الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الصعب / بدر زكريا

نصار يحيى

2024 / 6 / 28
الادب والفن


يستهلُ بدر نصه بكلمات وفاء لروح غسان الجباعي، الذي غادرنا قبل عام ونصف:
"إلى روح المرحوم غسان جباعي..الإنسان..المسرحي..الكاتب"
كان الليل يطوي همساته الاخيرة. (بدر) يحاولُ النومَ عبثاً، بعد إرهاق وتعب شديدين، نظر الى الضوء الخافت فوق رأسه، يهدهد الأمسَ، يسرده المساء..إلى أن غفى، "حالماً" بفسحة لقاء مع (البيت، زوجته، طفله):
"خرجتُ من السجن باجازة 24 ساعة، وعلي أن أعود غداً..قبل أن أصل الى البيت، أرى زوجتي وطفلي الذي قارب الخامسة..على أحد الأرصفة، لديها بسطة تعرض عليها بعض الأغراض للبيع..حاولتُ الاقتراب منهما..لكنهما ابتعدا..أنادي أرفع صوتي، لا مستجيب..-الوقت يمضي- أصرخ أصرخ..وكانت بمثابة "زعيق" منبه: إنه الكابوس.."
هذا الاقتباس يأتي في سياق الجزء الأخير من النص الذي حمل عنوان الحريق؟
تحترق أوراقه التي كان يرسلها لزوجته: هي "بروشورات" ستة عن كل مسرحية اشتغلوا عليها بدر و رفاق السجن.
بعد سنوات وعند اللقاء لحظة الخروج الى الحرية، تبادرَ إليه الفضول الأول: أين تلك البروشورات؟
الزوجة (كلاديس): في ليلة حالكة وصمت في الشارع، رأينا أمي وأنا طنين سيارتهم (الأجهزة الأمنية)، تقف إلى زاوية االبيت، انتابنا الرعب والخوف: ربما يأتوا إلينا، ثم يقومون بـ "التلصص" كعادتهم؟
إن وجدوهم، لن يرحمونا: دون تردد جمعناهم، رمينا بهم إلى "قاظان" الحمام..رماد صاروا يا بدر..
-بدر يقول أن ذلك تم في ليلة الكابوس، حسب ما تذكر-
ستة عروض مسرحية يشتغل عليها بدر و "الورشة السجنية المسرحية"، رفاقه:
العمل الأول كان عن رواية اللجنة /الروائي المصري صنع الله ابراهيم: باكورة المغامرة، حفيف النحت على نشاط لم يعتْد عليه السجناء القدامى؛ في سجن صيدنايا جناح الألف يمين، سيلتقي مع علي الكردي Ali Alkurdi أحد المعتقلين القدامى والمهتمين بالكتابة والسيناريست. علي يمسرح النص (اللجنة).
يتغير المكان يُنقل بدر ورفاقه الجدد (اعتقال 87-88) إلى جناح آخر وطابق ثالث.
هنا يتم العمل على خمسة نصوص بشروط مسرحية تنأى بنفسها عن الحد الأدنى من الحضور؟
هو سجن صيدنايا -رغم نجومه الخمسة بالمقارنة مع بقايا "النزوح/ السجون"- يسمح لكَ أيها المعتقل بنومٍ هنيءٍ على فرشة من "القطن العسكري"، وكتاب متعدد المواهب، ربما بعض الكتب ذات العناوين "البراقة" السياسية محظورة، تنام ملئ جفونها!
أما مسرح وسينما ووسائل ترفيه أخرى -رغم وجود مكان في السجن للعروض السينمائية "مراعاة للشروط العالمية"- والعياذ من واحد أحد هذا اسمه كماليات ستجعل المعتقل يعيش حالة دلال و ميوعة.
/عندما التقى مدير السجن بالمعتقلين على إثر إضراب منهم، لتحسين الوضع المعيشي، الكل طالب بنفس الوتيرة.
وحده بدر: لديكم في السجن مبنى مخصص للسينما، لماذا لاتسمحوا لنا بمشاهدة أفلام سينمائية، او نقوم نحن بعرض مسرحية ما من شغلنا؟
-اندهش الرفاق من الطلب، لسان حالهم يقول: " مو وقتها يا بدر".
العيون تتوجه نحو ردات فعل مدير السجن:
نظر حواليه، رأى الشمس ساطعة، بينه وبين نفسه تمتم.. بصوته العالي: معقول يكون مجنون هذا الافندي"؟
"أيوه بدك مسرح، شو رأيك جيبلكم رقاصات (راقصات) كمان، وهزهز بخصره "، كما آخر رقصة رآها للراقصة نجوى فؤاد!!/.
تتوالى العروض الخمسة: 1-مسرحية الزيادة / الايطالي دينو بوتزاتي.
2-مسرحية الأوراق عن نص ساخر/ التركي عزيز نيسين.
3-النظارة من كتابة أحد المعتقلين/ محمد ابراهيم. Mohamad Ibrahim
4-انسوا هيروسترات/ الروسي غريغوري غورين.
5- مسرحية المنزل الذي شيده جوناثان سويفت/غريغوري غورين
اما مسرحية موت فوضوي صدفة للكاتب الإيطالي داريو فو، لم تر النور رغم اشتغالهم عليها؟ مات الفوضوي حيث مات المسرح بالسجن مع اخبار الانتظار في "حرية موعودة "!!
بدر زكريا في نصه/ من الصعب. يقف قليلاً عند مسرحيتين: انسوا هيروسترات وتركيزه على كاهنة معبد دلفي أريتا.
والنص الثاني موت فوضوي صدفة.
سيأخذ الدولاب شأنا "هنيئاً"، كمصدر سلطة الخوف منه وإليه تعود "المنايا خبط عشواء".
يصبح الدولاب شخصية اعتبارية تأخذ دورا مهما في العرض المسرحي؟
سوف أتناوله بالقسم الثاني. العرض الذي أقامه بدر في مدينة إقامته الفرنسية (ليون).
مسرحية انسوا هيروسترات/ غريغوري غورين:
المسرحية كما هو معروف، حالة البحث عن الخلود وتحدي السلطة من بائع متجول، إغريقي اسمه (هيروسترات). لأنهم حكموا عليه بالاهمال والنسيان، تحول اسم المسرحية الى(انسوا هيروسترات ).
يقوم بحرق معبد أرتميس356 قبل الميلاد في مدينة ايفيس الإغريقية.
حكام المدينة أصدروا حكم الإعدام بحقه. يتأجل التنفيذ بسبب "مكر البائع" واللعب بلعبة الفساد المستشرية آنذاك. حتى أنه وصل لزوجة أمير البلاد والعباد.
البعض من النقاد سيقول، ان غريغوري غورين بنصه المسرحي (انسوا هيروسترات)، كان يهدف الى تخليد الفعل (حرق المعبد): بتحديه السلطتين السياسية والدينية (كهنة المعبد).
مع الأيام واستبطناه المخيال الشعبي، يصبح رمزاً إيجابياً يستقر بزوايا اللاشعور الجمعي!
مايهمنا هنا وما أورده بدر زكريا في نصه، دور كاهنة معبد دلفي إريتا. الذي يقوم بتمثيله كريم أحد المعتقلين:
قبل العرض بثلاثة أيام، بدر (المخرج) قلق ولم يحصل على وضعية مناسبة للباس (أريتا/ كريم). في العتمة بين يقظة واول نوم، وآخر ليلة لانتظار العرض، تأتيه البشارة:
"فيق كريم، قوم، وجدتها -كريم يغط في نوم عميق-..يفيق كريم "كما طاسة الرعب" استولت عليه، شو القصة بدر، شو هاي وجدتها؟
عقدة اللباس للكاهنة، إنه الأسود يا كريم. يقوم بلفه بقطعة سوداء، يذّكره بما سيقول:
"لقد حل اليوم الأسود على الناس، إني أرى كيف اجتمعت الآلهة على جبل الأولمب، من أجل يوم الحساب..أيها الناس ..خافوا من انتقامهم..".
كريم يرتدي الأسود، يقوم بالتهديد والوعيد كما إريتا الكاهنة التي شعرتْ بذنب شديد: كيف لي أن لا أنتبه، وتركته يتسلل هذا المارق (هيروسترات) ويحرق المعبد.
ثم تردف "اللعنة على الجنس البشري الذي أنجب هذا الشرير".
أما كريم المعتقل الانسان، يخرج من السجن، ومرض السل ينهش رئتيه، يعيش غفوات "الحرية" بين أهله وأصحابه.. يتداعى الجسدُ..يظهرُ طيفاً؟!
لطالما كانت (إريتا) كاهنة المعبد، تزوره كلما اشتد هذيان الحمى..الآن تذهب به بعيداً بعيداً..حيث آلهة الرعب تنتظرْ!!
عنوان النص: من الصعب؟
كما هو بات مألوفاً أن العنوان، يشكل العتبة للنص (جيرار جينيت).
ومن الأهمية بمكان الالتفات للسياق الدلالي واللغوي لماهية العنوان.
أمامنا عنوان (من الصعب)، يبدو للوهلة الاولى ، معلقاً بالفراغ؟
لكن بالدخول إلى متن النص، حيث يُفرد له فقرة خاصة التي حملت رقم 2 . يوضح المعنى:
يأخذ الحيز المكاني "سيرته" السجنية، من زاوية العمل على ابتكار جديد غير مألوف وليست له أية شروط تساعده.
هو المسرح وأين في سجن صيدنايا بين أعوام 88- 94 المدة السجنية للكاتب بدر زكريا.
ينطلق من "نقطة الصفر":
من لاشيء صنعوا بدر ورفاقه، ورشة مسرحية، تشتغل على الديكور والاضاءة وكيفية قراءة النصوص، وطريقة الالقاء.
بظل حيثيات التهديد والوعيد لأدنى "المشاغبات"؛ هكذا نشاط من "الممنوعات العشرة" التي هي أشد رسوخا من الوصايا العشرة في اللاشعور الجمعي الإيماني.
كيف استفادوا من مادة بسيطة اسمها العجين، الذي يُصنع من بقايا الخبز المبلل بالماء، يسميها بدر في نصه "العجينة السحرية"، هي المبتدى والمنتهى من تعليق الثياب،الى ربط الحبال التي تركنُ عليها "البطانيات" المكلومة من وجع الليل.
والغاية هنا شيء يشبه ستارة الكواليس..
/سنرى تلك المجسمات والعجائب من العجينة السحرية، وأيضا "السبوتات" من ابر السيرلانك وبقايا اللمبات الشاردة. أثناء العرض المسرحي/.
الغياب ما قبل الرحيل..هجرة المسرح لمدة سنة 91-92..اخبار متواترة عن إخلاء السبيل..
توقفت الباصات الخضراء، كانت كسفينة عبور نحو الحرية. تقف على الجدار الخارجي للسجن، تنقل السجناء "المُعفى عنهم"، إلى الخروج، قاب حياة جديدة ربما بانتظارهم!
في زمن كهذا حيث الوقت يعلن سواده، تُغلق النوافذ، تستشري سحابات من "الغضب" بين البشر المعتقلين:
"عازف الليل" يهيم بين المهاجع، يطوفُ على سكنى "العوازل".
طالت الرحلة عامها ومضتْ، عاد "التأقلم" إلى السجن.
في غضون ذلك:
تظهر على حين غرة مسرحية موت فوضوي صدفة للكاتب الإيطالي داريو فو.
داريو فو الذي يعتبر من مجددي الملهاة المسرحية الإيطالية. تنتمي مسرحيته هذه للكوميديا السوداء.
يموت البطل الفوضوي عندما قذف نفسه أو قذفوه من الطابق الرابع، بعد تعذيب شديد، يقع في مقر القيادة الامنية:
زعموا أنه مات منتحراً.
هو المتهم زوراً بتفجير حصل في المدينة (ميلانو) في مصرفها الزراعي. كان ينتمي إلى مجموعة صغيرة يسارية تتبنى "العنف الثوري". يتكشف لاحقاً: من قام بالتفجير منظمة جديدة يمينية، فاشية الطراز والأهواء.
في المسرحية داخل سجن صيدنايا، تتغير الملامح وتتبدل الأدوار.
السجناء هم البطل الرئيسي الفوضوي.
اما القاتل فهي تلك الإشاعات التي تطرق أبوابهم ليل نهار: باب الحرية قادم؟
بدل الحرية سيدخلون أبواب المحكمة الاستثنائية الخاصة ذات الأحكام الجائرة.
أسدلت الستارة على النص (من الصعب).
لكن تجري الرياح نحو الذاكرة وتحويلها إلى منمنمات مشهدية مسرحية، بين الإلقاء الخطابي و المونودراما المسرحية (الممثل الواحد)، بدل أن تبقى أسيرة بياض الورق:
في ليون الفرنسية -مكان إقامة بدر وبعض أصدقائه- تمَ العرض في خريف العام الماضي، ثم تلاها عرض جديد في نفس المدينة. 17 كانون الثاني من الشهر الماضي.
من المفيد هنا أن يتم ولو قليلاً، الكلام عن المونودراما وعلاقتها بالمونولوج.
-العرض الذي قدمه بدر، ينهل من حالات المونودراما-
قد يحصل التداخل بين المونولوج والمونودراما، على اعتبار أن هناك ممثل واحد يقوم بذلك.
لكن الدراسات الأكاديمية تميز بينهما:
المونولوج يأتي كحالة من المناجاة و حوار الأنا مع نفسها في سياق عرض مسرحي درامي، جنبا الى جنب مع ممثلين آخرين.
أما المونودراما فتغيب معها تعدد الأصوات لجهة الممثل الواحد، دون آخرين على الخشبة، مما يدفع بالممثل إلى استدعاء الشخصيات الأخرى التي تضمنها النص.
إنما عبر أنا المتكلم، بهذا المعنى الضمير الغائب يتسلل تسلل، ودائما الرهان من أجل كسر الرتابة التي من الممكن الوقوع فيها، قدرة الممثل على التنوع في الإلقاء، أحيانا استخدام الخطاب المباشر للجمهور (ما يسمى كسر الجدار الرابع البريختي).
أو في الموروث الشعبي طريقة الرواي، ضمن حالة جماعية لا جدارات بينه وبين الجمهور.
كيف اشتغل بدر على عرضه المسرحي؟
المكان قاعة صغيرة، هناك منصة تشبه الخشبة المسرحية، الجمهور محاذي للمنصة، مما سيجعل الجدار الرابع المسرحي مفتوحا على التفاعل وحضور الإلقاء و المشهدية المونودرامية، من قبل بدر مخرجاً وممثلاً وكاتب النص.
فقط صديقه حسان عبد الرحمن Hassan Abd Alrahman ورفيق السجن معه، عازف العود.
يصاحب بدر ببعض المشاهد (صدى موسيقي للمشهد).
وكذلك سيشارك بدر باحدى المشاهد: إنه الدولاب ياسيدي، هو أحد وسائل التعذيب هناك في السجن.
يبدأ العرض، ينتظر بدر جالساً، بينما حسان عبد الرحمن يقوم بالتقديم باللغة الفرنسية، عن النص والسجن والورشة المسرحية السجنية التي عمل على تأسيسها وتفعيلها بدر زكريا (مخرجاً وممثلاً)؛ على الرغم من أنّ هذا النشاط والاهتمام والحب للمسرح من بدر، لاينطلق من دراسة أكاديمية، مهندس زراعي يهوى "الشغب المسرحي"!
يتناول نصه تراه واقفاً يرتدي "بيجاما" كما السجن، أحياناً يجلس على كرسي وراء الطاولة.
النص هنا يأخذ التعاقب الزمني، كما هو مدرج في الورق.
النص مرقم 13 فقرة تشبه الفصول.
يعزفُ كلماته مدخلاً للتعريف بالتجربة:
هناك لوثة مسرحية تتقاذفني، انا في سيارة "اللحمة" مع رفاقي، حيث نُرحل الى مكان "اقامتنا" سجن صيدنايا (شتاء 88).
ماذا سأعمل وكيف أنسى طفلي الذي تركته بعمر الاشهر، زوجتي التي أحب.
قبل السجن استهوتني رواية اللجنة/صنع الله ابراهيم. أن نعمل عليها "شغل مسرحي" أصدقائي وأنا. لذلك كان أول سؤال بعد وضع "بقجتي" عند المعتقلين القدامى في صيدنايا/ الألف يمين: هل لديكم رواية اللجنة؟
نعم، إنها هناك في زوايا المهاجع.
ثم تبدأ الورشة المسرحية. والشغف يتلقف بدر!
يتناوب بدر في عرضه المسرحي هنا، مابين روحية السهرة الجماعية، لجمهور يسمع ويرى ويندهش، وبين تعدد مشهدي منودرامي كما تقتضي الحالة ضمن النص.
ليس هناك كواليس.
يبدل ثيابه أمام الجمهور على المنصة: عندما يستدعي شخصية مدير السجن وينطق باسمه. أو دور إريتا كاهنة معبد دلفي، هنا كريم الغائب الحاضر، ينوب عنه بدر بلعبة الخشبة وإيماءات الجذب المسرحي.
يعلق بعض اللوحات قام برسمها وتشكيلها ولده المهندس زياد، هذه اللوحات يتداخل بجوانيتها شكل الجناح الافتراضي و المهاجع المتناثرة، والاهم كيفية تقسيم المهجع الى صالة عرض وخشبة وخلفها ستار الكواليس.
يقف مطولاً بالشرح واستخدام الشكل المفترض "للعلاّقات" السجن: قطعتين من القماش بينهما عجين محكم لا يبرح مكانه، في الوسط قطعة صغيرة مفرغة تشبه الحلقة المعدنية.
- يسترسل بالكلام عن "العجينة السحرية"-
على زاوية المنصة يجلس متأملاً الحضور والخشبة، إنه الدولاب. يداري جلسته، يدعوك للشفقة عليه، ساكت "صمٌ بطمٌ"!!
لكن ما أن يحين الموعد: حتى تراه قد "تمطى بصلبه"، ينهض منادياً "المتهم": تعال تعال "حبيب القلب".
يدخل بدر إلى حضن الدولاب "الدافئ". يرفع رجليه للاعلى على مرأى من "الكرباج":
يأتي حسان عبد الرحمن، حاملاً عدد الجلدات. يصرخ بدر مبتسماً؟
لم يكن المشهد درامياً -هكذا أراد بدر- فقط للقول: حالة من الذاكرة العقابية، تعششت في زوايا المكان هناك (السجن).
أعتقد أن الدولاب استقل بنفسه ضمن العرض المسرحي، أخذ أبعاد شخصية ناطقة، كممثل إضافي للعرض المشهدي.
يعلق بدر في نصه: "كان اختراع الدولاب للبشرية بمثابة انقلاب حضاري..شكل لنا مأساة يومية.."
يعود الراوي (بدر) ممسكأً أوراقه إلى مسافة تحتضن الحضور:
"كانت مغامرة لابد منها..طلب رفاقنا القدامى في الطابق الثاني -نتواصل بطرق سرية- أن يشاهدوا إحدى العروض المسرحية. كانت حينذاك مسرحية (انسوا هيروسترات).
كيف لنا أن نحقق لهم هذه الرغبة؟
نحن فرقة عددها (22) فرداً، عداك عن اللوازم وحاجيات العرض المسرحي.
أتانا "الوحي":
نطلب من إدارة السجن أن ننزل الى ساحة التنفس مع بعض؛ هو ليس مطلباً مستحيلاً، لكنه غير مألوف.
لم يطلْ الانتظار: وافقت الإدارة.
كانت خطتنا أن يتم التبادل عددنا 22، يقابله منهم نفس العدد؟
الادارة عندما تقوم بالتفقد اليوم ، تحصل على الرقم الإجمالي، لا تنادينا بالاسماء.
بقينا هناك لثلاثة أيام والطابق الثاني يشاهد العرض. عدنا الى مهاجعنا، مع تكرار الطلب بالتنفس الجماعي.."
لم يكن ذلك مشهد الختام. كان مشهد الحريق، لأوراق اندثرت في مدفأة الحمام، إنما ذلك الرماد عاد عبر النص (من الصعب).
ترتشفُ الأوراق رائحة الرماد، تعلو بأجنحةٍ متراخيةٍ بين الكراس (الحضور).
.التفتوا وجدوا البوح المسرحي يرخي ظلاله عبر بدر واقفا بينهم!
-هناك امراة فرنسية تجيد اللغتين العربية والفرنسية، عند كل فاصل او فصل تقف وتعيد النص بفرنسية حميمة ودافئة-.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كتاباتك راقية
حمادة حسن ( 2024 / 6 / 29 - 00:18 )
يشعر الانسان عندما يقرأ مقالاتك بأنه صغير امام هذا الكم الهائل من المعلومات التي تملكها، وتكتب بتلك النفسية ارقى .تقديري لك


2 - جميل
نجود عالم ( 2024 / 6 / 29 - 00:48 )
مقالتك تنسج دائما خيوط واهية بشكل تجعله غنياً بالمعنى، ، هذه المقالة كأنها تقول لبدر زكريا،
لست وحدك فنحن سنشاهد ما تقدمه لنا بكل الود.


3 - اكتابات السجن
فخري احمد ( 2024 / 6 / 30 - 00:12 )
كتاباتك تضيء داخل السجن بابداع جميل لانها واقعي اقصد ابداعك على ابداع بدر زكريا،لكما تحياتي

اخر الافلام

.. تفاعلكم الحلقة كاملة | حملة هاريس: انتخبونا ولو في السر و فن


.. -أركسترا مزيكا-: احتفاء متجدد بالموسيقى العربية في أوروبا… •




.. هيفاء حسين لـ «الأيام»: فخورة بالتطور الكبير في مهرجان البحر


.. عوام في بحر الكلام | مع جمال بخيت - الشاعر حسن أبو عتمان | ا




.. الرئيس السيسي يشاهد فيلم قصير خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى