الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس ثقافية وسياسية وفكرية ـ 215 ـ

آرام كربيت

2024 / 6 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


من أمثال الهنود الحمر"
يقولون نحن لا نرث الأرض من أهلنا بل نستعيرها من أطفالنا ؟؟؟؟

مرات كثيرة قلت وكتبت أن الدين ينتمي إلى المجتمع المدني، مثله مثل النادي الرياضي أو النقابة بكل أنواعها أو الأحزاب بكل أنواعها، أو الجمعيات بكل أنواعها حتى لو كانت جمعية حقوق الإنسان أو لأعبي الشطرنج او الكلل.
المجتمع المدني هو فاعل تحت سياسي، تحت دولة، لا يستطيع أن يقود أي فاعل اجتماعي بغياب الدولة، بغياب دعمها، لهذا تحتاج إلى يدها لتمسك به وتسير به حتى لا يقع.
إذًا، المجتمع المدني وكل فاعلياته، بما فيها الدين، أقل شأنًا من أي دولة جربانة في العالم.
الدولة الجربانة تحتاج إلى الدين، لأنها جربانة، وهذه الجربانة تحتاج إلى منفضة ترمي فيها عقب سكايرها أو سجائرها.
هذا هو التاريخ ولا بديل غير هذا.

عندما كنت صغيرًا، كان أستاذ الصف يغني لنا قصيدة، مع التلحين عبر فمه:
بلبلي الحبيب لما أنت كئيب ـ طر بين الغصون وأرجع في المغيب.
وكنّا نردد الأغنية وراء الأستاذ بمتعة وفرح، بيد أن هناك سؤال كان يستغرق تفكيري كطفل صغير:
كيف يعلمنا الأستاذ هذه الكلمات الوسخة: بلبلي الحبيب لم أنتاك... ؟
كيف للعصفور أن يغني هذه الأغنية اللي فيها كلمات رذيلة؟
ولم يكن في البيت أو حول البيت، أناس متعلمين، يمكنني أن أسألهم، وأخاف أسال والدي خشية الضرب.
تعال حلها؟

جثة حافظ الأسد، ونظامه المتفسخ، رائحته النتنة، تسوح في كل المعمورة.
إنه يتناسل ذاته في محبيه، في مريديه، سواء من على هذا الجانب أو ذاك، أنه ينشر رائحته وذاته، لوث كل الكائنات التي مر عليها.
جثة النظام لن يكون لها مثيل عبر الزمن، لقد لوث الزمان والمكان، الأرض والسماء، أنه ينتقل من مكان إلى أخر، ينشر الخراب والدخان الأسود والأمطار الحامضية.
المكان الذي طاله أويطاله سنرى آثاره في قادم الأيام، لن يطول الوقت، سنرى فعله قريبا.

كان يتكلم عن الفيلسوف كارل بوبر، ومحلق وسعيد ومسترخي، ثم نقل السرعة من البنزين إلى الديزل.
صار المحرك يعن ويطلق الدخان، وخطوة إلى الأمام وخطوتين إلى الوراء كما قال الرفيق لينين في كتاب له.
نقلنا هذا الملقن حديثه من الفيلسوف الحداثي وأعماله الفلسفية، إلى المهدي المنتظر دون موقف أو إشارة للتوقف.
ونفسي الذي بيده، لو كان أمامي لكنت سأقول له:
هذا ليس المهدي المنتظر، هذه اضغاث أحلام، هذا أبوك، الوهم، أبوك الميت الذي لقنك الجهل قبل أن يعطيك عمره، من أجل أن تبقى كما أنت.
وتابعت:
سنبقى تحت ظل الجهل ما دمنا نتعامل مع الثقافة العالمية كواجب دراسي أو مدرسي، وعندما نغلق الكتاب، نعود آلاف السنين إلى الوراء إلى الأصل، إلى سرج البغل أو الحمار لنسرجه ونطير فوقه.

الوعي هو الفخ، السبب الأول لاغتراب الإنسان.

قال لي:
شفت الحاج غزال كيف كان يركض؟ قلت له:
ـ من تقصد بالحاج غزال؟
ـ ابو نجم، عبد الله، ألم تلاحظ أنه كان يركض مثل الصاروخ؟
ـ ما المعنى من كلامك؟
ـ بتقولوا أن أقدامه فيهما ضمور عضلي، كيف ضبطت معكم أن تحولوه إلى عاجز؟
عبد الله قبارة ومصطفى حسين كلاهما كانا كبيران في السن، في فترة تدمر، تجاوزا الرابعة والستين سنة.
مناسبة هذا الحديث، أن العسكر، الشرطة العسكرية كانت تأتي إلى المهاجع للتفتيش.
عندما كان العسكري يصرخ، رئيس المهجع جهز المهجع للتفتيش، يدخل الرعب في أعماق نفوسنا، الرئتين تكادان تتوقفان عن استنشاق الهواء من الخوف والرعب.
نضع حوائجنا على قلتها في وسط المهجع، وعندما يدخلون إليه يتحولون إلى ضباع برية أو ذئاب متوحشة أو كلاب برية، الكابلات في يد العسكر، يضربون كل واحد واقف على الظهر أو الرأس أو أي جزء من الجسم.
ثم يأتي الإيعاز، أخرجوا إلى الباحة، وليبقى رئيس المهجع في الداخل.
تبدأ الفلقات تتناول أربعة معتقلين أو أكثر وسط الصراخ والبكاء المر.
عندما يقولون لنا اخرجوا إلى الباحة ننسى أمراضنا وعللننا الجسدية، بل يفقد المرء توازنه النفسي والعقلي ويرضخ للصوت القادم إليه او الإيعاز.
نخرج ركضًا، رؤوسنا منكسة، احدنا لا يرى نفسه ولا يرى زميله، يركض بدافع الخلاص.
بعد أن انتهوا من تفتيشنا، قال لي مصطفى حسين:
ـ شفت الحاج غزال كيف تحول إلى غزال.
كان يسخر سخرية صفراء مؤلمة، لم أزعل منه ولم أوجه له ملاحظة، لأنه كان مريضًا مصابًا بالانفصام، وكان هو الأخر يركض كالغزال مثل الحاج غزال من شدة الخوف.

أجمل اللحظات عندما ينثر الفجر الرخو ألوانه المختلسة على شبابيك بيتي، وفنجان قهوتي وطاولتي وأقلامي.
عندما يتسلل من وراء الأفق البعيد، كصبية خجولة، خارجة من مخدعها، ملقية السلام على الضوء المنفصل عن العتمة

تأدلجت الثقافة في الغرب، فقدت انتماءها إلى عالمي الإبداع والحرية.
بمعنى تمأسست. أي، لم يعد لديها القدرة على مقاربة المجتمع أو الولوج في أعماق الحياة عبر روافع الأدب والفن والفكر أو استخلاص المعنى، والجدوى، والهدف، لوجودنا.
تحولت الثقافة إلى منظومة مشيئة، مستلبة، عاجزة، غريبة الانتماء أو لم يعد لها انتماء، بله أصبحت جزء من آلية الدولة.
لهذا اعتبرها مدجنة، غير منتجة لأشكال جديدة للفكر والأدب والفن.
الثقافة عملية إبداعية، فردية أو جماعية، لها قدرة في الدخول إلى مفاصل الحياة وشرايين الوجود، ومحاولة دراسة عيوب المجتمع والإنسان ومقاربته مع الواقع، عبر عمليات الإبداع.
أي، القدرة في الدخول إلى المناطق المحرمة على الجميع.
برأي أن الإنسان الغربي سواء في أوروبا أو كندا أو الولايات المتحدة وكندا واستراليا ونيوزلندا، مستلب، عاجز، يتحرك وفق مقاسات مدروسة.
أي، ما تمليه عليه المؤسسة وآليات حركتها وتنظيمها، وقدرتها على تحويل الإنسان الى كائن خاضع وهش.
كان الأمل يقع على العالم المتأخر، أن يدخل قاع الحياة، وسخها، أن يجول فيها مثلما عمل ديستوفسكي أو تولستوي أو تورغينيف أو غوغول، وهذا لم يحدث، لأن أغلبنا يحب التسلق السريع، الشهرة الخالية من الخميرة، النطنطة على المنابر، مثلما فعل غوار عندما مسك المايكرفون وأراد أن يغني، لكن دون موهبة بشأن تسمعه منتهى، خطيبته.
لا أحد يحب الجدية، العمل الهادئ الشاق الخلاق، أن يقدم أعمال إبداعية تغير عالمنا المتوحش.
التأقلم مع الخراب، والعيش فيه، والتكسب منه، أسهل وأجدى الوسائل للوصول إلى الهدف إلى تحقيق طموح النرجسي.


في لحظة الخوف العليا، سجن تدمر على سبيل المثال، يفقد الإنسان جزءًا كبيرًا من قدرته على التماسك أو الضبط أو التوازن.
في هذه اللحظة، يتحرك في داخل الإنسان شيء ما يجعله في أقصى حالات التوتر والقلق، وانعدام التوازن والأمان، نرى كيف تلتف النفس على النفس، تتوحد مع بعضها أو في بعضها، في محاولة تأمين الحماية لها مهما كانت النتائج.
في الحالات العادية، عندما تكون في بيئة أمنة، تقرأ نفسك بهدوء وضبط عادي، تختصر الصراعات داخل داخلك بالراحة، وتستطيع ان تجعلها متوازنة، مسترخية، بل سعيدة أو مسرورة، تسمع أغنية جميلة، أو تجهز سلطة مع قطعة هبرغر بعد طهيها على نار هادئة وبجانب هذا تضع كأس نبيذ وتشرب بصحبة صديقتك أو حبيبتك أو زوجتك، وتسرح مع القطا أو البجع.
لكن في الطرف الأخر، مع تحدي الخطر يختلف الأمر مئة وثمانون درجة، تجتمع النفس وتتكاتف للوقوف في وجه الخوف، والصراع ضد الخطر القادم المباشر.
هنا تتوحد الذات في الذات، ضد هذا الخوف سواء بالالتفاف عليه أو المراوغة أو الخضوع، أو بالغياب عن العالم، أو السرحان في المجهول.
لا بطولة في هذه اللحظة، ولا شجاعة، ولا طيور طايرة، ولا نبيذ يسكر، خاصة إذا كان المرء في أيدي أعداء يتربصون له الشر، أو يضمرون له الموت أو التشويه أو العجز.
عندما تكون في حالاتك الطبيعية، يحق لك أن تقول ما تريد قوله، ولكن عند المحك أنت إنسان آخر.
كل تكوينك النفسي والعقلي وتركيبتك النفسية تبان هنا، في لحظة الحقيقة.
التجربة لها دور كبير في هذا المضمار.

في الزمن السابق على البرجوازية، ثم الرأسمالية، لم يكن هناك شيء اسمه بطالة أو عمل منظم أو مؤسسات منظمة.
كان كل شيء طبيعيًا تقريبًا، الإنتاج والاستهلاك.
كان مجيء الطفل إلى هذا العالم يعتبر قوة إنتاجية مهمة، ويجري الترحيب به، ليساعد أو يعين أهله في الحقل أو الأرض أو البيت أو الرعي أو يتحول إلى محارب في صفوف الجيش.
كان الطفل يأتي إلى هذه الدنيا ويأتي رزقه معه، هذا لا شك فيه، لأن عمله مؤمن وحضوره ووجوده ضرورة اقتصادية وسياسية واجتماعية، وخاصة المولود الذكر.
كان ثروة عائلية وقبلية ووطنية وإنسانية
أما اليوم فإن مجيء الطفل يحتاج إلى الكثير من المستلزمات الضرورية كشراء الألعاب والثياب الأنيقة والهاتف المحمول والمدرسة النموذجية ومصاريف الجيب، ودراجة عادية، فنارية، فسيارة، ثم بيت، وكرسي الجامعة وتأمين العمل ثم الزواج من فتاة يختارها هو بنفسه
فهذا الطفل عبء على نفسه، وعلى الطبيعة، والسماء، والأرض، ومضر بالبيئة والحياة، ووجوده يحتاج إلى جملة مؤسسات لتأمين مكان له في هذه الحياة.
وأهم شيء، وجوده يشكل تلوث بيئي.
وكمان رزقه لن يأتي معه، لأن الأرزاق مقسمة ومنتهية، بين الأكابر وملوك الأرض والنفط والسلاح وأصحاب الشركات الاحتكارية والفوق احتكارية.
لا ترم عبدًا جديدًا في هذا المكان الضيق الذي اسمه الكرة الأرضية المملوءة بالتلوث بأشكال وأنواع كثيرة.
اشفق على طفلك، لا ترمه للتهلكة، دعه في عب الوجود.

يولد الدين أصوليا، وعندما ينمو ويكبر ويكتسب الثقة بالنفس، يأخذ عدة ألوان حسب الظروف والموقع الذي هو فيه، وقدرته على تمثيل القوى المسيطرة وقوتها، وقتها يكشف عن ذاته الحقيقية

تسعى الدول الفاعلة في الملف السوري إلى تحويل هذا الوطن إلى دولة فاشلة، أن يتم إخضاعها إلى القوى الطفيلية، كالطائفية والمناطقية والمذهبية والعصبوية، وغيرها.
لم ترق القومية في بلداننا ومنطقتنا إلى التبلور بالمعنى السياسي والاقتصادي، لأن القومية لم تكن حاملًا للهم الوطني في بلادنا، وليس لديها مشروع وطن، ودستور وطن لجميع المواطنين، وليست هاضمة للمخلفات الماضوية، وليس لديها القدرة البنيوية على الهضم، ولم تكن ثورية، بله نافرة للتلاحم، مبعدة للتداخل والترابط الوطني.
والمفهوم ذاته يحتاج إلى دراسة ومعرفة وبحث.
وبسبب وصول الدكتاتوريات إلى السلطة، جاهزيتها الكامل في ربط مصالحها مع الخارج، وبالتالي تعويم الأوطان مع هذا الخارج، لنبقى مجرد سوق وتابع.
وهذه الدكتاتوريات ولدت في الاساس متفارقة مع مصالح الأوطان وهموم الناس.
المطلوب من القوى السورية أن تنبذ المخلفات الماضوية، أن تكافح وتناضل من أجل وطن سوري واحد، له دستور جامع، يتضمن حقوق ثقافية للمكونات في الدولة الواحدة.
الذي اشتغل على تطييف الطائفية والمناطقية هما السلطة وتابعها قفة، الأخوان المسلمين، وكلاهما ينظران إلى الوطن على أنه مجرد عربة أو رافعة يحقق لهما مصالحهما الضيقة المترابطة مع الخارج

أغلب الثورات يغلب عليها جنس المعتقدات دون الولوج إلى أعماقها أو القبض عليها. الإساءة التي نعيشها، أن مفهوم الثورة لم يركن إلى تقييم راسخ، أو محاولة الوصول إلى بنيتها.
ما زال هذا المفهوم، تتجاذبه صراعات ومواقف وقناعات ومصالح، هناك من ينظر إلى الثورة من موقع أنها شر لا بد منه، وهناك من يقدسها على أنها خير كامل لا بد منه.
ينسى الكثير أو يتناسوا أن في باطن المجتمع تنمو قوى خفية، تنحو أو تتجه نحو الاكتمال الداخلي، تعمل على فرض حضورها في الحياة العامة عندما تنفجر.
ربما هذا الاكتمال جزء من العقل الكلي للمجتمع أو قدر علمي، تراكم يذهب باتجاه التغيير.
المجتمع كالطبيعة، في حالة غليان، بيد أنه لا يبان على السطح، ينمو في أحشاءهما كالمغما الملتهب في باطن الأرض ينفجر على شكل بركان، ويكون جزء اساسيًا من تجدد حيويته واستمرارية الحياة.

أنا ملحد، غير مؤمن بالله والأديان، ولا بالقوميات، ولا بأي ايديولوجية.
اعتبر نفسي حر إلى حد كبير.
أعبر عن قناعتي بصدق وأمانة ودون تحيز إلى جهة. وليس لي ارتباط مع أي جهة كما يعرف الجميع، ولا أمالي أي جهة مهما كانت، لا سلبًا ولا إيجابًا.
اعتبر نفسي أكبر من أي جهة سياسية أودينية أو قومية أو فكرية مهما كان وزنها.
عندما أتكلم عن الإسلام أو الإسلام السياسي نتعرض للهجوم على المستوى الشخصي، وعندما نتكلم عن المسيحية يحدث لنا الشيء ذاته، وعندما نحلل الراسمالية من وجهة نظرنا، أيضًا نتعرض للتقريض.
المشكلة أن الكثير من الموجودين على الصفحة يتركون الحوار أو النقاش جانبًا ويتجهون لصاحب الرأي.
وتتحول العلاقة إلى عداء وكره وموقف شخصي شديد القسوة، وكأن الكاتب متهم في خيانة الأمانة.
الصفحة مفتوحة للجميع ومرحب بالجميع، ولا يوجد لي أي موقف شخصي من أي إنسان مهما كان موقفه أو مكانته، لكن إذا حدث واقترب أي إنسان من الشخصي سأحذف الصداقة.
لا أحب أن يتحول الحوار إلى مسألة شخصية.

لا يمكن للتوفيقية بين الدين والسياسة أن ينجح. كل شيء له مكانه وميدانه. السياسة مفهوم معاصر, مثل علم الاجتماع والاقتصاد. ويحتاج إلى فكر معاصر يحمله, يعبر عنه, ويستخدم الأدوات السياسية, المفاتيح لتحليل أية ظاهرة اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية. لا يمكن لقوى سياسية تعمل في السياسة المعاصرة عبر منظومة فكرية عاشت قبل عشرات القرون, لها ميدان مختلف تماما عن الميدان الحالي.
ليعبر كل حزب أو مجموعة عن نفسه وواقعه بأدوات ومفاهيم سياسية معاصرة. لا أن يشتري الماضي من أجل تسويق الحاضر وتسويق نفسه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رهان ماكرون بحل البرلمان وانتخاب غيره أصبح على المحك بعد نتا


.. نتنياهو: سنواصل الحرب على غزة حتى هزيمة حماس بشكل كامل وإطلا




.. تساؤلات بشأن استمرار بايدن بالسباق الرئاسي بعد أداءه الضعيف


.. نتائج أولية.. الغزواني يفوز بفترة جديدة بانتخابات موريتانيا|




.. وزير الدفاع الإسرائيلي: سنواصل الحرب حتى تعجز حماس عن إعادة