الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عيد الغدير: أعظم أعياد العلويين(النصيرية)
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
2024 / 6 / 24
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
الحوار المتمدن 23/06/2024
Lattakia City - Makhous Village 12:42 GMT
تحتفل اليوم، السابع عشر من ذي الحجة وفق التقويم القمري "الهجري"، معظم الشعوب والأمم والقوميات والأعراق والأجناس والجنسيات والإثنيات والجاليات والجماعات والجماهير والعشائر والفرق والملل النصيرية (العلوية) في العراق وسوريا ولبنان، بيوم عيد الغدير، وكذلك أيضاً حيث يتمركزون بشكل اساسي وأكبر في تركيا إذ تقدّر أعدادهم بأكثر من ثلاثين مليوناً، أكراداً وتركماناً وعرباً ومستعربين وغيرهم، وأما العلويون "السوريون" الناطقون بالعربية، عرب ومستعربون، فيتواجدون بشكل رئيس في لواء اسكندرون ومعظمهم من العشيرة الحيدرية أكبر العشائر العلوية، ويذهب كثيرون إلى أن هذا هو السبب الرئيس لسلخ لواء اسكندرون عن سوريا، ذي الأغلبية العلوية، كي لا يصبح العلويون أكثرية في الكيان السوري الوليد وقتذاك، مما قد يؤثر على التركيبة السكانية والتوازنات السياسية القائمة وينسف الترتيبات الاستراتيجية والجيوسياسية التي كانت تعدّ وترسم للمنطقة، بدقة، وأهمها حظر قيام كيانات سياسية قوية، وتأتي سلسلة التطورات اللاحقة لترجح هذا الرأي، فقد أصبحت سوريا، واحدة من أفقر دول المنطقة والعالم ويبدو الكيان السوري اليوم في وضع يرثى له.
ومناسبة الاحتفال بـ"عيد الغدير"، هو اعتقاد العلويين، وقولهم بأن ما حدث في ذلك اليوم كان عبارة عن عملية محاولة لنقل وتوريث السلطة، بشكل سلمي وهادئ، وإدارة المجتمع الجديد من المؤسس لابن عمه وتجلى ذلك في خطبة عصماء، قرب مكان يدعى "غدير خم"، تؤكد الخطبة على عظمة وشرعية وأحقية علي بالخلافة، كما يزعمون، وهي إقرار من المؤسس، نفسه، بالمكانة الدينية والسياسية العالية وتزكية للأهلية القيادية للخليفة الرابع علي بن أبي طالب وتمجيده وتظهر مدى قربه وحب المؤسس الكبير له وثقته بأنه خير من يحمل راية "الرسالة" بعده.
وقد كنت أشهد في سنين عمري الأولى، كيف تتم هذه الطقوس بأريحية وحب وبحبوحة في أيام الوفرة والطفرة، كيف كان أحد الوجهاء يقدّم أكثر من عجلين، مع عدد من الخرفان والماعز (غالباً التيوس الذكور فهم لا يتناولون لحم الأنثى مطلقاً ومحرمة عندهم)، وحيث يتجمهر الناس الأطفال والنساء والشباب والكهلة (أصبحت الجمهرة والتجمعات لاحقاً تابوهاً من المحظورات مع صعود العلوية السياسية) وكانت تتم دعوة شيخ القرية مع مصلين حيث تقام الصلوات ويقدّم الطعام المطهو، غالباً البرغل مع الحمص مع حصة وفيرة من اللحم، في "خضارة" (آنية فخارية)، وعاد ما كان يصطحب المصلون معهم "حصصاً" إضافية للمنزل والعائلة والأولاد الذين كانوا في البيت ينتظرون رب الأسرة ومعه "برغل العيد"، معظم هذه الطقوس العشتارية انتهت وتلاشت تقريباً اليوم ولم يتبق منها إلا شكليات تنم عن البؤس والفقر والقلة والجوع وانهيار أفقي وشاقولي قيمي وبنيوي لكل دعامات هذا المجتمع وأسسه وركائزه القديمة. (اليوم لم يعد بمقدور هذا الوجيه وغير من تقديم صوص او زيغة مع انهيار الطبقات وغياب واندثار الطبقة الوسطى نهائيا واختفائها)...
بالنهاية، عيد الغدير، طقس اجتماعي جميل، وبغض النظر عن بعده وعمقه الديني السياسي ومن دون أدلجته والدخول في تفاصيله، يتمثل في تلك الروح الإيثارية والجماعية والإحساس بالآخر وتوزيع الطعام على الفقراء ومؤازرتهم من قبل ابناء جلدتهم الميسورين وأحيانا متوسطي الحال وبكل ما في ذلك من تمكين للأخوّة وللأواصر الاجتماعية والدينية والروحية التي كانت سائدة قبل انتهاء كل ذلك والقضاء عليه مع صعود العلويين السياسي لسدّة الواجهة وتشكـّل طبقة مليارديرية من العلويين وما رافقها من صراع وفرز ونمو حقد طبقي حاد وعملية إفقار ممنهج عامة في صفوف الطائفة، وغيرها من باقي المكونات، عبر القرارات الاشتراكية الطوباوية الشكلية الجوفاء، وبروز حالة من الاصطفاف والفرز الطبقي بين علويين حاكمين مترفين بالنعمة، محدثي نعمة بشكل عام، وعلويين جياع من قاع المجتمع، وما رافق ذلك من تغير جماعي بالمزاح وانزياح مريع للقيم وغياب تام لتلك الروح من التراحم والتآلف والتوادد وظهور نزعة سلطوية استحواذية تملكية استعراضية جارفة وشرسة ونهم مرضي مرعب لجمع المال وتكديسه بطرق غير مشروعة غالباً لدى بعض أبناء الطائفة النافذين صاحبته روح من التقتير والبخل الشديد والأنانية المفرطة من قبل "العلويين الجدد"، والتنكر التام لكل تلك القيم العظيمة التي سادت في يوم ما ورسخها عيد الغدير الذي بات يأتي باهتاً ويزور البيوت الحزينة مكسورة الخاطر، خجلاً مطرقاً صامتاً، تلك البيوت التي كانت عامرة بالفرح والحيوية والحب والحياة باتت كئيبة خاوية على عروشها تتوشح بالسواد والحداد بعدما فقدت زهرات شبابها وفلذات أكبادها وكل ما لديها وباتت على "الحصير" كما يقال، تنتظر رسالة الرحمة لاستلام أرغفة من الخبز غير صالحة للاستهلاك الآدمي مغمسة بالذل والانكسار وطول الانتظار، وأصبح الصبية الصغار الذين كانوا يتبادلون التهاني والتبريكات والبسمات ويأكلون في يوم غابر ما من نفس "الخضارة" (الآنية الفخارية)، ويتقاسمون قطعة اللحم وحبيبات البرغل بحمّص ، عبوسين، متنافرين، متكارهين متوجسين خائفين من بعضهم، من كيد وسوء إضمار، ومن ألد وأكبر الأعداء.
*الصورة من احتفالات الشعوب النصيرية في الساحل السوري اليوم بهذه المناسبة
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - مافائدة عيد الغدير التراثية والثقافية ؟ه
منير كريم
(
2024 / 6 / 24 - 01:17
)
السيد نضال المحترم
مافائدة عيد الغدير التراثية والثقافية والتاريخية غير انه يكرس الطائفية ويدعو لدولة ثيوقراطية عائلية تستعبد الناس
لايمكن اغفال التنوير والعلمانية والحرية من قبل المثقفين تحت اية ذريعة
تجياتي
2 - السيد منير كريم المحترم
نضال محمد نعيسة
(
2024 / 6 / 24 - 12:29
)
من تكلم عن فوائد ومضار عيد الغدير نحن نتكلم عن ظاهرة تاريخية اجتماعية وتطورها بالمجتمع بغض النظر عن بعدها الديني كما ورد حرفيا بالمقال
وما حصل بهذه المجتمعات بعد تطورات وسياقات سياسية تخبطية عشوائية اوصلت لحالة من الافلاس والدمار والهلاك
.. التصعيد بين إسرائيل وإيران: ما الدور الذي تلعبه الولايات الم
.. صحيفة إسرائيلية: -القتال الصعب في لبنان مع قوة الرضوان في حز
.. خامنئي: إن أي ضربة ينزلها أي شخص أو مجموعة بإسرائيل هي خدمة
.. إسرائيل - حزب الله: ما الذي تغير في الخطط العسكرية عن حرب 20
.. فواز جرجس عن رد إسرائيل على إيران: علينا توقع الأسوأ.. ونتني