة تَلْتَمِسُ مِن الْغَائبِ الْحَاضِرِ الَّذِي تَتَذَكَّرُهُ دَوْماً أنْ يَأخُذَهَا إلَى حَيْثُ الأفق الشّاسِع.

ومن التَّذكُّرِ إلَى طَلَبِ الابْتِعادِ والنَّأْيِ تقول في ص ٢٩ من نص " كلما ًاقتربت ابتعد أكثر" :

الاقترابُ مَوْتٌ على نَارٍ هادِئَةٍ
مُت بعيدا ممتلئاً

إلى قولها في ذات النَّص:

فالقرب خواء..خواء
وأعشاس خريف فارِغَةٍ
ص ٢٩.
فهي تخاطبُ الْمَرْغُوبَ فِيهِ وتتمنَّى الْوَصْل الْمَحْفُوف بالسَّنا ص ٣١ ؛ نص " أعدني إليك ص ٣٠..حَيْثُ تَضْطَرِمُ وَتَشْتَعِلُ نِيرَانُ البَوْح وَالشّوْقِ والرّغْبَةِ فِي الْعَوْدَةِ والاحْتِضَانِ وإخْراسِ السُّؤالِ.

قال
ها أنذا عُدْتُ
لآخذك من مسكن حرفك
عُدْتُ...
أعوذُ من لهيب تركك
موعدنا هُناكَ
على قِفارِ صهدك
تلتهمني سرابات سناك
وخلوات عمقك
عدت
لا أملكُ أشيائي
تركتها حثيثاً إليك
تملَّكيني أنتِ
أنت بضع مِنّي
أنا بضع منك
لا أبالي صياصي انهارت

قربك ألغى مجالي
وأخرس سؤالي
ص ٣١ ٣٢.

هِيَ القريبةُ مِنَ النُّورِ والضِّيَاءِ وَالسّماءِ؛ كاشفة عن ظلِالِ وَ أفْيَاءِ رُوحِها، تَرْسِمُ جَنَّتَهَا ( منطقة ظلّ في الرُّوح )؛ ص ٣٧/ نص : " سدرة الْمُشْتهى".
فروحها تَدْنُو مِن مِنطَقةِ الظِّلالِ، تَهَابُ الشّمْس.

تقول :

أنا ابنة الظِّل ..
لا أصلح للافتات
تغتصِبُ للنّسمة النقاء
تحرِق جلدي الأضْواء
أنمُو في نور خافت لشمعة
تتهادى لِتُورق ظِلالاً
أركَبُ غيمة شارده
تتوارى في بطن السَّماء

فروحها الظّليلة سبيلها لشَحْذ ماتيسر من بقاء..

..
ندوس كمون الزّفرات
ص ٣٧
نشحذ ما تيسّر من بقاء
ننحت بالصّخر بعض
الحياة


فانْحَتِي يا خديجَة مَا تيسّرَ لَكِ من لحَظات مِعْراج؛ بما تيسّر لك من لُغةٍ شِعْرية مُنَاوئةٍ لِزَمَنِ الْوُجُومِ و الْكَدَرِ وارْتَقِي سَماوات الشِّعرِ وَحَلِّقي بأجْنِحَتِهِ لِيَتهَاطَلَ رُطبا سائغاتٍ رَائِقَاتٍ مُشْتَهَاةٍ.
فَخَيْرُ الشِّعْرِ وَ أَعْذَبُهُ مَا ارْتَقَى وَسَنَا وَهَطَلَ سَلاماً نَدِيا ..

.................................................

الهوامش :
*- خديجة بوعلي : شاعِرة مغربية.
- *لحظات معراج،خديجة بوعلي،شعر، الطبعة الأولى ٢٠٢٢م.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكاتب علي الموسى يروي لسؤال مباشر سيطرة الإخوان المسلمين عل


.. بيت الفنان الليبي علي غانا بطرابلس.. مركز ثقافي وفضاء إبداعي




.. العربية ويكند | جيل بايدن تقود الرئيس بايدن إلى خارج المسرح


.. سهرة لبنانية بامتياز في كازينو لبنان مع النجم سعد رمضان والف




.. العربية ويكند | ترمب يغادر المسرح وحيدا بعد مناظرة بايدن..