الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الانتخابات الإيرانية: مناظرة هزلية تكشف أزمات إيران-

نظام مير محمدي
كاتب حقوقي وناشط في مجال حقوق الإنسان

(Nezam Mir Mohammadi)

2024 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


المناظرة الانتخابية الأخيرة في إيران، التي كان من المفترض أن تكون ساحة للتنافس بين المرشحين للرئاسة، تحولت إلى عرض هزلي ومصدر خجل للنظام. هذه المناظرة التي شارك فيها ستة مرشحين، كانت أشبه بعرض كوميدي أكثر من كونها نقاشاً سياسياً جاداً. في ظل معاناة إيران من أزمات اقتصادية واجتماعية عميقة، أظهرت هذه المناظرة الانتخابية فقط الفجوة العميقة بين الحاكمية والشعب.
وسائل الإعلام الإيرانية الداخلية، التي عادة ما تكون حذرة في انتقاد البرامج الرسمية، لم تتمكن هذه المرة من إخفاء خيبة أملها. في 18 يونيو/حزيران، كتبت صحيفة "مستقل أونلاين": "حتى الآن، نجحت المناظرة في إقناع نسبة كبيرة من الناخبين المترددين بعدم المشاركة في الانتخابات." هذا التعليق يظهر بوضوح أن وسائل الإعلام الداخلية تعترف أيضًا بعدم فعالية هذا العرض الانتخابي.
كما كتب صحيفة "فرهيختكان"، التي يملكها علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية لخامنئي، في تقرير نقدي: "المناقشات المتكررة عمومًا بين المرشحين، التي تم طرحها أيضًا في الندوات الاقتصادية، لن تساعد في زيادة المشاركة." هذه النقطة تُظهر بوضوح أن المرشحين لم يقدموا برنامجًا جديدًا، بل فشلوا حتى في تكرار الوعود السابقة.
صحيفة "سازندكي" تناولت بأسلوب ساخر طريقة تنظيم المناظرة وكتبت: "المناظرة الأولى كانت مصممة بحيث يتحدث ثلاثة مذيعين باستمرار ويؤخرون الحدث الرئيسي." هذا النقد يُظهر أن المنظمين لم يتمكنوا حتى على المستوى التنفيذي من تقديم برنامج متماسك واحترافي.
في هذه المناظرة التي كان من المفترض أن تكون حول الاقتصاد، لم يقدم المرشحون سوى تكرار العموميات دون أي خطة واضحة لتحسين الوضع الاقتصادي. هذا الأمر يكشف عن حقيقتين مريرتين: أولاً، في نظام فاسد، لا يوجد أي برنامج سوى المزيد من نهب الشعب. ثانيًا، أن زعيم النظام، علي خامنئي، يسيطر بشكل كامل على المرشحين للرئاسة بحيث لا يجرؤون على قول كلمة واحدة خارج الإطار المحدد.
خامنئي حذر مرارًا وتكرارًا المشاركين في "خدعة الانتخابات" من "الاتهامات والتشهير والقذف" ضد بعضهم البعض وضد النظام. السبب في هذه التحذيرات واضح جدًا؛ بعد فشل حكومة إبراهيم رئيسي ومع تصاعد الأزمات، أصبح النظام أضعف وأكثر هشاشة من أي وقت مضى ويخشى أن تخلق هذه العروض فجوة تؤدي إلى فقدان السيطرة على الأمور.
بالرغم من كل التدابير الرقابية، حتى في هذه "اللا مناظرة"، تسربت بعض قطرات من الأزمة الداخلية للنظام والوضع الانفجاري الحالي إلى الخارج. قال أميرحسين قاضي‌زاده هاشمي، أحد المرشحين للرئاسة: "سمعنا مرة أخرى عموميات، كلمات مكررة... وعمليًا خلق لنا عقدًا من الاقتصاد السلبي." هذا الاعتراف يظهر أن حتى المرشحين أنفسهم يعترفون بفشل السياسات الاقتصادية للنظام.
محمدباقر قالیباف، مرشح آخر، قال بلهجة مقلقة: "كل مفكرينا وخبرائنا في حيرة؛ ثم نتعجب لماذا يهاجر أساتذتنا؟" هذا التعليق يظهر بوضوح أن هروب العقول ويأس النخب قد تحول إلى أزمة خطيرة للنظام.
مسعود بزشكيان، مرشح آخر ويدعم من قبل الجناح الإصلاحي، أشار بوضوح أكبر إلى فشل النظام طوال أربعين عامًا: "نقول منذ 40 عامًا أننا سنصلح الأمور! ولكن يومًا بعد يوم تقل قيمة أموالنا، وتزداد سوءًا قوة الشراء للشعب. نقول إننا سنمنح الأموال، ولكن عندما ترغب في طباعة الأموال، فإن الديون تجعل الأموال بلا قيمة. من أين ستحصلون على الأموال؟" هذه الكلمات توضح أنه حتى داخل النظام، لا يوجد أمل في تحسين الأوضاع الاقتصادية.
عليرضا زاكاني، عمدة طهران الحالي ومرشح آخر للرئاسة، رد على تصريحات بزشكيان قائلاً: "السيد بزشكيان ذكر عموميات تربط كل الأمور معًا، وفي النهاية لم يكن هناك نتيجة واضحة! تعجبت كيف أصبح مرشحًا للرئاسة. بالنسبة لنا هذا مثير للدهشة." هذا الرد يظهر أن هناك خلافات وتوترات جدية حتى بين المرشحين أنفسهم.
في رده، كشف بزشكيان عن سرقات ضخمة بمليارات الدولارات قام بها زاكاني في بلدية طهران وقال: "أخي زاكاني، إذا كنت لطيفًا، فلتشف لنا العقد مع الصين، وأخبرنا هل الأموال من البنك المركزي الإيراني في الصين أم من الموارد الصينية...؟" هذا الكشف يظهر مدى تغلغل الفساد في الهيكل الحكومي.
كلمة أخيرة:
النتيجة هي أن ما تم تقديمه تحت عنوان مناظرة وبالرغم من النزاعات بين المرشحين، لم يتمكن من جذب انتباه الشعب للمشاركة في الانتخابات، والتقارير تشير إلى أن الناس لم يهتموا بهذه العروض الهزلية، وكثير من الناس لم يعرفوا حتى أن مثل هذه المناظرة كانت تجري. حتى قناة تلغرام الخاصة بالحرس الثوري الإسلامي (IRGC) اعترفت بهذه الحقيقة وكتبت: "يمكن اعتبار المناظرة الأولى هي المناظرة الأخيرة. يمكن التكهن بأن التأثير الأكيد لهذه المناظرة هو أن المناظرات القادمة ستكون أقل مشاهدة."
هذه المناظرة الشكلية لم تتمكن من كسب ثقة الناس، بل كشفت أكثر عن الطبيعة غير الديمقراطية وغير الفعالة للنظام. في ظل مواجهة إيران لأزمات اقتصادية واجتماعية عميقة، أظهرت هذه المناظرة الانتخابية فقط الفجوة العميقة بين الحاكمية والشعب. يبدو أن النظام الإيراني يقف على حافة أزمة شرعية جدية، وهذه المناظرات الشكلية لا تسهم في تحسين الأوضاع بل تكشف عن عمق الأزمة بشكل أكبر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قرارات بتطبيق القانون الإسرائيلي على مناطق تديرها السلطة الف


.. الرباط وبرلين.. مرحلة جديدة من التعاون؟ | المسائية




.. الانتخابات التشريعية.. هل فرنسا على موعد مع التاريخ ؟ • فران


.. بعد 9 أشهر من الحرب.. الجيش الإسرائيلي يعلن عن خطة إدارة غزة




.. إهانات وشتائم.. 90 دقيقة شرسة بين بايدن وترامب! | #منصات