الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا نكتب ؟

علا مجد الدين عبد النور
كاتبة

(Ola Magdeldeen)

2024 / 6 / 25
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


احياناً كثيرة أتردد في الكتابة ، وأتساءل ما جدوى أن أكتب قصة بنهاية سعيدة أو حزينة ، أن أكتب مقال رأي أنقد فيه فيلماً أو وضعاً سياسي أو حتى معتقد ديني .
وهو سؤال لا يتوقف عن التردد ما جدوى كل هذه الكلمات .
هل نحن أمه تقرأ ؟ ، هل هناك أحد يقرأ ؟
هل يقرأ الكتاب ما يكتبه غيرهم ؟
ولمن يكتب الكتاب ؟
هل هي وظيفة صحفية للبعض ، وهواية للبعض الآخر ، وحلم للكثيرين الذين يتخيلون انفسهم وقد أصبحوا مليونيرات بعد تصدر واحدة من رواياتهم لقوائم الكتب الأكثر مبيعاً .
هل الكتابة مجرد تعبير عن ما في داخلنا من أرواح خائفة وغاضبة ، تخرج ما تحمله من هلاوس ونزعات شر في صور ابطال مجرمين .
هل هي مرآة تعكس ما في مجتمعاتنا من مشكلات وما في قوانيننا من عوار؟
أم أن الكتابة هي إحدى محاولات الانسان للخلود ؟ ، محاولة تشبه إلى حد كبير رغبة الإنسان الاول في الخلود عن طريق نقش أسمه و بعض تفاصيل حياته داخل الكهوف وعلى الصخور .

كيف يرى الكتاب أهمية ما يقومون به ؟؟

رأى نجيب محفوظ الكتابة مثل أي نشاط يقوم به الإنسان، وربما كانت أسباب هذا النشاط غامضة، مثل اللعب أو الرحلات أو الفن أو الكتابة الإبداعية، من الممكن أن يكون أساسها القراءة والجو الثقافي الذي يجعل الإنسان يعشق الكتابة فيكتب. و تابع: إن الكتابة فن جميل يتصل به الكاتب بهموم الناس ويتلقى منهم وعنهم. أنا لا أستطيع أن أعيش بدون كتابة لأنني في الكتابة اشبع رغبة بداخلي في أن أكتب. أولًا كتبت للاستمتاع الشخصي وبعد أن أخذت موضوع الكتابة مأخذ الجد، بدأت أحلم بآمال من الممكن أن يوصلني هذا النشاط إليها كالمجد والشهرة وغير ذلك. والحمد لله قد نلت اكثر مما تمنته.

أما الروائية السورية "حميدة نعنع" فتحدثت عن الكتابة قائلة :
لكي أفسر لماذا أكتب فلا أجد أفضل مما قاله جوزيف كونراد: ثمة ظلام أشد سوادًا من ظلام الليل هو بلا شك ظلام الصمت. ولأننا منذ ولادتنا محكوم علينا بالصمت بواسطة السلطة، كل أشكال السلطة: الأب ثم القابلة، ثم المجتمع، ثم النظام السياسي، فقد كان علي أن اكتب لكي أمزق هذا الصمت وأفضح الخطأ الذي من حولي بهدف خلق عالم أجمل وأكثر احتمالًا، فلولا الكلمة لكان العالم بائسًا وصعب الاحتمال. أكتب لكي أعيش، أتحمل العيش، فالحياة قاسية والأشخاص من حولنا يفتقدون الحنان. الكلمة وحدها هي التي تمنح ذلك الحنان المطلق. أكتب لكي أحارب فكرة الموت الذي نُولد ونحن نعرف أنه ينتظرنا في نهاية الطريق أو في أي لحظة من حياتنا.
إننا كالسجناء المحكومين بالإعدام، الذين ينتظرون لحظة تنفيذ الحكم، والذي يفسح أمامنا باحة السجن ويؤخر لحظة الإعدام هو الكتابة، الغوص في أعماق الإنسان. والكائنات والعالم من حولنا.


لماذا نكتب ؟؟
في كتاب "لماذا نكتب" لميريدث ماران والتي جمعت آراء عشرون من الكتاب الناجحين ليجيبوا عن الأسئلة الخاصة بالكتابة كان منها :

ديفيد بالداتشي
وهو روائي أمريكي حاصل على جائزة الرصاصة الفضية لكتاب الإثارة العالميين في 2008 ، يجيب ديفيد بالداتشي قائلاً : لو كانت الكتابة جريمة ، لكنت الآن في السجن ، لايمكن ألا اكتب ، فالكتابة قهرية عندما تأخذ الجمل والقصة في التدفق ، تكون الكتابة أفضل من أي مخدر فهي لا تجعلك تشعر بالرضا عن نفسك وحسب بل تشعر بالرضا عن كل شيء.

كاثرين هاريسون
وهي كاتبة أمريكية وصف النقاد في نيويورك تايمز كتابها (كرسي الإجبار) بأنه فاتن .
تقول كاثرين في الكتابة : أكتب لأن هذا هو الشيء الوحيد الذي أعرفه والذي يمنحني الأمل بكوني جديرة بالمحبة ، انا اتطلع دائماً إلى الكتاب الذي لم يأت بعد ، الكتاب الذي سيكشف عن جدارتي بالمحبة .

جيمس فري
وهو كاتب أمريكي أيضاً ، باعت روايته (مليون قطعة صغيرة) أكثر من 7 ملايين نسخة حول العالم وترجمت إلى 35 لغة .
يقول جيمس فري : أريد كتابة ما يمكن أن يعتبره التاريخ مهماً ، كتب لها معنى يغير العالم وطرائق الكتابة والنشر ، أريد أن اضع نفسي في قائمة الكتاب الذين صنعوا التاريخ .

هل يمكننا أن نثق في كتب التاريخ ؟
عندما نقرأ التاريخ في الكتب ونطلع على مافيه من أحداث نتساءل :
هل وقعت بالفعل كل التفاصيل المذكورة؟ أم أن هذه الأحداث خضعت لميول وطبيعة وعقل المؤرخ وشخصيته وانحيازه لأحد الأطراف على حساب أطراف أخرى؟، هل كتبها كما رآها هو من وجهة نظره الشخصية، أو كما حصلت فعلا ؟

يقال إن المنتصر هو من يكتب التاريخ. وهذه المقولة صادقة إلى حد كبير، فكتب التاريخ تزخر بروايات ملحمية كتبها المنتصورن ، فكل من ينتصر في معركة أو حرب أو منافسة حزبية ما، هو الذي يدون ما يريد من أحداث وبيانات ومعلومات وربما لا يقتصر ذلك على كتب التاريخ فقط لكنه أيضا يضمن ذلك في المقررات الدراسية الذي يدرسها التلاميذ في المدارس والجامعات، في حين يُغفل عمداً معلومات أخرى ذات أهمية وقيمة في اكتمال الصورة بشأن الحدث
وبذلك فالتاريخ دائما ما يكتبه المنتصر ليروج فيه لنفسه ولانتصاراته ويبرز إنجازاته ويقلل فيه من قيمة خصمه.

ففي أكثر من رواية يُصور الزعيم والقائد المنتصر بأنه البطل، ولا يذكر بين تاريخه إلا ما هو حسن، أما ما هو سيئ فُشطب بهدف المحافظة على الصورة المشرقة البراقة له. ولا تظهر هذه الحقائق إلا بعد ذهاب صاحبها، وهذا يذكرنا بالمقولة الشهيرة إن التاريخ الحقيقي لا يظهر إلا بعد زوال صاحبه .

هل نتوقف يوماً عن الكتابة؟

إن كان للبشرية إختراع يوصف بالمذهل فلا أعتقد أنه سيكون أكثر إذهالاً و تأثيراً وسحراً وتدميراً من الكتابة ، ومنها بدأ كل شيء فهي الوسيلة الخالدة للتعبير عن المشاعر والأفكار ، ولها وقع السحر على النفس الإنسانية؛ فهي الوحيدة القادرة على التغلغل إلى الأعماق، والتأثير في الإنسان، وربما قلب حياته رأساً على عقب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقعات بتسليم واشنطن قنابل نوعية للجيش الإسرائيلي قريبا


.. غالانت: لا نسعى إلى الحرب مع حزب الله لكننا مستعدون لخوضها




.. حشود في مسيرة شعبية بصنعاء للمطالبة بدعم المقاومة الفلسطينية


.. فايز الدويري: الاحتلال فشل استخباراتيا على المستوى الاستراتي




.. ساري عرابي: رؤية سموتريتش هي نتاج مسار استيطاني طويل