الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغدير بين السياسة و الدين...

فراس يونس

2024 / 6 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


يوم الغدير أم عيد الغدير؟ الأجابة عن هذا السؤال هي أصل في تحديد البناء العقائدي للفرد، فإن تبني تسمية يوم الغدير على حادثة غدير خم ،تدل على حدث حصل في مجتمع ما أتسم بصفة رسمية على مستوى قيادة المجتمع ،كيوم الانتخابات مثلا، أو يوم تنصيب الملك على العرش و هكذا، ومن يذهب إلى تسميته يوم الغدير يحيط هذا الحدث بصفة سياسية قابلة للتغيير مع مرور الزمن، فالأنقلابات او تجديد البيعة او انتهاء الدورة الأنتخابية كلها تدل على أمكانية تغيير القيادة حسب نظام الحكم ،وهنا يعطي الشرعية للقيادات الإسلامية آنذاك بالانقلاب على التعيين بعد وفاة الرسول، لاختيار خليفة آخر مع أعتماد نفس شكل الحكم ،وبما ان الانقلاب لم يكن دمويا بل تشاوريا وبغض النظر عن الطريقة التي جرت بها الشورى، فيمكن للبعض تبرير التصرف بأنه عملية سياسية لا تغير من المكانة او الالتزام الديني لمن قام بها، وهي ليست مخالفة لأوامر الرسول ص، ولكن هذا الطرح خطير أذ ينسحب إلى الصفة الشرعية التي يتصف بها رسول الله، وفتح الباب للقول بأن رسول الله لم يكن قائدا ومشرعا دينيا، بل زعيما سياسياً محضاً، وإذا كان زعيماً سياسياً فإن ذلك يعني انه سعى للحكم و ليس لنشر رسالة سماوية مكلف بها من الله تعالى، و اذا كان ساعياً للحكم فمن حق قادة قريش حربه و مقارعته و مسألة تكفيرهم والحكم عليهم بأحكام السماء هي أحكام غير صحيحة ، ولعمري ان سلوك بعض صحابة النبي ومتابعتهم آل أمية و اعادتهم للواجهة كان يرتكز على تلك الفكرة السياسية،..وهنا لك ان تتفق او تختلف...
أما كونه عيدا، فإن هذا المصطلح (أي العيد)اضطلاحاً هو ما يعود من همٍّ أو مرض، أَو شُوق أو نحوه كلُّ يوم يُحتفَلُ فيه بذكرى حادثةٍ عزيزة أو دينيَّة،انتهى.
ولكنه مصطلح ديني بامتياز وقديم، أذ قال الله تعالى: (قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ ٱللَّهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلۡ عَلَيۡنَا مَآئِدَةٗ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ تَكُونُ لَنَا عِيدٗا لِّأَوَّلِنَا وَءَاخِرِنَا وَءَايَةٗ مِّنكَۖ وَٱرۡزُقۡنَا وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلرَّٰزِقِينَ ١١٤)، وهنا القرآن يتحدث عن تثبيت المصطلح المرتبط بالمناسبة الدينية.
لهذا فإن أطلاق مصطلح عيد الغدير، يعني الارتباط الديني لحادثة غدير خم بالسماء، وأن الرسالة التي بلغها محمد ابن عبد الله جاءت من السماء كونه رسول لله سبحانه وتعالى، وهذا يعني انه أمر الهي واجب التنفيذ حددت السماء به أمرين مهمين اولهم شكل الحكم بعد النبي كون رسول الله جاء مبلغا و ناشرا لرسالة الأسلام بشخصه ثم أقام دولة إسلامية أسس لها مقومات الدولة المدنية، و بما ان تلك الدولة يجب أن تستمر فعليه ضمان آلية مناسبة للحكم و القيادة من بعده وكما كان منذ تكليفه (لاينطق عن الهوى ) فقد بلغ بأن يكون شكل الحكم خلافة بالأمامة وليس بالتوريث، و الأمر الثاني تنصيب الخليفة، وهو الأمام الأول الذي سيقوم بقيادة المرحلة الثانية او لنقل الجمهورية الثانية من تلك الدولة وهي مرحلة خطرة جدا ،لدولة فتية لم يمضيى على تأسيسها سوى ١١ عاما او اقل ،كون المجتمع لم يكن ناضجاً بما يكفي لتقبل فكرة الحكم بعد النبي المؤسس، من جهة و كون الحكم بعد رسول الله لن يكون قطعيا كما كانت أحكام رسول الله التي يستمدها من السماء و يتعامل معها المجتمع ب القبول فهو مسلم او عدم القبول فهو كافر ، وعليه فإن تلك المرحلة كانت تحتاج شجاعة شخصية و قوة في القرار و فهما تاما للأحكام، ومن هنا جاءت حادثة الغدير كأكمال لمرحلة التأسيس اي هي جائزة و هدية للمجتمع الأسلامي ستحفظهم و تُقًوم عملهم و تزدهر بها أوطانهم، فأستحقت تلك الحادثة ان تسمى عيدا بالمصطلح الشرعي،..
من هنا كان عدم قبولها كعيد يرتكز على أنه لو ثبتت عيداً لكان من الواجب الشرعي الالتزام بها، وبما يعني ان مخالفتها توجب الهلاك وعدم الالتزام بأوامر الله ورسوله.
وعليك أن تفكر قليلا، لتفهم ان التمسك بكون الغدير حادثة يوم، هو المخرج الوحيد لتقبل فكرة الانقلاب السياسي الذي حدث بعد رسول الله، ولا عجب، فإن بضع سنين لا تصنع مجتمعاً مدنياً واعياً،لتنقله من البدوية و التصحر إلى المدنية و التقبل،خاصة وان كبار الصحابة كانوا اكبر عمراً او بعمر رسول الله ص، فكيف يتقبلون فكرة ان يكون ابن عم رسول الله خليفة له؟ هذا يعني حسب فهمهم توريث المُلك لبني هاشم،فهو بنظرهم مشروع سياسي بحت لا يخلوا من المحاباة للأقارب و الأصهار، وهذا اتضح جليا في سلوك توزيع العطايا من بيت مال المسلمين في دورات الحكم الثلاث التي اعقبت وفاة رسول الله.
فأصرار الطرفين على تسمياتهم يعتبر مرتكزا لعقائدهم التي بُنيت بعد وفاة رسول الله ص والتي تنسحب يقيناً على الإيمان بأصل الرسالة المحمدية السمحاء....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألمانيا تقر قانونا لتسهيل طرد مؤيدي الجرائم الإرهابية | الأخ


.. أردوغان لا يستبعد عقد اجتماع مع الأسد: هل اقتربت المصالحة؟




.. قراءة ميدانية.. معارك ضارية وقصف عنيف على حي الشجاعية بمدينة


.. -من الصعب مناقشة كاذب-.. هكذا علق بايدن على -التنحي- | #عاجل




.. -لكمات- بين بايدن وترامب .. والأميركيون في مأزق ! | #التاسعة