الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
البحث عن النزاهة في أماكن غير نزيهة
محمد حمد
2024 / 6 / 29مواضيع وابحاث سياسية
من النادر جدا في معظم دول العالم أن يصدر رئيس الدولة بيانا يدعو فيه الجهات المختصّة إلى تحقيق العدالة والنزاهة في العملية الانتخابية. وباستثناء العراق، لم اسمع من "راس" دولة أخرى ولو جملة واحدة عن النزاهة. واذا كانت النزاهة مفقودة في أكثر من وزارة أو مؤسسة فمن الطبيعي أن تكون مفقودة أيضا في العملية السياسية. لان الفساد في العراق يشكّل جزءا أساسيا من النظام الحاكم فيه. والمسؤول في العراق، مع استثناءات قليلة جدا، ان لم يكن فاسدا فهو مفسد.
والآن دعونا ندخل في صلب الموضوع. وحديثنا هنا يدور حول انتخابات إقليم كردستان العراق المقرّر إجراؤها في شهر تشرين الاول القادم. بعد أن أعلنت جميع الأحزاب المتنفّذة والاحزاب الواقفة خارج المسرح السياسي في الإقليم، عن رغبتها في المشاركة. والمتابع لكل ما يجري في العراق، من شماله الحبيب إلى جنوبه الرطيب، يجد أن موضوع النزاهة يتصدّر دون منازع عناوين الصحف ونشرات الاخبار، المرئية والمسموعة على حدٍّ سواء. وان "هيئة النزاهة المستقلّة" تتحفنا كل يوم بالاخبار التازة (الطازجة) عن رشاوي وهدر أموال وسرقات مختلفة في أكثر من مكان.
والغريب ان جميع المسؤولين في العراق يبحثون عن هذه "النزاهة" دون أن يقنعنا أحدهم بنزاهته اولا وبنظافة يديه ثانيا.
رئيس جمهورية العراق أصدر بيانا يدعو فيه إلى (بذل المزيد من الجهود لتحقيق العدالة والنزاهة) فيما يتعلق بانتخابات إقليم كردستان العراق. وكلمتا النزاهة والعدالة تكرّرتا مرّتين في نفس البيان. وكأنّ رئيس الدولة في هذا البيان يتّهم بشكل ضمني القوى السياسية في الإقليم بعدم النزاهة وبانعدام العدالة. ويخيّل لي ان سيادته يقول لهم "يا اخوان ارجوكم كونوا نزهين هذه المرّة حتى تبيّضون وجهنا أمام العالم". لكنني على يقين تام بان دعوة رئيس الجمهورية سوف تدخل من ألاذن اليمنى للقوى الكردية في شمال العراق لتخرج من الأذن اليسرى. ومن غير المستبعد أن يقوم احدهم، إذا لم تعجبه نتائج الانتخابات، بتوجيه تهمة عدم النزاهة لمن فاز فيها. وبالتالي يقلب الطاولة على اللاعبين.
وبعيدا عن النزاهة والعدالة، التي يصعب الوصول إليها في العراق حتى لو خرج المهدي المنتظر من عالم الغيب، يمكنني أن اعطي، لمن يهمه الامر طبعا، بعضا من توقعاتي عن نتاتج انتخابات اقليم كردستان العراق المزمع إجراؤها في تشرين الاول القادم. ولاحظ عزيزي القاريء أن الاقليم قُسّم إلى اربع دوائر انتخابية موزعة على أربع محافظات، اربيل ودهوك وسليمانية وحلبجة، وهي محافظة حديثة العهد. وشاءت الاقدار وسوء حظ الشعب الكردي ان محافظتي اربيل ودهوك تخضعان لهيمنة وسلطة عائلة آل بارزاني وسليمانية وحلبجة تخضعان لهيمنة وسلطة آل طالباني. وهل يتصوّر احدكم مهما كان واسع الخيال، أن يفوز حزب بارزاني بأعلى الاصوات في محافظة حلبجة مثلا؟ او هل يفوز حزب طلباني بأعلى الاصوات في محافظة دهوك مثلا؟ أن أمرا كهذا هو المستحيل بعينه.
أن كلّ ما نتوقّعه من هذه الانتخابات سبق لنا وان توقعناه وحصل فعلاً. يعني بضعة اصوات سوف تنتقل من حزب إلى آخر أو من تحالف الى أخر. وسوف يتكرّر نفس المشهد السائد الآن في الإقليم. وهو مشهد مألوف يتكرر منذ عشرات السنين. وستأتي حكومة جديدة - قديمة مدعومة من قبل الحزبين الحاكمين (البارتي والوطني) بعد ان يوزّعوا "كعكة" الاقليم بينهما حسب الدستور، الذي لا يعترفون بمعظم ما ورد فيه، والاستحقاق الانتخابي والتفاهمات السرّية والعلنية. وبعد مرحلةٍ لا بأس بها من الحراك والعراك وتبادل الاتهامات الثقيلة، سوف تولد حكومة (جديدة) هي في الواقع نسخة طبق الأصل تقريبا من حكومة تصريف الأعمال الحالية. وربما سيقودها نفس الشخص أو في كل الأحوال واحدّ من نفس العائلة الحاكمة.
وهنيئا لشعبنا الكردي في شمال العراق بعصره "الذهبي" الراهن !
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. في هذه الحالة.. الرد الإسرائيلي على إيران قد يشعل فتيل الحرب
.. بالخريطة التفاعلية.. مسيرتان تخترقان الدفاع الجوي الإسرائيلي
.. تصاعد الدخان إثر سقوط مقذوفات على الجليل
.. كيف استطاعت الطائرات المسيرات تجاوز الدفاعات الجوية الإسرائي
.. الدعم الدولي شحيح رغم تصنيف أزمة النزوح في لبنان بـ-الكارثة-