الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد الناصر ما قبل النكسة.. وما بعدها

رضي السماك

2024 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


في الشهور الأولى من قيام ثورة يوليو 1952 وظهور ضباطها الأحرار، لم يكن أحد يعرف من هو بينهم قائدها، لكن الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل،بحسه الصحفي ومراقبته الفطينة الذكية، أدرك بأن الضابط البكباشي جمال عبد الناصر هو قائدها، وفي العام نفسه اصطحب هيكل حيث كان رئيس تحرير" آخر ساعة" حينذاك، اصطحب مصور المجلة حسن دياب إلى مبنى مجلس الوزراء، وطلب منه بأن يلتقط صوراً عديدة للبكباشي جمال الذي التفت بدوره إلى تركيز دياب عليه، فعجب بفطنته،وطلبه لاحقاً ليكون مصور رئاسة الجمهورية، وظل منذ عام الثورة حتى رحيل عبد الناصر هو مصور الرئيس في مختلف المناسبات الرسمية والعائلية والخاصة.وبعد عام من وفاة الرئيس أصدرت الأهرام ألبوماً جميلاً يجمع صور الرئيس التي صوّرها الفنان حسن دياب، ومن بين الصور التي يتضمنها الألبوم التقط صاحبنا دياب صورتين لعبد الناصر في غاية التعبير عما نالته الهزيمة من صحته، ولا يفصل بينهما إلا أيام معدودة، الأولى قبيل ثلاثة أيام من حرب النكسة 1967، والثانية بُعيد الحرب مباشرة.
والحال ما من قائد وزعيم دولة في العالم نال العمل السياسي المضني من صحته كما نال من عبد الناصر،والحق أنه باستثناء صور عبد الناصر في السنوات الأولى للثورة حتى حرب 1956 والتي تظهره إلى حدما في سني عمره الثلاثينية، فإن جل صوره اللاحقة حتى هزيمة 1967 متشابهة،تظهره بخلاف سنه الحقيقي، إذ يبدو عليه قد ولج الستينيات من عمره، أما صوره خلال الثلاث سنوات المتبقية من عمره بعد الهزيمة( 1967-1970)، فقد بدت عليه علامات الشيخوخة المبكرة أقرب إلى الرجل السبعيني. لكن ماذا عن صورتيه قبل النكسة وبعدها بالمعنى المجازي للصورة، أي بمعنى شخصيته وأسلوبه في الحكم؟ هل ثمة فارق بينهما؟
على عكس تخرصات أعدائه الزاعمة أن استقالته مسرحية مرتبة مقدماً،فإن تنحيه عن الحكم كان صادقا، بل أنه لم يخطر بباله البتة بأنها ستجابه برفض جماهيري أنفجر خلال آخر يومين من الحرب في 9 و10يونيو 1967، حتى أنه أُصيب بصاعقة من الذهول لاصرار الشعب على بقائه في الحكم رغم مسؤوليته الفعلية عن أفدح كارثة عسكرية وسياسية تلحق بالعرب في تاريخهم الحديث، ومازالوا حتى يومنا يعانون من آثارها. ومثلما أعلن في خطاب التنحي مساء يوم 8 يونيو مسؤوليته الكاملة عن الكارثة ،فإنه كرر إعلانه هذه المسؤولية في خطابه في عيد الثورة في الشهر التالي، يوليو/ تموز، كما كرره في خطابه في العام نفسه في نوفمبر، تشرين الثاني 1967.الأهم من ذلك فإنه حلل بدقة موضوعية صائبة في كلا الخطابين العوامل السياسية والعسكرية التي أفضت إلى كارثة الهزيمة، ومن ذلك إشارته الضمنية إلى تراخيه عن مراكز القوى في الجيش، وتفشي الفساد والمحسوبية داخل المؤسسات الحكومية والقطاع العام، وداخل تنظيم الأتحاد الاشتراكي، والحراسات المفروضة على الممتلكات، وبما لحق أصحابها من مظالم، كما تطرق إلى شكاوى الناس من كثرة المعتقلين، والطريف أنه رد على ذلك بأنهم أضحوا قلة لا تتجاوز أعدادهم الآن عن ألف! كما أكد الحاجة إلى توسيع الديمقراطية.ولم يكن تخفيفه الأحكام الصادرة بحق ضباط سلاح الطيران إلا لأنه يشعر بالفعل بأنهم أكباش لمحرقة يونيو 1967 التي يتحمل المسؤولية الرئيسية عنها.
لكن ما هي صورة عبد الناصر بعد هذه الاعترافات والنقد الذاتي الشجاع للأخطاء القاتلة العسكرية والسياسية التي أفضت إلى كارثة 1967؟
في الواقع لم يستطع الرئيس التخلص مما جُبلت عليه شخصيته من أساليب التفرد في الحكم منذ خروجه من أزمة مارس 1954 في مجلس قيادة الثورة منتصراً،فالانتهازيون والوصوليون ظلوا ممسكين بمفاصل الدولة والحزب الحاكم، وإن تغيرت الوجوه، والاعتقالات ظلت مستمرة تطال أشرف الناس وأكثرهم قرباً من فكر عبد الناصر، ومن هؤلاء الكاتب اليساري لطفي الخولي رئيس تحرير مجلة "الطليعة" الشهرية، وزوجته ليليان الخولي، وسكرتيرة هيكل،نوال المحلاوي، خريجة الجامعة الأميركية التي سبق أن أبدى الرئيس إعجابه بها في أتاكيت تحضيرها القهوة أثناء زيارة له لمبنى الأهرام الجديد حيث زار أيضاً مكتب هيكل، وطلب منها أن تشرف على تدريب ابنته هدى عند التحاقها لاحقاً للعمل في الأهرام، كما طالت الاعتقالات الدكتور جمال العطيفي، والكاتب الصحفي صلاح عيسى، والشاعر الشعبي المعروف أحمد فؤاد نجم الذي ظل معتقلاً إلى ما بعد استلام أنور السادات سدة الحكم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألمانيا تقر قانونا لتسهيل طرد مؤيدي الجرائم الإرهابية | الأخ


.. أردوغان لا يستبعد عقد اجتماع مع الأسد: هل اقتربت المصالحة؟




.. قراءة ميدانية.. معارك ضارية وقصف عنيف على حي الشجاعية بمدينة


.. -من الصعب مناقشة كاذب-.. هكذا علق بايدن على -التنحي- | #عاجل




.. -لكمات- بين بايدن وترامب .. والأميركيون في مأزق ! | #التاسعة