الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختفاء السياسة وسوريا ومصر

محمد نبيل صابر

2024 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


في 2011 ظن الكثير أن سيناريو تونس وثورتها ورحيل بن علي ، هو أمر بالغ الصعوبة ليتم تكراره في مصر. ولكن تكرر السيناريو وبنفس النتائج من سيطرة تيار الاخوان المسلمين (حزب النهضة في تونس و جماعة الاخوان في مصر عبر حزب الحرية والعدالة المنحل)، بدعم اطراف يسارية على الحكم في البلدين ثم ازالتهما لاحقا بدعم شعبي.
وأستمر سقوط احجار الدينامو في الوطن العربي في سوريا واليمن وليبيا فيما يسمى بالربيع العربي. وعلى الرغم من اختلاف ظروف كل بلد والفسيفساء المجتمعية في كل منهم، و مدى التداخل الاجنبي المباشر وغير المباشر في كل دول الربيع العربي. والنتائج النهائية لها. الا أن السيناريو كان متشابه في كل منهم. بل والاسباب التي ادت إلى تفجر الاوضاع في كل منهم كانت متشابهة، من حيث سيطرة نظام حاكم لمدة طويلة بشكل ديكتاتوري وانسداد أفق الحلول السياسية في كل دولة، وظهور منظمات المجتمع المدني المدعومة اجنبيا وغضب شعبي عارم مع ظروف اقتصادية ضاغظة.
وفي مصر حاليا، وعلى الرغم من اختلاف ظروف مصر عن سوريا التي تعاني لمدة 13 عام من حرب اهلية واحتلال بعض اجزاءها من قوات تركية وأمريكية وسيطرة داعش على بعض مدنها وذلك كنتيجة مباشرة لدعم عدد من الاطراف الاقيلمية والاجنبية لفصائل المعارضة المتشددة دينيا او الاثنية وتشتت قوى المعارضة طبقا لذلك التقسيم الناجم اساسا من انقسام المجتمع السوري الذي يضم فسيفساء اثنية ودينية متعددة ساهمت سيطرة العلويين على مراكز القيادة في حزب البعث الحاكم وعلى مناصب القوى الامنية والجيش وغالبية رجال الاعمال رغم اقليتهم عدديا في تأجيج ذلك الانقسام، لتكون الارض الخصبة للميلشيات والتطرف ومجازر الحرب الاهلية المستمرة هناك وبوابة التدخل الاجنبي والاقليمي فيها.
وعلى الرغم من تركيز الجميع على ذلك الانقسام بأعتباره المعلم الابرز في قصة سوريا في الربيع العربي، واعتبار صعوبة تكرار ذلك السيناريو في مصر. ألا أن هناك عدة نقاط وعلامات تتشابه فيها مصر حاليا ما سوريا ما قبل 2011، يشير إليها ياسين الحاج صالح في الفصل الخاص في سوريا في كتاب "نواصب و روافض" . الذي يشرح فيه أن الانغلاق السياسي الذي أعتمد عليه نظام البعث في عهد الاسد الاب تضارب مع مع اصلاحاته الاجتماعية واهتمامه بالطبقات الفقيرة (الاغلبية فيها للعلويين والدروز) على حساب الطبقة الوسطى (السنة وغالبية المسيحيين)، مما زاد الغضب في نفوس تلك الطبقة، المبعدة سياسيا والمتأثرة اقتصاديا او على الاقل غير المستفيدة منها.
وأدى ذلك الوضع لاحقا إلى استهلاك النجاحات الاجتماعية وتبددها في ظل الضغوط الاقتصادية وبدء النظام في فرز اعيانه الجدد ليستفيدوا اكثر من غيرهم من ثمار الدولة. وعلى الرغم من مواجهة الرئيس حافظ الاسد الناجح لمحاولات تمرد "جماعة الاخوان المسلمين" سواء بعد مجزرة مدرسة الدفاع الجوي او حتى التمرد الاخير في حمص. الا أن اختفاء السياسة تسبب في حدوث حالة هلع شديد مع وفاة الاسد نتيجة لغياب السياسة وشخصنة الدولة في شخص الرئيس.
وبالنظر بعمق إلى الحالة المصرية الحالية، نرى تماثلا في تماهي الدولة في شخص الرئيس ، فلا يملك فرد في البلاد اجابة عن سؤال اليوم التالي لغياب الرئيس، بل وحتى الحكومة ورئيس الوزراء هم موظفين يعملون فقط بتعليمات الرئيس وليس أدل من ذلك على عدم الاهتمام الواضح بأخبار التغيير الحكومي الجاري. وأن الانسداد السياسي مع الاثار السلبية لبرنامج "الاصلاح الاقتصادي" الليبرالي القح المتبع لمنهج مدرسة شيكاغو، والذي تحملته ويتحمل اغلب تبعاته القاسية الطبقة الوسطى المصرية. ينمي مشاعر الغضب والتي يعززها النقطة الاهم في مقال ياسين الحاج صالح.
حيث يرى أن الانتماءات الاهلية والدينية والاثنية ظلت حاضرة في وعي الافراد وأن "المزج المحكم بين ليبرالية اقتصادية وتسلطية سياسية سيزيد انكفاء الجماعات الاهلية على نفسها وقد يعزز من وظيفتها التكافلية بالنظر إلى التراجع المرجح في وظائف الدولة الاجتماعية".
ورغم غياب الانتماء الاثني في مصر، الا ان الملاحظ ان الانكفاء الاهلي متزايد فعلا في مصر. بدءا من زيادة معدلات التعصب الكروي وانتهاءا بالتعصب الديني. صفحات السوشيال ميديا مليئة بصفحات تنشر التعصب الديني وزيادة ظواهر السب والقذف دفاعا عن الدين، وانتشار افكار شخصيات تخالف الازهر ودار الافتاء. وليس ادل من ذلك من الترحيب الملحوظ برد فعل شخصيات راديكالية على مركز "تكوين" وتجدد جدالات 2011-2013 عن دور الدين في الدولة، بل وظهور نفس الشخصيات التي برزت في تلك الاثناء.
كما تتزايد الافكار الراديكالية المتشددة على الجانب المسلم والمسيحي على حد سواء، فكما يهاجم افراد علنا دار الافتاء المصرية وشيخ الازهر ، تكونت جماعة حماة الايمان لتهاجم الخطوات الاصلاحية للبابا تواضروس الثاني ولا يمكن أهمال تلك الظواهر.
وفي نفس الوقت الذي تساهم فيه الحكومة في تلك المظاهر سواء بالتغاضي عن تلك الظواهر أو أهمال الثقافة والتعليم والتوجيه المجتمعي لمحاربة تلك الظواهر، تساهم في فتح بوابات البلاد لعدد مهول من اللاجئين من مجتمعات تمزقها الحروب الاهلية الاثنية والدينية سواء من سوريا والسودان واليمن وتكتلهم في مناطق شبه حضرية في المعتاد مع نشر نفس تلك الافكار والعقائد في مناطق ريفية أو شبه حضرية تزداد فيها الافكار الراديكالية بالفعل مما يؤدي إلى بذر بذور الفتن بقوة . كما ان توافر الأموال في تلك الفئات والتي غالبا مجهولة المصدر ومهربة تساهم في نشر تلك الفتن والتي يجب الحذر منهم.
أن أول تلك العلامات التي لا يجب أهمالها والنظر لها بدقة هي الحوادث الطائفية الاخيرة في المنيا، حيث يعلن من هاجموا البيوت والكنائس المسيحية في تلك القرى علنا بأشعار تنتمي إلى داعش والقاعدة على صفحاتهم فخرا بتلك الهجمات وكلهم من قبائل بدوية تم تجنيسها حديثا وتلقوا علامات الاعجاب والتأييد من صفحات غيرها. كما أن منشورات الحدود تراب التي تم توزيعها في صلاة العيد في أحد ارقى كمبواندات القاهرة علامة جديدة على تداخل اللاجئين لنشر دعوات راديكالية
أن المعالجة الامنية لتلك المسألة فقط سيؤدي إلى مزيد من الاحتقان.
الحاجة تزداد إلى دعوة جامعة قومية تتغلب على تلك الدعوات والسيطرة على تحركات اللاجئين ومنع التدفق المالي المريب اليهم هي اول خطوات الحل.
أبانا الذي ... الا هل بلغت اللهم فأشهد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رواندا: جيل كاغامي • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إيرانيون يتوجهون لصناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد لبلادهم.




.. كيف تراشق ترامب وبايدن خلال المناظرة الرئاسية التي نظمتها CN


.. استخبارات غربية: إسرائيل و-حزب الله- وضعا خطط الحرب بالفعل




.. رئاسيات إيران.. كم عدد الأصوات التي قد يحصل عليها المرشحون و