الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات على هامش الصراع

محمود شقير

2024 / 6 / 24
الادب والفن


/ المعاناة التي عاشها الشعب الفلسطيني على امتداد السنين، لم تكن حكرًا عليه وحده، فقد عانت شعوب أخرى في الوطن العربي وفي العالم الثالث من سطوة القوى الاستعمارية الغربية التي كانت لها مطامع في الثروات الطبيعية لهذه البلدان.
وكما هو معروف فقد استقلت البلدان العربية وتخلصت من نير الاستعمار القديم، وخضع أغلبها وما زال خاضعًا للامبريالية الأمريكية وللاستعمار الجديد، إلا أن الشعب الفلسطيني وخلافًا للبلدان العربية الشقيقة ابتلي بالغزوة الصهيونية التي تسيطر الآن على فلسطين التاريخية ولا تعترف بأي حق للفلسطينيين في وطنهم.
بالنسبة لي، فلسطين تعني لي بوصفها واحدة من أهم قضايا الحرية في العالم، أتمثل هموم شعبها وأتبنى هذه الهموم، وأنتمي إلى تطلعات الشعب الفلسطيني العادلة في السلام العادل وفي العودة والحرية وتقرير المصير والاستقلال، وفي المساواة بين المرأة والرجل، واحترام الطفولة، وتعايش الأديان، والإسهام في بناء الحضارة الإنسانية وفي الحفاظ على البيئة ورفض الظلم والعدوان.

/ اللحظة الفارقة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي نشأت قبل أكثر من مئة عام، حين أصدر وزير الخارجية البريطانية اللورد بلفور تصريحه المشؤوم، وفيه تتعهد دولة بريطانيا الاستعمارية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. منذ ذلك التاريخ وبعد أن أصبحت بريطانيا منتدبة على فلسطين قامت بتسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين، ما أدى إلى ثورات عدة قام بها الشعب الفلسطيني ضد الانتداب البريطاني والهجرة الصهيونية. كل هذه الثورات تم قمعها بقوة السلاح حتى وقعت نكبة الفلسطينيين الكبرى عام 1948 ثم جاءت بعدها هزيمة حزيران 1967 وأصبحت فلسطين التاريخية كلها تحت السيطرة الإسرائيلية.
ورغم قرارات الشرعية الدولية العديدة التي دعت إلى حل سلمي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، فإن إسرائيل لم تنفذ أيًّا من هذه القرارات، ولذلك استمر هذا الصراع حتى الآن.
***

/ في زمن ياسر عرفات، قدم هذا القائد الفلسطيني تنازلات كثيرة من أجل أن توافق إسرائيل على إبرام معاهدة سلام دائمة وثابتة بين دولتين جارتين هما فلسطين وإسرائيل.
وحين تم التوصل إلى اتفاق أوسلو، كان هناك قرار بأن العام 1999 سيشهد المفاوضات النهائية على كل القضايا التي تم تأجيلها، وعلى حلّها، ومن ثم إقامة الدولة الفلسطينية.
وها قد مرت سنوات كثيرة منذ ذلك التاريخ ولم نشهد قيام الدولة الفلسطينية، وها هو محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، يناشد كل القوى الدولية وفي أولها الإدارة الأميركية من أجل حل الدولتين، ولا من مجيب أو سميع. بل إن رئيس وزراء إسرائيل بيبي نتنياهو، عرض قبل أسابيع من قيام الحرب الأخيرة خريطة تظهر فيها دولة إسرائيل على كل الأرض الفلسطينية ولا وجود لأي أرض تخص الفلسطينيين.
مؤخرًا أعلنت حركة حماس وثيقة فيها موافقة على إقامة دولة فلسطينيية وعاصمتها القدس، لكن ليس هناك في الجانب الإسرائيلي من يصغي إلى دعوات الواقعية والاعتدال، حتى إنه يصح القول إن الاعتدال يجرد حكام إسرائيل من دعايتهم التي يروجونها عن معاداة السامية وكراهية اليهود، في حين أن الحقائق تقول إن الفلسطينيين هم ساميون، فكيف يعادون السامية؟!
***

/ التديّن في المجتمع الفلسطيني نابع من الإحساس بالخطر الذي يمثله الاحتلال الإسرائيلي على حياة الناس وعلى أرضهم المهددة بالاستيطان وبيوتهم المهددة بالهدم والتدمير، ولذلك وبسبب فقدانهم للأمن وللطمأنينة والأمان فإنهم يلجأون إلى الدين وإلى الخالق لكي يحميهم مما يتهددهم من أخطار.
في المجتمع الإسرائيلي، هناك ضخ ايديولوجي مقصود ضد الفلسطينيين، وغسيل أدمغة واستغلال للدين لتبرير عمليات نهب الأرض ومصادرتها والتوسع على حساب الفلسطينيين.
قبل أن تنشب هذه الحرب الأخيرة شهد المجتمع الإسرائيلي انقسامًا حادًّا بين المتدينين اليمينيين المتطرفين وبين العلمانيين، وأظن أن هذا الانقسام سيستمر الآن بسبب قضية تجنيد الحريديم بين الرفض والقبول، وسوف يستمر بعد انتهاء الحرب من جراء نتائج الحرب ذاتها، ومن جراء عدم تقبل العلمانيين لفكرة الدولة الدينية التي يسعى إلى فرضها المتدينون.
وللأسف، فإن قطاعًا واسعًا من الشعب الإسرائيلي مضلَّل، بحيث تُحجب الحقائق عنه، ولا يعرف شيئًا عن القضية الفلسطينية وعن حقوق الشعب الفلسطيني.
***
/ العسف والقتل والتدمير والخراب الذي تعرض وما زال يتعرض له قطاع غزة سيترك ندوبًا كثيرة في نفوس مختلف الأجيال، وسيترك آثارًا نفسية عديدة، ولا أستطيع التكهن من الآن كيف سيكون رد فعل الأجيال الجديدة ومختلف طبقات الشعب الفلسطيني على ما حدث ويحدث حتى الآن.
لكنني على قناعة بأنه إذا استيقظ ضمير القوى الدولية المؤيدة للحرب، المناصرة لحكام إسرائيل، وإذا حاولوا التدخل بالفعل لا بالقول لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، وفي إعادة تعمير القطاع والتعويض على المواطنين الذين تضرروا من هذه الحرب الظالمة، فإن ردود فعل الناس ستكون في المنحى الصحيح، وستكون مستعدة للسلام، وما أرجوه أن تفرز هذه الحرب تيارًا سلميًّا واسعًا في المجتمع الإسرائيلي، وبغير ذلك سوف يستمر الصراع، وهذا ما لا أتمناه.
***
/ مقترح استقدام قوات عربية أو دولية للإشراف على قطاع غزة فيه استهانة بالشعب الفلسطيني، وفيه تطاول على حقه في السيادة على أرضه وإقامة دولته المستقلة، ولن يقبله الفلسطينيون، وأتوقع ألا تقدم عليه أي دولة عربية، لأنها ستتعرض لانتقادات كثيرة إن وقعت في هذا الفخ المريب.
***

/ كتبت مجموعة نصوص مكثفة فيها دعوة إلى وقف الحرب، ورغبة في ظهور ديغول إسرائيلي شجاع يتفهم أسباب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ويبادر إلى طرح مبادرة سلمية تنهي الصراع على أساس من إقرار حقوق الشعب الفلسطيني وحل الدولتين وتحقيق الأمن والأمان.
الآن أقوم بكتابة نصوص سردية مكثفة أنوي إصدارها في كتاب.
***
/ ثمة حادثة وقعت أثناء الاجتياح البري لقطاع غزة في هذه الحرب الأخيرة. فقد صادر الجنود الإسرائيليون كتبًا وجدوها في بيت إحدى العائلات الفلسطينية.
وآنذاك اختار الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، كتابًا مدرسيًّا من بينها لطلبة الصف الثامن، ولفت الانتباه إلى قصة لي في الكتاب عنوانها "زيت" وراح يبالغ في وصف القصة ويعدُّها مادة تحريضية ضد الإسرائيليين، وهي ليست كذلك.
باختصار، في القصة أم تحلم بأن الجنود الإسرائيليين اعترضوها هي وزوجها وأطلقوا النار على صفائح الزيت التي عادت بها من المعصرة، لكن حلمها لم يحدث في الواقع، لكنه، إن سألنا خبيرًا في تفسير الأحلام، يعكس خوفًا من ممارسات قمعية تحدث كل يوم تقريبًا ضد الفلسطينيين.
حين أكتب للأطفال فإنني لا أحرّض على العنف، بل أدعو الأطفال أن يعيشوا طفولتهم في أمان، ولا أدخل في تفاصيل الصراع، وإنما أذهب إلى التأكيد على القيم الإنسانية مثل رفض العدوان، حب الوطن، الدعوة إلى السلام، يظهر ذلك في روايتي التي كتبتها للأطفال وهي: كوكب بعيد لأختي الملكة.
***

/ كثيرون هم الكتاب الفلسطينيون الذين أقدّرهم وأقرأ لهم، وسأكتفي بذكر عدد ممن غابوا إمّا شهداء مثل القاص والروائي غسان كنفاني والشاعر كمال ناصر، والقاص ماجد أبو شرار، والشاعرة الشابة هبة أبو ندى التي استشهدت في الحرب الأخيرة على غزة، والشاعر سليم النفّار الذي استشهد في الحرب الأخيرة، أو ممن قضوا نحبهم لسبب أو لآخر، مثل الروائي جبرا إبراهيم جبرا، الروائي إميل حبيبي ، الشعراء: توفيق زياد، محمود درويش، وسميح القاسم.
من الكتاب الإسرائيليين: إيلان بابيه المؤرخ الذي فضح التطهير العرقي الذي مارسته المنظمات العسكرية الصهيونية ضد الفلسطينيين إبان نكبة 1948، جدعون ليفي الكاتب الصحافي المعارض للاحتلال الإسرائيلي والمناهض لكل مشاريع إسرائيل التوسعية على حساب الشعب الفلسطيني، يهودا شنهاف عالم الاجتماع والمترجم الذي يؤمن بحل سلمي للصراع، ويقر بوجود يهود عرب في مقابل يهود صهاينة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفل خطوبة هايا كتكت بنت الفنانة أمل رزق علي أدم العربي في ف


.. فرحة الفنانة أمل رزق بخطوبة ابنتها هايا كتكت وأدم العربي داخ




.. أون سيت - الأسطى حسن .. نقطة التحول في حياة الفنان فريد شوقي


.. أون سيت - أولاد رزق 3 .. أعلى نسبة إيرادات .. لقاء حصري مع أ




.. الكاتب علي الموسى يروي لسؤال مباشر سيطرة الإخوان المسلمين عل