الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لزوم طي صفحة -النهضوية الزائفة-/1

عبدالامير الركابي

2024 / 6 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


غاب الجزء الحيوي من المعمورة المعروف بالشرق متوسطي عن الوجود من عام 1258 الى الان، فمع انطفاء شمس بغداد العاصمة الامبراطورية الكبرى بعد خمسة قرون من حضورها العالمي، وقعت المنطقة المشار اليها تحت وطاة الدويلات والسلالات واشباه الامبراطوريات الشرقية، كان اخرها الاكثر ثباتا واطولها عمرا، العثماني اعقبة وحل محلة الغر بي الاوربي الالي ونهضته المعروفة بالحديثة، فجرى في حينه استبدال لهيمنه وغلبة باخرى، مع الاختلاف من حيث النوع، الاول اليدوي حتى نهاياته، والثاني الالي.
ومع التغير الواجب في اشكال وصيغ الرضوخ للانقلاب الغربي الاوربي بما يوافق اشتراطاته النوعية، فلقد توقفت ردود فعل هذا الجزء من المعمورة عند المقصد الاتباعي فلم تعرف المنطقة اي ميل نحو التعرف على الذات، او التوافق مع الكينونه التي ظلت غائبة وخافية، ومع ان هذا الموضع الكوني من العالم والبدئي على مستوى التبلور المجتمعي ومايعرف بالحضاري، لعب دورا كونيا خلال دورتين، اولى تاسيسية وبدئية وثانيه وسيطة كبرى، وهي اعظم واشمل الفعاليات التاريخيه المعروفة لموضع ابان طور الانتاجوية اليدوية، ومنها واخرها التمهيدات الاقتصادية التجارية الضرورية المحفزة للانقلاب الالي على المنقلب المتوسطي الغربي، الا ان تاريخ هذا المكان على عظمته لم يترافق مع مايمكن من ادراكية للذات، وللبنية وعملها، ومن ثم لقانون حركتها، وماانتظم تكرارا وعبر المراحل الياتها ومقاصدها الممكن تبينها او وضع اليد عليها.
ومادامت الذات قد ظلت مفتقده وغير حاضرة ضمن الاهتمامات العقلية، لاسباب منها مايتعلق بالعقل وطاقته، ومامتاح له ابتداء من قدرة على الادراك، عدا عن اسباب اخرى غير مفصح عنها، منها توافق الكينونه البنيوية التاريخيه مع "الحدسية" الاعقالية بالذات كاحتمال، مايجيز الركون لفرضية تطور هذا الجانب من الفعل العقلي، من الحدسية الاولى "النبوية" كما تجلت هنا تاريخيا وكونيا، الى العليّة الحدسية المنتظرة، الامر المرتهن باحتمالات مستقبلية ماتزال غير متبلورة الى اليوم.
تحت طائلة حال من هذا القبيل ينتفي وجود المنطقة بذاتها لصالح وضع من "البرانيه" الطويله الرضوخية للغالب مع الاخذ بالاعتبار نوعها، فاذا كانت المنطقة قد عاشت لقرون تحت وطاة الامم الشرقية اليدوية، فماذا يكون عليه حالها مع الغلبة الاليه الغربية و"نهضويتها الحداثية" كما استقرت في الغرب مع ظهور الاله وماترتب عليها من اتقلابية شامله آنيه تحولت الى غلبه على المستوى العالمي، من ضمن كينونتها وديناميات حضورها الماخوذه بالهيمنة على غيرها بالقوة، تحت طائلة ودعوى التقدم والانتقالية الى الطور المتحقق في الغرب مابعد يدويا. هذا مع ماقد ترافق مع الانقلاب الالي في طور اول مصنعي من اجمالي تحولات نموذجية من نوع الكيانيه العليا ( الدولة / الامه)، ومايعرف ب "الديمقراطية" والمدنية، والقول بالمنظور العقلاني العلمي، ومجمل النظر الى الاشياء والى التاريخ الذي صودر وقتها من قبل الغرب ليلحق ببؤرة الالية وقد تحولت الى مركز ومثابة، ابتدائية نهائية.
وبازاء تحول وقفزه من هذا القبيل، ماكان واردا للعالم الشرق متوسطي العربي في حاله الانحطاطي، ان يحضر أويكون موجودا تحت وطاة هيمنه مختلفة، لديها من الوسائل والاسباب مامن شانه جعل حضورها اتباعا وتماهيا يصل حد تلبس الاخر. وحصول مثل هذا الامر لايحتاج الى الكثير من المبررات، فالموضع المنهار تاريخيا، والذي لم يكن على مدى قرون قادرا على التعبير عن ذاته تحت طائلة برانيه متعاقبة ادنى منه تاريخيا ومنجزا، لن ينقلب باي حال اليوم وبظل الاشتراطات المستجدة النوعية ليصبح"حاضرا"، على العكس كان العالم العربي بحال استعداد نموذجي للاندماج بالغرب ورؤاه ونموذجه، من دون اية محاولة صحو تخص الذاتيه التي تعاظمت مع المناسبة الجديده "الحديثة" اسباب غيابها الطويل، فوضع منهار ومنسحق، لن يكون مؤهلا باي حال على الاطلاق لان يتعامل مع القادم المستجد بمنطق ضرورة للذاتيه فيه وجود كعامل لازم للتفاعلية المستجدة واشتراطاتها، بينما كان توهم الحصول على غير الجاهز، خارج الصدد، لانتفاء مبرراته واقعا ولانعدامها اجتماعيا وتاريخيا.
واهم ماكان حاضرا في حيته وماقد جرى اغفاله وطمسه جهلا وعمدا، عدم التفريق بين حالتين مختلفتين تاريخيا ونوعيا، بين مجتمعية غربية متحولة الى الالية، ومجتمعية شرق متوسطية عربية ماتزال يدوية محكومة لمتبقيات واليات تنتمي للماضي، فالمنجز الشرق متوسطي النهري ومن ثم الصحراوي / النهري، هو منتج يتفق مع اشتراطات الطور اليدوي انتاجا، مع مايتصل به ويترتب عليه من احكام واليات الوحدة التفاعلية المجتمعية / البشرية، لن تكون اذا هي نكصت امام الانقلاب الالي وحضوره، الامتشبهه بنموذج تفتقر لاهم عنصر من عناصره، ماكان يجعل من الدعاوى و" الافكار" التي ظهرت في حينه مدعية امكانيه " النهضة"، اقرب الى الخراقة التاريخيه، والى تكرار لمظاهر الانحطاطية واستمرارها باسوأ اشكالها ان لم نذهب لقول ماهو اسوأ بخصوصها، فلنكتفي بالقول بان المنطقة من حينه قد عرفت موجة "نهوض زائف" من باب تلطيف التسمية، او الحكم على حالة مزرية من التفاعلية الانحطاطية التي المت بهذا الموضع من العالم في حينه والى الساعة.
من الصعب تصور مستوى الخراقه التي ترهن "النهوض" باعلان من محمد عبدة والافغاني خارج العوامل المادية، وبتجاوز مامرت به اوربا من تحولات بنيوية منذ القرن الثالث عشر الى السابع عشر ومابعده، لنصبح متحولين بالكلام والامنيات الاقرب للبلهاء، فاذا بالمفهوم يسبق الواقع، عكس الحاصل في منطقة الانقلاب الالي الحديث المستعار،ومجمل نموذجيته الكيانية، وفي المستويات كافة، والغريب ان الحال المزري المنوه عنه اعلاه، قد ظل يعتبر الى اللحظة الراهنه على انه احتمالية قابلة للتبني، او الاعتبار كحقيقة "حديثة" و"معاصرة"، من دون ان يولد او يلوح في الافق ما يفندها لصالح بدئية اخرى، ونمط تعبيرية متفقة مع الاشتراطات التاريخيه للمكان، صار "الية" حكما بعد ان كانت وعرفت خلال مناسبتين كبريين بصيغتها الاولى "اليدوية" الحدسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق


.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م




.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا


.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان




.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر