الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المترشح -الحشوة- !

عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث

2024 / 6 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


هذا النوع من المترشحين للإنتخابات النيابية، وبهذه التسمية، يجري على الألسنة في الأردن خلال فترات الانتخابات، لكنه سيء الصيت ومذموم السمعة وغير محمود الشهرة. ولا نستبعد وجود هذه الظاهرة بأوصاف مختلفة في العديد من البلدان الشقيقة، كونها تتشابه في أشياء كثيرة، لا سيما في السلطوية وأفاعيلها.
راج مصطلح المترشح الحشوة في الأردن، مع اتباع نظام القوائم في الانتخابات النيابية. الأردنيون بذكائهم المعهود، يصفون المترشحون الحشوات في اللهجة الدارجة ب"كْمَالِة عدد"، أي الزائدين عن الحاجة، المرتبط إدراج أسمائهم في قوائم المترشحين باستكمال متطلبات التسجيل في الهيئة المستقلة للإنتخاب. ترشح الحشوات يشبه إلى حد كبير صفقة بين طرفين مستفيدين، الأول، مرشح متمكن ماليًّا يتكفل بمصاريف حملات الطرف الثاني "الكومبارس"، أو الحشوة. الظهور الإعلامي هنا، مُحتكر للطرف الأول. أما الثاني الحشوة، فيكتفي عادة بتداول اسمه كمرشح و"بلحسة اصبع" أو ربما "لحسات أصابع"، حسب مستوى بَسط يد الحاشي. إذن، الهدف الرئيس للمترشح الحاشي ذي الملاءة المالية من الإتيان بالمترشح الحشوة توظيف هذا الأخير كمطية ينجح على ظهره. للتوضح أكثر، وجود المترشحين الحشوات في القوائم الانتخابية يتغيَّا تجميع أكبر عدد ممكن من الأصوات للحاشي.
الحشوات أنواع، منها المؤقت. هذا النوع لا يعرف في البداية أنه حشوة، حيث يُغَرَّر به ويُستدرج بلؤم وخبث، وخاصة إذا كان "دحشه" في القائمة يضمن أصواتًا مغرية. ومن أساليب توريطه، أكل شوية حلاوة برأسه، بحيث يتهيأ له أنه رقم فاعل في المعادلة الانتخابية. وغالبًا ما يبدأ "ترشحه" بالإعلان أنه جاء نزولًا عند رغبة الأحبة والأصدقاء والأهل من شعبنا الوفي...!
بعض الحشوات المؤقتين يشعر بالمقلب، بعد اعلان النتائج وحصوله على عدد هزيل من الأصوات. منهم من يعاهد نفسه ألا يعيد التجربة مهما كانت المغريات، وبعضهم تستهويه اللعبة وتصبح الانتخابات النيابية بمنظوره فرصة موسمية لتداول أسمه. وهكذا ننتقل إلى النوع الثاني من الحشوات، الموصوفة بالدائمة. المهم عند هؤلاء الترشح، ولكن في قائمة حاشٍ قوي. فإذا سقط الحشوة في الانتخابات، وهو الاحتمال الأرجح، يُسجل موقفًا عند الحاشي القوي الفائز الذي يُعوَّل على أنه لن ينسى "الفزعة". وقد تلعب الصدفة دورها، بابتسامة حظ لم تكن متوقعه، ويُصبح الحشوة نائبًا. هذا يعني أن الخسارة ليس دائماً ملازمة للمترشحين الحشوات، خاصة إذا كان الحاشي قوة سياسية ما تزال ذات حضور في الشارع. الاسلاميون في الأردن يلعبون هذه اللعبة، إذا استشعروا أن "حصتهم" من المقاعد أقل مما يستحقون، أو عندما تلتقط مجساتهم أن السيستم الرسمي "واخذ على باله منهم حبتين زيادة"، كما يقول أشقاؤنا المصريون. بالمناسبة، النائب الحشوة أكثر انضباطًا في تنفيذ مطالب الحزب الحاشي من النائب عضو الحزب.
تأسيسًا على ما تقدم، فإن ظاهرة المترشحين الحشوات تُلحق أضرارًا بليغة بالعملية الانتخابية بخاصة والحياة النيابية بعامة، على أكثر من صعيد. فهؤلاء المترشحون، ليسوا من المؤهلين سياسيًّا واجتماعيًّا وفكريًّا، وهو ما يُضعف العملية الانتخابية ويُبطل مفعول الميزات التي يوفرها نظام القوائم، وأولها تهيئة أجواء مناسبة للتعددية والتنافس الحر الحيوي. أما أخطر مساوئ هذه الظاهرة، فنجدها في "قوننة" حركة المال السياسي لشراء الذمم وإفساد الضمائر. من هنا نفهم تضاؤل الثقة الشعبية بالعملية الانتخابية، وعدم الثقة بمخرجاتها، فضلًا عن تراجع نسب المشاركين إلى مستويات غير مسبوقة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قرارات بتطبيق القانون الإسرائيلي على مناطق تديرها السلطة الف


.. الرباط وبرلين.. مرحلة جديدة من التعاون؟ | المسائية




.. الانتخابات التشريعية.. هل فرنسا على موعد مع التاريخ ؟ • فران


.. بعد 9 أشهر من الحرب.. الجيش الإسرائيلي يعلن عن خطة إدارة غزة




.. إهانات وشتائم.. 90 دقيقة شرسة بين بايدن وترامب! | #منصات