الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحيز الغيري: خطر يبتلع العراق

منظمة مجتمع الميم في العراق

2024 / 6 / 25
حقوق مثليي الجنس


لا شك بالحضور الواقعي لسياسة تقسيم المجتمع الى أطراف منغمسة بصراعات، الى طرف يملك الهيمنة واخر حصته الاضطهاد، والى اغلبية ذات امتياز واقليات ذوات مواطنة من الدرجة الثانية؛ فبث خطابات الكراهية بين الناس على المنصات الدينية والإعلامية الرسمية والإعلامية البديلة بالإضافة لسن قوانين منحازة ليس بصدفة عبثية!، وبما ان تشخيص المشكلة هو أولى خطوات الحل فهنا سنكتشف جوانب أحد اشكال العنصرية والتحيز التي يغفل العامة عن خطرها، التحيز الغيري: ما هو التحيز الغيري؟ ما هي اضراره الرئيسية؟ وما هو الدور الاجتماعي لصده؟

ما هو التحيز الغيري؟
نقصد بالتحيز الغيري حالة من العنصرية الجمعية المنهجية داخل نظام معين تجاه كل الافراد الذين لا يمكن حصرهم داخل الشكل الغيري للعلاقة (العلاقة بين ذكر-انثى)، وهو مرحلة أكثر انحطاط من "المعيارية الغيرية" التي تخاطب العلاقات الجنسية والعاطفية بثنائية: (غيري الجنس = القاعدة / مثلي الجنس = الشذوذ) رغم رفض كل العلوم الإنسانية والطبية لصيغة الثنائيات وتأكيدها على الطبيعة الطيفية لهويات الانسان الجنسانية.

وتعد هذه الظاهرة أكثر شمولًا وعمقًا وجمعيةً مما يعرف برهاب المثلية؛ فالرهاب للأفراد، وهو خوف مفرط غير عقلاني يصحب بالكراهية والاشمئزاز، وبما ان الرهاب كغيره من الاضطرابات يمكن علاجه نفسيًا كذلك يمكن تعزيزه نفسيًا, فلا يوجد مجتمع على الأرض بأغلبية من المصابين فطريًا برهاب المثلية بل ان هذه الظاهرة ليست الا نتيجة للتتابع السلطات الرأسمالية والطبقية الأبوية والثيوقراطية والاستعمارية التي رسخت منهجيًا قواعد راسخة للتحيز العرقي والمناطقي والطبقي والجندري والطائفي وكذلك التحيز الغيري, فكل اشكال العنصرية تتشابه بذات البناء الاجتماعي والنفسي وتتشارك بأغلب الاضرار الناتجة.

فبوجود سلطة رأسمالية ابوية تقصي كل ما لا يطابق صورتهم الضيقة عن ماهية العائلة لأغراض منفعة مادية وهيمنة اجتماعية, وبوجود سلطة ثيوقراطية تكتسب شعبيتها من الاتجار بالدين وسلب حقوق الافراد لإرضاء الواعز الديني واكتساب جمهور سياسي من جهة اليمين المحافظ, وبوجود موروثات استعمارية كأن يكون اول قانون شرع لتجريم المثلية في العراق سن بواسطة المستعمرين الانجليز, او كأن يفرض عليك المستعمر الأبيض ان الشعر القصير هو معيار المظهر الرجولي –على عكس موروثك الثقافي- او ان يفرض عليك ان المستحضرات التجميلية حكر على الاناث –أيضا على عكس موروثات تكحيل العيون-؛ فمن الطبيعي ان ينشأ نظام يحتضن التحيز الغيري ويبجله ويسن على أساسه قوانين تقيد الاعلام من استخدام مصطلحات من علم الاجتماع والطب (كالمثلية والجندر) واستبدالها بمصطلح تمييزي محرض ولا أساس اصطلاحي علمي له (كالشذوذ), ومن المتوقع ايضًا ان تصدر قوانين كالسجن سبع سنوات بحق من "يروج للشذوذ" او خمسة عشر سنة لمن يمارس أي سلوك جنسي غير فيري, فلم نستغرب بعد ذلك من زيادة عدد المصابين برهاب المثلية؟

اضرار التحيز الغيري على افراد مجتمع الميم عين
يشكل التحيز الغيري -ونمطية ثنائية الجندر المصاحبة له- أزمات نفسية لدى الكثير من افراد مجتمع الميم عين العراقيين فمعظمهم لم يكبر في بيئة عائلية محتضنة ومتقبلة وداعمة، كما ان ضغط خطابات الكراهية قد يسبب تقليل احترام الذات لديهم مما يدفع للاكتئاب والانتحار، بالإضافة الى الوصمة الاجتماعية وقوانين الحرمان من الظهور والمخاوف الأمنية الذين يؤدون الى العزلة ولانسحابيه وصعوبة التوافق مع المجتمع.
كما ان سماح وزارة الصحة العراقية بمحاولات "تصحيح" الميول الجنسي بالعلاج النفسي والذي حذرت منه منظمة الصحة العالمية بوضوح لما يسببه من اضرار جسيمة بلا نتائج فهذا يعد تحديًا للذين يلجؤون للطب النفسي دون علم منهم بوجود هذا الانتهاك.

ولو نجى هذا الفرد من الاضرار النفسية فلا يزال عليه مواجهة النظام الذي يقصي حقه في ميادين الدراسة والعمل والرعاية الصحية حيث تقوم بعض المؤسسات بفصل هؤلاء الافراد او رفض اعطائهم حقوقهم بشكل تعسفي تمييزي، او قد يقصي النظام على حقه في الحياة بشكل نهائي عندما لا يحاسب السلطة العشائرية والابوية والمليشياوية الثيوقراطية على سفك الدماء والاغتيالات، فالأمر لا يقتصر على الحريات الجنسية الشخصية؛ نحن نتحدث عن انتهاك مجحف لكل حقوق الانسان.

اضرار التحيز الغيري على المجتمع العراقي ككل
بينما يضن بعض الافراد المغايرين ان امتيازاتهم قد تحميهم من الضرر فالواقع يقول بأن متى ما انطلقت الكراهية في المجتمع وخلقت الاضطهاد فلا يوجد طرف سيخرج بلا خسائر، فحتى الافراد المغايرين قد يواجهن نفس تحديات افراد الميم عين في حالات الاشتباه والاتهام الكيدي؛ مما سيدفع معظمهم للكبت والتصنع.
كما ان إصابة الفرد برهاب المثلية سيكلفه حالة من القلق العصابي والتفكير اللامنطقي حول المثليين ويحرمه التواصل الاجتماعي السوي، فلن يكون بمقدوره التعاطف معهم او الانتفاع من منجزاتهم ونتاجهم بكل اشكاله الفكرية والعملية، وقد تكلفه ايضًا خسارة افراد عائلة وأصدقاء وحتى زمالات طيبة.
بالإضافة الى ذلك فضعف الموقف الدبلوماسي العراقي نتيجة انتهاكات نظامه لأفراد مجتمع الميم عين ستكبد خسائر للجميع، اما عن أكبر الاضرار برأيي فهو افة الجهل وتراجع الوعي الاجتماعي.

ما هي مسؤولياتي الاجتماعية تجاه مواجهة التحيز الغيري؟
• دعم وتمكين افراد الميم عين من العائلة والأصدقاء والزملاء دون تعريض نفسي للخطر.
• احياء الظهور الكويري في الاعمال الأدبية والفنية تحت أسماء مستعارة.
• التوعية الطبية والاجتماعية والنفسية ضمن السياق الطبي وفي محيط امن.
• مقاطعة المنصات الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي إذا ما روجت للتحيز الغيري.
• تجنب التمركز حول الذات والاطلاع بشكل مستمر على أوضاع وتحديات تلك الشريحة.
• مخاطبة المنظمات الدولية باستمرار بشأن هذا الملف الحقوقي.

وبالختام اذكر بأن لا شيء يجب ان يكون أكثر أهمية من حق الانسان بالحياة، وأن لا وجود لوجه إيجابي اخلاقي للعنصرية والكراهية بأنواعها، لنستمر بالنضال لأجل تماسك المجتمع ولأجل مساحة تعايش متساوية لكل انسان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ملاحظات 1
أمين بن سعيد ( 2024 / 6 / 25 - 16:43 )
(وهو مرحلة أكثر انحطاط من -المعيارية الغيرية- التي تخاطب العلاقات الجنسية والعاطفية بثنائية: (غيري الجنس = القاعدة / مثلي الجنس = الشذوذ)): ما رأيك في استعمال -أغلبية- و -أقلية-؟ ستكون طريقة أرقى وستجنبك خلق أعداء مجانيين يقولون بمنطق -القاعدة لها صلة وثيقة بالأغلبية عادة ولا تؤخذ من الأقلية-، هم لا يقولون بـ -شذوذ المثليين- وغيرهم، لكن ربما استفزهم وضعك لهم مع العوام الذين أصل قولهم بالـ -شذوذ- أديانهم وليس ما ذكرت.
(وبما ان الرهاب كغيره من الاضطرابات...): يذكرني هذا بتفسير اليهود لـ -معاداة السامية- فهي أيضا -اضطراب نفسي-... إقتراح: ماذا لو عدلت عن استعمال مصطلح -رهاب- بالكلية؟ معناه الخوف ولا أحد يخاف من المثليين بل أنت مع مجتمعات -تكره-/ -تحتقر-/ -تشمئز- من المثليين والسبب الأول في ذلك أديانهم.
(والذي حذرت منه منظمة الصحة العالمية): البارحة نفس المنظمة كانت تصنف المثليين مع المرضى العقليين وتغير موقفها اليوم لا يعني أن لذلك علاقة بالعلم بل بالأيديولوجيا الحاكمة للغرب.
(المصابين برهاب المثلية): هذا أيضا يخلق أعداء مجانيين
(مقاطعة المنصات الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي إذا ما رو


2 - ملاحظات 2
أمين بن سعيد ( 2024 / 6 / 25 - 16:44 )
(مقاطعة المنصات الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي إذا ما روجت للتحيز الغيري): عوض المنع، طالب بالحرية، منطق المنع أول من سيحرق بناره: أنت.

اخر الافلام

.. دوجاريك: القيود المفروضة على الوصول لا تزال تعرقل عمليات الإ


.. الأونروا تقول إن خان يونس أصبحت مدينة أشباح وإن سكانها لا يج




.. شبح المجاعة في غزة


.. تشييد مراكز احتجاز المهاجرين في ألبانيا على وشك الانتهاء كجز




.. الأونروا: أكثر من 625 ألف طفل في غزة حرموا من التعليم بسبب ا