الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(قصائد عارية) وموقف الجواهري

داود السلمان

2024 / 6 / 26
الادب والفن


ما فتئ الشاعر حسين مردان يحلم بانتشار واسع لهذه المجموعة الشعرية، حتى مُنعت من تداولها منذ الأيام الأولى لنشرها، و حظرت في الأسواق، وليس هذا فحسب؛ بل جرى التحقيق معه حول "قصائد عارية" فعنوانها صادم ومحتواها أكثر صدمة من العنوان. وهنا كأنّ عناية السماء قد تدخلت لحسم الأمر، حيث أرسلوا بها إلى الجواهري ليفتي لهم فتوى بشأنها، وهنا لجنة التحقيق رمت الكرة بملعب شاعر العرب الأكبر، فهو الذي سيحسم الأمر، وينهي الموضوع. وبطبيعة الحال أن الجواهري هو العالم الخبير بتاريخ الأدب، وما يحتوي هذا التاريخ من قضايا كثيرة بخصوص الشعر، إذ الشعراء لم يتركوا شاردة ولا واردة، ولا جانب من جوانب الحياة، إلّا وكتبوا بشأنه من غث وسمين. فكتب لهم ما معناه: بأنّ الأدب العربي مشحون بكثير من مثل هذه الأشعار التي كتب بما يضاهيها حسين مردان؛ وعليه فأنّ الأمر سهل يسير ولا على الشاعر من غضاضة. فصدرت المحكمة بأفراج عن الشاعر وعن قصائده العارية.
وهكذا ينقذ الجواهري صاحب "قصائد عارية" من سجن حتمي. وهكذا فأنّ الموقف هذا يُحسب للجواهري، ويبقى صفحة بيضاء في تاريخه العاج بكثير من المواقف المختلفة.
يقول الشاعر المتمرد حسين مردان من قصيدة له:
أدوس على الوجود وساكنيهِ
وأبصق فوق سكّان القبورِ
واُقسم لو رأيت " الله " يوما
صرختُ بوجهه بيدي مصيري
أساطيرٌ ملفقةٌ ودنيا
يكبّلها الزنا أبد العصورِ
دعيني أعبد الشيطان وحدي
وأعبث في الحياة بلا ضميرِ
وهذا المقطع على سبيل المثال، لا الحصر، ففي مجموعته الشعرية تلك، نجد حسين مردان عبر جميع الخطوط، وليست الحمر فحسب. لكنّه هذه المرة وقع بيد الرقابة، فقد جُبل هذا الشاعر المتمرّد على كل شيء، فهو إنسان بوهيمي (وتعني: أي كاتب أو فنان أو شاعر يميل إلى اتخاذ سلوك أو العيش بنمط حياتي غير مألوف، سواء كان هذا سلوكًا واعيًا أو غير واعٍ منه – راجع: ويكيبيديا) الذي لا يعبأ بجميع السلوكيات والاعراف والقيّم، حتى صار شيخ الصعاليك المعاصرين، متجاوزا عروة بن الورد بسلوكياته، وقد رضى لنفسه هذه الحياة التي اختارها من ذاته؛ وكان يرى أن الحياة بلا معنى، فعاشها بعبثية خالصة، متأثرا بالبير كامو و كافكا.
وفي قصيدة "زرع الموت" يقول:
ابليس والكأس والماخور أصحابي
نذرتُ للشبق المحموم أعصابي
مِنْ كل ريانة الثديين ضامرة
تجيد فهم الهوى بالظفر والناب
وهنا يفصح أكثر عما يروم ويجري في خاطرة، وبلا قيود وبفم ملآن:
ما الحب إلا شهوة فلتبعدي
أم الزنا فمك المدنس من فمي
وتجردي لأراك جسما ناعما
بلظى الفجور يضج مثل جهنم
ولا يرى في الشرف إلا إختلاقات
ما الطهر ما الشرف الرفيع وما التقى
غير إختلاقات الزمان الأقدم
فاستهتري يا بنت آدم كلنا
في الأصل للطين المدنس ننتمي
إلى غير ذلك مما حملته مجموعته تلك التي أثارت الجدل، ليس في الساحة الشعرية فحسب، وانما وقعت بيد الرقابة، فمنعت تلك القصائد، ورفعت قضية الشاعر للمحاكم، وكاد حسن مردان أن يحكم عليه بالسجن، لولا تدخل الشاعر محمد مهدي الجواهر، كما ذكرنا في المقدمة لهذا المقال.
مصادر المقال: محرك غوغل- Google








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم الحلقة كاملة | حملة هاريس: انتخبونا ولو في السر و فن


.. -أركسترا مزيكا-: احتفاء متجدد بالموسيقى العربية في أوروبا… •




.. هيفاء حسين لـ «الأيام»: فخورة بالتطور الكبير في مهرجان البحر


.. عوام في بحر الكلام | مع جمال بخيت - الشاعر حسن أبو عتمان | ا




.. الرئيس السيسي يشاهد فيلم قصير خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى